"جنة المهاجرين" لم تعد جنة
الحكومة السويدية تقوم بمراجعة قانون الهجرة للحد من المهاجرين نتيجة استنزافهم منظومة الضمان الاجتماعي وانتشار عصابات الجريمة المنظمة بينهم.
العرب/لندن- تمضي السويد في تطبيق إجراءات متشددة تندرج ضمن إستراتيجية حكومية للحد من الهجرة بعد عقود كانت فيها هذه الدولة تعتمد سياسات أكثر انفتاحا على المهاجرين.
وأعلنت الحكومة السويدية الثلاثاء أنها تسعى لتشديد شروط لمّ شمْل العائلات وتقريبها من المعايير الأوروبية بهدف خفض الهجرة بشكل كبير.
ويقول محللون إن انقلاب علاقة السويد بالمهاجرين، بعد أن كانت البلاد توصف بأنها “جنة المهاجرين”، يأتي نتيجة استنزافهم منظومة الضمان الاجتماعي وانتشار عصابات الجريمة المنظمة بين الجاليات والحاجة إلى تدخل الجيش لمساعدة الشرطة في مواجهة العصابات وضبط الأمن.
وقالت وزيرة الهجرة السويدية ماريا مالمر ستينرغارد في مؤتمر صحفي مع حزب ديمقراطيي السويد، اليميني المتطرف الذي يدعم الحكومة، إن “الحق في الحياة الأسرية هو حق أساسي، لكن القواعد الحالية أكثر سخاء” من الحد الأدنى الذي تفرضه القوانين الأوروبية والتزامات السويد الدولية.
وستبدأ الحكومة السويدية بمراجعة قانون الهجرة من أجل تعديل الشروط، ولاسيما على صعيد الدخل، لمنح تصاريح الإقامة لأفراد عائلة مواطن أجنبي يقيم بشكل قانوني في السويد.
وقال لودفيغ أسبلينغ الناطق باسم حزب ديمقراطيي السويد، المكلف بشؤون الهجرة، في مؤتمر صحفي “يجب أن تتم إعادة النظر في وضعيات أفراد الأسرة المؤهلين للحصول على تصريح إقامة، والحد من عددهم”.
ولإثبات صلة القربى بين هؤلاء الأشخاص، وخصوصا الأطفال، تريد الحكومة درس إمكانية زيادة استخدام اختبارات الحمض النووي الريبي. ويمكن لمكتب الهجرة الوطني حاليا استخدام هذه الطريقة في الحالات التي يتعذر فيها إثبات النسب.
وقد استقبلت السويد أعدادا كبيرة من المهاجرين منذ التسعينات، معظمهم من المناطق التي تشهد نزاعات، من بينها يوغوسلافيا السابقة وسوريا وأفغانستان والصومال وإيران والعراق.
وفي مارس الماضي كشفت وزارة الهجرة السويدية عن استعداد الحكومة لدفع الأموال تجنبا لاستقبال المزيد من طالبي اللجوء، بناءً على ميثاق الهجرة الجديد الذي اتفقت عليه دول الاتحاد الأوروبي.
وقالت وزيرة الهجرة ستينرغارد في مؤتمر صحفي آنذاك “إن ضمان حصولنا على هجرة مستدامة يستحق ثمنا باهظا، والسويد مستعدة لدفع هذا الثمن”، بحسب ما نقله موقع “الكومبس”.
وأضافت أن السويد “تمسّكت خلال المفاوضات برفض إلزام الدول الأوروبية باستقبال طالبي اللجوء”. وأردفت “تلقينا الكثير خلال العقود الأخيرة، وهذا أدى إلى عواقب مدمرة جدا”.
وأشارت إلى أن الهجرة المرتبطة باللجوء انخفضت إلى 8 في المئة من تصاريح الإقامة الممنوحة. وكانت طلبات اللجوء الأكبر في عام 2023 من أفغانستان ثم العراق وثالثا من سوريا، بينما شكل الأوزبك القسم الأكبر من طالبي اللجوء منذ بداية 2024.
وكشفت الوزيرة أن الانخفاض في عدد طالبي اللجوء يرجع أساسا إلى سياسة الحكومة، على الرغم من عدم توفر الوقت الكافي لدخول أي قرار رئيسي حيز التنفيذ في عام 2023.
وقالت “المهاجرون على اطلاع جيد وكنا واضحين جدا في أننا ننفذ نقلة نوعية. لقد أجرينا بالفعل عددا لا بأس به من التغييرات في القواعد، والمزيد سيأتي في المستقبل”.
وكانت السويد أعلنت في نوفمبر الماضي عن سعيها لفرض إجراءات تتيح ترحيل طالبي لجوء ومهاجرين يقومون بسلوكيات “تهدد قيما سويدية أساسية”.
وقالت وزيرة المساواة الجندرية باولينا براندبرغ حينئذ إن الحكومة ستجري مراجعة للتشريعات السويدية لتبيان مدى وجود أسس معينة لإلغاء تصاريح إقامة.
لكنّها أوردت بعض الأمثلة على “أوجه قصور في أنماط الحياة”، بما في ذلك الاحتيال لتلقي المنافع والاستدانة والعيش غير النزيه وتعاطي المخدرات والارتباط بشبكات إجرامية أو تمارس العنف ومنظمات متطرفة بما يهدد القيم السويدية الأساسية.
واتخذت الحكومة السويدية أيضا إجراءات تهدف إلى تشديد منح المساعدات الاجتماعية للمهاجرين غير الأوروبيين، ضمن خطة لتقليص عدد المهاجرين الساعين إلى القدوم ودمج الوافدين بشكل أفضل.
ووصلت حكومة اليمين المتشدد قبل نحو عامين إلى السلطة بدعم من حزب ديمقراطيي السويد، وتعهدت باتخاذ إجراءات مشددة ضد الهجرة والجريمة.
1242 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع