(عادات أهلنا في العيد كما شاهدناها وتعايشنا معها ومارسناها في الزمن الجميل) .. طقوس وعادات وتقاليد جميلة فيها الفرح والترابط والتزاور..
مما لاشك فيه أن نمط الحياة التي نعيشها في غربتنا وأن تأقلمنا بها فهي لا يمكنها أن تبعدنا عن رمزية العيد في بلدنا رغم كوننا نعيش في بلد عربي جميل بأهله وجميل بعاداته وتراثه وله بعض العادات المتقاربة مع ما نفعله في الأعياد..
ومع ذلك وهذه الرمزية هي أسس ثابته في حياتنا كما عشناها، لنهرب قليلاً مما نعيشه الآن ونذهب بأتجاه الماضي الجميل، ونخوض في الذاكرة لأستخراج عبق وشذرات مظاهر وعادات وتقاليد فرحة وممارسات العيد الصغير والكبير وأعياد الطوائف الأخرى في المجتمع العراقي ألذي تتشابه فيه الكثير من الممارسات آخذين بنظر الأعتبارالخصوصيات حيث تختلف مظاهر العيد والعادات والتقاليد المتبعة فيه باختلاف الناس والمجتمع والمكان الذي يعيشون فيه سواء كان في المدن أو القرى، إلا أن العيد في أكثر مناطق المدن والقرى قد يعكس مظاهر العيد في السابق أو تكون مشابهة بما كان عليه الناس في الماضي أيام زمان، لقد كان هناك تراث مجذر يعكس البعد الحضاري لدولة ومجتمع أسس الحضارة الأنسانية الأولى والذي مرتأريخه بأزمان جميلة ومرة، العيد فرحة ومحبة فيه تجتمع الناس وتتبادل التهاني والأحاديث والذكريات في جو يسوده الود والتآلف والشوق، فالعيد معاني كبيرة وأن أختلفت ألوانه وطريقة الأحتفال به وفقاً لتباين الثقافات وأختلاف المواقع والمحيط العام الا أنها متجانسة في مفهوم الفرحة والسعادة بكل قيمها وخصوصاً للأولاد والشباب ولكلى الجنسين وللعائلة والمجتمع أيضاً، حيث هناك ممارسات ومفاعيل تتداخل فيها الملامح الثقافية والملامح الخاصة في أغلب مناطق العراق، من المعلوم فأن التاريخ تناول العاصمة العباسية بغداد بمعانى كثير منها ارتبطت بشخصياته وبمعالمه وبعاداته وتقاليده ووسائل العيش فيها كل حسب انتمائه وتدرجه الاسرى، ففى بغداد معالم لايعرفها الا القربين منها ورغم ان بغداد لم تنفصل عن جيرانها باكتساب العادات فى المسرات وفى الاحزان وكذلك فى الاكلات وطقوس المناسبات..
فأيام رمضان لها طعم خاص عند اهل بغداد واكلاته وحلوياته وكذلك ايام اعياده العامة والخاصة، فالعامة يحتفل بها الجميع عيد الفطر وعيد الاضحى وأعياد الميلاد ورأس السنة،....
والخاصة يحتفل بها قسم من اهالى بغداد مثل زكريا والمحية فلكل مناسبة لها طوقوسها الخاصة مثل الشموع فى صوانى زكريا مع الجكليت والمسقول والحلاوة، واشعال الطلقات الورقية والبوتاس وشعلة الشمس والزنابير النارية فى يوم المحية ومناسبات اخرى كاقامة المواليد الدينية فى مناسبة بدء السنة الهجرية ومولد الرسول الكريم (ص) بالنسبة للمسلمين وطقوس اخرى للفئات الاخرى المسحيين والصائبة والاكراد فلكل منهم له مايميزه عن الاخرين فى مناسباتهم وكذلك الايام الخاصة بزيارة المراقد الدينية فى بغداد وخارج بغداد..
ففى أكثر مناطق العراق وعلى وجه الخصوص بغداد وديالى والبصرة والموصل والسليمانبة واربيل ودهوك لها مناسبة الربيع ونوروز يحيون نوع معين من الافراح في أجواء كرنفالية مليئة بالموسيقى والغناء،إذ يخرج العراقيون مسلمون ومسيحيون وصابئة ويزيديون منذ الصباح إلى المتنزهات والحدائق احتفالاً بالمناسبة التي تتزامن أحياناً مع عيد الفصح، وتتوافد العوائل على الحدائق حاملين أطعمتهم لقضاء اليوم بأكمله، والاستمتاع بالهواء الطلق وسط لهو الأطفال، كثيرة جدا المواضيع التى تضم هذا الجانب ولكن فى حقيقتها تمثل عادات ظلت راسخة لحد الثمانييات فى عصر نهوض العراق ولكنها للاسف تراجعت كثيرا فى القرن الحالى بسبب ظروف العراق وهجرة ملايين العوائل منه وفقدان الاف بسبب القتل والتفجيرات فضاعت افراح العوائل بل بدأت تتناسى لدى الكثيرين واخشى ان تندثر مستقبلا بسبب هذا الوضع المضطرب الذى تعيشه العوائل وانقطاع الكهرباء وقلة المياه وحزن الكثيرين عن فقدان أبناءهم وذويهم فلعنة الله على مسببي ذلك من لا يحبون العراق وأرثه الحضاري والأنساني.
في آوخر الثلاث أيام من رمضان وأستعداداً لأستقبال العيد يبدأ شارع الرشيد وشارع النهر بمخازنه المعروفة...
حسو أخوان، وأورزدي باك، وعبد الله فريج، ونعيم نعمو، وأحمد خماس، ودرباب والأفراح، وزبلوق، وصادق محقق، والحذاء الأحمر(ريد شو)، والحذاء الذهبي، وباتا، وصالح محسن قبل أن يصيب البعض منهم عملية التأميم ..
وفي الأعظمية الشريط الأخضر وحكمت جيتانو والخياط سامي السامرائي ومحلات مجيد ونة وأقمشة يوسف محمد طه..، كل يعرض ألبسته وأحذيته وأقمشته مع وجود خصومات لجلب الزبائن وتحفيزهم للشراء، فيقوم الرجال وحسب ميزانيتهم وأذواقهم بشراء الألبسة الجاهزة أوالتفصيل عند الخياطين والخياطات والأحذية له ولزوجته ولأولاده بنيناً وبناتاً فالملابس الجديدة جزء من العيد ..
وأصبحت الشورجة في هذا الحدث لشراء مستلزمات العيد الغذائية فقط ويخفت نوعاً ما بريقها...
والرجال والأولاد يزورون محلات الحلاقة لقص وتهذيب الشعر حيث تبقى محلات الحلاقة مفتوحة طوال اليوم والى ساعات متأخرة، وليلة العيد الى الصباح ولأخر زبون، أما النساء والبنات فيستعرضن تفننهم بنظافة البيت وجعله ورد كما يعبرون عنه...
ويقومون بصنع الكليجة بكافة أنواع الحشوات من الجوز المبروش والسمسم والتمر والسكر والهيل الذي هو رمز سعادتهم وفرحهم، وهذه العادات والتقاليد لا تختلف في كافة مدن العراق بل حتى في أريافها، وهنا نتخوف أن تتغير هذه العادات والتقاليد المتوارثة وأن يصيبها خطر الأنقراض في ظل العولمة وتغير طباع الناس حسب مستجدات التغيير المستوردة، وعند أعلان بشرى العيد الذي أشعر وتغنى به الكثيرين منذ أجيال، وفي تلك اللحضات يتغنى البغداديون شأنهم شأن المحافظات الأخرى بترديد أغنية أم كلثوم ياليلة العيد وأغنية الفنان ناظم الغزالي أي شيء في العيد أهدي أليك..، ويبدأ الأنشراح والفرح والمرح.
https://www.youtube.com/watch?v=eKenWk6n3Uo
في صباح العيد المبكر كثير من الرجال والأولاد يخرجون لأداء صلاة العيد ويلتحق بعض من النساء لزيارة المقابر مع رجالهم وأولادهم لقراءة الفاتحة على موتاهم، بعدها الجميع يتهنى بألذ أفطار للعائلة بعد مراسيم التهنئة، النساء يبدأن في تجهيز طعام العيد والتفنن في أعداده أبتداءً من الفطور...
الكاهي والقيمر والعسل و الدبس والبيض والجبن والزبد والكليجة بأنواعها والشاي المهيل في جو جميل وعائلي بهيج، والأطفال والأولاد يريدون أنهاء الفطور بالسرعة لكي يلبسوا ملابسهم الجديدة وينظروا الى أبائهم الذي يدخل الى قلوب الأولاد بأعطائهم العيدية وتراه فرحاً مبتسماً بتقديمها، ويبقى الأطفال والأولاد هم الرابحون، النساء والبنات يتزين ويتجملن وهم بدورهم بأنتظار العيدية..
وأول من يطرق باب الدار هم الجرخجي والمسحراتي والزبال وأحياناً البوسطجي وعامل الكهرباء والتلفون بالرغم من أن كثير من العوائل كانت لا تملك تلفوناً، وبعض من الفقراء بأنتظار الكليجة والعيدية، بعدها يبدأ مشوار التمتع بأيام العيد خارج البيت وأول ما يقوم به الرجال بزيارة جيران المحلة ليتبادلوا تهاني العيد، والنساء أيضاً يتبادلن الزيارات في غياب الرجال، لنتكلم عن واقع تعايشنا معه ومارسنا لهونا ومسراتنا في أيام الطفولة والولدنة في الأعظمية أحدى درر بغداد ولا أظنها تختلف عن باقي مناطق العاصمة والمحافظات الأخرى لممارساتها للأعياد بالأضافة لما تحويه من طيبة وبساطة وسعادة وخير من الصعب أن نراه الآن في ظل ما حصل من تدمير وتخريب ومآسي ما خلفته أيدي وصانعي الأحتلال ومن أشترك معهم وبكل مقاييس العمالة والدنائة والذين أبتعدوا عن حب الوطن وأصالته.
في محلات الأعظمية توجد أماكن ترفيهية مليئة بالمبادرات والتنوع لتقديم أجمل لحضات الترفيه للأطفال والأولاد والشباب وحتى الكبار نذكر منها:
*- النادي الملكي (الأولمبي) يقع النادي في ساحة عنتر، تقوم الهيئة الأدارية بأتخاذ الترتيبات والوسائل لتزين النادي وتهيأته لمواسم الأعياد فتكون هناك الدومبلة، وطاولات كرة المنضدة وأكشاك لعب الجوائز، وأحياناً مسرح صغير لفعالية القرقوز المحبوبة جداً للأطفال، وجر الحبل وغيرها، ويبدأ كرنفالها من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثامنة مساءً، فترى الأطفال والأولاد والشباب وبألبستهم الجديدة والجميلة يمارسون مختلف الألعاب وكلها بأشراف ومراقبة الهيئة الأدارية المتكونة من شخصيات رياضية وشخصيات عسكرية ومدنية، في أيام العيد يحصل تعارف بين الجنسين وبحدود أنساني طبيعي لاتشوبها أية ممارسات غير أخلاقية، وفي باب النادي يتوزع با ئعي العنبة واللبلبي والشلغم والدوندرمة والجرزات وكل حسب مواسمه.
*- نادي الأعظمية في الشارع المؤدي الى المقبرة الملكية، يتميز النادي بكثرة رواده وهو أكثر شعبية من النادي الملكي نظراً لسهولة الأنتماء له، مع ذلك كلا الناديين أحتوى على خيرة اللاعبين الذين أنجبهم العراق في المصارعة والملاكمة وكرة السلة وكرة الطائرة والسباحة وغيرها من الألعاب الفردية والجماعية، هناك هيئة أدارية للنادي من الشخصيات الرياضية ومحبي الرياضة وبدورهم يعتمدون على لاعبي النادي في مهام أنجاح برامج العيد ويوزودون بعلامات في ألبستهم وكنت أحد اللذين يشاركون بذلك، فكان النادي يعمل من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساءً وكانت الألعاب هي الدومبلة وجر الحبل وطولات كرة المنضدة وأحياناً كرة السلة للناشئين، ولعب أخرى وكان النادي يمتليء طوال الوقت ولمختلف الأعمار من الطفولة الى الشباب وبأشراف الهيئة الأدارية، ويذهب ريع النادي لشراء المستلزمات الرياضية ومساعدة بعض اللاعبين المعتازين، وفي خارج النادي هناك عربة المأكولات والعنبة، ولعب اللكو والسي ورق حيث لها روادها من يحبون المقامرة والغشمة الذين يتم أصطيادهم.
*- أما المراجيح ودولاب الهواء والزحليكة والفرارات فتنصب في الساحات طيلة أيام العيد وفي الأماكن الأكثر شعبية كما في النصة(النزيزة) وفي الكسرة وقرب ساحة الكشافة وفي الكم(راغبة خاتون) وكانت الألعاب في ذلك الزمن نضيفة كنضافة المدينة في حينها، فترى الأطفال فرحين وصياحهم الطفولي وهم يؤدون بعض الأغنيات الخاصة طوال الوقت، كما تتواجد هناك الحمير وأحياناً الخيل لركوب الأولاد، كما توجد عربات نضيفة ومزينة تجرها الخيل لركوب الأولاد وتسمع أغنيتهم المفضلة وهي( هذا سايقنا الورد هسة يوصلنا ويرد)، أما الحدائق فهي صغيرة ومرتبة وانيقة مليئة بالورود والشجيرات والمساطب، وفي زماننا لم تكن هناك حديقة الزوراء والقناة، ولهذا تذهب العوائل الى حديقة النعمان وأم الربيعين والرحبي لقضاء بعض الوقت مع عوائل المنطقة وهناك أيضا دولاب الهواء والمراجيح.
*- وتبقى سينما الأعظمية مكاناً جميلاً لمشاهدة فلمين مرة واحدة وبمعدل كل ساعتين، وتشاهد مالو(بتاع كلو)هو الحارس والمنظف ولاصق أعلانات الأفلام بهندام العيد والكل يعرفه، وهو من عاش وسكن سينما الأعظمية من الصغر ، وفي ذلك الزمان كانت أفلام طرزان وسبارتاكوس والان لاد والكاوبوي وقيصر وطروادة وفلاش كوردن وروبن هود هي السائدة، أما الكبار من الشباب فيذهب الى سينمات باب الشرجي وشارع الرشيد، وفي الساحة القريبة من السينما وحديقة النعمان يجب أن تتذوق عمبة وبيض رزوقي الذي يريك بأن عمبة العيد تختلف عن العمبة السابقة وللضحك يقول أنها ليست شريس، في حين تبقى عمبة قاسم خلف نادي الأعظمية بجودتها وأصالتها ومن البرميل المصنوع والمستورد من الهند ومع لحم الروست أو البيض والذي ينفرد بها قاسم وكل له شعبيته بالتصنيع والتقديم.
*- تفتح المقاهي أبوابها منذ الصباح وحتى ساعات متأخرة من الليل طيلة أيام العيد حيث أن قسماً منها يفتح بعد العصر في الأيام الأعتيادية، ومن المألوف أن يضع صاحب المقهى الحلقوم أو الجكليت في صينية يأخذ منها الزبائن عند الدخول بعد التهنئة مع صاحب القهوة ولا يوجد من يقدم الكليجة من أصحاب المقاهي وأنما يجلبها الزبائن محطوطة في منديل نضيف ويتباها بها على أنها الأجود والأحسن، من يرتاد المقاهي الرجال والشباب اليافعين ولا وجود للأولاد مكاناً فيها تبعاً للعادات والتقاليد التي لا تسمح بذلك...
تسمع أغاني أم كلثوم في أغلبها، وكذلك الأغاني العراقية الجميلة للكنبجي ويوسف عمر وناظم الغزالي وكذلك أغاني عبد الوهاب وفريد وعبد الحليم، وقسم من المقاهي يعتمد على أغاني الأذاعة فقط لعدم وجود آلة تسجيل، كما أن أغلب المطاعم الصغيرة المشهورة تقدم خدماتها من الصباح وحتى منتصف الليل، حيث كانت تقدم خدماتها من العصر في الأيام الأعتيادية والمشهور منها كباب هبوبي الذي يخدم الزبائن أفراد عائلته حميد ومصطفى وبناته الصغار فأنه يقدم الطماطة والبصل المشوي والزلاطة بدون ثمن أيام العيد، مرتدين ملابس جديدة.
*- الشرابة من الرجال لهم أجنداتهم وطرقهم في أيام العيد المسائية، فقسم منهم يقضون أوقاتهم المسائية في النوادي الأجتماعية لشرب الخمر، وكل حسب موقعه الوظيفي، فالضباط في نادي الضباط والمعلم في نادي المعلمين والطبيب في نادي الأطباء ومعه الصيدلي وطبيب الأسنان، والمهندس في نادي المهندسين وهناك نادي المالية لمن يعمل في القطاع المالي والمصرفي، والأهلي للتجار وأصحاب الحرف، ونادي البنوك لمنتسبي البنوك، والصحفين في نادي الصحافة وهكذا..، وكل هذه النوادي تسمح بمشاركة ضيوف الأعضاء، والكسبة يذهبون الى (الماي خانة) في الباب الشرقي، والشباب الى البارات كالخيام و21 في العرصات وبارات أخرى في شارع الرشيد...
حيث يتدفق إليه البغداديون لارتياد السينما والمسرح والمشارب والمقاهي، التي تبدأ ذروة السهر فيها بعد الثامنة مساءً، والآن هذا الشارع العريق خربة وأزقته وشوارعه الفرعية مهدمة تسودأغلبها الأزبال والنفايات وغابت عنها المسارح والسينمات والمقاهي العريقة ويشوبها الظلام الدامس ليلاً، هناك من الرجال يفضل أحتساء الخمر في بيته مع أجواء غناء أم كلثوم، ومن الطرائف التي تذكر فقد كان هناك من يرجع متأخرأ من النادي ولازال الأنتعاش غالب عليه، فتسمع أغانيه وبصوت عالي، وهذه الممارسات من الغناء تتكرردائماً في كل عيد، والجدير بالذكر وفي زماننا لم تكن هناك كثير من السيارات الشخصية ولهذا فالذهاب والأياب أما بباص المصلحة أو بالتاكسي.
https://www.youtube.com/watch?v=eKenWk6n3Uo
وإذا أشتقت أن تسمع أغاني فريد الأطرش مساءات العيد فالهاوي وحيد يعرفه الأعظميون لصوته العذب وقد أختبر في ركن الهواة ونجح في الأختبار يتجول في دروبها وأزقتها ليذرع المكان وهو حالم بفريد وروعة غنائه، فحتما ستقرأ على الوجوه المستمعة ملامح الحب الفطري لهذه المنطقة الممزوجة بالحياة والالق، كأن الحالة تذكرنا ايضا وتشد بنا لنرحل معهم إلى مراسي تلك الأيام إلى رمضان حيث كتبنا ما أختزنت ذاكرتنا لنبضات الحياة اليومية لها، وكيف كانت تعبق بحب المكان وحب أحداث وشخوص ذلك المكان، فحضرت الأعياد وذكرياتها المتدفقة والتي قمنا بما أستطعنا بتدوينها على حقيقتها يوم أن كانت القلوب مليئة بالنقاء والصدق والوفاء والأصالة مما تجعلنا نشم رائحة الكليجة الخارجة من الأفران بالصواني الجميلة واللمة الحلوة والفرح الجماعي كما عشناها خوفاً من الضياع وزوال بريقها الجميل، وحتماً سنكون اليوم برفقتهم من خلال ما كتبنا لبعض من تفاصيل أيام العيد قديما ومنها ما كان سلوك مجتمعنا آنذاك لنكتشف ماضي جميل من سلم حياتنا هذه التي تدفعنا للحنين والشوق إلى الماضي بكل تفاصيله.
كل ما أردنا به من هذه المقالة وتفاصيلها التذاكرية من صور هي لعكس أجواء العيد وبساطتها المليئة بالمحبة والأنشراح والمرح والمساعدة والتقارب ونكران الذات وذات الطابع الجمعي هي مقدمة لمن يريد ان يساهم بشكل أكبر وأوسع لتكون توثيقا لمرحلة من مراحل حياة البغدادين أيام زمان وليطلع عليها جيل لم يشاهدها أو تعايش معها في تلك الفترة، لتجعلنا بأمس الحاجة لها ليبقى أشتياقنا وحنيننا ملتصق وممزوج دائما ببلدنا العزيز والجميل، ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
525 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع