المكان تعمه التفاصيل من كل جانب، فساتينها الطويلة ومنديلها الذي لا يغادر يدها اليسرى كلما التقت بجمهورها، ونوت موسيقية ومقالات صحف وعشرات الصور.. هذه الأشياء التي تحيط بالزائر، تعطي انطباعا بأهمية الذاكرة والوقوف عند تفاصيلها، فبمجرد زيارة متحف أم كلثوم بالقاهرة، تعود مشاهد العصر الفني الذهبي في الوطن العربي إلى الذاكرة، لتحيي شوق العشاق لعقود الفن والأدب والجمال في أمسنا القريب.
العرب/القاهرة - في جزيرة الروضة بالقاهرة، وتحديدا في أحد أجنحة قصر المانسترلي الذي بناه حسن فؤاد باشا المانسترلي عام 1851، تم افتتاح متحف الفنانة أم كلثوم سنة 2001 بعد أن بدأت أشغال تحضيره سنة 1998.
وتبلغ مساحة المتحف 250 مترا مربعا، ويقع في نهاية جزيرة الروضة بالركن الجنوبي الغربي ويطل على شارع الملك الصالح، وتعرف هذه المنطقة باسم المقياس، لوجود مقياس النيل الشهير، والذي يجذب السائحين والرواد الأجانب لزيارة مصر.
وفي مايو عام 1998 وبعد الانتهاء من إعداد المتحف، تشكلت أول لجنة لبحث واستلام مقتنيات أم كلثوم العامة والخاصة، التي تثري المتحف بذوق وثقافة كوكب الشرق، وتجسد رؤية موسيقية ثقافية لقرن كامل من الزمن، خلال التواصل مع جميع أفراد أسرتها وأصدقائها المقربين إليها، مثل محمد الدسوقي وفردوس الدسوقي (أبناء شقيقة أم كلثوم).
كما ساهم زوجها محمد حسن الحفناوي في منح اللجنة كل ما كتب عن زوجته في الصحف، بالإضافة إلى مقتنياتها الثمينة والفريدة، من ملابس وإكسسوارات وحقائب وأحذية وأدوات خاصة، فضلا عن المقتنيات الفنية، مثل الأفلام النادرة والتسجيلات والنوت الموسيقية، والمقتنيات الثقافية من صور فنية نادرة وكتابات خطية وأوراق مذكرات وخطابات بينها وبين رجال عصرها من قادة وسياسيين وشخصيات عامة، إلى جانب مجموعة الأوسمة والنياشين النادرة التي حصلت عليها من الحكومات العربية، ووثائق أخرى للعديد من الشخصيات الفنية التي أسهمت في حياة أم كلثوم.
ويتكون المتحف من عدة قاعات تضمّ هذه المقتنيات مقسمة تبعا لحجم القاعة وأهميتها، مثل: القاعة الرئيسية التي تحتوي على 8 واجهات للعرض، تضمّ المقتنيات الشخصية والأوسمة والقلادات التي حصلت عليها كوكب الشرق، مثل قلادة النيل من الرئيس جمال عبدالناصر، ووسام الأرز الوطني من لبنان من الطبقة الأولى، ووسام الاستحقاق السوري، ووسام الكفاءة الفكرية من المغرب، ووسام الامتياز الباكستاني، ووسام نوط الجمهورية التونسية، وقلادة الاستحقاق من مصر، وميدالية أسبوع تسليح القوات المسلحة المصرية عام 1955.
كما تضم القاعة الرئيسية للمتحف جهاز “جراما فون” كبير الحجم مصحوبا بمكبر صوت، تمّ إهداؤه لأم كلثوم من شركة “هايز ماستر فويس” ، والتي قامت بتسجيل 15 أسطوانة من الأسطوانات النادرة لأهم أغاني أم كلثوم، ويوجد في المتحف منها 12 أسطوانة فقط، بالإضافة إلى 5 جداريات للصور النادرة الخاصة بأم كلثوم بطريقة الكولاج، كما تضمّ بعض النوت الموسيقية وأشعارا مكتوبة بخط عدد من الشعراء لأهم أغانيها، منها “ليلي ونهاري” للشاعر عبدالفتاح مصطفى، و”أنت عمري” للشاعر أحمد شفيق كامل، و”هذه ليلتي” لجورج جرداق، بالإضافة إلى الأوراق والمذكرات الخاصة، والخطابات التي أرسلتها أو تلقتها من القادة والسياسيين.
كما توجد “قاعة البانوراما” التي تعرض فيها مجموعة صور توضح المراحل العمرية التي مرت بها كوكب الشرق، وأيضا مجموعة صور لبعض مشاهد أفلامها، وأخرى لها وهي جالسة مع الفنانين والمطربين، وصور مع رؤساء الدول العربية، ويصاحب هذه الصور موسيقى للفنان راحج داوود أثناء العرض الذي يستمر لمدة عشر دقائق متواصلة.
ميكروفون استخدمته أم كلثوم في تسجيل أغاني الراديو
ويضمّ المتحف مجموعة من الفاترينات الصغيرة التي تحتوي على بعض المقتنيات الشخصية لكوكب الشرق، منها فاترينة بها النظارة السوداء المشهورة، وهي مطعمة بالماس الحر، وفاترينة أخرى بها البروش الذي كانت تضعه على جميع فساتينها أثناء الحفلات، وهو على شكل هلال ضخم مطعم بأحجار الماس أيضا، بالإضافة إلى دولاب كبير من الزجاج يحتوي على كل الفساتين التي كانت ترتديها في حفلاتها الغنائية، يوجد على كل منها لافتة توضح ثمن الفستان وترتيبه والأغنية المرتبطة به، وأسماء الأحجار الموجودة على كل فستان، وكان من أهم هذه الفساتين الفستان السابع، والذي كان مطعما بالكامل بالأحجار الثمينة والمختلفة.
وتوجد فاترينة أخرى تضم عددا من حقائب اليد والأحذية الخاصة بأم كلثوم، المصنوعة من جلد التمساح أو الجلد الطبيعي، موضوعا خلفها على الحائط مجموعة من الصور التذكارية، بالإضافة إلى قاعة بها عدد من الميكروفونات أحدها مهدى لها من الإذاعة المصرية، استخدمته أم كلثوم في تسجيل أغاني الراديو، ومكتبة تضمّ الكثير من رسائل الماجستير لعدد من الدارسين في قسم الغناء بأكاديمية الفنون ومعهد الموسيقى العربية.
ويضم المتحف جواز السفر الخاص بكوكب الشرق صاحب اللون الأحمر، الذي يمنح للدبلوماسيين والشخصيات المتميزة، كما يوجد أول عقد أبرمته مع الإذاعة المصرية لبث حفلاتها وأغانيها عام 1934، وبجواره مجموعة من أجهزة الاستماع والتسجيل التي تؤرخ لتطور وسائل الاتصال السمعي.
729 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع