الحقائق الغائبة في قضية إعدام رشيد مصلح كيف تم تعذيبه واجباره على اعتراف كاذب

     

 قادة انقلاب الثامن من شباط/ 1963 ،عبدالسلام عارف،أحمد حسن البكر، طاهر يحيى، حردان التكريتي، صبحي عبدالحميد، رشيد مصلح..وأخرون

      
                    من إعداد صديق الگاردينيا الدائم

قبل أيام مرت الذكرى 49 لحركة 18 تشرين الثاني 1963 التصحيحية التي قادها المرحوم عبدالسلام عارف بالاشتراك مع مجموعة من ضباط الجيش العراقي الناقمين والمنزعجين من تجاوزات الحرس القومي على المواطنين وعلى الجيش العراقي.

 

وكان في مقدمة من شارك عبدالسلام عارف في حركة 18 تشرين  التصحيحية طاهر يحيى ورشيد المصلح وغيرهم من كبار ضباط الجيش العراقي، وكان هذا الحدث سببا لعزم البعثيين منفذي انقلاب 17 تموز 1968 على الانتقام من هؤلاء الضباط، فعارف أنقذه موته بحادثة النشوة وتم اعتقال الاخرين وتعذيبهم في سجن النهاية وتلفيق التهم ضدهم بالتجسس ومنهم من صدر حكم الاعدام بحقهم ومنهم رشيد المصلح ومدحت الحاج سري وقسم آخر نالوا من التعذيب بحيث توفوا حال اطلاق سراحهم مثل طاهر يحيى وعبدالعزيز العقيلي.

   

 وبقيت قضية المرحوم رشيد المصلح غامضة، برغم عرضه في شاشة التلفزيون وهو يتحدث الى مستضيفه مدير عام الاذاعة محمد سعيد الصحاف ليدلي المصلح باعترافات غريبة غير مترابطة وكيف انه كان يتلقى رشاوى وعمولات من مخابرات اجنبية لتقديم تقارير عن العراق!!! امور غير معقولة مطلقا، وقد تحدث الدكتور وائل الابن الثاني للمرحوم رشيد المصلح عن اسرار اعدام والده في حوار صحفي مع احدى الفضائيات العراقية.

 تحدث الدكتور وائل رشيد مصلح قائلا :
- والدي من مواليد تكريت عام 1917 ودرس الابتدائية في تكريت ثم اكمل دراسته المتوسطة في بغداد لعدم وجود مدرسة متوسطة في تكريت وقتذاك ودرس في ثانوية الكرخ عام 1933وبعدها دخل الكلية العسكرية عام 1937 وتخرج فيها في نهاية عام1938 برتبة ملازم .. ووالدي من تكريت من آل الصباغ واخواله من مدينة حديثة وقد نزح والده مصلح طه الى بغداد في ثلاثينيات القرن الماضي وكانت مهنته البيع والشراء في المواد المختلفة .. عمل والدي في الموصل اثناء حركة مايس1941 ثم انتقل الى الحرس الملكي وبقي فيه ثمانية سنوات بعدها انتقل الى المسيب وتعين امر معمل الاسلحة الخفيفة وبعد ترقيته الى رتبة عقيد عام 1957 انتقل الى منصب امر الفوج الثاني في الناصرية.

    

- ويقول الدكتور وائل : لم يكن والدي من المشاركين في إنقلاب  14 تموز 1958 لكنه كان قومي الميول وفي عام 1959 قامت حركة الشواف في الموصل وفشلت ومن جرائها احيل عدد كبير من الضباط القوميين الى التقاعد ومن بينهم والدي الذي احيل الى التقاعد في نيسان من عام 1959 وعند احالته الى التقاعد هجم على دارنا مجموعة كبيرة من الجنود المستجدين بتحريض من الشيوعيين وكنا انذاك نسكن مدينة الناصرية وانا اذكر انهم ارادوا سحل والدي وضربوه بـ (الدرنفيس) على راسه وقالوا له :

(عندما راينا السجادة على كتفك عرفنا انك خائن للزعيم!!) ..

وبعدها جاءت قوة من الفوج الذي كان هو آمره وتمكنوا من إنقاذه ونقلوه الى الديوانية لمعالجته وضمّدوا جراحه ثم رجع الى بغداد كضابط متقاعد، وقد سكنّا في بداية مجيئنا لبغداد في منطقة العطيفية وكانت لديه قطعة ارض شيد عليها داراً وسكنا فيه.

           

- ويضيف وائل : كان احمد حسن البكر صديقه من سنوات طويلة وفي هذه الفترة اي عام 1959 اطلق سراح البكر من المعتقل وزار والدي في المنزل وكانا يتداولان الاوضاع السيئة في العراق .. كان البكر يحضر الى دارنا مرة واحدة في الاسبوع واحيانا مرتين في الاسبوع وفي عامي  1961 و 1962 زادت لقاءات الضباط بوالدي في منزلنا وكان يحضر اضافة الى البكر كل من ذياب العلكاوي وطاهر يحيى ومجموعة لا اتذكر أسماءهم من الضباط ، يتناقشون اوضاع العراق وكانوا يجتمعون في اماكن اخرى غير منزلنا ... وبعدها عرفت من والدي انهم كانوا اشبه ما يكونون بخلية واحدة تتألف من أربعة ضباط يرأسهم البكر..

لم يكن والدي منتمياً لحزب البعث، بينما كان البكر بعثيا .. ان الذي جذب والدي الى العمل السياسي هو البكر نفسه وكان يجد في والدي رجلاً موضع ثقة، كما انهما من مدينة واحدة واصدقاء من زمن قديم ومتقاربين في العمر واشتغلا سوية في الحرس الملكي وفي المسيب ايضاً اي انهما كانا صديقين لاكثر من خمسة عشر عاما حيث انهما اشتغلا سوية منذ عام1943 لغاية 1958.

   

ليلة إنقلاب شباط 1963
يمضي وائل : - كنا نسكن في اليرموك عام 1963 وزار والدي في ليلة الجمعة 8 شباط 1963  طاهر يحيى وذياب العلكاوي تحدثوا معه عند باب البيت الخارجي ثم انصرفوا ولم نعرف ما الذي دار بينهم في تلك الليلة، ولكن بعد فترة رَوَتْ لنا امي ان المرحوم والدي اسرَّها ان هذه الليلة هي موعد الحركة وان الحركة ستكون غدا الجمعة (8 شباط الموافق  14 من رمضان) وطلب منها ان ترزم ملابسه العسكرية في حقيبته .. كانت عند والدي رشاشة مفككة اخذها معه في الحقيبة مع الملابس العسكرية وتوجه الى حي دراغ الى بيت ذياب العلكاوي او بيت طاهر يحيى وكانت الساعة التاسعة من يوم الجمعة وكانت امي هي الشخص الوحيد في العائلة التي تعرف بموعد الحركة .. وهناك التقى والدي بجماعته كل من البكر وطاهر يحيى والعلكاوي واخرين وركبوا سيارة واحدة واتجهوا الى ابي غريب ومن هناك توزعوا الى ارتال وهو كان في دبابة مع طاهر يحيى اتجهوا الى معسكر الرشيد وكان والدي صنف مشاة ولم يكن من الدروع ونجحوا في الدخول الى معسكر الرشيد واحتلال اللواء التاسع عشر وهو لواء الزعيم عبدالكريم قاسم ثم بعثوا ببرقية الى دار الاذاعة حيث مقر قيادة الثورة اعلنوا فيها استتباب الامن في معسكر الرشيد.
ويقول وائل : - حدثني والدي انه عندما وصل الى كتيبة الدبابات الرابعة وهي مقر تجمع الثوار طلب من جندي ان يثبت له رتبته على كتفيه وان الجندي تاخر قليلا مما دعا البكر ان يصيح بالجندي قائلا له :

استعجل هذا هو قائد فرقتك !!
وحسب ظني كنت اعتقد - والكلام لرشيد مصلح -انني ساعين قائد فرقة لكنني فوجئت والاعتقالات والتحقيق مع المعتقلين .. وبعد فترة قصيرة علم والدي ان هناك جهات اخرى غيره تتدخل في التحقيق مع المعتقلين وان هناك اعتقالات تتم من دون علم دائرته وعلم ايضا باختفاء عدد من المواطنين!

- عن البيان رقم(13)
قال وائل : - البيان المذكور لم يصدر باسم الحاكم العسكري العام وهو والدي بل عن طريق المجلس الوطني لقيادة الثورة .. والبيان لم يصدر باسم رشيد مصلح اطلاقا بل باسم المجلس الوطني لقيادة الثورة ويمكن مراجعة (تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري)الجزء السادس الصادر عام 2002 الطبعة الاولى الصفحة (27) سيجد القارئ الكريم ان البيان رقم (13) بتوقيع المجلس الوطني لقيادة الثورة وليس باسم رشيد مصلح او توقيعه كما يمكن التثبت من هذه الحقيقة من خلال مراجعة كتاب (حوار الدم ) الصادر عام 1999 الطبعة الاولى الصفحة (107) وعلى لسان طالب الشبيب عضو القيادة القطرية لحزب البعث ووزير الخارجية انذاك الذي أكد ان البيان رقم (13) صدر عن المجلس الوطني لقيادة الثورة!
- ويقول وائل : - ان والدي كان ذا ميول عربية واسلامية ولكنه لم يكن معاديا للشيوعيين فقد كان له اصدقاء من الشيوعيين ومنهم المقدم عبدالرضا عبيد وضابط اخر من ال فتلة لا اذكر اسمه واخرين انتقلوا الى رحاب الله ..

    

تصرفات الحرس القومي
لاحظ والدي ان جهات متعددة من الحرس القومي، تلقي القبض على المواطنين من دون اعلام دائرته وبعد الاستفسارات الكثيرة التي وجهها الى الجهات المعنية عرف ان الحرس القومي لديه معتقلات وهناك قصر النهاية خاضع لسيطرة الحزب وليس لسيطرة الحاكم العسكري العام ... كما عرف ان البعثيين اتخذوا من بناية محكمة الشعب معتقلا للاستجواب والتعذيب، ولم تكن دائرة الحاكم العسكري العام تعرف شيئا عن هذه المعتقلات الحزبية.
 ويذكر هاني الفكيكي في كتابه (اوكار الهزيمة) :

زارني الزعيم رشيد مصلح وكان يحتج على الاعتقالات الكيفية والاعدامات غير القانونية وكان يقول المفروض ان يكون لدينا قانون للمحاكمات.
ويضيف وائل : - كان والدي يعرف ان عوائل شيوعية كثيرة اعتقلها الحرس القومي ويعتدون عليهم وكان يرفض هذه الممارسات غير القانونية ولايرضى بها ابدا ولدينا وثائق كثيرة بهذا الخصوص صادرة عن دائرة الحاكم العسكري العام بتوقيع رشيد مصلح وهذا الموقف هو الذي يفسر لنا لاحقا اشتراك رشيد مصلح في انقلاب 18 تشرين الثاني الذي طرد الحرس القومي من السلطة ويفسر لنا لماذا انتقم البكر وصدام من والدي بعد انقلاب 17 تموز 1968..
يضيف الدكتور وائل: قدم رشيد مصلح استقالته في ايلول عام 1963 احتجاجا على الاعتقالات العشوائية وموجود نص كتاب الاستقالة لدي ولم تتم الموافقة على استقالته وظل الوضع متوترا حتى يوم 11 تشرين الثاني وحصل ماحصل في ذلك اليوم وهو معروف للجميع ..

كانت علاقة والدي بالمرحوم عبدالسلام عارف طيبة حتى انه زارنا في البيت قبل وفاته باسبوع رحمه الله .. وكان دور والدي في انقلاب تشرين اساسي حتى انهم اتصلوا بنا ليلة الحركة لتبليغ والدي وفعلا اتصلنا به عن طريق ( الهاتف السري ) وفي اليوم التالي عيّنه المرحوم عبدالسلام عارف وزيرا للداخلية بالوكالة وبعدها صار وزيرا للداخلية اصيلا وعين طاهر يحيى رئيسا للوزراء واستمر في منصبه حوالي السنة ثم حصل خلافه مع الجناح الناصري حول القرارات الاشتراكية (التأميم)وكان معارضا لها وكان لا يرى ضرورة للتاميم لانه لايوجد في العراق مايستحق تاميمه وبعد سنة استوزر في وزارة عبدالرحمن البزاز وزيرا للمواصلات وبقي شهرين ثم استقال من الوزارة وترك السلطةعام 1965.
ومن المعلوم أن رشيد مصلح بصفته الحاكم العسكري العام ووزير الداخلية في عهد عبد السلام عارف أفتتح دائرة لتقبل شكاوي كل من تعرضت حقوقه أو عائلته للانتهاك بعد انقلاب ٨ شباط من قبل الحرس القومي.

             

وقام بتوثيقها بكتاب تحت عنوان "المنحرفون من الحرس القومي في المد الشعوبي" فيه وثائق وصور لتلك الأنتهاكات.
اختفى ذلك الكتاب بعد انقلاب عام ١٩٦٨ ومن تمسكه السلطات وبحوزته الكتاب تعرض لأشد العقوبات .أما رشيد مصلح فقد دفع الثمن غالياً لاصداره.


 وقال وائل : - مارس والدي بعد احالته الى التقاعد عام 1959 اعمالا تجارية متواضعة كاستيراد الشاي والسكر وبعد 8 شباط عندما تولى منصب الحاكم العسكري العام شطبوا اسمه من غرفة التجارة لانه تولى منصبا رسميا .. وبعد تركه السلطة ظلت علاقته طيبة بعبد السلام عارف وشقيقه عبدالرحمن وكان يحضر الى القصر الجمهوري بدعوة لحضور مؤتمر اواستشارة .. عندما حصل انقلاب 17 تموز عام 1968 لم يكن له به اي علم .. عندما سمع البيان الاول للانقلاب قال لنا : هذا صوت حردان التكريتي !!

                                       
وكان حردان تلميذاً عنده في الكلية العسكرية .. وقال ايضا ان الانقلاب بعثي .. وفي اليوم الثاني توجه الى القصر الجمهوري ليبارك لهم نجاح الانقلاب .. واذكر ان والدي كان يقرا في صحيفة ( المنار )التي حمل غلافها صورة عبدالرزاق النايف فعلق: ( أيا ... سرسري).
- وبعد ثلاثة ايام حصل انقلاب 30 تموز .. نصحه بعض الاصدقاء بان يسافر ويترك العراق فاعترض على مقترحهم :

ان البكر صديقي وانا مرتاح منه وان صدام لي علاقة جيدة معه قبل انقلاب 17 تموز فلماذا (اطلع؟)!!
ثم قال لهم : هل من المعقول ان البكر وصدام وحردان وحماد اصدقائي سيؤذوني؟
- بعد ثلاثة اشهر - والكلام للدكتور وائل – لاحظنا سيارة امن فولكسواكن تراقب باب منزلنا بطريقة غير لائقة واستفزازية اخذنا رقم السيارة واتصل والدي بامن بغداد وفي احد الايام جاء ضابط امن وعرف نفسه :

انا الملازم اول عامر السراج و هناك في الخارج سيارة امن يمكن لكم من خلال الجهاز فيها الاتصال بامن بغداد.
- كان المقدم احمد الرفاعي مدير امن بغداد وهو من اهالي تكريت ووالدي يعرفه فتحدث والدي معه باللاسلكي وساله هل بعثتم سيارة لمراقبتي واذا صح ذلك فهذه طريقة غير لائقة تجلبون سيارة بيكب اب تضعون سخانا في حوضها وتراقبون بيتي وقل للرئيس البكر ان الذي يتآمر لا يجلب سيارة المتامرين لبيته ونحن عملنا معا ويعرف ذلك.
- يقول وائل : في احد الايام وجدت والدي جالسا وحده ومتضايقا وكنت وحدي ملازما له لان اخوتي الاخرين كانوا يدرسون في القاهرة وكنت طالبا في الكلية الطبية وقتذاك .. قلت له : لماذا انت منزعج .. الامن ذهبوا وولوا فلم تزعج نفسك ؟ اجابني : انت لاتعرف العاملين في الامن انا كنت وزير داخلية واعرف نوعية التقارير التي يرفعونها للمسؤول الاعلى .. يكتبون تقارير ما ترضي المسؤول ويعتبرون خصمهم عدواً للسلطة ..

   
قلت له : كيف ؟
قال : قبل ايام اتصل بي صدام وسالني عن احوالي وقلت له ( لم يكن صدام معروفا للعراقيين وقتذاك ) : انتم غير اوفياء
فقال صدام : لماذا ؟
قلت له : ماهذه المراقبات والمضايقات ..
قال صدام : لو كنت تعرف ابو قيس كم كتبوا تقارير عنك وانا امزقها .. قال له والدي : كيف ؟
اجابه صدام: سأقرا عليك واحدا من هذه التقارير .. واخذ يقرأ تقريرا يقول ان والدي كان مجتمعا مع جماعة في بستان في ديالى وبينهم فلان وفلان وبينكم رئيس اركان الجيش السابق ابراهيم فيصل الانصاري وانا لم اصدق ان تكون انت بين هذه المجموعة ..
قال له والدي : انت تعرف يا ابو عدي انا لا اجلس مع هؤلاء لانني لا اتناول الكحوليات وهم كما تعرف يتناولون المشروبات المسكرة .. اجابه صدام ؛ وانا ايضا قلت ذلك.
- قال والدي لي ان المقصود من مكالمة صدام ان يوصل لي رسالة مؤداها اننا نراقبك .. او احذر .. هذه كانت طريقة ذكية من صدام لتحذير والدي.
- يقول وائل : في يوم 15 مايس 1969 اعتقل والدي: جاءت شقيقتي لي وكنت نائما وايقظتني صائحة هناك سيارة فولكس واكن تقف بالباب ويريدون ابي .. خرج لهم والدي .. كان متوترا وقلقا.. قالوا له: تفضل معنا..
- وحين سُئِلَ الدكتور وائل:  ما علاقة صدام بوالدك ؟
- قال : كانت علاقتهما وثيقة عن طريق البكر لان والدي كان يلتقي البكر في منزله في منطقة علي الصالح عامي 1967 و1968 اثناء حكم عبدالرحمن عارف وكان هناك شبه تجمع سياسي في مواجهة نظام عارف من اجل الضغط لتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل القادة القوميين من امثال ناجي طالب وصبحي عبدالحميد .. كان اغلب السياسيين القوميين يذهبون بشكل علني الى منزل البكر وكان والدي واحدا من هؤلاء ويلتقي عادة بصدام الموجود هناك برفقة البكر.
- ويمضي وائل قائلا : لن اكشف سرا اذا قلت لك انني قرات بعد حركة 18 تشرين الثاني ان والدي كوزير للداخلية كلف صدام حسين التكريتي باخباره عن اوكار الحزب السرية وكان صدام يتولى مهمة الدليل لقوات الامن بالكشف عن اوكار حزب البعث السرية وقيل لنا ان السبب الجوهري وراء اعدامه هو طمس هذه (اللكعة!) في تاريخ صدام .. طمس حقيقة خيانة صدام للحزب.
- وقلت له : ما حقيقة رواية ( الملثم ) وعن طرد والدك لصدام من بيتكم لسوء تصرفه؟
- اجاب مبتسما : وردت هذه الرواية في كتاب ( فندق السعادة ) من ان صدام جاء الى بيتنا لزيارة والدي وهو ملثم وكان ذلك في عام 1964 وقال الملثم لوالدي : اني استجير عندك ! وكشف عن هويته : انا صدام التكريتي .. وتقول الرواية ان والدي اجاره في بيتنا وانه عاش معنا لفترة وفي احدى المرات سمع والدي من امي ان هذا الشخص يتصرف داخل البيت بطريقة غير صحيحة فطرده والدي ,, وانا اؤكد لك ان هذه الرواية عارية كليا عن الصحة .. انا شخصيا لم ار صدام في بيتنا في كل الاوقات ومن الممكن ان اتذكره لو كان موجودا في بيتنا حسب الرواية لان عمري كان (12) سنة كما انني تاكدت من والدتي التي نفت ان يكون صدام قد زارنا او بات في منزلنا وانه لم يدخل بيتنا ابدا .. لكن الذي حصل عام 1964 ان صدام لجأ الى بيت صديق له في الصليخ وفي هذا البيت القي القبض عليه.

- وهل لوالدك عندما كان وزيرا للداخلية علاقة باعتقال صدام في الصليخ ؟
- ان صدام لجأ في بيت بمنطقة الصليخ يخص احد الشيوخ وهو حواس الصديد والد عيادة الصديد فقوات الامن عرفت بالمكان الذي اختبأ فيه صدام وذهبت لاعتقاله بعد محاصرة البيت وان صدام نفسه روى هذه القصة .. والقصة باختصار ان هذا الشيخ له علاقة بوالدي فاتصل به واخبره ان صدام عنده في البيت وان البيت فيه زوجاته ونساء واطفال وانا اخاف على نفسي وعائلتي .. وركب والدي سيارته وذهب الى بيت الشيخ فكان صدام على السطح وقال له والدي :

( اطلع انهزم !!)

وخرج والدي وقال لرجال الامن :

انهزم ما موجود .. وبعد اشهر اعتقل صدام في مكان اخر.
- قلت له : ماصحة هذه الرواية ؟ لان صدام رواها بطريقة اعترف فيها انه اعتقل بعد ان اطلق عددا من الرصاصات بالهواء وليس باتجاه الشرطة وان رجال الامن سالوه لماذا رميت الرصاصات ؟ قال لهم ضاحكا وهم يقيدون يديه : مو عيب نسلم ومانضرب جيلة وحده ولو بالهوا ..

ثم رمى عليهم ( گلوص ) سكائر (روثمان) وقال لهم :

من اليوم تركت التدخين حتى لا تذلوني.
- اعترف لك - والكلام لوائل - ان صدام في بداياته كان رجلا بسيطا ودمث الاخلاق ومن اقارب احمد حسن البكر وهو ليس من اقاربنا وكانت علاقة صدام بوالدي تمت عن طريق خاله خير الله طلفاح لان الاخير كان معروفا في تكريت وبغداد انذاك وهو من اقارب البكر ايضا.

- قلت للدكتور وائل : هل بالامكان التعرف على الوضع الاجتماعي للمرحوم رشيد مصلح؟
- اجاب : والدي متزوج من زوجة واحدة هي ام قيس وقيس من مواليد 1943وسهام وشذى ولمياء ونضال و رياض وانا اي نحن ثلاثة اولاد واربعة بنات عندما اعتقل والدي كان معظمنا طلاب .. وصعد سيارة الفوكس واكن التابعة للامن وقالت له امي عند الباب ( اروح..) فاجابها رحمه الله : ( وين ماتروحين روحي)

والظاهر انه احس ان القضية هذه المرة ثخينة .. اخذوه من امامنا فجرا ..

وذهبنا انا ووالدتي الى بيت اقرب اصدقائه من البعثيين وهو الدكتور احمد عبدالستار الجواري وكان بيته في العطيفية وفي الساعة السابعة صباحا فتح لنا الباب واستقبلنا استقبالا رائعا وهو يردد بعد ان روت له امي قصة اعتقال والدي
- (ليش وشلون .. وما معقوله وماكوشي ) !!
ثم قال لنا : انا ساتصل لاعرف الحقيقة واخبركم .. وودعناه ورجعنا ولم نذهب الى بيتنا بل الى بيت شقيقة حماد شهاب .. وبعد الظهر اتصل الجواري وقال : ابني ماكو شي.. هذا تحقيق بسيط .. ثم طلب منا ان نأخذ له اغراضه (فراش وادوية..)

وكان معتقلا في دائرة الانضباط العسكري .. ذهبنا وسلمنا الاغراض ورجعنا ولم نراه وكنا نسأل عنه من هنا وهناك ولامجيب ..

      

وذات يوم اغبر واسود فوجئنا بظهوره على شاشة التلفزيون .. وكانت كارثة علينا بكل معنى الكلمة .. ودققنا النظر فيه فكانت صحته متدهورة جدا .. كنا نشعر انهم وضعوا له مخدرا .. او كان يلقن .. وكان يستجيب للجلادين الذين عذبوه بقسوة لاحدود لها .. لانه رحمه الله كان يسكت بين جملة واخرى وهذا ماجعلنا نستنج انه مخدر او يقول : ها نسيت !!
وكانت المقابلة التي اجراها محمد سعيد الصحاف استغرقت (15) دقيقة بعدها صارت ضجة ثم خفت .. واجرينا اتصالات من دون فائدة كما لم نستطع الوصول الى صدام حتى ان خالي اتصل بزوج أمه ابراهيم الحسن واوعدنا بانه سيتكلم معه ولكن ايضا من دون اي نتيجة وبعدها سمعنا انه اصيب بمرض عصبي وعولج برجات كهربائية!!
 يضيف الدكتور وائل:
 في تشرين الاول عام 1969 اتصل بامي من المعتقل وانه اخبرها بانه بصحة جيدة (!!) وطلب ان نجلب له الملابس الشتوية وانه قال لها :

امور بسيطة ..

وبعدها بايام اتصل مرة اخرى وبعد خمسة اشهراتصل لمرة ثالثة واستبشرنا خيرا نتيجة اتصالاته المتكررة بعد ذلك وردتنا اخبارا مزعجة تقول انهم قدموه للمحكمة وان المحكمة حكمت عليه بالاعدام وتساءلنا : ( شنو الشغلة..!!)..

اتصل بنا مصور تلفزيوني وقال انا حضرت محاكمة رشيد مصلح في محكمة الثورة التي ترأسها العقيد علي وتوت وان التهمة الموجهة اليه هي التجسس! ويضيف وائل :

جماعة من قبلنا ذهبوا الى منزل حردان التكريتي ولم يكن حردان موجودا في البيت ثم ذهبوا الى اقارب اخرين ثم قررنا ان نذهب الى السجن ونسال واخبرونا هناك انهم نقلوه الى سجن بغداد المركزي الذي حلت مكانه بناية وزارة الصحة حاليا ولم يسمحوا لنا بالدخول الى السجن وسالنا الحراس فاخبرونا انهم جلبوا لنا مجموعة ولا نعرف اسماءهم ..
وفي مطلع تشرين الثاني من عام 1969 اعلمتنا ( صبيحة المدرس ) مديرة سجن النساء وصديقة عائلتنا التي زارتنا واخبرتنا ان والدي موجود في سجن بغداد فاتصلنا بعوائل المحكومين معه مدحت الحاج سري شقيق الشهيد رفعت الحاج سري وزكي عبدالوهاب واتفقنا على ان تاخذ كل عائلة طعاما كل يوم لهم وكنا نتوسط لتخفيف الحكم ووعدنا بذلك ...

وكنا لا نتوقع ونقول من غير المعقول ان يوقع احمد حسن البكر على اعدام صديق عمره رشيد مصلح .. اخي قيس في القاهرة اتصل بالسيد امين هويدي وكان سفيرا في العراق وله علاقات جيدة مع الحاكمين في بغداد وبعث المرحوم جمال عبدالناصر مبعوثا هو السيد حسن صبري الخولي الذي قابل البكر مرتين للتوسط من اجل تخفيف الاحكام الا ان البكر لم يستجب !! قامت والدتي عن طريق الهاتف الخاص بالاتصال بزوجة البكر (ام هيثم) بعد فترة ردت ( ام هيثم) وهي تبكي :

( توسلت به حتى بست قندرته واجابني : انت معليج )!!
كنا نوصل الاكل له ولم نراه .. بعدها اعلن عن مؤامرة عبدالغني الراوي في كانون الثاني عام1970 وكان اول اسماءالمتامرين فيها اسم العقيد صالح مهدي السامرائي والد الاستاذ اياد السامرائي رئيس البرلمان العراقي السابق .. بعدها فصلنا ( فيش ) الهاتف لكي لايتصل بنا احد لحراجة الموقف .. وكانوا يتصلون بنا من السجن ولا يحصلوننا لرفعنا الفيش وفي الساعة الثانية عشرة من مساء يوم جاء الينا نجل المرحوم مدحت الحاج سري وهو محكوم بالاعدام ايضا فقال لي :

والدك مريض ويريدك ان تاتي الى السجن في 21 كانون الثاني 1970..
ثم قال لي بصراحة هامسا :

سينفذون فيهم احكام الاعدام اليوم وعليك ان تجلب عائلتك كلهم لتزوروا والدكم الزيارة الاخيرة ..

وفعلا ذهبنا كلنا الى السجن وبعد تفتيشنا ادخلونا عليه في غرفة صغيرة وكان جميع المحكومين بالاعدام جالسين معه في الغرف نفسها .. وكانت والدتي تبكي بحرارة وحرقة والم فقال لها والدي : ( اسكتي ..) ثم اخرج مصحفا واقسم به امامنا : ( هؤلاء الجالسون معي الذين سيعدمون يشهدون امامكم وانا اشهد امامكم انه لا صحة ابداً لشيء اسمه قضية تجسس .. انا خدمت البعثيين لكنهم غدروني ..)
ثم سأل امي : هل اتصلت بالبكر ؟
اجابته امي : اتصلت بزوجته ولم استطع الوصول للبكر..
فاجابها والدي امام جميع الحاضرين: ( لازم متروحين له لانه انسان نذل )
ثم قال لامي :

لا تخافي ابدا..انت بطلة واملي بك كبير..

ثم كتب وصيته الى اشقائي وكتب بالحرف الواحد : اخدموا العراق لكن بعيدا عن السلطة واهتموا بدروسكم انا ساذهب الان لملاقاة ربي وثقوا ان لا علاقة لي بما يسمى بقضية التجسس .. هذا اتهام ظالم .. والبكر نذل.

قال والدي هذا الكلام امام ضباط السجن وامام مدحت الحاج سري وزكي عبدالوهاب او هذا الاخير لم تستطع عائلته ان تزوره فكتب وصيته وسلمها لنا لتسليمها لهم وانا سلمت وصيته رحمه الله الى عائلته وبعد ذلك اخرجونا وفي الساعة السابعة اذاعوا خبر تنفيذ احكام الاعدام بهم .. وذهب خالي وتسلم جثة والدي وقمنا بدفنه في مدينة تكريت وقد حاصرت الشرطة المنطقة برمتها..
وحين تم سؤال وائل :

بعد (40) سنة على اعدام والدك كيف تقرأ طريقة التخلص منه ؟
-انا تفسيري ان مشاركة بعض البعثيين في انقلاب 18 تشرين الثاني وفي مقدمتهم البكر كان يرى بالتخلص من والدي باي ثمن او طريقة هو انقاذ له واستغل صدام هذه القضية ايضا لابتزاز البكر والتغطية على خيانته للبعثيين في الانقلاب المذكور ووالدي معروف للجميع لم يكن بعثيا في حياته.

- كيف كانت علاقة والدك بالقوى السياسية ؟
- كانت لديه علاقات طيبة مع الكل الا الشيوعيين .. كانت تربطه علاقات بالتيار الديني بكل اجنحته كما له علاقات مع القوميين .. وكان هناك عامل اخر قرب من اجل رشيد مصلح هو التقارب الذي اصطنعه البكر وصدام مع الحزب الشيوعي وكان راس رشيد مصلح هو ثمن الاتفاق المزيف المؤقت الذي انتهى ايضا بمذبحة للشيوعيين بعد سنوات .. اراد البكر وصدام من تقديم راس رشيد مصلح ان يقولا للشيوعيين :

هذا هو المسؤول عن مجازركم عام 1963 في محاولة لفبركة التاريخ وتزويره وان يضعا جميع اخطاء وجرائم البعث في عام 1963 على اكتاف المرحوم رشيد مصلح وان الشيوعيين يعرفون من هم المجرمين الحقيقيين الذين ارتكبوا المجازر بحقهم في تلك السنة ويعرفون اكذوبة بيان رقم (13) او محاولات تحميل رشيد مصلح مسؤولية اصداره بينما يعرف الجميع وبينهم البكر وصدام والحزب الشيوعي ان المجلس الوطني لقيادة الثورة هو الذي شيد مصلح ..
اضاف وائل: ان البكر هو الذي اعدم والدي ويعرف جيداً أنه بريء كان يحاول ان يغطي على جرائمه التي ارتكبها عندما خان حزبه واشترك في انقلاب تشرين الثاني وعين نائبا لرئيس الجمهورية وقال والدي لنا ان البكر كان يعرف ان انقلابا سينفذ ويطيح بحزب البعث بل وبلغ بالانقلاب ليلة الانقلاب اي ليلة 18 تشرين الثاني ولكنه ليلة الانقلاب انسحب من المسؤولية.


ويقول وائل نقلا عن والده :

يقول والدي بعد ان اعلن البكر انسحابه من الانقلاب ليلة الانقلاب قلنا له اذهب واجلس في بيتك ويؤكد والدي ان البكر كان بمقدوره ان يتصل بالحرس القومي ويسحبهم من الشوارع ولكنه لم يفعل واعتقد كثير من البعثيين ان البكر مشارك في الانقلاب ضد الحزب.

- هل كان رشيد مصلح يلتقي البكر قبل انقلاب 17 تموز ؟
- قلت لك ان والدي كان يلتقي البكر في الاعوام من 1965وحتى 1968ويبدو كان البكر يضمر له في قلبه حقدا لم يكن والدي مطلعا عليه وكان تصرف والدي طبيعيا مع البكر حتى بعد 17 تموز عندما ذهب اليه في القصر الجمهوري وبارك له وبعدها انقطعت علاقته به.

   -ماعلاقة رشيد مصلح بلطفي العبيدي ؟
- اظهروا والدي في التلفزيون وبعد اسبوع اظهروا فؤاد الركابي امين سر القيادة القطرية لحزب البعث والمسؤول الاول عن عملية اغتيال عبدالكريم قاسم الفاشلة الذي اجبروه نتيجة التعذيب القاسي على الاعتراف بكونه جاسوسا.
والشيء الغريب في القضية - والكلام للدكتور وائل- ان مليونيرا عراقيا كان يمول شبكة التجسس كما زعمت السلطات العراقية وهو لطفي العبيدي وفي الوقت نفسه خرج العبيدي في مؤتمر صحفي عقده في بيروت وعرض على الصحفيين صكوكا باسم احمد حسن البكر مقدمة من قبله لتمويل انقلاب 17 تموز ونفى وجود شبكة تجسس مرتبطة به ومن عجائب الامور ان المخابرات العراقية لم تتعقب العبيدي او تطارده واختفى العبيدي ..

والسؤال المطروح منذ اعدام والدي حتى الان : لماذا قام البكر وصدام بإعدام من  سموا باعضاء شبكة التجسس ولكنهما تركا رئيس الشبكة لطفي العبيدي يسرح ويمرح بين بيروت وعواصم الغرب في حين كانت مخابرات صدام تقتل طالبا اعزلا اذا ابدى نشاطا خفيفا ضد النظام الحاكم.

- هل جرى نوع من المصالحة او الاتصال بينكم وبين النظام ؟
- لا ابدا .. اغلقنا ابوابنا وخاصة بعد الجريمة التي ارتكبها البكر ضد والدي .. نحن غير معنيين بصدام .. البكر هو الذي قتل والدي ولو كان العكس كان ممكن جدا ان يتصل البكر بنا ويبين موقفه او يرسل لنا احد وجهاء تكريت ليبرئ ذمة البكر لكنه لم يفعل اي شيء من هذا القبيل.

                      

- هل تعتقد ان البكر كان يكره رشيد مصلح ؟
- لا.. كان يبدو انه يريد ان يخلص منه ومن طاهر يحيى الذي اذله وتسبب في فقدان بصره .. كما ان البكر انتقم وتخلص من شخص اخر غير معروف وهو ذياب العلكاوي وقد ارسله سفيرا في بلدان ليست ذات اهمية وعندما عاد الى بغداد انزوى ومات.

- بعد سقوط النظام عام 2003 هل حركتم قضية والدك ؟
- لقد (لفلف) الامريكان القضايا ضد صدام من خلال الاسراع في اعدامه والا حقيقة الامر كان على الامريكان الانتظار لحين استكمال محاكمة صدام عن جميع جرائمه منذ عام 1968 الا انهم ارادوا كما يبدو التخلص منه و(طمطمة) القضية كما يقول العراقيون .. لم يتركوا لاهالي ضحايا صدام وقتا لاقامة الدعاوى والشكاوى ضده لتجريمه فقد لاحظنا انهم احالوا صدام عن قضية الدجيل وحاكموه واعدموه خلال شهر .. كيف نقيم دعوى على ميت ؟ كنا نتامل محاكمته عن كل القضايا وتجريمه وفضحه ومن ثم اعدامه لا التخلص منه من خلال قضية واحدة فقط.


- هل سنشهد صدور كتاب عن رشيد مصلح ؟
- انا لدي وثائق كثيرة عن دور والدي وعندي رغبة شخصية ان اتولى كتابة سيرة رشيد مصلح بنفسي.

         


- كيف كانت علاقة والدك بعبدالسلام عارف؟
- كان والدي يحب عبدالسلام عارف ويحترمه و لايسمح لاحد ان يتناوله بالنقد عندما كان رئيسا وكان عبدالسلام يبادله الحب والاحترام حتى عندما استقال والدي من منصب وزارة الداخلية وكان يستحق الترفيع الى رتبة لواء خلال شهرين فقرراعادته الى الجيش حتى يترفع وفعلا ترفع بعد شهرين وتقاعد وفي عام 1966 ادى والدي فريضة الحج وفي ساعة متاخرة من الليل من احد الايام بعد عودة والدي اتصل القصر الجمهوري واخبرنا بنية زيارة الرئيس عبدالسلام عارف لبيتنا لتهنئة والدي وفعلا جاء الرئيس في الساعة الثانية عشرة وجلس قرابة نصف ساعة ثم غادر وبعد اسبوع استشهد عبدالسلام عارف في حادث الطائرة المعروف ولمحت والدي بعد اعلان موت الرئيس يمسح الدموع من عينيه.

- هل تعرضتم للمضايقات بعد اعدام والدك ؟
- اجروا استجوابات خفيفة لنا واستدعاءات في مراكزالشرطة .. صادروا ممتلكات والدي .. بيتنا في اليرموك كنا ندفع اقساطه لجمعية الضباط .. وسيارة واحدة وقطعة ارض في جميلة صودرت و500 سهم في مدينة الالعاب.
- يبقى السؤال الملح: لماذا غدر البكر بصديق عمره وابن مدينته ولفق له تهمة خسيسة وهي التجسس والغريب انه لم يكتف بالصاق التهمة بل وقع على اعدامه بقلب جامد .. لماذا هذا الاصرار والقسوة التي ابداها البكر ضد رشيد مصلح ؟
- اجابني عن هذا السؤال نجله الدكتور وائل بانها محاولة من البكر للتخلص من رشيد مصلح الذي يشكل له عقدة عن دوره الخياني في انقلاب 18 تشرين الثاني وان البكر اعتقد ان تخلصه من مصلح يقبر اسرار دوره في الانقلاب على حزبه ..
                            
صحفي عراقي كان يعمل لفترة قريبا من الرئيس السابق صدام قال مايلي :

( لقد كره البكر رشيد مصلح واغتاظ منه وحقد عليه حقدا عظيما بسبب موقف جرى بينهما خلال احداث انقلاب 18 تشرين الثاني من عام 1963عندما قرر البكر الانسحاب من الانقلاب في ليلة الانقلاب مما حدا برشيد مصلح وهو من ابرز المشاركين في الانقلاب ومن كبار المؤيدين لعبدالسلام عارف ان يحتد ويغضب على البكر ولم يتوقف مصلح عند هذا الحد مع البكر بل بصق في وجه البكر .. والبكر احتفظ بهذه الاهانة الكبيرة لمصلح سنوات ثم انتقم منه بعد انقلاب 17 تموز عندما اصبح رئيسا للجمهورية ).
 
 في 21 كانون الثاني من عام 1970 كشف النظام عن مؤامرة عبدالغني الراوي وفي يوم 22 كانون الثاني نفذ حكم الاعدام بـ(36) ضابطا ومدنيا بينهم (7) من المتهمين بالتجسس للمخابرات الامريكية. وذكر راديو بغداد ان الوجبة الخامسة من احكام الاعدام قد نفذت فجر يوم 2211970 بسبعة مدنيين وعسكريين هم:

        

اللواء رشيد مصلح وزير الداخلية والحاكم العسكري العام بعد الانقلاب الذي اطاح بحكم عبدالكريم قاسم عام 1963 والعميد المتقاعد مدحت الحاج سري وسعد شاكر فهمي والصحفي عبدالله محمد الخياط (مدير تحرير صحيفة المنار وهو ابن اخت هاشم جواد وزير خارجية عبدالكريم قاسم) وزكي عبدالوهاب ( اختطف من الكويت الى بغداد) والبير نونو ومحمد مطاع الحسامي (سوري الجنسية).
 
- نص قرار محكمة الثورة - تشكلت محكمة الثورة بتاريخ 10\11\ 1969برئاسة العقيد علي هادي وتوت وعضوية العقيد علي احسان شيت والمقدم الحقوقي راغب فخري واصدرت باسم الشعب القرار الاتي : -الحكم على المجرم رشيد مصلح طه بالاعدام شنقا حتى الموت وفق الفقرة (ج) من المادة 14 من الباب الثاني عشر المعدل من قانون العقوبات البغدادي. - اعتبار جريمته هذه من الجنايات العادية المخلة بالشرف حسب احكام قانون رد الاعتبار رقم 3 لسنة 1967 المعدل. - قرار صدر باتفاق الاراء وافهم علنا في 10\11\1969. - التواقيع - العقيد - علي احسان شيت علي هادي وتوت - عضو رئيس محكمة الثورة - المقدم الحقوقي - راغب فخري - عضو - هذا وقد اقترنت هذه الاحكام بمصادقة رئيس الجمهورية المهيب احمد حسن البكر وصدرت المراسيم الجمهورية الخاصة بتنفيذ احكام الاعدام.
- لم يقف اتباع البكر عند هذا الحد بل اجبروا بالتعذيب المرحوم الدكتور يوسف المعمار ان يقول في التحقيق والمقابلة التلفزيونية المسرحية ان عبدالسلام عارف كان جاسوسا للمخابرات الامريكية وانه رحمه الله كان على صلة باندرسون وزير مالية ايزنهاور.
- وكتب صحفي لبناني اسمه نشأت التغلبي في ( الحوادث اللبنانية) في 20\6\1969 مقالا مثيرا بعنوان:

( هل اصبح زعماء العراق كلهم خونة ؟) ومما كتبه التغلبي عن الاتهام الذي اطلقه النظام العراقي على عدد كبير من كبار ساسة العراق بانهم جواسيس لامريكا ومنهم عبدالسلام عارف وصديق شنشل وصالح زكي توفيق .. المطلوب من النظام العراقي ان يتوقف عن تلويث سمعة السياسيين العراقيين غير البعثيين من جماعة البكر حرصا على سمعة العراق وعلى كرامته ووطنيته ..
هل كان عبدالسلام عارف جاسوسا لانه استقبل – وهو رئيس للجمهورية- المستر اندرسون ؟ -
لقد كان انتقاما رهيبا نفذه مكتب العلاقات العامة ضد من كان البكر - صدام يعدهم خطرا على مستقبل نظامهم. - اعتقد لو كان عبدالسلام عارف حيا لشنقه البكر - من دون ان يرف له جفن - انتقاما من دوره في انقلاب 18 تشرين الثاني. - ان الاعدامات التي جرت في اوائل الحقبة التي تسلم فيها البكر - صدام السلطة صفي المئات ممن افترضهم اعداء للنظام وهم ليسوا كذلك والبعض تخلص منهم البكر وصدام كل على طريقته لاغلاق ملف او حرق اوراق تمس السمعة السياسية لكل منهما ويبدو للمراقب لتلك الفترة ان البكر تولى تصفية (الاصدقاء ) الذين تعرف عليهم في مراحل حياته التامرية والانقلابية كما تولى صدام تصفية العناصر البعثية التي له معها مواقف سابقة او التي تعترض صعوده سلم السلطة .. ويظهر من اسماء المعدومين ان كلا من البكر وصدام وضعا قوائم بالمرشحين للقتل والاعدام والشنق والتعذيب او الصاق التهم لتشويه السمعة كالتجسس وغيرها ضد كبار السياسيين والعسكريين العراقيين وتخوينهم وتشويه سمعتهم وبالتالي اعدامهم للتخلص منهم نهائيا وان رشيد مصلح وعبدالعزيز العقيلي وعبدالرحمن البزاز وفؤاد الركابي ومدحت الحاج سري وطاهر يحيى وعبدالسلام عارف وعطا عبدالوهاب وعبدالله الخياط وعبدالعزيز بركات وكثير اخرين من القوميين والناصريين خسر وا ارواحهم بسبب احقاد البكر الشخصية وانتقام صدام الشخصي من ضحاياهم.

                  

الوثائق (1) كتاب صادر عن مقر الحاكم العسكري العام العدد1350 بتاريخ 11\4\1963 يدعو الشرطة والاستخبارات والامن والسجون وموقع بغداد والانضباط العسكري والقيادة العامة لقوات الحرس القومي والهيئة المشرفة في قيادة الحرس القومي الى الالتزام بالقوانين الاصولية ومنع اجراء التحقيق مع النساء والفتيات ليلا وان تودع النساء والفتيات الموقوفات في مواقف النساء الرسمية ويمنع منع باتا توقيفهن في مقرات الحرس القومي او في مراكز الشرطة لاي سبب كان ويجرى التحقيق للموقوفين والموقوفات بحضورحكام التحقيق.
(2) برقية صادرة عن الحاكم العسكري العام رقم المنشئ3831 بتاريخ29\6\1963 الى جميع الجهات الامنية والاستخبارية والحرس القومي والمعتقلات والسجون تنص على ان الحاكم العسكري العام هو المرجع الاعلى في تقرير مصير المتهمين بكل القضايا الخاضعة لها (لذلك فاننا نحذر وننذر الجميع بعدم توقيف او اخلاء سبيل اي شخص الا بامرنا).
(3) كتاب بتوقيع رشيد مصلح رقم596 بتاريخ16\5\1963 معنون الى رئيس الوزراء احمد حسن البكر بعنوان ( مصير طالب في الصف المنتهي في كلية الطب) يطلب فيه من البكر معرفة مصير طالب في الطبية اسمه احمد الحاج علي المرزه من اهالي الكرادة اعتقله الحرس القومي في 20 نيسان و (اعطاء حد لمثل هذه الامور التي تسيء الى سمعة الجمهورية وتخلق جوا من الارهاب وعدم الاطمئنان لدى المواطنين كافة).
(4) كتاب صادر عن الحاكم العسكري العام الى رئيس اركان الجيش العدد845 في 8\7\1963 يطلب فيه معرفة الاوامر الصادرة بتشكيل مكتب التحقيق الخاص ومدى صلاحياته في التحقيق والجهة التي يرتبط بها واسماء اعضاء المكتب وواجباتهم!
5. كتاب صادر عن مقر الحاكم العسكري العام الى رئيس الوزراء البكر انذاك العدد 856 بتاريخ 11\7\1963 يطلب فيه عرض موضوع هيبة الحكم وانتهاك حرمة القضاء على المجلس الوطني لقيادة الثورة.
6. كتاب مقر الحاكم العسكري العام لوزير الدفاع الفريق صالح مهدي عماش انذاك العدد 882 في 16\7\1963 حول معالجة مشكلة اعالة عوائل العسكريين المطرودين والمفصولين من الخدمة !!
7. كتاب الحاكم العسكري العام رقم 1000 في 11\8\1963 معنون الى وزير الدفاع يتضمن (16) مقترحا وتوجيها بخصوص المعتقلين العاديين والشيوعيين والحفاظ على حقوقهم ويمكن الرجوع الى نص الكتاب. 8. كتاب صادر عن الحاكم العسكري العام رقم 1047 في 24\8\1963 بعنوان ( الشيوعيون الذين انتهت محكوميتهم ) هم في الاغلب من العمال والكسبة ويرى من الافضل اطلاق سراحهم.
9. كتاب سري وشخصي صادر عن الحاكم العسكري العام رقم 1120 في 16\9\1963 وموضوعه (مكتب التحقيق الخاص) الذي تالف من بعض البعثيين والحرس القومي وسجل مخالفات قلنونية كثيرة وجرائم اكثر ولهذا كتب رشيد مصلح في كتابه اعلاه انه في حل من تحمل تبعات اعمال المكتب
10. برقية الاستخبارات العسكرية رقم 228 في 17\10\1963 تنبئ عن امر وزير الدفاع بالغاء مكتب التحقيق الخاص ونقل ضباطه وافراده الى الاستخبارات وجاء هذا الامر بناء على الاعتراضات الكثيرة التي ابداها رشيد مصلح ضد هذا امكتب.
11. بعد عجز رشيد مصلح من اصلاح الاوضاع التي نجمت عن انقلاب 8 شباط قدم استقالته من الجيش واعادته الى التقاعد ببرقية الى البكر رئيس الوزراء رقم 5292 بتاريخ18\9\1963.
12.كتاب الحاكم العسكري العام الرقم 1267 في 19\10\1963 الخاص بتشكيل (5) هيئات تحقيقية للتحقيق مع الشيوعيين الموقوفين في بغداد: الهيئة الاولى : الحاكم عبدالستار البيركان - الملازم قاسم جواد - مدير الامن عبدالوهاب عبدالجبار - المعاون ياسين التكريتي - الملازم نعمان الدليمي - المحقق العدلي حازم سعيد احمد. الهيئة الثانية : الحاكم طالب النائب - الملازم عبدالودود الجدوع - معاون الامن فاروق عبدالفتاح الراوي - المعاون حسين الحاج محسن - الملازم زهير محمد شيت - المحقق العدلي احمد توفيق الزركان. الهيئة الثالثة : الحاكم عبدالجليل حبيب - الملازم رافع الحديثي - معاون الامن فزع الراوي - المعاون جلال غريب - الملازم عبدالرحمن الدوري - المحقق العدلي قيس توفيق المختار. الهيئة الرابعة : الحاكم عبدالكريم الجادر - الملازم محمود الزيدي - معاون الامن طالب نعمان - المعاون راسم احمد الداود - الملازم خليل ابراهيم - المحقق العدلي عبدالقادر العزي. الهيئة الخامسة الحاكم فؤاد التكرلي - ن ض ح فؤاد جاسم - معاون الامن غازي محمد يحيى - المعاون منذر سليم حمدي - الملازم حازم سعيد - المحقق العدلي حسن النايف. الهيئة 1و2و3و4 في الموقف العام وسجن بغداد وسجن النساء والموقوفين في مراكز الشرطة والحرس القومي. الهيئة 5 في معتقل خلف السدة ومعتقل الخيالة. صرف 10 دنانير لكل هيئة لتامين احتياجاتها.
13. كتاب الحاكم العسكري العام رقم 1272 في 19\10\1963 حول تشكيل هيئة تحقيق امن الجمهورية للتحقيق في جميع قضايا مكتب التحقيق الخاص الملغي بامر وزير الدفاع.
14. كتاب الحاكم العسكري العام الى وزير الدفاع برقم 1345 في 2\11\1963 وفيه تفاصيل العمليات الاجرامية التي كان يرتكبها مكتب التحقيق الخاص مع الموقوفين.
15. رسالة اللواء المتقاعد رشيد مصلح بتاريخ 16\5\1967 الى الفريق عبدالرحمن عارف رئيس الجمهوري حول عدم دستورية توليه رئاسة الوزراء اضافة لرئاسة الجمهورية.
16.مذكرة للرئيس عبدالرحمن عارف بتاريخ16\4\1968 حملت تواقيع : عبدالعزيز العقيلي - عارف عبدالرزاق - ناجي طالب - احمد حسن البكر - حاج محمود شيت (خطاب)-رشيد مصلح - عبدالهادي الراوي - رجب عبدالمجيد - صالح مهدي عماش - حردان التكريتي - صبحي عبدالحميد (لم يوقع) - اسماعيل مصطفى - عبدالستار عبداللطيف. وتناولت المذكرة المذكورة اعلاه تشكيل مجلس وطني من 30 عضوا وتاليف وزارة ائتلافية قوية وغيرها من المقترحات. والطريف ان البكر الذي كان يدبر انقلابا سريا ضد عارف من خلال استدراج الحرس الجمهوري كان يظهر امام الناس واصدقائه رجلا ليبراليا اصلاحيا ولا يمانع من التوقيع على مذكرة مرفوعة لرئيس الجمهورية لاصلاح الاوضاع وبالتالي فانه شنق وعذب واغتال اغلب رفاقه الذين وقعوا الى جانب اسمه : عبدالعزيز العقيلي - سجنه وعذبه ومات شبه مخبول من اثار التعذيب والعزلة في السجون الانفرادية. عارف عبدالرزاق - هرب بجلده الى القاهرةخوفا من القتل. ناجي طالب - فرض على نفسه الصمت السرمدي. حاج محمودشيت خطاب - شغل نفسه بتاليف الكتب الاسلامية والتاريخية لينجو من الشبهات. رشيد مصلح - من اقرب اصدقاء البكر سجنه وعذبه حتى الجنون ولصق به تهمة التجسس للامريكان ثم شنقه. عبدالهادي الراوي - اعتزل الحياة السياسية لينجو برقبته. رجب عبدالمجيد - مات ميتة طبيعية. صالح مهدي عماش - اتهمه البكر بالتامر عام 1969 لتمهيد طريق صدام الى منصب نائب الرئيس بدلا من عماش وهو المرشح الساخن للمنصب وبعد تولى صدام الرئاسة عزله سفيرا في فنلنده ثم قتله بالسم. حردان التكريتي - وافق على تصفيته في الكويت عام 1971. صبحي عبدالحميد - بعث له رسالة شفهية بالخروج من العراق حفاظا على حياته لانه لا يضمنها اذا اصر على البقاء وفعلا غادر صبحي مع رفاقه الى القاهرة ومع ذلك ارسلت اليه مجموعة من القتلة لاغتيالهم وفشلت المحاولة. اسماعيل مصطفى - لزم الصمت. عبدالستار عبداللطيف - مات منكسرا ومنعزلا في بيته.
نستخلص مما ورد اعلاه :

ان رشيد مصلح الحاكم العسكري العام وحسب الكتب والبرقيات الكثيرة الصادرة عن مقر دائرته لم يألوا جهدا في كشف التجاوزات والخروقات القانونية والانسانية ضد المعتقلين والموقوفين الشيوعيين وغيرهم وانه طالب الحد من مكتب التحقيق الخاص الذي كان يضم ابرز البعثيين المدنيين الذين تولوا ارتكاب الجرائم البشعة ضد الشيوعيين وفي مقدمتهم ناظم كزار وعمار علوش وصدام التكريتي ثم مقترحه بالغاء المكتب وتصفيته فكيف اذن سيسامحه البعثيون على مواقفه المضادة لتجاوزاتهم القانونية في النادي الاولمبي ومقر محكمة الشعب التي اتخذوها مقرا لتحقيقاتهم وتعذيبهم للشيوعيين وقد فضح رشيد مصلح هذه التجاوزات بسلسلة من المخاطبات لرئيس الوزراء احمد حسن البكر ووزير الدفاع صالح مهدي عماش الذي تعاطف مع مصلح وقرر الغاء مكتب التحقيق الخاص !!
كما اكدت الوثائق ان رشيد مصلح بريء كليا من البيان رقم (13) الذي اصدره المجلس الوطني لقيادة الثورة وهو اعلى سلطة تشريعية في العراق بعد انقلاب 8 شباط 1963وان رشيد مصلح كغيره من السياسيين العراقيين تعرض للاعنقال والتعذيب وتلفيق تهمة التجسس للامريكان وان البكر وصدام تحديدا يعرفان ومتاكدان من براءة مصلح وغيره من اي تهمة وجهها مكتب العلاقات العامة لمعارضيه وخصومه ولكنهما اصرا على التخلص من حلفاء الامس واصدقائهم لغلق ملفات سرية هما ابطالها منذ انقلاب 18 تشرين الثاني .. وانا لله وانا اليه راجعون !!
أشار العميد الركن المتقاعد زهير عبدالرحمن في مقالة له نشرت في (المشرق) العدد 898 في يوم الاثنين 19\2\2007 في صفحة (ذاكرة عراقية) الى حادث اغتيال رشيد مصلح في الناصرية عام 1959 وقد ايد نجلة الدكتور وائل ما وقع لوالده عندما كان ضابطا في الناصرية .. يقول زهير : روى العميد عبدالكريم عبدالرحمن القاضي قال كنت في عام 1959 في الناصرية وبرتبة مقدم واشغل منصب ضابط ركن لواء التدريب التاسع وبنفس الوقت اقوم بواجبات ضابط استخبارات اللواء وكان العقيد رشيد مصلح امر للفوج الثاني لواء الرابع عشر وكان مقر اللواء في الديوانية وبعد حركة الشواف في الموصل صدرت قائمتان باحالة بعض الضباط الى التقاعد وكان اسم العقيد رشيد مصلح بين الاسماء وحالما سمع بخبر احالته الى التقاعد غادر الفوج الى منزله لاستبدال ملابسه العسكرية بالمدنية ومن ثم يرجع لوداع منتسبي فوجه الا ان منتسبي فوجه من الجنود سرعان ما انطلقوا الى بيته لقتله بعد ان اشاع الشيوعيون ان جميع الضباط المحالين على التقاعد هم خونة وضد الزعيم والجمهورية وقاموا بمحاصرة البيت وسرعان ماارسلت الى بيته الملازم عباس الرفيعي المنسوب للفوج الثاني اللواء 14 ومعه سلمان السيد عباس الحلو رئيس عرفاء وحدة مركز تدريب الناصرية وفيصل هوبي رئيس عرفاء وحدة الميدان الطبية التاسعة لفك الحصار عنه وكان جنود فوجه قد كسروا باب بيته وانهم اخرجوه من الدار بالفانيلة واللباس الداخلي راحوا ايضربونه ووصلت الجماعة التي ارسلتها فقاموا بتفريق الجنود واستعملوا الشدة والقسوة معهم وانحاز جنود مركز التدريب الى جانب سلمان عندما شاهدوه يفرق بالجنود وبعد جهد جهيد ومعاناة شديدة تمكنوا من تخليص العقيد رشيد من قبضتهم فهرب الى اور ومنها الى السماوة ثم وصل اخيرا الى الديوانية باعجوبة ودخل مقر الفرقة الاولى وقابل قائدها العميد الركن سيد حميد الحصونة وهو مايزال في الملابس التي اعتاد ارتدائها في المنزل - كما جاء في المقال - وطلب حمايته فحماه القائد وارسله الى بغداد محروسا !!
وقال الدكتور وائل تعليقا على اشتغال والده مع الانقلابيين للاطاحة بعبدالكريم قاسم قائلا : كان والدي بعيدا عن الثورات والانقلابات حتى انه لم يكن على اية علاقة بتنظيم الضباط الاحرار او ثورة 14 تموز من عام 1958 وهو رجل عسكري محترف وكان معروف بميوله الدينية والعروبية ولهذا عندما اراد الجنود الشيوعيين في الناصرية الاعتداء عليه قالوا مبررين اعتدائهم انهم اعتقدوا انه ضد الزعيم والجمهورية عندما شاهدوا ( السجادة) على كتفه واعتقد ان الذي دفع والدي للعمل ضد الزعيم هو قرار احالته الى التقاعد وهو في الاربعين من عمره وبرتبة عقيد وليس له اي نشاط معادي للزعيم سوى كونه يحمل افكارا عروبية وهو متدين ولهذا حز في نفسه ان يعامل بهذه الطريقة المهينة من قبل قاسم وانا في اعتقادي ان كريم قاسم هو الذي جلب على نفسه انقلاب 8 شباط حيث كان جل المشاركين في الانقلاب من الضباط الذين احالهم الى التقاعد ومنهم العقيد طاهر يحيى مدير الشرطة العام في حكومة 14 تموز !!
لقد رحل الجميع بدءا بعبدالكريم قاسم وقبله الضباط الذين أعدمهم في 1959، وبعده رحل عبدالسلام، ورحل البكر ورحل صدام، ورحل رشيد مصلح وطاهر يحيى وعبدالرحمن البزاز والعقيلي والنايف والداود وحردان و..و...و وكلهم سيقفون أمام رب عدل منتقم جبار يقتص من كل ظالم وينصف كل مظلوم!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1401 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع