شفق نيوز: لا تنفك مجالس العزاء عن عادات مستمرة حتى اليوم، موروث تلقفته الأجيال، عرف وتقليد لم ينقطع إلى اليوم، أنها جزء من تقاليد عريقة، هناك من يرى فيها هدراً للأموال وبذخاً لا فائدة من ورائه، وتوزعت تلك العادات في المناطق الحضرية والريفية سواء في الشمال او الوسط او الجنوب ولكنها اتفقت على الصرف والبذخ في محاولة لإعلاء شأن المتوفى وذويه.
وتستمر مجالس العزاء لثلاثة أيام وربما تمتد لسبعة أيام. ويحاول بعض من ذوي المتوفى أن يبرز نفسه من خلال الوليمة والكرم على انه شخصية مهمة، والبعض الآخر يريد إبراز شأن المتوفى أمام الآخرين بالإسراف في تقديم الأطعمة .
ويقول معلم اسمه محمد طالب الطائي لـ"شفق نيوز" إن "التقليد العشائري يقضي بتقديم متطلبات الضيافة من قهوة وماء وشاي وسجائر، اضافة الى رسوخ افكار وتقاليد الكرم في مجتمعنا الى حد الاسراف".
ويضيف انه يدعو الى "الخروج عن التقاليد البالية وتلحق الضرر المادي الكبير بذوي مجالس العزاء خاصة اصحاب الدخل المادي المتوسط فما دون" .
ويؤكد الطائي انه "لا يمكن ابراز الكرم بالاسراف او وصف التدبير بالبخل كما يشاع في مجتمعنا العراقي، بل يجب توجيه الاموال نحو مشاريع واهداف انسانية تكون اكثر نفعا واجرا للقائمين عليها بدلا من الولائم الفخمة التي لا تقدم الا للميسورين دون الفقراء".
ويقول المواطن أبو علي التميمي لـ"شفق نيوز" أن "الاسراف مذموم في كتاب الله.. ومجمل الآيات القرآنية تدعو الى صرف المال في موضعه، فالإسراف في مجالس العزاء عادات قبلية متوارثة لا أساس لها في الشريعة الإسلامية التي تنص على إطعام الطعام في عدة مواضع" .
ويضيف أن "الكثير من التقاليد والوصايا الإسلامية لا نجد لها تطبيقا في العرف الاجتماعي والقبلي، فلو اعطي الطعام للفقراء والمساكين لتحقق تكافلا اجتماعيا واضحا فضلا عن الدعوات المستجابة للميت بالرحمة والغفران".
وزاد أن "الكثير منا لم تسعفه حالته المادية لتحمل النفقات التي فرضها علينا العرف الاجتماعي".
ويبين شيخ عشيرة يدعى محمد الدليمي لـ"شفق نيوز" أن "مجالس العزاء في مجتمعنا أصبحت عبارة عن تباهي في حجم المصروفات والاعتقاد السائد بان الفاتحة لو لم تخسر لما سميت فاتحة".
ويكشف الدليمي أن "مبالغ ونفقات الفواتح وصلت الى اكثر من 10 مليون دينار، ومنها ادنى من هذا المقدار تبعا للحالة المادية، لكنها في المحصلة النهائية خسائر مادية تنهك الغني والفقير كونها تصرف في ابواب واتجاهات بعيدة عن الأهداف الإنسانية والدينية المرسومة لها".
وتشير أم عمار وتبلغ من العمر 55 عاما إلى اختفاء "عادات التواصل الاجتماعي بين اهل المدينة او المنطقة الواحدة في ظل التغييرات التي شهدها المجتمع العراقي".
وأكدت لـ"شفق نيوز" أن الحزن "كان يعم الجيران على بعد 500 متر عند وفاة احد من المناطق والمدن ويعم الحزن حتى يشمل اطفاء اجهزة التلفاز لعدة ايام، وحينها كان ذوي الميت لا يطبخون لانشغالهم بمصيبتهم، الا ان جميع التقاليد والعادات اختفت تقريبا".
ويدعو عادل المعموري وهو ضابط في الجيش العراقي في حديثه لـ"شفق نيوز" الى "عدم ارهاق كاهل ذوي الميت من خلال مجالس عزاء التي تقام لثلاثة أوقات في القرى والأرياف ولساعات طويلة في المساجد والحسينيات" .
ويشدد على "اقتصار مجالس العزاء على الشاي والقهوة وبأوقات محددة لا تمتد على مدار اليوم".
ويلفت الى "وجود عادات طيبة تغني عن البذخ وهدر الأموال تتمثل في توزيع المصاحف مجانا في العزاء وإشاعة ثقافة العون والمساعدة للضعفاء والمحتاجين ماديا ".
ويشاطر اسعد جميل المشايخي رئيس لجنة الشؤون الدينية في مجلس محافظة ديالى جميع المتحدثين أرائهم الداعية لنبذ تقاليد البذخ والتباهي قائلا لـ"شفق نيوز" إن "البذخ ظاهرة مذمومة ومرفوضة في الدين الإسلامي وما هي إلا تبذير وهدر للأموال دون مبرر".
ويشير المشايخي الى ان "لجنتنا عممت وعبر خطباء وأئمة الجوامع حملات توعية دينية للحد من مظاهر البذخ والتباهي في مجالس العزاء واقتصارها على تقديم الشاي والقهوة الى جانب الماء مع تحديد اوقاتها في فترات محددة انصافا لذوي المتوفى وعدم تحميلهم اعباء مادية اضافية تنهك كاهلهم".
ويدعو المشايخي عبر"شفق نيوز" "المؤسسات الدينية والثقافية ووجهاء العشائر الى توعية الناس بترك مظاهر البذخ والتقاليد البالية غير المفروضة التي نشاهدها في مجالس العزاء، وتحديد اوقات عقد المجالس وليس على امتداد اليوم كما هو معمول به في المناطق الريفية والنائية، وتعميم التقاليد المتبعة في مدينة بغداد وبعض المدن الاخرى التي تنظم مجالس العزاء بعيدا عن مظاهر الرياء والتباهي".
698 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع