محللون يتوقعون أن ينتهي العصر الذي تمكن فيه إقليم كوردستان العراق من إدارة شؤونه بنفسه.
العرب/أربيل (العراق)– يسود قلق في إقليم كوردستان العراق من تزايد نفوذ السلطات الاتحادية داخل الإقليم استنادا على المحكمة الاتحادية وهو ما يهدد الحرية الواسعة التي تمتع بها خلال العقدين الماضيين لإدارة شؤونه.
وأعرب بعض القادة السياسيين الأكراد عن قلقهم من توظيف المحكمة الاتحادية لفرض الأمر الواقع، خاصة مع الانقسامات التي يشهدها الإقليم ما يعقد محاولات التصدي لنفوذ الحكومة الاتحادية.
ويتمتع إقليم كوردستان بوضع خاص بموجب المادة 117 من الدستور العراقي. لكنه يخضع للدستور وسيادة الدولة الفيدرالية. وكان إقليم كوردستان بعيدا عن الآثار المباشرة التي خلّفتها الحرب الأهلية العراقية في أواخر القرن العشرين والحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في 2014.
لكن الخلافات كثيرا ما نشأت بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية، وخاصة في ما يتعلق بالموازنة وعائدات النفط.
وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا منذ 2022 سلسلة من الأحكام التي تقوض قدرة حكومة إقليم كوردستان على تعزيز سياسة نفطية مستقلة، وإجراء انتخاباته الخاصة، وإدارة مؤسساته السياسية التي تتمتع بالحكم الذاتي.
وقضت المحكمة في 15 فبراير 2022 على سبيل المثال بأن قانون النفط والغاز في حكومة إقليم كردستان غير دستوري. وعرّض ذلك العقود المبرمة بين شركات النفط الدولية وحكومة إقليم كردستان للخطر.
وفاز العراق في العام التالي بقضية تحكيم دولية ضد تركيا التي علقت صادرات إقليم كردستان المستقلة. ومنحت مفاوضات لاحقة بين بغداد وأربيل مسؤولي النفط الاتحاديين السلطة الكاملة لتسويق المحروقات التي تُضخ في إقليم كردستان، حتى وإن ظلت الصادرات معلقة. وقوضت هذه التغييرات مجتمعة الاستقلال المالي لأربيل.
كما تحركت المحكمة للحد من قدرة حكومة إقليم كردستان على إدارة شؤونها السياسية بنفسها. وحكمت في 30 مايو 2023 بأن قرار تمديد ولاية برلمان كردستان غير دستوري. وهدف التمديد إلى منح الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الوقت للتوصل إلى اتفاق بشأن إجراء انتخابات إقليمية جديدة.
وتسبّب غياب الاتفاق في انتقال سلطة إجراء الانتخابات في إقليم كردستان إلى الحكومة الاتحادية. وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مؤخرا أنها لن تكون قادرة على إجراء انتخابات جديدة في فبراير 2024. ولا يعرف الأكراد بعد متى سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب قادتهم الإقليميين.
وعلى عكس توقعات المراقبين الخارجيين كان الجمهور الكردي غير مبال بتحول السلطة إلى بغداد. وتسبب سوء إدارة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في جعل تدخلات بغداد في شؤون إقليم كردستان مقبولة أكثر.
وكافحت حكومة إقليم كردستان لدفع رواتب القطاع العام لسنوات، وتخلفت عن دفع رواتب ثلاثة أشهر خلال 2023. ويتواصل في المقابل دفع رواتب موظفي القطاع العام في المناطق الفيدرالية في الوقت المحدد وبالكامل.
ويرى وينثروب رودجرز، الصحافي الأميركي المقيم في السليمانية، أن المواطنين الأكراد لا يرون أن بغداد تُجسّد الحكم الرشيد، لكنهم سئموا من الوعود التي نكثت بها الأحزاب الكردية وأصبحوا يبحثون عن بديل. ويمثل التحول الذي تشهده الفيدرالية العراقية تغييرا كبيرا عن الطريقة التي سارت بها الأمور في العراق منذ 2003.
ويرجح رودجرز في تقرير بموقع عرب دايجست أن ينتهي العصر الذي تمكن فيه إقليم كردستان من إدارة شؤونه بنفسه، معتبرا أن هذا تطور سلبي، حيث يعتبر الحكم الذاتي الكردي في العراق إنجازا تاريخيا في تلبية الدعوات طويلة الأمد لحقوق هذه الفئة. لكن مزيجا من الطموح المركزي الفيدرالي والخلل السياسي والاقتصادي الكردي يقوض إقليم كردستان ويعيد ضبط توازن الفيدرالية في العراق.
1199 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع