يتفشى داء إيبولا كما النار في هشيم غرب أفريقيا، ولا يستبعد انتقاله إلى دول أخرى في العالم، بعد رصد أولى الاصابات في إسبانيا وفي الولايات المتحدة. وقد نشرت غارديان البريطانية تقريرًا مفصلًا، يضم حقائق عن انتقال عدوى الحمى النزفية الذي يسببها الفيروس، من أجل تعزيز سبل الوقاية منه.
عدوى وأعراض
ينتقل فيروس إيبولا من خلال تبادل سوائل أجسام الأشخاص المصابين بشدة، والذين غالبًا ما يتقيّؤون أو ينزفون أو يكونون مصابين بالإسهال. الدم والبراز والقيء هي أكثر السوائل تسببًا بالعدوى، وفي مراحل المرض المتأخرة تحمل الكميات الضئيلة جدًا منها أعدادًا كبيرة من هذا الفيروس. لكن يمكن من تلوثت يده بدم مريض غسلها فورًا بالماء والصابون، من دون إصابته بتأثيرات مرضية، شريطة ألا تكون يده مجروحة، أو فيها كشط، أو إذا لمس فمه أو عينه أو أنفه، فهذا يتيح للفيروس العبور إلى سوائل جسمه.
قد تحتاج الأعراض يومين إلى 21 يومًا لتظهر، رغم أنها تظهر عادة بين خمسة إلى سبعة أيام، بشكل اعتيادي.
تشمل العلامات الأولى حمى مرتفعة، تترافق مع آلام في الرأس والمفاصل، والتهاب في الحلق، وضعف شديد بالعضلات.
تتشابه هذه الأعراض مع أعراض الرشح العادي، لذلك لا تتم ملاحظة الاصابة بإيبولا مباشرة. لكن ينبغي الشك في ذلك عند أي شخص كان في غرب أفريقيا في فترة قريبة. بعد ذلك، يحصل الإسهال والتقيؤ والحكة الجلدية وتتزايد آلام المعدة، وتتوقف الكلى والكبد عن العمل، وقد ينزف المرضى داخليًا ومن آذانهم أو أنوفهم أو أفواههم.
البراز مصدر خطر حقيقي
ليس التعرق ناقلًا للعدوى من خلال استعمال أدوات صالة الرياضة. فأي مصاب بإيبولا وقد ظهرت عليه أعراض الضعف الشديد والحمى، في المراحل الأولى من المرض، لن يكون قادرًا على الذهاب إلى الصالة الرياضية. وإلى أن تصبح الأعراض واضحة على المرضى، لا يمكن أن ينقلوا العدوى.
والعرق لا يحتوي على كميات كبيرة من الفيروس. وتقول منظمة الصحة العالمية إنه لم يتم عزل فيروس إيبولا حي كامل من العرق. لكن المنظمة تلفت إلى أنّه في المراحل المتقدمة من المرض، يمكن للدموع أن تشكل خطرًا، لكن الدراسات في هذا الشأن ما زالت غير حاسمة. وبحسب غارديان، تم اكتشاف الفيروس في حليب الثدي، لكن يبقى براز المصاب بإيبولا مصدر الخطر الحقيقي، كما تم اكتشاف إيبولا في البول. إلا أن الحمامات العامة هي من المصادر غير المرجحة كثيرًا لنقل الإصابة.
تنظيف فتطهير
يتساءل الناس: هل ينتقل المرض بالاتصال الجنسي؟ الجواب هو 'نعم'. فالفيروس يبقى في السائل المنوي للمصاب 90 يومًا بعد تعافيه. لكن الدراسات تشدد على امكان انتقال الفيروس بواسطة السطوح التي لامست سوائل الجسم، فإذا نزف أحدهم أو تقيّأ على مقعد سيارة أو قبضة باب مثلًا، يمكن أن يكون هذا خطراً على شخص آخر لديه جرح أو لمس وجهه بيديه الملوثتين.
فإذا كان المقبض تلوث بالدم أو القيء أو البراز، يمكنه نقل المرض إلى آخرين يعيشون في البيت حيث يقيم المريض، أو حيث أصيب بالمرض، أو حتى في المشفى. لكن في حال كان جلد الأشخاص سليمًا، أو امتنعوا عن لمس أعينهم أو أنوفهم أو أفواههم، وقاموا بغسل أيديهم بشكل متكرر، فلن يصابوا بالمرض.
وهناك إجراءات صارمة لإزالة التلوث، تطبقها السلطات الصحية العامة في الدول الأوروبية يجب إتباعها. وفي حال وجود أي منطقة ملوثة وبادية للعيان، يجب مسحها بالمحارم الورقية التي تستخدم لمرة واحدة، ثم بسوائل التنظيف أو الصابون والماء، وتركها لتجف. وبعد ذلك يجب تطهيرها بسائل تبييضٍ مخفف.
ويجب أن يرتدي الأشخاص الذين يقومون بعملية التنظيف ألبسة تغطيهم بشكل كامل، إذ يجب أن تكون قمصانهم بأكمام طويلة مدسوسة ضمن قفازات تستعمل لمرة واحدة. أما البناطيل، فيجب أن تكون مدسوسة ضمن الجوارب والأحذية المغلقة. ويجب تغطية أي جروح أو كشوط في الجلد باللاصق الطبي، لكن ليس ضروريًا تنظيف الممرات أو المناطق التي مر منها المريض للتو.
لا ينتقل بالهواء
فيروس إيبولا هشّ للغاية، يمكن تدميره بسهولة بواسطة الأشعة فوق البنفسجية أو التجفيف أو الحرارة المرتفعة أو استعمال المعقمات مثل الماء والصابون والجل الكحولي. المدة الأطول التي يبقى فيها الفيروس حيًا هي بضعة أيام، إذا تُرك ضمن سوائل الجسم في منطقة باردة ورطبة.
لذلك، يكون الغذاء آمنًا إذا كان مطبوخًا، لأن فيروس إيبولا يصير غير فعال أثناء عملية الطبخ. اللحم النيئ خطر، فمن أسباب تفشي الفيروس في أفريقيا صيد وذبح وتحضير اللحم النيئ لإطعام الناس.
وكذلك يسأل الناس: هل يمكن أن يتم انتقال فيروس إيبولا في الجو؟ لا، هذا الفيروس لا ينتقل بالهواء. فالأبحاث الشاملة التي قامت بها بعثة الأمم المتحدة للاستجابة السريعة مع مرض إيبولا أكدت أن الفيروس لم يظهر قدرة على الانتقال في الجو.
لا يسعل المرضى أو يعطسون كثيرًا عند إصابتهم بهذا المرض، بحسب منظمة الصحة العالمية.
المحتمل من الناحية النظرية هو أن المصاب بإيبولا بشدة يمكن أن يسعل، فيطلق قطرات رطبة وثقيلة في وجه القريب منه. وأكثر شخص معرض لخطر التقاط فيروس إيبولا في هذه الحالة هو الشخص الذي يقدم العناية التمريضية للمريض، لذلك من المفضل أن يرتدي ملابس واقية، تتضمن قناعًا واقيًا.
مشكلتان
يقول العلماء إن الفيروسات تتحور، لكنها لا تغير طريقة انتقالها، وليس هناك أي دليل على أن ذلك يحدث لإيبولا. إلا أنهم يشددون على ضرورة استخدام البدلات الواقية بطريقة مناسبة. فهناك إجراءات صارمة عند خلعها، وذلك عندما تكون القفازات والسطح الخارجي للبدلة مغطى بالفيروس. يجب التأكد من أن الأيدي العارية لا تلامس المواد الملوثة.
اما الماسحات فكل ما تستطيعه هو تحري ارتفاع الحرارة، لكن يمكن أن يكون سبب ذلك الإصابة بفيروس أنفلونزا، أو حتى انقطاع الطمث عند النساء. لكن على كل شخص لديه ارتفاع في الحرارة أن يخضع لفحص دم للتحري عن فيروس إيبولا.
وتعرض غارديان في ختام تقريرها لمشكلتين. الأولى، إمكانية وصول أشخاص من غرب أفريقيا عن طريق أي دولة أخرى، فلا تأتي جميع الرحلات مباشرة من الدول المصابة بالفيروس، لذلك من المنطقي وجود أجهزة مسح أيضًا في المرافئ البحرية. والثانية، وهي الأهم، احتمال قدوم الأشخاص المصابين قبل أيام من ظهور الأعراض عليهم، لذلك لن تظهر عليهم الحرارة المرتفعة، وليس هناك أي طريقة للتأكد من حملهم فيروس إيبولا، وهنا الطامة الكبرى.
1000 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع