بقلم : غانم العناز
هل كان قرار التأميم بخطواته الثورية وأهدافه السياسية صحيحا؟ً
لقد قام الاستاذ الاديب سالم ايليا بالتعليق بما يلي على مقالتي (تأميم نفط العراق واسراره) المنشورة على صفحات مجلة الكاردينيا على الرابط ادناه :
https://algardenia.com/maqalat/32851-2017-11-20-19-44-39.html
وبالنظر لاهمية هذا السؤال والاجابة عليه فقد ارتأيت نشرهما لتعم الفائدة المرجوة للقراء الكرام.
تعليق الاستاذ سالم إيليا
الاخ المهندس واخبير النفطي غانم العناز المحنرم
تحية عراقية نقية
الأخ المهندس والخبير النفطي غانم العنّاز المحترم
أحييكم على هذا الجهد التوثيقي الذي بكل تأكيد سيستخدمه جيلنا والأجيال اللاحقة كمصدر ومرجع مهم نستند اليه في بحوثنا في هذا المجال.
أسمح لي أخي الكريم بسؤالكم سؤال أرجو وأتمنى أن لا يكون هنالك أي حرج من قبلكم بالإجابة عليه بشفافية وكخبير نفطي عالمي بعيداً عن العواطف التي بدون أدنى شك جميعنا نحملها بين ثنايا أضلعنا للعراق، كوننا (السائل الذي هو أنا، والمجيب جنابكم الكريم ) والحمد لله معروفين بإنتماءاتنا الوطنية النقية ولا أعتقد سيشكك كائن من كان بها، وسؤالي هو: (هل كان قرار التأميم بخطواته الثورية وأهدافه السياسية صحيحاً؟، وأين هي نتائجه الإقتصادية؟؟، وهل ساعد في تطوير صناعة النفط في العراق مثلما هي الآن في الكويت والسعودية؟؟؟)، ورجائي وأتمنى عليكم إذا كانت الإجابة عليه ستسبب لكم أي نوع من الحرج فإهمل كل أسئلتي تلك وأنا بكل تأكيد متفهم الموقف، لكن الذي شجعني على تلك الأسئلة سببين: أولهما، يجب علينا أن نؤشر الى الأخطاء الإستراتيجية التي كان ضحيتها العراق وشعبه، وها نحن نشاهد ما وصل اليه العراق وفي طريقنا لا سامح الله الى فقدانه، فلا يوجد بعد هذه النتائج المدمرة وجل من إعلان حقيقة ما جرى. ثانياً: إن الشركات النفطية العالمية وكما هو معلوم لديكم لم تعد شركات ذو هوية وطنية لبلد محدد!!، فشركة "شل" مثلاً لم تعد هولندية نقية وإن بقيت الشركة "الأم" مقرها في هولندا، فهنالك "شل" الكندية والأمريكية والسعودية والخ، كذلك جميع الشركات الأخرى مثل "توتل" الفرنسية وسنكرود وسنكور الأمريكيتين وجميع الشركات الكبرى، وهذه الشركات المصنفة من الكارتل النفطي لم تعد شركات ذات إستثمار إقتصادي فقط وإنما تحرك وتسيطر على سياسات العالم لضمان إستثماراتها، ولا ننسى بأصابعها "الخفية" في إسقاط ثلاث رؤساء عراقيين حاولوا التصدي لإستثماراتها!!!.
أتمنى عليكم قبل أن تجيبوا على تساؤلاتي أن تقرؤا مقالتي التي كنتُ قد نشرتها في الكاردينيا على الرابط أدناه وخاصة المقاطع التي تخص التأميم للإطلاع على ما قصدته من تساؤلاتي بشكل أوسع:
https://www.algardenia.com/...
أو يمكنكم الذهاب الى باب "مقالات الكتاب" في أعلى الصفحة الرئيسية للكاردينيا وإختيار إسمي ثم النقر على المقالة المعنونة "حوار هادئ في موضوع ساخن/الأحزاب الثورية ومستقبل العراق".
أشكركم لا بل أرفع قبعتي إحتراماً وإجلالاً لشخصكم وتوثيقكم النادر بكل تفاصيله.
أخوكم
سالم إيليا
الاجابة
عزيزي واخي الاستاذ سالم ايليا حفظك الله
لقد قرأت تعليقك اعلاه ومقالتك بل دراستك المهمة والمفصلة التي ارشدتني اليها والتي اشبعت تفاصيلها مواضيع تاريخية وسياسية واقتصادية ووطنية وغير ذلك واهنئك على باعك الطويل في اعدادها وغيرها من المقالات المهمة.
اما الان فدعني اجيبك على اسئلتك الثلاثة حسب قناعتي الشخصية المستقلة وباختصار شديد كما يلي :
السؤال الاول
هل كان قرار التأميم بخطواته الثورية وأهدافه السياسية صحيحا؟ً
الجواب
ان قرار التأميم في رأيي كان صحيحا خصوصا بعد ان تمت المفاوضات حوله في اجواء تصالحية وتجارية بحتة بعيدة عن المناكفات والتشهير والتهريج من قبل الحكومة العراقية. فقد تم التفاوض مع الشركات في اجواء مهنية هادئة قدم فيها العراق تعويضات مجزية للشركات بعد ان تم ذلك من خلال الوسيطين الفرنسي السيد جون دوكو دانر من شركة النفط الفرنسية (احدى الشركات المالكة 23.75% من النفط المؤمم) وسكرتير منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) نديم الباجه جي.
كما ان التأميم ابقى النفط العراقي متدفقا الى الاسواق لا بل زاد في انتاجه لتلبية احتياجات الاسواق العالمية وفي نفس الوقت بقي ملتزما بالاسعار العالمية التي تحددها (اوبك) تماما مثل بقية الاعضاء مثل السعودية وايران والامارات وغيرهم.
اي انه لم يكن لقرار التأميم اضرارا سياسية كبيرة للدول الكبرى خصوصا اذا علمنا بان عملية تأميم النفط قد جرت في في الجزائر قبل قيام العراق بتأميم نفطه دونما قيام ردود فعل انتقامية من الحكومة الفرنسية.
السؤال الثاني
وأين هي نتائجه الإقتصادية؟؟،
لقد كانت نتائجه الاقتصادية للعراق جيدة جدا خلال السنين الثمان الاولى قبل قيام الحرب العراقية الايرانية في عام 1980 فقد كانت تلك الفترة فترة ازدهار اقتصادي لم يشهد العراق مثلها منذ عقود طويلة حيث وصل فيها الاحتياطي العراقي الى حوالي ثلاثين مليار دولار وهو مبلغ ضخم يحسد عليه العراق في ذلك الزمان.
السؤال الثالث
وهل ساعد في تطوير صناعة النفط في العراق مثلما هي الآن في الكويت السعودية؟؟؟)،
الجواب
نعم لقد ساعد في تطوير صناعة النفط في العراق في العقد السابع حيث وصل الانتاج في نهاية العقد الى ثلاثة ملايين ونصف المليون برميل باليوم وكان من المتوقع له الوصول الى خمسة او ستة ملايين برميل باليوم لولا قيام الحرب العراقية الايرانية.
ختاما نقول لو ان واردات النفط الهائلة التي بذرت في الحروب قد استخدمت بعقلانية وحكمة لكان العراق اليوم يضاهي بل يفوق الكويت والامارات عمرانا ووازدهار فلدى العراق خيرات كثيرة تفتقر اليها الكويت والامارات كالمعادن من فوسفات وكبريت وانهار عديدة واراضي زراعية خصبة وفوق كل ذلك عدد كبير من الخبراء والمهندسين والايدي العاملة المتمرسة في كافة مرافق الحياة.
وقد يكون من المفيد ادراج الفقرة ادناه من مقالة لي بعنوان (نفط العراق واكتشافه) المنشورة على موقعي الالكتروني وصفحتي على الفيسبوك وشبكة الاقتصاديين العراقيين على الرابط التالي :
http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2017/01/Ghanim-Al-Anaz-Discovery-of-oil-in-Iraq.pdf
http://iraqieconomists.net/ar/2017/01/28/%d8%ba%d8%a7%d9%86%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d8%a7%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%81%d8%b7-%d9%88%d8%a7%d9%83%d8%aa%d8%b4%d8%a7%d9%81%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82/
العصر الذهبي لصناعة النفط والغاز الوطنية
لقد جاء في مقدمة كتابي العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين الصادر عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية والمرجود صورة منه في اخر هذة المقالة ما يلي :
(((لقد كتب ونشر العديد من الكتب والمئات من المقالات والبحوث عن بعض المواضيع التاريخية والسياسية والفنية والاقتصادية وغيرها من اوجه صناعة النفط والغاز في العراق الا انه، حسب علمي، لم ينشر كتاب واحد شامل يحتوي على كافة تلك الاوجه بصورة كاملة.
لذلك فقد اصحبت على قناعة بان الوقت قد حان لنشر مثل ذلك الكتاب عن تلك الصناعة والخبراء العراقيين الذين ازدهرت على ايديهم خلال العقدين السابع والثامن من القرن الماضي كاعتراف وتقدير لجهودهم الذي طال انتظاره بعد ان همشوا من قبل السياسيين الهواة المتعطشين للحكم الذين دمروا البلد واوصلوه الى حد الركوع بسبب قصر نظرهم وتبذيرهم لموارد تلك الثروة الهائلة في الحروب وسوء الادارة والفساد والسرقات وغير ذلك من الآفات الفتاكة التي لا زلنا نراها في ايامنا هذه.
ومع اننا لا زلنا بانتظار مثل ذلك الاعتراف بجهود ذلك الرعيل الاول من الخبراء في الصحافة ووسائل الاعلام العراقية فقد كانت وسائل الاعلام الغربية اسرع منها الى ذلك. فقد نشر العديد من المقالات في الصحافة وعلى الانترنت عن ذلك كان آخرها كتاب (الوقود على النار/ النفط والسياسة في العراق المحتل) لمؤلفه كريك موتيت الصادر في 2011 الذي جاء في مقدمته ما يلي:
Fuel on the fire/Oil and Politics in Occupied Iraq
By : Greg Muttitt
((ان معظم العراقيين يريدون ان يبقى انتاج النفط في القطاع العام. الا ان ذلك الرأي قد جوبه بالرفض من قبل قادة الاحتلال والمحلليين الغربيين على انه امر قد عفا عليه الزمان او انه مثالي او حتى بعثي. الا اننا حين ننظر الى صناعة النفط العراقية نجد ثقافة هندسية تدعوا الى الفخر. فقد حققت نجاحات كبيرة مباشرة بعد تأميم النفط في السبعينيات من القرن الماضي واستمرت في تشغيل المنشآت رغم الصعوبات خلال سنوات الحروب الثلاث واعوام الحصار الثلاثة عشر. فبدلا عن الموارد المالية غير المتوفرة اعتمدوا على الجهود الذاتية. وبدلا عن التكنولوجيا الحديثة اعتمدوا الاستفادة مما هو متوفر لديهم.))
(((ثم يعود ليقول في الصفحة 18 ما يلي :
((لقد قام المهندسون العراقيون خلال السبعينيات من القرن الماضي بتسخير المهارات التي اكتسبوها خلال عملهم مع شركة نفط العراق قبل التأميم لبناء صناعة يحسدون عليها من قبل الاقطار المنتجة للنفط في العالم. فقد قامت شركة النفط الوطنية خلال الفترة 1972 الى 1979 بزيادة الانتاج من 1.5 الى 3.5 مليون برميل باليوم. كما قامت فرق الاستكشاف في الفترة من 1972 الى 1977 بالعثور على نفوط جديدة بمعدل 6 مليارات برميل بالسنة الذي يضاهي اعلى معدل اكتشاف تم تحقيقه عبر تلك السنين في بقية اقطار العالم كافة. فقد اكتشفوا عدد من اكبر الحقول النفطية في تاريخ العراق كغرب القرنة وشرق بغداد ومجنون ونهر عمر))).
لقد اصاب ذلك الرجل الاجنبي قلب الحقيقة بقوله :
((إلا اننا حين ننظر الى صناعة النفط العراقية نجد ثقافة هندسية تدعوا الى الفخر))
لقد قالها الرجل بصدق وامانة فلنحيي ذلك الرجل ولنحيي خبراء النفط في بلادنا وندعوهم الى الاخذ بزمام الامور مرة اخرى من الشركات الاجنبية التي تم تأميم نفطها قبل حوالي الاربعين عاما لتعود الى تلك الحقول التي حرمت منها واستماتت في استرجاعها كحقل الرميلة الرميلة الشمالي والزبير لا بل الى العديد من الحقول التي تم اكتشافها من قبل الخبراء العراقيون بعد خروجها من البلاد كحقول مجنون وغرب القرنة وابو غراب والاحدب وعكاس وبدرة وبزركان والغراف والحفايا وجبل فكة والمنصورية ونجمة.
لقد وضعت تلك الحقول العملاقة في المزاد العلني كما توضع السيارات القديمة او اكداس مخلفات البناء اوغيرها من المواد الفائضة عن الحاجة من سقط المتاع والتي يراد التخلص منها باسرع وقت وباي ثمن كان.
أو كما يقال كبعض الورثة الذين يتهافتون على بيع الميراث باي سعر كان ليحصل كل منهم على حصته باسرع وقت ممكن.
أهكذا تباع ثروة البلاد؟ وثروة الاجيال القادمة بالمزاد العلني وسط هرج ومرج على اجهزة التلفزيون كحفلات الاعراس؟
اليس استدراج العروض في اظرفة مختومة هي الطريقة السليمة المعمول بها في بلاد الله الواسعة لكافة انواع العقود سواء أكان ذلك ابسطها او اكثرها تعقيدا ليتم دراستها وتحليلها بهدوء واناة من قبل المختصين قبل احالتها المقاول الفائز بافضل العروض؟.
وماذا عن عشرات الحقول النفطية والغازية الاخرى التي احيلت الى الشركات الاجنبية في منطقة الحكم الذاتي التي لا نعلم عن تفاصيل عقود امتيازاتها الا ما ندر كحقول اتروش وبازيان وجمجمال ووهولير وكر مور وميران وبلكانا وسرقلا والشيخان وطقطق وتاوكي ووغيرها من الحقول الغنية؟.
لقد قلنا عن ذلك ما فيه الكفاية.
اما الان فدعونا نحيي كافة خبرائنا العراقيين في كافة مرافق الحياة وندعوهم لبذل الجهود والتكاتف لتسخير ثروة البلاد النفطية الهائلة والعديد من الموارد الطبيعية الاخرى كالاراضي الخصبة والانهار العديدة والمعادن وغير ذلك من الخيرات اضافة الى الايدي الماهرة المتعطشة للعمل الشريف لكسب الرزق الحلال التي ان هي استغلت بصورة صحيحة وعقلانية لوجدنا فيها ما يكفي لاعادة اعمار البلاد والقضاء على الآفات المتفشية في البلاد من فقر ومرض وجهل وعدم استقرار ليعم السلام والرخاء لينعم فيها كافة ابنائها ان شاء الله.
والله ولي التوفيق
غانم العناز
1392 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع