أطباء البصرة الروّاد في القرن العشرين – الجزء الرابع
وددتُ في البداية أن أشكرَ جميع الأعزاء الذين تفضلوا بالكتابة معلقين على الأجزاء الثلاثة التي نُشرت لحد الآن في حدائق الگاردينيا أو الذين أتصلوا بي مباشرة وأبلغوني بملاحظات وإضافات هامة. ومن البديهي أن أقول أنه وبدون مثل هكذا ردود فعل لايمكننا أن نطوّر ما نُشر ولا أن نصحح ما يرد فيه أو نضيف ما فاتنا من معلومات لنساهم في إنتاج توثيق دقيق وشامل. ولغرض وضع هذا المفال في إطار توثيقي فأننا سنقوم بأعادة كتابة كل الأجزاء المنشورة هنا وتضمينها الإضافات والمعطيات والصور الجديدة والتي لم تنشر سابقاً وإخراجها بشكل كتاب مطبوع ليكون في متناول الباحثين والقراء وعوائل الرواد المذكورين وأطباء المستقبل ووفقا لذلك سنقوم بتثبيت الملاحظات التي تردنا من القراء وعوائل الرواد المشمولين أولا بأول لغرض الأستفادة منها عند إعادة صياغة وكتابة الكتاب. وقد وردنا من ملاحظات كالآتي:
- الملاحظة الأولى بخصوص مواليد الدكتور يوسف جابرو وإضافات لسيرته المهنية تصحيحاً وإضافةً لما ذكر عنه في الجزء الثالث مما إستدعانا لإعادة ذكر سيرته من جديد في هذا الجزء.
- الملاحظة الثانية تخص الدكتور منعم الهاشمي حيث ذكر أن تولده كان في العشرينات والصحيح أنه تولد 1937 وتخرج من كلية الطب عام 1961.
- الملاحظة الثالثة بخصوص الدكتورة حذام ياسين طه حيث نعيد سيرتها في هذا الجزء.
- الملاحظة الرابعة: فاتنا في الجزء الثالث تقديم الشكر للدكتور نوبار مارديرسيان لجهوده في كتابة سيرة والده المرحوم الدكتور شوارش مارديرسيان فنعتذر له.
ونظراً لزيادة عدد الأطباء الرواد المولودين في العقد الرابع وهم موضوع الجزء الرابع من هذا المقال فقد إرتأينا ولأسباب فنية تقسيمهم بين الجزء الرابع وبين الجزء الخامس وهو القادم.
أولاً: إضافات للجزء الثاني والثالث: مواليد 1901- 1930
39. الدكتور يوسف جابرو:
هو الدكتور يوسف هرمز جابرو المولود في البصرة عام 1915 (وليس 1925 كما ذكر سابقا.) أنهى دراسته الأبتدائية والثانوية في الصرة ودخل الكلية الطبية الملكية ببغداد وتخرج منها عام 1938 وتعين في بدرة بلواء الكوت وفي عام 1940 نُقل الى البصرة ليخدم في هيئة الموانئ العراقية وفي عام 1944 نقل الى المستشفى الملكي في البصرة وتدرج في الوظيفه الى ان أصبح مديرا للمستشفى وكان يكلف وكيلا لرئيس صحة لواء البصرة في الستينات عند أنشغال الدكتور شاكر توفيق بأعمال ميدانية خارج البصرة ولعدة مرات ثم اصبح مديرا لمستشفى الأمراض الصدرية بالاضافة الى وظيفته وخدم في البصرة معظم حياته الى ان تقاعد في شباط عام 1969. له ولد وبنت وهي السيدة عايدة وكانت معيدة في فرع الأحياء المجهرية بكلية طب البصرة في السبعينات. توفي رحمه الله بتاريخ 13 آب 1995.
40. الدكتور حبيب هندو:
ولد الدكتور حبيب جبرائيل هندو في يوم 15 مايس عام 1915 في قرية آزخ (أو آيدل أو بيت زبداي) وتعددت أسماؤها لتعاقب اقوام مختلفة عليها وهي بالأصل جزء من مواطن الآشوريين وتقع الآن ضمن حدود تركيا حيث كان سكانها يتكلمون السريانية-الآرامية واللهجة العربية لشمال بلاد الرافدين (الموصلية). ولابد أن المولود حبيب قد عانى منذ ولادته ما قاساه أهله أثناء حوادث حرب طاحنة امتدت في المنطقة وشملت قرية آزخ من 1915 ولحد 1918 من تداعيات الحرب العالمية الأولى حيث هُجّرت كل العوائل التي أنقذها القدر من القتل وهاجرت عائلة هندو الى زاخو شمال ولاية الموصل. وبعد إنهائه الدراسة الثانوية في الموصل دخل الكلية الطبية الملكية في بغداد وتخرج منها طبيباً في إحدى دوراتها المبكرة وسافر الى بريطانيا وحصل على شهادة الأختصاص في الصحة العامة والأمراض الأستوائية من جامعة لندن وأصبح زميلا في الجمعية الملكية لطب المناطق الأستوائية والصحة العامة وعاد الى العراق وعين طبيباً مسؤولاً عن الصحة العامة في جنوب العراق وأصبح بعد ذلك رئيساً لصحة الموانئ وعاصر فترة تسلم اللواء مزهر الشاوي المدير العام الأشهر لمصلحة الموانئ فكان له الدور البارز في إنشاء وأفتتاح مستشفى الموانئ المعروف اليوم بمستشفى الفيحاء العام حيث بدأ العمل في بنائه عام 1959 وأفتتح عام 1964 كما كان الدكتور حبيب مسؤولا عن الشؤون الصحية لأطقم وركاب كافة السفن والمراكب الداخلة الى ميناء البصرة كما عمل طبيباً لمشاريع عديدة لشركات عالمية كبرى كشركة بيكتال الأمبركية ومشروع معمل الورق في الجنوب كما خدم طبيباً في شركة نفط الموصل في عين زالة في بداية مشواره المهني.
الدكتور حبيب هندو في تقاعده
إستمر الدكتور حبيب هندو بالعمل في عيادته في سوق الهنود وبعد أنتهاء الحرب العراقية الأيرانية سافر الى كندا لزيارة أولاده هناك لكن تدهور الوضع بعد غزو الكويت جعله يبقى ويستقر هناك حيث توفي في مونتريال يوم 30 تموز عام 2005 رحمه الله تاركا بنتا واحدة وولدين يعيشون في كندا وهم أبنته الدكتورة كلوريا التي تخرجت في الدورة الأولى لكلية طب البصرة عام 1973 وولديه سالم وغالب وكلاهما مهندسان.
41.الدكتور نافع المقادسي:
هو الدكتور نافع داوود آل مقادسي المولود في الموصل في شهر كانون الثاني عام 1927 ولكن أهله سجلوه على أنه من مواليد 1926. أنهى دراسته الثانوية في الأعدادية الغربية في الموصل عام 1945 وقضى سنة كاملة في متابعة التحاقه بكلية الطب بالجامعة السورية في دمشق حيث بدأ دوامه فيها عام 1947 وتخرج فيها حاملا الدكتوراه في الطب عام 1953.
وبعد إنهاء تدريبه الأساسي وخدمة الأحتياط في طبابة الجبش العراقي برتبة رئيس طبيب أفتتح عيادة خاصة له في شارع نينوى بمدينة الموصل وبعد بضع سنوات إلتحق بالوظيفة فعُين طبيباُ في قضاء القرنة بلواء البصرة حيث قضى فيها أربع سنوات كان فيها طبيب صحة القضاء بين 1956 و1958 وكانت القرنة من اكبر أقضية العراق وتشمل مساحات شاسعة من الأهوار وتنتشر في القضاء الامراض المتوطنة والامراض المعدية والسارية وكان يتنقل في أنحاء القضاء وقصباته بالمشاحيف ليصل سكان الأهوار وفي عام 1958 أنتقل للعمل في دائرة رئاسة صحة لواء البصرة ليحل مكان الدكتور يوسف عبد الله الذي قدم أستقالته من الوظيفة التي كان يشغلها قي تلك الدائرة ومن ثم نسب الدكتور نافع الى المستشفى الجمهوري طبيباُ للعيادة الخارجية ثم الى مستوصف الخضارة وسط سوق العشار ونسب بعد ذلك الى مستوصف نفط المفتية قرب السايلو والذي كان يتبع شركة نفط البصرة. في أواسط الستينات سافر الدكتور نافع الى خارج العراق والتحق بالدراسات العليا وحصل على شهادة التخصص في الصحة العامة من فنلندا ومن مصر متأثرا بخدمته في الأهوار وخبرته والأعمال التي كان يمارسها هناك. إفتتح الدكتور نافع المقادسي عيادته الخاصة في البصرة في محلة الجمهورية عام 1960 وكانت مقابلة لعيادة الدكتور كاظم الساكني وفي عام 1964 شيد عمارة خاصة في مدخل الشارع الرئيسي لمحلة الجمهورية وضمت عيادة له كانت حديثة ونموذجية وأستمر بالعمل في البصرة لحين تمرضه عام 1973 وإصابته بضعف أداء الكليتين ومن ثم عجزها فاشترى جهاز كلية اصطناعية لمعالجة مرضى عجز الكلى وتم نصبه في مدينة الطب وانتفل الى بغداد بسبب ذلك وعمل في معهد العلاج الطبيعي وتوفي ببغداد وهو في أوج عطائه وعنفوانه وهو في الخمسين من العمر عام 1977 رحمه الله. ويتذكره أهالي الأهوار وأهالي محلة الجمهورية لكل ما قدمه لهم من خدمات. للدكتور نافع ثلاثة أولاد وبنت وأكبرهم الدكتور بسمل المتخصص بالصحة العامة وبشار وزياد وهما مهندسان مدنيان وبنت واحدة أسمها بان توفيت وهي بعمر 25 سنة رحمها الله.
الدكتور نافع المقادسي وولده البكر "بسمل" على ضفاف شط العرب الوارفة اواسط الستينات
42.الدكتور فاضل زيّا:
رائد تخصص الأمراض النفسية والعقلية في البصرة. ولد الدكتور فاضل زيّا يوسف في مدينة الموصل في 3 كانون الأول 1927 وأنهى دراسته الأبتدائية في مدرسة شمعون الصفا وهي من أشهر مدارس الموصل ثم درس في متوسطة الحدباء وأنهى دراسته الثانوية في الثانوية المركزية في باب سنجار بمدينة الموصل عام 1945 وشد الرحال الى بغداد ودخل الكلية الطبية الملكية وتخرج منها عام 1951 وكان تسلسله ضمن الخريجين العشرة الأوائل. إنتسب الدكتور فاضل الى صنف الطبابة في الجيش العراقي وخدم برتبة رئيس طبيب (نقيب) وبعد إنهاء خدمة الأحتياط تعين وعمل سنة كمقيم قضاها في مدينة كركوك ثم أنتقل وعين بعدها طبيباً لقضاء خدمة القرى والأرياف في قضاء عقرة وقضاء الشيخان بلواء الموصل. وتم تعيينُه بعد ذلك رئيساً للمقيمين في مستشفى أربيل وكان إهتمامه المبكر هناك بتخصص الأمراض النفسية قد أخذ مأخذاً في تفكيره في مستقبله المهني. وفي عام 1962 سافر الى بريطانيا وقصد سكوتلندا وأدنبرا على وجه الخصوص حيث عمل وتدرب في حقل الأمراض النفسية والعقلية وعاد الى العراق عام 1964 بعد حصوله على الدبلوم العالي في تخصص الأمراض النفسية والعقلية وأختار الذهاب للعمل في البصرة وكان ذلك التخصص في مراحله الأولية في سائر أنحاء العراق لإستثناء بغداد والموصل لوجود كليتي الطب هناك وكان الدكتور فاضل زيّا رائداً في عمله الجديد إستشارياً في ذلك التخصص فهو أول متخصص في هذا الحقل يصل البصرة والمنطقة الجنوبية كما أنه كان أول متخصص في الصحة النفسية في الأطفال والأحداث. إبتدأ عمله في المستشفى الجمهوري من الصفر حيث كان التخصص النادر يقع من ضمن عمل أطياء الباطنية ولم يكن هناك لا ردهة ولا أسرّة مخصصة للمرضى حيث كان مستشفى الشماعية ببغداد المكان الوحيد لأستقبال هكذا مرضى إضافة الى وجود أسرّة لهم في المستشفى الجمهوري بالموصل ذلك الوقت. إبتدأ الدكتور فاضل بأستقبال مرضاه ونجح في إقناع المسؤولين بأهمية التخصص فأفردت لهم ولأول مرة أسرّة قرب ردهة الحميات وكان يمارس تخصصه في عيادته الخاصة التي أفتتحها أول الأمر في سوق حنا الشيخ ومن ثم أنتقل الى عيادة في محلة العزيزية بالبصرة حيث ذاع صيته وراجعه مرضى من البصرة ومن المحافظات الجنوبية ومن دول الخليج العربي وأسس بذلك قسم الأمراض النفسية والعقلية في مستشفى البصرة الجمهوري كما كان الطبيب المعتمد لدى محاكم البصرة فيما يخص قضايا تخص الأمراض النفسية وخصوصا للأحداث وكان كذلك يدرس طلبة كلية طب البصرة مادة الطب النفسي كما قام بتدريب عدد كبير من المقيمين والذين تخصصوا فيما بعد بالتخصص إياه. وبعد خدمة طويلة أمتدت لثلاثين سنة غادر العراق في تموز عام 1981 وسكن في ميشيغان بالولايات المتحدة الأميركية حيث أبتدأ هناك نشاطاً إجتماعياً واسعاً بين الجالية العراقية فساهم بتأسيس المجلس العربي الكلداني في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان ونشاطات تطوعية أخرى لصالح الجالية العراقية. توفي في يوم 5 تشرين الثاني عام 1997 رحمه الله وله بنتٌ وإسمها تغريد وهي صيدلانية وولدٌ وإسمه عضيد وهو طبيب إستشاري معروف في أمراض الجهاز الهضمي ويعمل في شيكاغو بالولايات المتحدة ويتحلى الدكتور عضيد فاضل زيّا يوسف، بخلق راقٍ لايقل عن أخلاق والده الحميدة وبشهادة من الجالية العراقية. يقول في حق الدكتور فاضل زبّا تلميذُه الشاعر الدكتور ذر الشاوي خريج كلية طب البصرة 1978:
والنفس تدري خباياها فتدركها
بحسك الفذ إحساناً وتحنانا
43.الدكتور داوود سكر:
ولد الدكتور داود سليم سكر في البصرة عام 1927 وفيها أنهى دراسته الثانوية عام 1949 فأرسله أهله الى الهند للدراسة على حسابهم الخاص فدرس طب الأسنان في كلية بومباي الحكومية لطب الأسنان وتدرب في مستشفى سان جورج العريقة والتي تأسست في نهايات القرن السابع عشر (عام 1689 تحديداً) وسميت على أسم حاكم بومباي الأنكليزي ذلك الوقت وتخرج منها وعاد الى العراق وإلى البصرة مباشرة عام 1955.
تفرغ الدكتور داوود سكر فور عودته للبصرة للعمل الخاص وفتح عيادة له بسوق الهنود وكان من أوائل أطباء الأسنان بالبصرة وأصبح طبيبَ أسنان ناجح حيث كان يراجعه معظم التجار والمسافرين على البواخر الراسية في ميناء البصرة وكانت البصرة مركزاً تجارياً وتبادلياً عامراً وكان الكثير من مراجعيه من الهنود وهو أصلاً كان نحيف البدن وميالاً الى السمرة مما قاد أهالي البصرة لإقران إسمه بكونه "طبيب الأسنان الهندي". وبقي الدكتور داود يعمل بعيادته حتى عام 1988 وترك البصرة بعد حرب الكويت متحسرا على بصرته وما أصابها ورحل الى بغداد عام 1991 ولكنه لم يطق البعاد عن اليصرة فتوفي ببغداد بعد ذلك بسنتين فقط عام 1993 من أثر جلطة قلبية تاركاً ولدين أثنين لم يدرسا لا الطب ولا طب الأسنان ويعيشان في الولايات المتحدة. رحمه الله كان رائداً من رواد طب الأسنان في البصرة التي أحب.
44.الدكتور إحسان الأستربادي:
ولد الدكتور إحسان الأستربادي في مدينة كربلاء في الأول من تموز سنة 1928 وفيها أنهى دراسته الثانوية ودخل كلية الطب في بغداد عام 1951 ليتخرج منها في العام 1957 ويقضي تدريبه الأساسي مقيما في المستشفى الجمهوري ببغداد بين 1958 و1961 ويشد بعدها الرحال الى بريطانيا للتخصص فعمل في مستشفيات لندن ونال أعلى شهادة في التخصص في أمراض الأذن والأنف والحنجرة عام 1964 من الكلية الملكية للأطباء والجراحين في لندن. عاد بعدها الى العراق ليبدأ حياته المهنية أختصاصياً في ردهة رقم 9 في المستشفى الجمهوري بالبصرة ويبدأ مع ذلك عشقه للبصرة وأهلها. كتبَ لي الدكتور إحسان عن ذكرياته وأشتياقه للبصرة والعمل فيها فيقول: "فرحتُ كثيرا بأستلام رسالتك فقد ذكرتني بالأيام الحلوة التي قضيتها بالبصرة ومع كافة الزملاء أيام العمل الجاد ولا أنسى المرحوم شاكر توفيق رئيس الصحة والوقت الذي قضيته معه بالزورق البخاري ونحن نتنقل بين القرى المتناثرة وهي تطل على المياه العذبة للأهوار حين كنا نتفقد حالة الناس الصحية والمعبشية في تلك البيئة المنعزلة في مواقعها والساحرة بطبيعتها والدافئة بناسها" وكان ذلك ضمن الحملات الصحية الميدانية أواسط الستينات وكما تم التطرق لها في الأجزاء السابقة من هذا المقال ويعاود الدكتور إحسان حديثه مكملا" فيقول "أما المستشفى الجمهوري فكان يجمع فيه عدد كبير من الأطباء فقسم الأطفال برئاسة د. داود الفداغ وسامي بني وداود الثامري وقسم الحنجرة وفي تخصص العيون كان سامي جبري وفتاح المطلق الذي يعمل الآن في السعودية وزملائي في قسم الخنجرة د. ياسين الرشيد والمرحوم واصف سعد الدين أما قسم الباطنية فكان عامراً بمصطفى النعمة وشاكر عبد الكريم ويعقوب بني وجوزيف مارو وقسم الجراحة برواده السعدي والجلبي والسلمان والخضار ولا أنسى قسم النسائية برئاسة نعيمة اسطيفان وباسمة صبري وقسم الأشعة وفيه صباح بطرس وصبري عبد الأحد." كان الدكتور إحسان يمارس تخصصه ويقدم خدماته كذلك في عيادته الخاصة بالعشار وبُدرس ويُدرب طلبة كلية طب البصرة بعد أفتتاحها عام 1967 وحتى تأريخ نقل خدماته الى بغداد عام 1975 حيث عمل في مستشفى الكاظمية التعليمي الى عام 1978 حين أحيل قسراُ على التقاعد وهو في عز عطائه العلمي والمهني وضمن قائمة ضمت مجموعة كبيرة من أشهر وأمهر الأطباء الإختصاصيين العراقيين ولينتهي المقام به في الولايات المتحدة. أبعدته الغربة عن البصرة ولكن البصرة لم تبتعد عنه أبدا فقد جاءها بقلبٍ محبٍ كبير وتركها بقلبين كبيرين لاينفصلان عنه أينما حل ولايزال ليلُ البصرة وقاداً بذاكرته الدافئة حيث يقول عنه بلوعة المشتاق "كنا نلتقي مساءاً إما بدعوى أحد الأطباء أو كنا نلتقي في أحد نوادي البصرة الأجتماعية العامرة كنادي الميناء ونادي شركة النفط ونادي الفيحاء وكثيراً ما كنا نُدعى للذهاب الى البرجسية في حفلات راقصة أو لدعوة لتناول الطعام الأنكليزي والتمتع بشمس الصحاري الشتوية المذهلة" ولمن لم يسبق له زيارة البرجسية فقد كانت بقعة خضراء مزهرة وسط صحراء الشعيبة المترامية. كان الزمن الذي عاشه الدكتور الأستربادي بالبصرة عصراً ذهبياً لايتكرر خلقته زيّنته شخصياتٌ رائدة وراقية من أمثاله. دعواتنا للدكتور إحسان والعائلة بدوام الصحة والعافية والعمر المديد.
45.الدكتور سامي جبري:
ولد الدكتور سامي نوح جبري في الموصل في يوم 25 أيلول 1929 وأنهى دراسته الثانوية فيها ودخل الكلية الطبية الملكية ببغداد وتخرج منها عام 1952 وبعد إنهائه خدمة الأحتياط برتبة رئيس طبيب في طبابة الجيش العراقي وسنة تدريب أساسي كمقيم تعين في قضاء سنجار بلواء الموصل ومن ثم عين في مدينة الموصل وحتى عام 1959. سافر الى بريطانيا للتخصص فعمل في مستشفى مورفيلد لأمراض العيون الشهير في لندن وحصل على شهادة الدبلوم العالي في طب وجراحة العيون من جامعة لندن والكلية الملكية للجراحين وعاد الى العراق أوائل الستينات وعين طبيباً إختصاصياً في ردهة العيون في مستشفى البصرة الجمهوري وافتتح عيادته الخاصة في العشار في الشارع الواقع خلف عمارة النقيب وانتقل عام 1971 الى بغداد حيث عمل في عيادته الخاصة في ساحة النصر حتى تقاعده عام 1982 وغادر بعد ذلك العراق وتوفي في بريطانيا يوم 20 شباط عام 2012 رحمه الله تاركا زوجته السيدة نجاة بككي وهي خريجة كلية الملكة عالية وعملت مُدرسة في ثانوية العشار للبنات وهي فنانة معروفة في فن التطريز على القماش ولها معارض متميزة في لندن. وكان الدكتور سامي من أشهر أطباء العيون في البصرة وجنوب العراق وعمل سوية مع الدكتور شوارش ماررديرسيان زالدكتور عبد الفتاح محمد في مستشفى البصرة الجمهوري.
الدكتور سامي جبري وزوجته السيدة نجاة بككي عام 1957.
46.الدكتور أنطون سكر:
ولد الدكتور أنطون سليم سكر في مدينة البصرة عام 1929 وأنهى فيها دراسته الثانوية عام 1952 ودخل الكلية الطبية الملكية ببغداد وتخرج منها عام 1958 وبعد قضاء خدمة الأحتياط في صنف الطبابة بالجيش العراقي تعين مقيماً في المستشفى الجمهوري بالبصرة ومن ثم مارس المهنة كطبيب عام في المستشفى ذاته ثم عين بعد ذلك طبيباً في مستوصف صحة الطلاب بالعشار. كانت للدكتور أنطون عيادته الخاصة وتقع في سوق الهنود ومن ثم نقلها الى محلة الجمهورية. توفي الدكتور أنطون سكر في عز عطائه عام 1971 عن عمر لايتجاوز الأثنتين والأربعين عاماً متأثراً من جلطة قلبية أصابته دون إنذار. رحمه الله وألهم زوجته الصبر وهي الدكتورة باسمة صبري أخصائية النسائية والتوليد في مستشفى البصرة الجمهوري وأطال الله بعمرها وأمدها بالصحة والعافية. ترك الدكتور أنطون ولداً يمارس الطب في شيكاغو وبنتاً أستشارية بالنسائية والتوليد في كاليفورنيا وبنتاً تعيش في نيوزيلاندا.
ثانياً الجزء الرابع: الأطباء الروّاد من مواليد 1931-1940.
47.الدكتور كامل الدوركي:
ولد الدكتور كامل عباس الدوركي عام 1932 ودخل الكلية الطبية الملكية العراقية سنة 1944 وتخرج منها عام 1956 وكان الدكتور الدوركي رئيساً للمقيمين في مستشفى البصرة الجمهوري عام 1959 وعُرفَ فيما بعد بأعماله سنوات خدمته رئيساً لصحة لواء البصرة من أواخر الستينات والى سنة 1972.وشغل الدكتور الدوركي كذلك منصب نقيب الأطباء فرع البصرة لمدة 21 سنة كما كان أيضاً رئيساً لجمعية الهلال الأحمر فرع البصرة ومديراً لمركز الأمراض المتوطنة للمنطقة الجنوبية وخبيراً في الملاريا بوزارة الصحة حيث عمل جاهداً في هذا المجال وتدنت في وقته نسبة الأصابة بالملاريا الى الصفر في الثمانينات وكرم على إنجازاته. وكان الدكتور كامل هو أول مسؤول قابلتهُ سنة 1970 وبيدي كتاب وزارة الصحة للتعين بالبصرة وهمّش عليها وأخبرني أن أذهب لمدير المستشفى فسألته أي مستشفى فألتفت الى الشباك خلفه وأشر على مكتب الدكتور داود الثامري في مبنى الأدارة بالمستشفى الجمهوري وهي مباني الجناح الإداري الأصلي لمستشفى "تذكار مود" الذي بناه الأنكليز وأفتتح عام 1923 وكان على الطراز المفتوح المشابه لمستشفيات الهند وكانت من أوائل مشاريع البناء التي نفذتها دائرة الأشغال العامة بالسلطة البريطانية في العراق. ومن ذكرياتي عن الدكتور الدوركي أنه وأثناء إقامتي حصل وأن كلمني هاتفيا بالتلفون عندما ذهب أقارب مريض اليه في عيادته مساءاً يشتكون مني وكان المريض مسناً وله لحية بيضاء عظيمة وأدخِل عصراً الى ردهة الباطنية 8 وكنا خافرين ذلك اليوم فأنقذناه من جلطة قلبية وأستقرت حالته ورفضتُ أن أعطي ذويه جوابا عندما سألوني بالردهة عدة مرات أسئلة ليس لها جواب فسألني دكتور كامل على الهاتف أول ما سألني أنت منين فعرف أني من أهل الموصل فقال أخي أهل المريض راح يأتوك بعد شوية وأذا سألوك هل مريضنا إذا أخذناه للناصرية يموت بالطريق قبل لانوصل أم لا؟ فجاوبهم لا ما يموت وخلصنا وأفهمني أن ذلك من عقائدهم ان يموت بينهم هناك وبطقوس خاصة وأكمل قائلا فلا تتجادل عالموضوع لا معاي ولامعهم. الظاهر ان المرافقين للمريض لم يكونوا فقط أقاربه وأنما كان هو رئيسهم بشكل أو بآخر ولديهم طقوس في الموت والدفن. تزوج الدكتور الدوركي عام 1959 وله أربعة أولاد وبنتان (منهم الدكتورة فرقد والدكتورة زينب وهن من خريجات طب البصرة.) توفي الدكتور الدوركي الى رحمة الله في شهر شباط 2013 تاركا إرثاً مهنياً لاينسى.
48.الدكتور يحيى عبد خليل:
هو العميد الطبيب الدكتور يحيى عبد الرحمن خليل العنّاز العبيدي المولود في الموصل عام 1932 وفيها أنهى دراسته الأبتدائية والثانوية ودخل الكلية الطبية الملكية ببغداد عام 1950 وتخرج منها في الدورة الرابعة والعشرين عام 1956 ليلتحق في طبابة الجيش العراقي برتبة رئيس أول طبيب (رائد) ويخدم في الموصل أول الأمر ثم أنتقل للعمل في البصرة إبتداءاً من عام 1961 ومع تأسيس المستشفى العسكري وبقي في البصرة حتى أحيلَ على التقاعد عام 1980 برتبة عميد طبيب. أبتُعِثَ الدكتور يحيى الى الأتحاد السوفياتي عام 1963 للتخصص في طب البحار في أكاديمية باكو البحرية الشهيرة وهو بذلك يعتبر أول خبير عراقي في هذا العلم الحديث ومن المتخصصين القلائل في هذا التخصص في المنطقة. تسنم الدكتور يحيى أواخر الستينات منصب مدير الأمور الطبية في القوة البحرية العراقية والدفاع الساحلي وكان دؤوبا في تطوير الخدمات الطبية للقوة البحرية الفتية وفي عهده تم بناء وأفتتاح مستشفى أبن ماجد البحري ليقدم الخدمات لمنتسبي تلك القوة وعوائلهم ولازال هذا المستشفى قائماً ومستمرا بالعمل تحت أسم مستشفى الشفاء العام وبسعة 186 سريراً ويقع بشارع السايلو في المفتية.
وكان الدكتور يخيى في الوقت نفسه يمارس مهنة الطب في عيادته الخاصة الكائنة في العشار وسط سوق المغايز (سوق الهنود) في مدخل الفرع المؤدي الى شارع الكويت وقرب محلات عوينات المعيدي وكان كذلك يعالج منتسبي شركة النفط الوطنية وشركة ناقلات النفط وغيرها من المؤسسات كجزء من التأمين الصحي الذي كانت تمنحه تلك الشركات لمنتسبيها. عمل الدكتور يحيى بعد تقاعده في دول عربية ثم عاد الى العراق ولازال. دعاؤنا للدكتور يحيى عبد خليل العناز بالصحة والعافية والعمر المديد.
49.الدكتور صباح بطرس:
ولد الدكتور صباح حنا بطرس في بغداد محلة الجنابيين برأس القرية عام 1932 وانهى دراسته الأعدادية ببغداد ودخل الكلية الطبية الملكية عام 1950 ليتخرج منها عام 1956 وكان تسلسه الثاني على دورته. وبعد إنهاء خدمة الأحتياط عُين في وزارة الصحة وقد كان لإختياره قسم الأشعة لرغبته الشديدة في هذا التخصص الأثر في تنسيبه لذلك التخصص مباشرة. وبعد تدريبه في معهد الأشعة لمدة سنة عُين طبيباً للأشعة في مدينة الناصرية فقضى فيها ثمانية أشهر ليلتحق بعدها أواخر عام 1959 بالبعثة العلمية لوزارة المعارف وقتها للتحصص في الأشعة من بريطانيا فألتحق بمستشفى كايز جنوب لندن والتابعة لجامعة لندن آنذاك ويعمل ويدرس فحصل على شهادتين: الدبلوم العالي في الأشعة والدبلوم العالي قي أمراض المناطق الأستوائية ممنوحتين من جامعة لندن. عاد الدكتور صباح الى الوطن وعين عام 1962 طبيباً أخصائياً ومسؤولاً عن شعبة الأشعة في مستشفى البصرة الجمهوري ويستمر حتى عام 1970 عندما نقلت خدماته الى معهد الأشعة في بغداد ومن ثم الى مدينة الطب عام 1972. قام بكتابة ونشر البحوث وإلقائها في المؤتمرات المتخصصة وتجاوز عددها ال30 بحثاً كما قام بتطوير العمل بالأشعة وإدخاله الفحص بإستخدام مزدوج لمادتين حاجبتين للأشعة وكذلك الفحوص بالأمواج فوت الصوت. ولمن لايعرف الدكتور صباح فهو كذلك خريج معهد الفنون الجميلة سنة 1953 حيث كان منتظما في الدراسات المسائية وتحصص في العزف على آلة الكلارنيت وعضو في الفرقة السمفونية الوطنية منذ نأسيسها عام 1951. والدكتور صباح نشأ في عائلة تهوى وتمتهن الموسيقى فقد كان والده قد أسس معهد الموسيقى في العراق وله مؤلفات موسيقية وأناشيد وطنية معروفة كما ان أخويه بطرس وباسم متخصصان بالعزف على آلتي الترامبيت والجلو. تمنياتنا للدكتور صباح الذي يعيش الآن في كندا بدوام الصحة والعافية والعمر المديد.
50.الدكتورة باسمة صبري:
ولدت الدكتورة باسمة صبري زكّور في الموصل - مار شعيا عام 1933. غادرت عائلتها الموصل وأستوطنت بغداد وكان عمرها لايتجاوز الثلاث سنوات فأنهت دراستها الأبتدائية والثانوية في مدارس بغداد عام 1952 ودخلت كلية الطب في بغداد لتتخرج منها 1958 وقضت سنة اقامة تدربت خلالها متنقلة كما تخبرني: "كل شهرين بمستشفى حتى سنة 1959" وتلتقي وتتزوج برفيق عمرها الدكتور أنطون سكر وتذهب معه الى مدينته البصرة حيث تعينت بقسم النسائية والتوليد في المستشفى الجمهوري هناك عام 1959 وحتى عام 1968 فقدمت على اجازة مرضية لمدة ستة أشهر ذهبت خلالها الى إيرلندا وحصلت على دبلوم عالي في تخصص النسائية والتوليد وعادت الى عملها بالمستشفى الجمهوري مرة أخرى والى عيادتها الخاصة وكانت في عمارة ببداية شارع الوطني بالعشار وعملت وقتها مع الدكتور منير الناصري والدكتورة حذام ياسين طه. ولم ينتهِ تنٌقُلها فقد فُجعَت بوفاة زوجها المبكر عام 1971 وهو لم يتجاوز الأثنتين والأربعين من العمر لتقفل راجعة الى بغداد حيث عملت في مستشفى الكرامة وأستمرت بعملها حتى عام 1984 حين أحيلت على التقاعد بناءاً على طلبها وتستمر بالعمل بالمستشفيات الأهلية ومنها مستشفى الحيدري ومستشفى الولادة وبقيت ببغداد حتى عام 1991 حين غادرت العراق الى الولايات المتحدة الأميركية لتبدأ من جديد قصة كبرى أخرى. فبمجرد وصولها الى أميركا عادت الدكتورة باسمة من جديد الى عهد التلمذة والكتب الدراسية من العلوم الطبية الأساسية الى السريرية وأسس علم الطب وبعد مرور أربعين سنة على تأريخ دخولها كلية الطب فقضت سنة مضنية تقرأ بواطن الكتب وسافرت في نهايتها الى الأردن لأداء الجزء الأول من إمتحانات تعادل الشهادات الأميركية المعروفة (إي. سي. إف. إم. جي.) فنجحت فيه عام 1992 وعادت وحضّرت وأمتحنت في أميركا الجزئين الثاني والثالث ونجحت فيهما كذلك رغم ما تتضمنه هذه الأمتحانات من أسئلة عن آخر التطورات المتسارعة في الطب الجزيئي والجينات وحصلت بموجب ذلك على الأجازة في ممارسة الطب في أميركا لتبدأ حكاية أخرى فبدأت بالتقديم للحصول على عمل من خلال مقعد للإقامة (الدراسات العليا) ولم تفلح أبداً في الحصول على عمل وعمرها يقترب بسرعة نحو الستين فلم تقنط ولم تحزن فأتصلت بالهيئة المانحة لإجازة الممارسة وحكت لهم على الهاتف ما حل بإجازة الممارسة التي منحوها إياها وقالت مخاطبة رئيس الهيئة: "أي الحالين أفضل لأميركا أن يكون لإجازتكم التي منحتموها إياي قيمة وأعمل أنا وأقدم خدمة لمن يحتاجها وأدفع الضريبة للخزينة أم أن أجلس في البيت ولا أقدم خدمة لأحد والخزينة تدفع لي راتب أعيش عليه؟" أشعلت تلك المكالمة شرارة في الهيئة وكان نتيجتها أن بدأت بالعمل فعلا فأشتغلت في عيادة خارجية ومارست الطب العام لمدة سبع سنوات قبل أن تحيل هي نفسها بعد ذلك لتقاعد تستحقه فعلا بعد خدمة دامت من عام 1958 الى عام 2000. تضحك الدكتورة باسمة وهي تصف ردة فعل الأميركان من إصرارها على العمل وكيف أنهم أكرموها بالعمل الذي تحب وتذكر لي أعداداً من الأطباء الذين عملت معهم وتعود فتعترف بآخر الكلام عن سر ذلك الإصرار فتقول "أنت ما عليك أنا بالآخر وبالأساس مصلاويي" دون أن تضيف مالذي يعنيه ذلك ولم أسألها لأني أعرف ماذا يعني ذلك. تعيش الدكتورة باسمة الآن لوحدها في مدينة شيكاغو وحيث يسكن ولدها وهو طبيب يعمل هناك كما لها أبنة تخصصت بالنسائية والتوليد وتعيش في كاليفورنيا وأبنة أخرى تعبش في نيوزيلاندا. تمنياتنا الخالصة للدكتورة باسمة بموفور الصحة والعافية والعمر المديد.
51.الدكتور بهنام الصائغ:
ولد الدكتور بهنام رزوقي الصائغ في الموصل عام 1933 وتخرج من الكلية الطبية الملكية ببغداد عام 1956 وبعد إنهائه تدريباته الأساسية سافر الى بريطانيا وحصل على زمالة كلية الجراحين الملكية وعاد الى العراق عام 1973 وعين في البصرة وعمل جراحاً إختصاصياً في مستشفى البصرة الجمهوري وأستاذاً في فرع الجراحة في كلية الطب في البصرة في السبعينات وألف وترجم عدداً من الكتب وخصوصا الكتب المنهجية في مبادئ الجراحة والأسعاف الفوري والدفاع المدني والطوارئ وباللغة العربية. وهو شقيق السيد حنا رزوقي الصائغ أستاذ المحاسبة والمالية العراقي والخبير المالي والشخصية الأشهر في شؤون الأقتصاد والمال. غادر الدكتور بهنام العراق الى الولايات المتحدة أوائل الثمانينات حيث توفي هناك قبل بضع سنوات رحمه الله.
52.الدكتور محسن الخفاجي:
هو الدكتور محسن حسين الخفاجي المولود عام 1934 في بغداد الكرادة الشرقية ودرس في مدرسة الكرادة الأبتدائية والتي كانت تقع قرب نهر دجلة وفي الثانوية الشرقية في الكرادة ودخل كلية طب بغداد وتخرج منها عام 1959. وبعد تخرجه، عمل في مستشفى حماية الأطفال ببغداد والتحق بعد أشهر بخدمة الأحتياط في الجيش العراقي وأنهاها عام 1961 ليتعين طبيباً مقيماً في مستشفى الكاظمية وكان وقتها يضم 300 سرير وفيها طبيبان وطبيبة مقيمة فقط.
عُين بعد الأقامة في لواء العمارة حيث قضى فيه حوالي السنتين ليوفد الى بريطانيا بزمالة من منظمة الصحة العالمية للدراسة فحصل على شهادة الدبلوم العالي في الصحة العامة وأمراض المناطق الأستوائية من جامعة لندن سنة 1964 ثم درس موضوع الصحة المهنية وحصل على شهادة خبرة من المعهد الملكي للصحة في لندن وعاد سنة 1965 الى العراق وعين في العمارة طبيباً للأمراض المتوطنة والصحة الريفية وكان المختص الوحيد بالصحة العامة في اللواء فأدخل مفاهيم وطرق جديدة في خدمة الريف ونشر الوعي الصحي. وفي بداية 1968 أوفد في زمالة دراسية الى الهند والفلبين للتديب على ستراتيجيات وأساليب إبادة الملاريا التي كانت متفشية في جنوب العراق وشماله وأطلع أيضا على تجارب اليابان وهونك كونك وسنغافورة وفي نهاية الدورة الدراسية حصل على شهادة في أبادة الملاريا من جامعة مانيلا ومنظمة الصحة العالمية وعين معاونا لرئيس صحة لواء العمارة وعين بعد أشهر رئيسا لصحة اللواء ولمدة خمس سنين أنجز خلالها تحولا شاملا في تطوير مستوى الخدمات وخصوصاً في الأرياف والأهوار والصحاري حيث كانت تفتقر للخدمات فقاد عمليات واسعة مع مهندسي اللواء لإبتكار وتنفيذ أساليب لبناء أبنية للمؤسسات الصحية في الأهوار وأنتاج مباني من البردي المضغوط في أنحاء الأهوار وهي تزخر بهذه المواد الأولية وصقل الجدران بالسمنت وتجهيزها بالكهرباء والماء وتبليط ارضياتها بالكاشي المصنع محليا في اللواء وكان من المتعذر بناء أي بناء من الطابوق في جزر الأهوار الرخوة. وحذت وزارات أخرى حذو هذه الأبنية مثل المدارس والأبنية الخدمية الأخرى وعُدت هذه الأنجازات تطويعاً ناجحاً للصعاب وإيجاد الحلول وفق حاجات وأمكانيات الأهوار. ونتيجة للجهود المبذولة فقد تم القضاء على الجدري بوقت مبكر وأختفت إصابات الكوليرا والملاريا وتمكنت الكوادر الصحية في اللواء من القضاء على وباء الطاعون البشري الخطر الذي ظهر في بعض مناطق اللواء عام 1970-1971، ولأول مرة بعد خمسين سنة من إختفائه، واثار الرعب بين السكان وأعلنت حالة الطوارئ ومنع حركة السكان وعدم نقل جثامين المتوفين بالمرض خارج مناطق الإصابة حيث تم القضاء على الوباء في مهده. وبعد تفشي الكوليرا في لواء البصرة نقل عام 1971 رئيساً لصحة اللواء وعمل على تطوير الخدمات والقضاء على الكوليرا لينقل عام 1973 أميناً عاماً لمؤسسة الخدمات الصحية الريفية في الوزارة ثم أوفد عام 1976 الى الولايات المتحدة لدراسة التخطيط الصحي المتفدم في جامعة جونز هوبكنز وحصل منها على شهادة في التخطيط الصحي. ثم عمل مديراً لمعهد الصحة العالي قي الكرخ. ثم عين رئيساً لمؤسسة التدريب و التعليم الصحي بديوان الوزارة لحد سنة 1979 وكان من أوائل من ترأس دائرة العيادات الشعبية في ديوان الوزارة حيث تعاقب على رئاستها الدكتور صادق علوش منذ تأسيسها عام 1969 وحتى 1975 ثم أصبح الدكتور محسن الخفاجي مديراً عاماً للدائرة من 1975 الى 1976 ليعقبه الدكتور أبراهيم أحمد النوري من 1976 الى 1979 ثم الدكتور رياض أبراهيم الحاج حسين من 1979 الى 1982 ليعود الدكتور صادق علوش الى الدائرة من 1982 وحتى 1987.
وأستمر الدكتور الخفاجي بخبرته الواسعة في التخطيط الصحي والصحة العامة والصحة الوقائية والمهنية وطيلة وجوده في بغداد بالتدريس في كلية التمريض وفي المعهد الطبي الفني في بغداد وتقاعد من الخدمة سنة 1986 ليواصل تقديم خدماته الطبية طبيباً في عيادته الخاصه في منطقة الامين. دعاؤنا للدكتور محسن الخفاجي بالصحة والعافية والعمر المديد.
53.الصيدلي عبد الرزاق كبّه:
هو الصيدلي الكميائي عبد الرزاق محمود كبّه المولود سنة 1934 في البصرة محلة السيمر. دخل كلية الصيدلية والكيمياء ببغداد وتخرج سنة 1957 وخدم كضابط احتياط صنف طبابة القوة الجوية ليتعين بعدها في مستشفى البصرة الملكي ويقدم استقالته من الوظيفة بعد عام واحد ويتفرغ للعمل في صيدليته الخاصة. في البداية كانت له صيدلية الثغر وبعد حوالي اكثر من عشر سنوات انتقل الى صيدلية الشعب والتي كان إسمها صيدلية غازي قبل تغيير اسمها بعد 1958 وتقع أيضا في سوق الهنود وكانت تقع حولها عيادات أشهر الأطباء كيعقوب بني وهجرس الربيعي والشمخاني ومحمد الحمداني والخضار. انتقل الى بغداد بسب ظروف الحرب مع ايران وتوفي فيها سنة 2003 بعد خضوعه لعملية جراحية في الشرايين التاجية في الاْردن ودفن في عمان. رحمه الله.
54.الدكتور صباح شاكر:
ولد الدكتور صباح شاكر الملّا في قضاء "أبو الخصيب" عام 1935 وأنهى دراسته الأبتدائية فيها ثم أنهى دراسته الأعدادية في الأعدادية المركزية بالعشار والتحق بالكلية الطبية ببغداد عام 1954 ليتخرج منها عام 1960 وبعد أنهائه تدريبه الأساسي وخدمة الأحتياط في طبابة الجيش العراقي عين طبيبا في قضاء الفاو ليقضي فيه سنوات عديدة قبل ان تنقل خدماته الى مستشفى حماية الأطفال ومن ثم الى المستشفى الجمهوري بالبصرة ويعمل كطبيب عام ومن ثم عمل كمعاون لرئيس صحة البصرة وعمل في عيادته الخاصة الكائنة في أخر سوق الهنود (سوق الصاغة). وفي أثناء معركة تحرير الفاو في نيسان 1988 ومن جراء القصف الأيراني الشديد على مدينة البصرة سقطت قذيفة في كراج بيتهم الكائن خلف مستشفى الولادة في شارع 14 تموز- الجزائر فأصابت ولديه فتوفي محمود رحمه الله وهو أبن ال17 سنة وأصيب الآخر اصابات بالغة ظل يعاني من علاجها خمس سنوات وقد أثّر الحادث وكما متوقع على الوالد الدكتور صباح وحطمه فتوقف عن العمل وترك العراق بعدها بسنتين الى كندا حيث يعيش الآن. تمنياتنا له بالصحة العافية والعمر المديد.
55.الدكتور فلاح الجواهري:
ولد الدكتور فلاح محمد مهدي بن عبد الحسين الجواهري في النجف عام 1935 وهو أصغر أخوته من الزوجة الأولى لشاعر العرب الأكبر وشاعر الجمهورية (أم فرات) والتي توفيت عام 1939 وكان عمره أربع سنوات (وأخته أميرة إحدى عشرة سنة وأخوه فرات تسع سنوات.) تخرج الدكتور فلاح من إحدى الكليات الطبية في موسكو بالإتحاد السوفييتي عام 1963 وتحصص فيما بعد في أختصاص الأشعة من جامعة بغداد وكان مقيماً في مستشفى البصرة الجمهوري عام 1966 ومن ثم أستشارياً في الأشعة قي نهاية الستينات والسبعينات ولسنوات طويلة وكان يعمل بعد الدوام الرسمي في العيادة الطبية الشعبية للاختصاصيين في البصرة بسوق الخضارة فى أيام الماضي الجميل. والدكتور فلاح شخصية متعددة المواهب وذو خلق راق وكان محبوبا ومحترما وهو أضافة الى كفاءته في الطب والأشعة فهو رسام تشكيلي وشاعر وكاتب روائي وعمل في حقل الترجمة من والى اللغات العربية والروسية والسويدية والانكليزية .وهو عضو جمعية الفنانين التشكيلين العراقيين ببغداد وجمعية التشكيليين العراقيين في بريطانيا. نشر الدكتور فلاح في العديد من الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية عددا من المقالات والروايات وصدر له كتابان طبيان مترجمان هما كتاب "الولادة بلا ألم" وصدر عام 1964 عن دار الطبع والنشر باللغات الاجنبية في موسكو بالأتحاد السوفييتي السابق وكتاب "الرّق الشعاعي القياسي في تشخيص العارض البطني الحاد" الذي صدر عام 1981 عن مطبعة جامعة البصرة كما صدر له كتابان أدبيان هما: كتاب "الجواهري ..وعيّ ٌعلى ذكرياتي - ذكريات واقاصيص" والذي صدر عام 2008 عن دار المدى بغداد وكتاب "الضباب والغابة - مجموعة قصصية" وصدر عام 2011 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. تمنياتنا للعزيز الدكتور فلاح الجواهري بموفور الصحة والعافية والعمر المديد.
56.الدكتور نجم الدين الرزنامجي:
ولد الدكتور نجم الدين عبد الله الرزنامجي في بغداد محلة باب الشيخ في 8 شباط 1935 واكمل الأبتدائية في مدرسة تطبيقات دار المعلمين الأبتدائية عام 1949 ودرس المتوسطة والأعدادية في ثانوية الأعظمية 1954 وسافر الى تركيا ليدخل كلية الطب بجامعة اسطنبول وتخرج منها عام 1961 وسافر الى الولايات المتحدة ونال شهادة البورد الأمريكي في أختصاص طب الأطفال عام 1969 وعمل لمدة سنتين في مستشفيات عديدة في أميركا كان آخرها مستشفى جونز هوبكنز وعاد الى العراق عام 1971 وعين مدرساً في كلية الطب بجامعة البصرة وشغل منصب معاون للعميد حتي سنة 1976 وكان قد سبقه الى الكلية وفي طب الأطفال الدكتور داود الثامري ومن ثم التحق بهما الدكتور ابراهيم الناصر. كان تخصص طب الأطفال يُدرس ضمن مادة الطب الباطني فقدم الثلاثة مطالعة حول قصور دور الكلية في تدريس الطلبة لهذا التخصص الحيوي ونالت تلك المطالعة تأييد عمادة الكلية ورئاسة الجامعة وتم تكوين فتح اول فرع لطب الأطفال في كليات الطب وكان رئيسه الأول الدكتور داود الثامري. إنتقل الدكتور نجم عام 1977 الى كلية طب المستنصرية ومستشفى اليرموك وعمل معاوناً للعميد وعرض موضوع الفرع على مجلس الكلية هناك وتم تكوين ثاني فرع من نوعه في القطر بعد البصرة كما ساهم بنشاط في وضع منهج التدريب والدراسة لدراسة البورد العربي وبإفتتاح مركزين تدريبيين في مدينة الطب ومستشفى اليرموك ومن ثم نفلت خدماته الى كلية صدام الطبية (النهرين فيما بعد) عام 1989 رئيساً لفرع طب الأطفال وسبق وهو رئيس جمعية أطباء الأطفال العراقية منذ 1978 وعضو الأكاديمية لطب الأطفال منذ 1970 وعضو الهيئة الإدارية لجمعية مكافحة التدرن والأمراض الصدرية العراقية وشخصية علمية وطنية، مخلص لطلبته ومحب ومساعد لزملائه ويقول فيه تلميذه الشاعر الدكتور ذر شاهر الشاوي خريج طب البصرة 1978 واصفا إياه:
أهدى لريعان الطفولةِ وردةً
لا زال عطرُ أريجها يتضوّعُ
57.الدكتور صبري شكر:
أمضى الدكتور صبري طوبيا شكر حياتَه في إنقاذ الأرواح وتطوير الاختراعات الجديدة وكتابة المقالات التي ساعدت في تطوير العديد من البحوث العلمية في أختصاص جراحة الفم وجراحة الوجه والفكين ولعب دوراُ رائداُ في جراحة الحرب حيث يمتلك قائمة طويلة من الإنجازات الإبتكارية في تقليل الضحايا وتخفيف الألم وتصليح التلف مما يتطلب إحصاؤها كتاباً كاملاً وهو بحق يعتبر "رائد جراحة الوجه والفكين في العراق والمنطقة." وعندما تواجهه بذلك يقول لك أبو علاء ضاحكاً: "ربما لدي القليل من المواهب ولكني في الغالب أنا عصامي وأحب عملي وليس هناك حدود للنجاح." ولد الدكتور صبري عام 1936 في عائلة متوسطة ولم يجد غير العمل المجدي والمخلص سبيلا له وما زال. إلتحق بكلية طب الأسنان بجامعة بغداد عام 1954 وتخرج منها عام 1960. أكمل خدمة الأحتياط في طبابة الجيش العراقي وعين بعدها طبيب أسنان في مدينة العمارة حيث أستمر هناك بين 1961- 1969. تزوج الدكتور صبري من الدكتورة نجيبة توما وهي طبيبة التقاها في محرابه العلمي (المكتبة) وذهبا سوية الى دندي في أسكتلندا ببريطانيا عام 1969 حيث تخصصت هي في أمراض النسائية والتوليد وقام هو بتغيير تخصصه الى جراحة الفم وجراحة الوجه والفكين وحصل على درجة الماجستير في العلوم الطبية من كلية طب الأسنان في جامعة دندي وأتبعها بالشهادة المرموقة عالمياً وهي زمالة كلية الجراحين الملكية في المملكة المتحدة في عام 1972 وأقفل راجعاً إلى العراق ليعين في وزارة الصحة كأول جراح بهذا الأختصاص ويعمل في البصرة ومحاضراً في فرع الجراحة في كلية طب البصرة. وفي عام 1980 وعندما بدأت الحرب العراقية الإيرانية كان وزملاؤه الأطباء والفريق الطبي لطبابة الجيش العراقي أول من واجه وتعامل مع المصابين في الوجه حيث قضى ثماني سنوات في رعاية جرحى إصابات الحرب وفتحت له هذه التجربة المهنية الفريدة الطريق الواسع لإظهار موهبته في اختراع تقنيات تناسب مختلف الحالات الطبية حيث يقول عنها: "إنها كانت عملية تحدٍ من الألف إلى الياء حيث وقعت الحرب فجأة وكان المستشفى يبعد 15 ميلا فقط من خط المواجهة في الشلامجة فلذلك تحملت مستشفيات البصرة العبء في معالجة الجنود المصابين إضافة الى نتائج القصف المدفعي الأيراني لأحياء المدينة بأسلحة من الأكثر تدميراً حيث كانت تصلنا إصابات الجنود والمدنيين من جراء المدفعية الثقيلة والعبوات الناسفة والصواريخ الثقيلة وقذائف الآر بي جي مع مرافق وموارد محدودة حيث لم تتوفر لدينا أجهزة الكمبيوتر أو المجلات الطبية حول موضوع هكذا إصابات." وعمل الدكتور صبري مندفعا بما لديه من معرفة وخبرة جراحية وكما كتب في إحدى مقالاته يقول: "علاج مثل هذه الإصابات غالباً ما يكون أكثر صعوبة في مستشفيات خط المواجهة بسبب ظروف الحرب ومع ارتفاع معدل تدفق المرضى وتوفر مرافق محدودة." ولكن وعلى الرغم من كل القيود قام الدكتور صبري بتطويع ماكان متوفرا واكتشف العديد من التقنيات لإعادة بناء وجه الجريح وكتب مقالات في اللغة الإنكليزية ليشارك العالم خبرته وتجربته حيث بكّر في نشر أولى بحوثه عام 1983 وفي كبرى المجلات العلمية ما فتح الباب أمامه لتلقي دعوات عديدة للتحدث في المؤتمرات الخاصة وفاز بالعديد من الجوائز واستمر في ابتكار طرق لعلاج الوجه وحتى خلال العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في التسعينات وقام بأبتكار تقنيات جديدة حيث أبتكر في وقت مبكر من الثمانينات طرقاً لإعادة بناء الفكين المدمرين بصورة تامة وكذلك بناء الشفتين والتجاويف الأنفية والأذنين وحتى محاجر العين وكتب في واحدة من بحوثه التي تزيد على الأربعين بحثاً يقول أن "إصابات الحرب الشديدة التي تصيب الشفة السفلى كانت من أسوأ تشوهات الوجه مع الآثار الجسدية والنفسية المؤلمة." ويلاحظ الدكتور شكر أن الوجه يبقى ذلك الجزء من الجسم الأكثر أهمية من أي جزء آخر حيث يكون مكشوفاً وعرضة للإصابات والتشوهات الناتجة عن ذلك وهذا له تأثير بالغ ومؤسف في مجتمع يضع إعتباراً كبيراً لتماثل الوجه والمظهر ولذلك فإن تشويه الوجه هو أحد أسوأ الإعاقات الجسدية والنفسية وعلاجاتها لا تسفر في غالب الأحوال عن نتائج مقبولة." غادر الدكتور صبري شكر العراق وعائلته خلال أشهر قليلة قبل بدء حرب 2003 وكان قد قام بإجراء اخر عملية جراحية له قبل خمسة أيام من مغادرته بغداد. وعلى الرغم من انه متقاعد الان وبعيش في الولايات المتحدة فإنه لازال مستمراً في كتابة المقالات العلمية وبانتظام ويساهم في تقدم العلم في اختصاصه في جميع أنحاء العالم ونشر أكثر من 45 بحثا أصيلا في كبرى المجلات المتخصصة في أميركا وبريطانيا وكان آخرها منشورا عام 2016 في "مجلة جراحة الرأس والوجه" الأميركية وكذلك يضع اللمسات الأخيرة على كتاب من تأليفه. الدكتور صبري والدكتورة نجيبة لهم ثلاث بنات وولد واحد وهو طبيب أيضا. وقامت مؤخرا زوجة إبنه بإهدائه لوحة من إبتكارها أفرحته كثيراً في عيد ميلاده ووصفها ب "الهدية الأفضل على الإطلاق" وهي عبارة عن لوحة جمعت كل بحوثه ومقالاته التي كتبها مؤطرة بإطار فخم حيث تشاهد اللوحة معلقة في غرفة دارهم الكبيرة في الولايات المتحدة جنباً الى جنب لوحة جميلة يعتز بها كان قد أهداها له زميله وصديقه الجراح الشهير علاء بشير. دعاؤنا للدكتور صبري وللدكتورة نجيبة بالصحة والعافية والعمر المديد.
58.الدكتور حكمت عبد الرسول:
ولد الدكتور حكمت عبد الرسول حاتم الخزعلي في الكاظمية ببغداد عام 1936 وأنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة فيها ثم أنهى دراسته الثانوية مابين الناصرية والكاظمية (وفقا للتنقل الوظيفي لوالده) فيدخل الكلية الطبية ببغداد عام 1954 ويحصل على بكالوريوس الطب والجراحة منها ضمن عام 1960 ليقضي إقامته الدورية في مستشفى الفرات الاوسط 1960-1961 وإقامته القدمى في الجراحة في المستشفى ذاته 1961-1962 ثم يعمل بعد ذلك كجراح ممارس في المستشفى الحسيني في كربلاء بين 1962 و1966 فيسافر بعدها الى بريطانيا ويحصل على زمالة كلية الجراحين الملكية البريطانية عام 1971 وكان لعمله جراحاً في مستشفيات بريطانيا من 1967 الى 1974 قد أثرى خبرته حيث عمل في مستشفى لستر التعليمي وبعدها في مستشفى دونكاستر ووصل درجة الجراح الأستشاري في مستشفى دونكاستر ليعود الى العراق ويعين مدرساً في فرع الجراحة بكلية طب جامعة البصرة عام 1974 ومن ثم أصبح معاونا للعميد لشؤون الطلبة وبعدها للشؤون العلمية 1975-1977 ثم رئيسا لفرع الجراحة 1977-1985 ومشرفا على دراسة المجلس العربي لاختصاص الجراحة العامة في مركز البصرة 1980-1985 وساهم بالمجهود الكبير لمعالجة الجرحى في الحرب العراقية الأيرانية وأختير أستاذا مكرما لجامعة البصرة عام 1984 تثمينا لجهوده وتميزه في تقديم الخدمات الطبية الجراحية. إنتقل بعدها الى كلية طب بغداد عام 1985 وأشرف على دراسة المجلس العربي في مركز كلية طب بغداد 1985-1989 وكان دوره بارزا في عضويته للجنة الاعتراف بالمستشفيات والتدريب والتوصيف في المجلس العربي لاختصاص الجراحة بين 1980- 1988. وشغل منصب رئيس لجنة التعليم الطبي في كلية طب البصرة 1979-1985 ورئيس فرع الجراحة بكلية طب النهرين 1991 ثم عميداً لكلية طب النهرين ورئيسا للجنة تحرير مجلتها العلمية "المجلة العراقية للعلوم الطبية" 2005-2009 وعضوا في لجنة تحرير المجلة العلمية للجمعية الطبية العرافية "المجلة الطبية العراقية" من 2001-2006 والرئيس المؤسس للجنة الوطنية لأعتماد كليات الطب العراقية منذ 2007 وحتى وفاته رحمه الله حيث قاد عملية واسعة لأدخال مفاهيم الأعتماد وتطوير الجودة لكليات الطب وأنجز وثيقة معايير الأعتماد العراقية وبمصادقة وزيري التعليم والصحة عام 2010. وحصل الدكتور حكمت على مايزيد عن الثلاثين من كتب الشكر والتقدير من وزراء التعليم والصحة والمؤسسات العلمية الأخرى وأنجز ونشر مايزيد على الأربعين بحثا علميا وعدد آخر من المقالات في الجراحة والتعليم الطبي. كان الدكتور حكمت رحمه الله ذا شخصية محبوبة من زملائه ومن طلبته الكثر من طلبة الكليات الطبية وطلبة الدبلوم والبورد وأجتماعيا وصاحب نكتة كما كان له أهتمامات واسعة في تأريخ العراق الحديث حيث يملك مكتبة من الكتب النادرة والنافذة الطبع عن تأريخ العراق كنا طالما نلتقي ونستمتع بأحاديثه وآخر لقاء لنا كان قبل وفاته بيومين في لندن عام 2015 رحمه الله وألهم ذويه الصبر والسلوان ولديه الدكتور حيدر والدكتور فراس وأبنته الصغرى والسيدة المهندسة أم حيدر.
59.الدكتورة نعيمة أسطيفان:
ولدت الدكتورة نعيمة أسطيفان عام 1936 وتخرجت من كلية الطب في بغداد عام 1959 وبعد إنهائها التدريبات الأساسية سافرت الى بريطانيا وعملت في مستشفيات ويلز في حقل الأمراض النسائية والتوليد وحصلت على شهادة زمالة كلية الجراحين الملكية وعادت الى العراق أواخر الستينات وعينت إستشارية في النسائية والتوليد في قسم النسائية والتوليد في المستشفى الجمهوري في البصرة في الستينات والسبعينات. غادرت الدكتورة نعيمة العراق الى الولايات المتحدة وعملت في نيويورك. وتمتلك الدكتورة نعيمة اسطيفان شخصية قوية وصاحبة قرارات ويحكى أنها لما كانت تعمل في نيويورك أقامت دعوى قضائية وإشتكت على حاكم ولاية نيويورك بقضية وربحتها. تحية للدكتورة نعيمة أينما تكن متمنياتنا لها بالصحة والعمر المديد.
60.الدكتور أرشد الناصري:
هو اللواء الطبيب أرشد حمدي مجيد الناصري المولود في تكريت عام 1936 وخريج الكلية الطبية في بغداد عام 1959 وكان على ملاك وزارة الدفاع وحصل على الدبلوم العالي بطب وجراحة العيون من جامعة لندن وعمل طبيباً أختصاصياً في مستشفى الديوانية العسكري ثم خدم في مستشفى البصرة العسكري في الستينات والسبعينات وأصبح آمرا لها لسنوات طويلة ومن ثم أنتقل الى بغداد وأصبح آمراً لمركز التدريب الطبي المهني (مدرسة الطبابة سابقا) و من ثم آمراً لمستشفى الرشيد العسكري وبعدها مديراً للخدمات الطبية العسكرية وهو أعلى موقع يمكن أن يشغله طبيب في الجيش لعراقي لينسب بعدها للعمل كوكيل أول لوزارة الصحة أيام أستيزار الدكتور عبد السلام محمد سعيد في أواخر الثمانينات. تقاعد الدكتور أرشد بعدها عام 1991 ومارس العمل باختصاصه في طب وجراحة العيون طيلة خدمته وبعد التقاعد بمهارة ودقة وكفاءة عالية ولغاية السنوات الاخيرة حين اقعده المرض. توفي في أربيل في يوم 7 تشرين الثاني عام 2014 وعُرف رحمه الله بقدرة وكفاءة إدارية وبحزم ممزوج بالمرونة والرصانة والإنضباط العالي و بخبرته الواسعة التي أكتسبها خلال تدرجه الإداري في الطبابة العسكرية لفترة طويلة رحمه الله وأحسن إليه.
61.الدكتور داوود الثامري:
ولد الدكتور داوود مزبان الثامري في في العمارة عام 1937 وأكمل الدراسة الابتدائية والثانوية في البصرة ليدخل الكلية الطبية الملكية ببغداد عام 1955 ويتخرج في الدورة التاسعة والعشرين عام 1961. وبعد أن أنهى خدمة الأحتياط في طبابة الجيش العراقي قضى سنة الإقامة وبعدها أستمر بالعمل في مستشفى الأطفال التعليمي حتى عام 1963 ليغادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أنهى الأقامة الدورية هناك وسافر الى بريطانيا وأنظم الى دراسة الدبلوم العالي في طب الأطفال وحصل على الدبلوم العالي من جامعة لندن عام 1964 وعمل بعد ذلك مقيم أقدم في طب الأطفال في مستشفى رايل في ويلز ولمدة سنة واحدة ويعود بعدها الى الولايات المتحدة ويلتحق بمستشفى طب الأطفال التابع لكلية طب هارفارد الشهيرة في بوسطن بولاية ماساجوستس ويحصل عام 1967 على شهادة البورد الأميركي بطب الأطفال. عاد الدكتور الثامري بعد ذلك الى البصرة وعمل أختصاصيا في المستشفى الجمهوري وأصبح مديرا للمستشفى وحتى عام 1972 و في ذلك العام حصل على زمالة الكلية الأميركية لطب الأطفال وفيه أيضا نقلت خدماته الى كلية طب البصرة وأصبح أول رئيس لأول فرع لطب الأطفال في العراق ولسنوات طويلة فيها وبعد عشر سنوات من إلتحاقه بالكلية وهي المدة الصغرى للوصول الى لقب الأستاذية وهو ما حصل عليه الدكتور الثامري في عام 1982 وكان بذلك أول من يحصل على ذلك اللقب من منتسبي الكلية من العراقيين. وفي عام 1986 نقلت خدماته من البصرة الى كلية الطب في بغداد ومستشفى الأطفال بمدينة الطب حيث أصبح رئيسا للقسم هناك ومن ثم تم نقلت خدماته الى كلية طب صدام (النهرين فيما بعد) ليتقاعد منها عام 2006 ويغادر العراق للعيش في نيوزيلندا مع ولده الدكتور مصطفى منذ ذلك الوقت.
وللدكتور الثامري إنجازات مهنية وجامعية كثيرة يصعب حصرها ونكتفي في هذا المقال بما حققه أثناء عمله في البصرة حيث كان طبيبَ الأطفال الأول الذي أدخل في البصرة المفاهيمَ الجديدة لطب الأطفال ومن خلال التركيز على الوقاية وكان من أشهر ما نشره من ممارسات في الأختصاص بين الأطباء وبين الناس هو معالجته للإسهال الذي كان واسعَ الأنتشار وقتها بالسوائل ودون أدوية أخرى وسبق بذلك توصيات منظمة الصحة العالمية حول الأرواء الفموي بسنوات طويلة وكان يوصي بشرب الكوكا كولا كعلاج للتيبس الناتج عن الأسهال وقاد الدكتور الثامري في نهاية الستينات حملات توعية صحية إعلامية واسعة حيث كان يظهر بصورة منتظمة على شاشة تلفزيون البصرة متحدثا الى الأمهات بلغة تلقائية مبسطة وغير متكلفة لم يسبق لهن سماعها من طبيب من قَبْل مما جعل الأمهات في البصرة وضواحيها بأختلاف ثقافاتهم ينتظمن بمجاميع لسماعه يرد على شكواهن ويعطيهن ما يحتجنه من نصائح علاجية. ومن منجزاته المهنية التي يُفتَخَر بها أنه كان له الدور الأساس في كليات الطب في تغيير مكانة طب الأطفال كتخصص مستقل عن الطب الباطني وأستطاع مع زملائه الدكتور نجم الرزنامجي والدكتور أبراهيم الناصر تأسيس أول فرع مستقل لطب الأطفال في كلية طب البصرة عام 1977 وكان الدكتور داود أول رئيس لذلك الفرع وادى ذلك لنأسيس فروع مشابهة في كل كليات الطب العراقية الأخرى وكذلك إجراء أمتحانات مادة طب الأطفال بصورة مستقلة لطلبة الصف السادس بعد أن كانت جزءاً ضمنياً من درجة مادة الطب الباطني. وكان الدكتور الثامري رئيسا لتحرير "المجلة الطبية لجامعة البصرة"ورئيساً للجنة تطوير التعليم الطبي في كلية طب البصرة ولابد له أن يفخر بأن فرع طب الأطفال بكلية طب البصرة كان أول من أستخدم في العراق عام 1978 الأمتحان السريري البنيوي الهادف المسمى بال: "أوسكي" وبمشاركة فعالة بين الدكتور الثامري وزميله الدكتور أحمد الخفاجي رئيس فرع طب المجتمع حيث كان الفرعان يتشاركان بأمتحانات طلبة الصف السادس في مادة طب الأطفال ولاتخلو اليوم كلية طب في العراق والعالم من إجراء ذلك النوع من الأمتحانات. كما يعد دور الدكتور الثامري الذي لعبه في تطوير وتوسيع الدراسات العليا في تخصص طب الأطفال في العراق وفي الوطن العربي من أكبر منجزاته حيث كان دوره بارزاً على مستوى الدول العربية في عملية تأسيس وتوسيع دراسة البورد العربي في وقت شغل منصب فيه أول رئيس للجنة العلمية في المجلس العربي ومركزه دمشق وتم التجديد له لثلاث دورات عن طريق أنتخابه من قبل الدول العربية الأعضاء بالمجلس وشارك كرئيس للجنة العلمية للتخصص في قيادة فرق التقييم التي زارت مستشفيات طب الأطفال في كافة الدول العربية المختلفة (بإستثناء سلطنة عمان وموريتانيا) ولغرض إعتمادها كمراكز تدريبية للدراسة وشارك كذلك بالأمتحانات بعد ذلك. وقد منحهُ المجلس العربي شهادة البورد الفخرية تثمينا لجهوده وحصل مع الدكتور حسن جابر على جائزة مجلس وزراء الصحة العرب تثمينا لدوره في تطوير طب الأطفال وساهم كذلك في وضع لبنات الدراسة في تخصص طب الأطفال وضوابطها عند تأسيس المجلس العراقي للتخصصات الطبية ودرَّس ودرَّب أعداداً لاتحصى من الأطباء طلبة الدبلوم والماجستير والبورد (الدكتوراه) في طب الأطفال والذين تبوؤا اليوم مراكز بارزة في تدريس وممارسة طب الأطفال في العراق وفي عدد كبير من الدول العربية.
وبعيداً عن العلم والخبرة فإن الدكتور الثامري يمتلك شخصية متميزة فهو واقعي وصريح وتلقائي ومحب وإنساني بمعنى الكلمة فعندما كان مديراً للمستشفى الجمهوري كان نشاطه مثيرا للأنتباه تراه أمامك أينما ذهبت في أروقة المستشفى وهو يتابع أعماله ميدانياً وكنا نلتقي به في دار الأطباء المقيمين يزورنا ومعه عدد من الأختصاصيين لنقضي وقتا معهم يتابعون عملنا ويلبون طلباتنا وكان لذلك دفعا وتشجيعا للعمل لايقدر بثمن.
ويتحدث طبيب مقيم عن الدكتور الثامري قائلا: "تدربت بإشرافه بالبصرة عام 1977 وكان طبيباً بارعاً وعالماً وانسانياً جداً وسوف لن اتحدث عن علمه وخبرته بل أقول في الجانب الانساني "أصبتُ بانفونزا شديدة وخسرتُ ذلك اليوم جولتَه الصباحية الممتعة وإذا بي وقد جاءني المعين ليخبري بان استاذي سيزورني فهرعت رغم ما ألمّ بي من مرض لترتيب غرفتي....." ويذكره تلاميذه بالشكر والعرفان ويقول أحدهم بحقه: "الاب والمربي الفاضل ولاتزال كلماته ونصائحه والاسلوب الراقي في التدريس البعيد عن النمطية حيث تتسم محاضراته بالتشويق ولانزال نتذكرها ونطبقها منذ اربعين عاما ،أدامك الله رمزاً للمروءه والوفاء للمهنة وبرهاناً على المحبه والإباء". ينهمك الدكتور داود الثامري حاليا في أوكلاند بوضع اللمسات الأخيرة على كتابين من تأليفه لدفعهم الى المطبعة لسد الفراغ في تأريخ الطب بالبصرة، والكتاب الأول عنونه بالتالي: "تجربتي في الطب وفي الحياة: حكايات قصيرة من الناس وإليها" والكتاب الثاني تحت عنوان "مايتوجب معرفته في طب الأطفال" والكتابان كتبا باللغة العربية. أطال الله في عمر الدكتور الثامري وأدام عليه الصحة والعافية فقد وصفه تلميذه وخريج طب البصرة (1978) الشاعر الدكتور ذر شاهر الشاوي قائلاُ فيه:
وفاءٌ في محبَّتِه يدومُ
بدا قمراً تحفُّ به النجومُ
62.الدكتور طلال الجلبي:
ولد الدكتور طلال سليم عبد الغني الجلبي في بغداد عام 1937 وأنهى دراسته الثانوية فيها عام 1955 ودخل كلية الطب ببغداد ليتخرج منها في الدورة التاسعة والعشرين عام 1961 وسافر الى بريطانيا وعمل في مستشفياته حتى السبعينات وحصل على زمالة الكلية الملكية للجراحين عام 1963 كما حصل على شهادة التخصصية الدقيقة ونيله درجة الماستر (إم. سي. إج.) في جراحة العظام والكسور من جامعة ليفربول وعاد الى العراق بداية السبعينات وعين مدرسا في كلية طب البصرة وإستشاريا في العظام والكسور في المستشفى الجمهوري ومن ثم في المستشفى التعليمي منذ إفتتاحه عام 1980 وترأس فرع الجراحة في الكلية لحين تكليفه عميدا لكلية طب البصرة من 1979 ولغاية 1985 لينتقل بعدها أستاذاً في كلية طب المستنصرية وأستشاريا في مستشفى اليرموك ومن ثم في مستشفى الواسطي. رحمة الله عليك ابو زينب. لقد عملتُ معاوناً له بعد تعيينه عميداً لكلية طب البصرة في 1979 ولمدة أربع سنوات. أنسان من المستحيل ان تجد من أمثاله كثر وكما وصفه الكثير ممن عرفوه يعمل بهدوء وأهدافه دائماً بناءة وكان يقضي أوقاتاً طويلة يعمل المستشفى التعليمي بالبصرة أيام الحرب بين صالة العمليات وغرفة العمادة وخصوصا اثناء الحرب كان يستمر بالعمل في صالة العمليات ساعات طويلة في علاج الجرحى وبدون أكل او نوم او راحة.
كان المرحوم ابو زينب إنساناً مهذباً جداً ولم أشاهده مرة وهو عصبي أو كان شاكياً رغم كل الصعوبات والمنغصات والقصف المستمر والأعداد المتزايدة لجرحى المعارك وكان كثير منهم من الجرحى الإيرانيين الذين يقعون في الأسر وكانوا يعالجون دون تمييز من قبل جميع أطقم المستشفى التعليمي في البراضعية الذي كان أقرب مستشفى الى جبهة شرق البصرة وكنا نشاهد ونراقب العمليات الجارية قرب الشلامجة وينزل الجميع الى الأستشارية بمجرد مشاهدة إسعاف أو باص المنشأة الذي كان ينقل الجرحى يتحرك بإتجاه التنومة وشط العرب. كان رحمه الله صاحب نكتة ويحكيها بخجل الا انه كان يقهقه عالياً على غير عادته عندما كان يستمع الى نكتة من أعز أصدقائه وتوأم روحه المرحوم الدكتور حكمت عبد الرسول. كان عندما يتنقل في ممرات المستشفى والكلية يسير مسرعاً ودون ان ينظر لما حوله وأجابني مرة عن سبب ذلك بانه لا يريد ان يحرج احداً قد يكون في موقف او حالة لا يتوقع مني ان أراه فيها. كانت يده عندما تسالمه رخوة جداً ورطبة ولكني رأيت عندما ساعدته في بعض عملياته لقلة المقيمين وانشغالهم ايام الحرب رأيت كيف كانت تلك اليد أقوى من يدي وهي تتجاذب الأطراف الثقيلة وعظامها وعلمت منه ان سر تلك النعومة في المصافحة هو نفس السبب من عدم التأثير سلباً على من يصافحه. زرناه اخر مرة في منزله في حي العامرية قبل وفاته بمعية د. حكمت ود. احمد الخفاجي وكان كعادته بشوشا ومتفائلا لدرجة مدهشة. يصفه زميلخ الدكتور رجاء كمونة الذي زامله في الكلية الملكية في بريطانيا بالستينات وفيما بعد في مستشفيات بغداد بأنه كان "رمزاً للخلق الرفيع واﻻدب الجم فهو استاد في تعليم اﻻخلاق قبل ان يكون جراحاً عظيماً وعملاقاً في جراحه العظام وهو دائما هادئ في كلامه ويعتز باصدقائه وقام بدور كبير بعد ذلك حين انتقل من البصرة الى مستشفى اليرموك ثم الى مستشفى الواسطي ليدخل مجال الجراحة التقويمية ويترك اثراً وارثاً عظيماً في الجراحة التقويمية للعظام فهو مدرسة عظيمة لن تتكرر اغتاله هدا المرض اللعين سرطان القولون رحمة الله على روحه وكنت ازوره خلال مرضه في البيت وفي مستشفى الواسطى وكنت أتألم حينما أراه متعذباً." توفي الدكتور طلال بعد معاناة طويلة من المرض ورغم أنه عمل في بريطانيا لسنوات طويلة في الستينات فلم يمنح تأشيرة للعلاج هناك أيام الحصار وعندما توفى عام 2000 حيث شارك بتشييعه من مستشفى اليرموك و كلية طب المستنصريه طلبته وزملاؤه ومنتسبو المستشفى وكان قد أوصى قبل وفاته بالتبرع بجميع كتبه لمكتبة كلية طب المستنصرية. رحمه الله و اسكنه فسيح جناته.
63.الدكتور فاروق شينا:
الدكتور فاروق حبيب شينا مواليد 1937 وأنهى دراسته الثانوية في كلية بغداد العريقة عام 1954 ليدخل كلية الطب في بغداد ويتخرج منها في دورة عام 1960. وبعد أتمام تدريبه الأساسي في المستشفى التعليمي ببغداد غادر عام 1964 الى بريطانيا حيث عمل في المستشفيات هناك وحصل على عضوية الكلية الملكية للأطباء عام 1970 وعلى زمالة الكلية الملكية للأطباء في أدنبرا عام 1990. عاد الدكتور شينا الى العراق عام 1970 وألتحق بكلية طب البصرة مدرساً في فرع الطب الباطني وإستشاريا في المستشفى الجمهوري حتى عام 1982 وشغل كذلك منصب معاون العميد لشؤون الطلبة أثناءها. وفي العام 1980 أصبح استاذاً مساعداً وفي العام 1982 أنتقل الى كلية طب بغداد وأستشارياً في مدينة الطب وفي العام 1992 حصل على لقب الأستاذية في كلية طب بغداد. ويشهد للدكتور فاروق شينا الدور الكبير في تطوير العديد من محاور أختصاص الطب الباطني حيث قاد مشروع تأسيس وحدة إنعاش القلب في المستشفى الجمهوري بالبصرة منتصف السبعينات وكان المسؤول عنها وأنضم الى المشروع المرحوم الدكتور جوزيف مارو والدكتور عمار طالب الحمدي.
في العام 1992 أصبح الدكتور فاروق المسؤول عن أمتحان القسم الأول من أمتحانات عضوية الكلية الملكية للأطباء (أدنبرا) في العراق كما شارك في الأمتحانات النهائية للعضوية والتي تتم في مركز الكلية الملكية في أدنبرا وبإستضافة منها للدكتور شينا وكممتحن خارجي. يذكره طلبته ومن تدرب تحت يديه من الأطباء ويذكرون مشيته الراكضية المعروف بها وكأنها جزءاً من رياضة القلب التي يتخصص به ويقول طبيباً تدرب معه "عملت بإشرافه لأول مرة في عام 1977 في مستشفى البصرة الجمهوري في ردهة الانعاش، حيث كانت بمسؤوليته وكانت تسير بنظام صارم ففيها كانت غمضة العين ممنوعة وكنا مقيمان دوريان نتقاسم الخفارة بدون نوم خلالها ولمدة شهر ونسجل العلامات الحيوية كل ساعة واشرف علينا المقيمان الاقدمان دكتور لينارد والدكتور سركيس ويشاء لي الحظ السعيد فيشرف الدكتور شينا بعدها في عام 1984 على تدريبي في دراسة البورد في مدينة الطب ولمدة ثلاث من اربع سنوات دراستي هو والاستاذ مصطفى سليم والاستاذ فائق الحديثي والاستاذ فالح احمد البياتي. تعلمت منه الكثير فهو متمكن بعلمه وخبرته وتلك مكنتني من الحصول الشهادة العليا وهو يمتاز إضافة الى علمه وخلقه بالهدوء والمرونة وحسن التعامل مع العاملين معه ويا ليتني استطيع رد جميله." غادر الدكتور فاروق شينا العراق عام 1995 وهو يقيم الآن في الولايات المتحدة.
64.الدكتور أبراهيم الناصر:
علمٌ آخر من أعلام أطباء العراق وعبقرييه الذين شرعوا في ممارسة تخصصاتهم بدءاً من البصرة الحاضنة الولّادة وفيها إلتقوا مرضاهم وزملاءهم وطلبتهم لينطلقوا بعد حين الى بغداد ويلتقوا ويخدموا كل أبناء العراق. ولد الدكتور إبراهيم جبار ناصر الناصر في العمارة في الأول من تموز عام 1937 وتخرج من كلية الطب في بغداد عام 1960 وبعد خدمة الأحتياط والتدريب الأولي سافر الى الولايات المتحدة وتخصص وحصل على شهادة البورد الأمريكي في طب الأطفال عام 1971 ويذهب الى كندا ويلتحق بجامعة دالهاوسي في مدينة هاليفاكس في نوفا سكوتيا وهي من أقدم وأعرق الجامعات الكندية وفيها قسم شهير لأمراض الدم والذي تدرب فيه الدكتور إبراهيم وحصل على شهادة التخصص الدقيق في أمراض الدم والاورام عام 1972 وأصبح زميلا للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال فيما بعد (1977) وعاد الى العراق عام 1972 وعين مدرسا في كلية طب البصرة ويلحق بزميليه الدكتور الثامري والدكتور الرزمامجي ويبدأ مسيرة علمية زمهنية أضاءت حياة الآلاف من أطفال البصرة ومن ثم أطفال العراق وينشر علمَه الثر ومهنيتَه المتقنة وأخلاقَه الراقية بين الآلاف من تلاميذه في الدراسة الطبية الأولية ودراسات البورد. إنتقل الدكتور أبراهيم الناصر من البصرة الى بغداد أواخر السبعينات ليحل في كلية طب بغداد ويعمل في الطابق الخامس بردهة أمراض الدم في مستشفى الطفل المركزي في كرادة كريم وفي عيادته في المنصور في تقاطع الرواد. يصفه أحد تلاميذه قائلاً بحقه: " عالم وأستاذ كبير متوج باخلاق وآداب سامية ومعطر بتواضع جميل. قريب الى القلب جدا. نادر الوجود. اتشرف ان جمعني الزمان بهذه القامة الشامخة في بداية حياتي العملية فتعلمت منه أخلاق المهنة والكثير الكثير من الطب. كان التزامه ودقته تذكرني بحضارات العراق القديمة وكأنه قادم من ذلك الزمن ليحط في زمن لم اكن أشعر انه ينتمي اليه. كان أرقى من زمنه الذي رأيته فيه بكثير. تحية وفية خالصة لاستاذي الكبير." غادر الدكتور أبراهيم الناصر العراق وسكن مغترباً مدناً وبلدانا من الباكستان الى سورية....تمنياتنا له بالصحة والعافية والعمر المديد.
65.الدكتورة حذام ياسين:
ولدت الدكتورة حذام ياسين طه عام 1937 وتخرجت من الكلية الطبية ببغداد عام 1961 وتخصصت في الأمراض النسائية والتوليد وعملت أختصاصيةً في ردهة الأمراض النسائية والتوليد في المستشفى الجمهوري بالبصرة في الستينات والسبعينات ولسنوات طويلة.
ومع هذه الكوكبة من رواد الطب في البصرة نود أن نقدم الشكر الجزيل على تواصل الأخوة والأخوات من ذوي الأطباء الرواد والذين ساعدونا في إتمام مضمون هذا الجزء وهم حسب تسلسل ذكر الأطباء كما في أعلاه: السيدة عايدة يوسف جابرو والمهندس سالم حبيب هندو والمهندس نبيل توما هندو والدكتور بسمل نافع المقادسي والدكتور عضيد إدورد فاضل زيا يوسف والدكتورة باسمة صبري والسيدة نجاة بككي والدكتورة فرقد كامل الدوركي والمهندس الأستاذ غانم العنّاز والدكتورة نغم محسن الخفاجي والدكتور محمود كبّه والدكتورة بان فرات الجواهري والمهندسة نوارة داود الثامري والسيدة سلمى الجلبي. والى اللقاء في الجزء الخامس والذي سنكمل فيه المقال مع كوكبة أخرى من أطباء البصرة الرواد متمنين على قراء حدائق الكاردينيا الكرام لأكمال ما بدأنا به والتعليق بإضافات عن الرواد أو ما يتذكرونه عنهم زيادة بالتوثيق الهادف لحقبة مهمة من تأريخ الطب في البصرة والعراق.
للراغبين الأطلاع على الجزء الرابع:
http://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/fereboaliraq/28181-2017-01-29-11-52-52.html
4733 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع