شفق نيوز/ في أحد أحياء مدينة الناصرية البسيطة، مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق، وبين أزقتها المزدحمة بالحياة اليومية، نشأ الشاب حسين محمد صلوي، من مواليد 25 ديسمبر/كانون الأول 1999، في كنف عائلة من الطبقة المتوسطة، لا تمتلك خلفية رياضية تُذكر.
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة، شق صلوي، طريقه بعزيمة نحو العالمية في رياضة الكيك بوكسينغ، بنظام K-1، في فئة وزن 54 كغم، متحدياً الواقع المرير ومصاعب الحياة.
وبدأت رحلة حسين صلوي، الرياضية في عام 2016، حين اختار فنون القتال سبيلاً لتحقيق حلمه بالانضمام إلى المنتخب الوطني العراقي، وتمثيل محافظته، ذي قار، في البطولات الكبرى.
يقول حسين في حديثه لوكالة شفق نيوز: "في كل إعداد رياضي كنت أقاتل المعرقلات لأحقق ما كان يوماً حلماً".
ورغم أن بداياته اقتصرت على تحقيق ميداليات فضية وبرونزية، إلا أن طموحه لم يعرف حدوداً، ورفض أن يكون ذلك هو السقف لطموحه.
غياب حكومي.. وحضور الإرادة
في ظل غياب تام للدعم المادي والمعنوي من الجهات الحكومية، قرر حسين أن يعتمد على نفسه، فقد تكفّل بكامل مصاريف معسكراته وتدريباته، متنقلاً بين المدن، حتى وصل إلى محافظة السليمانية في إقليم كوردستان، حيث خاض نزالات مع أبطال عالميين، متحملاً مشقة السفر والتدريب والغربة، دون أن يتخلى عن عمله كخباز في أحد أفران الناصرية.
ويضيف حسين، أن عام 2022 كان مفصلياً في مسيرته، إذ توج بلقب بطولة السوبر، وأثبت استحقاقه لارتداء قميص المنتخب الوطني، ثم في العام التالي، أحرز المركز الأول في البطولة العربية ممثلاً العراق، إلا أنه عاد دون استقبال أو تكريم من أي جهة رسمية، سواء وزارة الشباب والرياضة أو الحكومة المحلية في ذي قار.
ورغم هذا التجاهل، لم تنطفئ شعلة الطموح في داخله، ففي 2024، شارك في بطولة العالم في تركيا، وبإمكانيات محدودة ودون إقامة معسكر تدريبي، حقق المركز الخامس بجهوده الذاتية فقط.
إنجاز تاريخي
ولم يتوقف حسين، عند ذلك، ففي عام 2025، أثبت من جديد أحقيته بتمثيل العراق، وحافظ على مكانه في المنتخب الوطني عبر التصفيات المحلية، بعدها جاءت اللحظة الذهبية حين شارك في بطولة العالم في بانكوك، عاصمة تايلند، وهناك كتب اسمه بأحرف من ذهب، بعد أن تُوّج بالميدالية الذهبية، محققاً إنجازاً تاريخياً للعراق.
كما يتابع حسين، حديثه قائلاً إنه "من يبدأ بدون دعم، يُبنى بقوة لا تُقهر"، مبيناً أنه "عاش سنوات يتنقل بين حرارة أفران الخبز وضغط الحلبة، في ظل غياب شبه تام للدعم الرسمي، وبراتب لا يتجاوز 150 ألف دينار عراقي شهرياً يُصرف أحياناً، ويُحجب في أحيان أخرى".
حسين، رفع اسم العراق عالياً في المحافل الدولية، مؤمناً بأن العزيمة والإصرار أقوى من كل الظروف.
851 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع