عبد الرحمن البزاز أول رئيس وزراء مدني في العراق الجمهوري
والبزاز هو عبد الرحمن عبد اللطيف حسن البزاز مواليد 1914 من عشيرة( الاسلم) وهي فرع من عشيرة شمر قدمت من نجد الى العراق قبل حوالي 600 عام واستوطنت الجبهة الغربية من نهر الفرات وبالذات في ناحية المعاضيد والواقعة على نهر الفرات بين قضائي عانة وحديثة على الحدود العراقية السورية والده الحاج عبد اللطيف حسن البزاز كان تاجر قماش .
ولعبد الرحمن اعمام هم احمد الحسن وهادي وابراهيم ومحمود اما خاله فهو نجم الدين الواعظ مفتي الديار العراقية الاسبق الذي كان له تأثير كبير على حياة عبد الرحمن ونشأته الوطنية والقومية والدينية اذ كان ايمانه بالله والدين كبير ويؤدي فريضة الصلاة دون انقطاع وكذلك الحج اذ كان يعتبر ذلك جزءا اساسيا من تكوين ويعتقد ان هناك ترابطا قائما بين العمل القومي والعمل الديني..
ولذلك كانت لدى عبد الرحمن البزاز الرغبة منذ ان كان لاجئا في القاهرة للفترة من 1960- 1963 في انجاز مشروع القرآن المرتل الذي ساعده في انجازه السيد نوري فتاح الصناعي العراقي المعروف ، ولعبد الرحمن اشقاء هم الحاج أمين البزاز والدكتور فخري البزاز استاذ علم النبات في جامعة هارفرد في الولايات المتحدة الامريكية وصبري البزاز موظف سابق في الخطوط الجوية العراقية وعبد الحافظ وعبد المنعم والدكتور حسن البزاز استاذ جامعي واصغرهم عادل البزاز – اما عبد الرحمن البزاز فله ولدان هما عامر وعزام وثلاثة بنات هن غفار التي توفيت في القاهرة قبل عزام وبعده توفيت عامرة وفي اوائل عام 2001 توفيت زاهرة رحمهم الله جميعا ورحل الاربعة بسبب وجود; كميات كبيرة من الكوليسترول في الدم وبقي ابنه الاكبر عامر المقيم منذ سنوات طويلة في لندن اطال الله عمره وامده بالصحة .
ولد عبد الرحمن البزاز عام 1914 في بغداد ودرس الابتدائية في مدرسة الكرخ الابتدائية ثم تخرج في الاعدادية المركزية ثم كلية الحقوق التي تخرج فيها عام 1934 وكان يحمل افكارا وطنية عربية وهو ما يزال طالبا غير انه لم يتخل عن القيم الدينية والاخلاقية التي نشأ عليها في صغره وترعرع شابا تشرب افكارا سامية جمعت بين الدين والوطنية على الرغم من ان معظم زملائه على مقاعد الدراسة اعتمدوا الوطنية ونبذوا القيم الدينية ،
وفي عام 1935 سافر عبد الرحمن البزاز الى بريطانيا ومكث هناك اربع سنوات تلقى خلالها تعليما سليما في القانون في كلية الملك بجامعة لندن حصل خلالها على درجة عليا امام المحكمة العليا في بريطانيا وظل هناك حتى بداية الحرب العالمية الثانية سنة 1939 ..
وحينما عاد الى بغداد اصطدم باول حاجز منعه من الاشتراك في النشاط الوطني في سنة 1941 حين ناصر مع الوحدويين حركة رشيد عالي الكيلاني في مايس/ايار 1941 التي اجهضت من قبل القوات البريطانية اعتقل عبد الرحمن البزاز ومكث في السجن للفترة من 1941 – 1945 وبعد الحرب العالمية الثانية وخروجه من المعتقل عمل في وزارة العدل لفترة قصيرة قبل ان يصبح عميدا لكلية الحقوق مما عزز مركزه في الاوساط الوطنية ،وراح يحاضر طوال عشر سنوات في القومية العربية ويكتب عنها وكان الهدف الرئيس من كتاباته هو تفسير القومية العربية على اساس اسلامي حيث كان يرى ان الاسلام تراث ثقافي لايعادي القومية العربية وانما يشكل احد عناصرهاولم يكن الهدف الرئيس لتفكيره اثارة الحماسة الدينية التقليدية وانما تهذيب روح الشبان الذين نادوا بالقومية العلمانية عن طريق العودة الى القيم الدينية والاخلاقية وادخالها في مفهوم القومية العربية
وفي عام 1945 تزوج عبد الرحمن البزاز من ( وفيـة) ابنة خاله نجم الدين الواعظ وسكن محلة سوق الجديد في منطقة الكرخ ثم انتقل الى الاعظمية في جانب الرصافة حيث بنى له دارا في محلة راغبة خاتون بمنطقة الصيلخ .
وبعد ثورة 23 تموز/يوليو 1952 في مصر ودعوة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الى الوحدة العربية التي اثارت حماسة الوحدويين في جميع انحاء العالم العربي اصبح البزاز اكثر نشاطا في الدوائر الوطنية ورفع بالاشتراك مع فريق من المربين مذكرة الى الملك الراحل فيصل الثاني في شهر تشرين الثاني /نوفمبر 1957 تحتج على اعمال القمع التي يمارسها رئيس الوزراء انذاك نوري السعيد ضد حرية التعبير عن الاراء السياسية خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حيث اعتقل هو ومن معه من الذين وقعوا على المذكرة وذلك في 29 تشرين الثاني من السنة نفسها وحوكموا وابعدوا من بغداد لمدة قصيرة بعد طرده من منصبه كعميد لكلية الحقوق وبعد الافراج عنه راح يمارس المحاماة حتى سنة 1958 ..
حيث قيام ثورة 14 تموز/يوليو وعاد الى منصبه كعميد لكلية الحقوق غير انه لم يمض طويلا حتى اختلف مع قاسم لان البزاز ايد كتلة الوحدويين التي كان العقيد عبد السلام محمد عارف يمثلها في صراعه مع الزعيم عبد الكريم قاسم والتي كانت تنادي بالوحدة مع مصر. ونقل تحت ضغط الشيوعيين العراقيين الى وزارة العدل كقاض في محكمة التمييز، ومن هناك تم اعتقاله عقب حركة الشواف في اذار /مارس 1959 ، وحينما خرج من المعتقل سافر الى لبنان في اجازة قرر من هناك الاستقالة من منصبه كقاض وتوجه الى القاهرة حيث اقام فيها طوال السنوات الاربع عمل خلالها مديرا لمعهد الدراسات العربية وهو معهد لتدريب الشبان في الشؤون العربية برعاية جامعة الدول العربية ومكث في القاهرة حتى قيام حركة 8 شباط /فبراير 1963 التي اطاحت بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم .
كانت حركة 8 شباط 1963 هذه نقطة تحول في حياة البزاز فما ان اصبح عبد السلام عارف الذي كان يعرف البزاز معرفة شخصية ووثيقة رئيسا للجمهورية حتى تم تعيين البزاز من قبل علي صالح السعدي نائب رئيس الوزراء العراقي انذاك سفير للعراق لدى الجمهورية العربية المتحدة وذلك حينما كان البزاز ضمن وفد العراق لتهنئة الرئيس عبد الناصر بذكرى قيام الوحدة السورية المصرية واقامت نقابة المحامين المصريين حفل استقبل للوفد العراقي حضره الرئيس عبد الناصر وعلي صالح السعدي واثناء الاحاديث بين عبد الناصر والسعدي تقدم عبد الناصر نحو السعدي قائلا له لقد اخترت لكم سفيرا في بغداد هو السيد امين هويدي ثم اشار اليه وقدمه للحضور وهنا اشار السعدي الى عبد الرحمن البزاز وقال لعبد الناصر ونحن اخترنا استاذنا عبد الرحمن البزاز سفيرا للعراق في القاهرة وقد لعب دورا جيدا في محادثات الوحدة الثلاثية التي جرت في القاهرة انذاك للفترة من اذار/,مارس - نيسان /،ابريل 1963 وكان من المؤيدين للاتحاد الفيدرالي. ثم عمل سفيرا للعراق لدى بريطانيا وامينا عاما لمنظمة الاقطار المصدرة للنفط – اوبك – للفترة من 1964 - 1965
كان البزاز معجبا بمحمد جواد الجزائري 1881- 1959 ويقول عنه انه اول زعيم روحي وضع مقدمات الثورة العراقية الكبرى عام 1920 وكان مرجعية لجيل اخر نظمه في تيار عربي قومي حين دعا الى انشاء دولة عراقية للخلاص من الاساطير القرون الاولى .
ويقول البزاز عن الجزائري كان فقيها ومتكلما وشاعرا وخطيبا ومتفقه في الدين ولد في النجف الاشرف لال الجزائري وكذلك شقيقه الشيخ عبد الكريم الجزائري 1872 – 1962 الذي كان احد زعماء ثورة العشرين وكان فقيها ايضا . وعبد الرحمن البزاز هو السياسي والقانوني وشخصية عراقية قومية ودولية ورجلا فذا ومفكرا ومفاوضا ممتازا ومحدثا ساحرا ذكيا لبقا ظريفا يجمع بين المرونة والبساطة والتواضع والوداعة وبين الصلابة والاعتداد بالنفس وبالاصالة والعلم والثقافة والمركز المرموق. ويعرف قدر نفسه ولا يتدخل في امور ليست من اختصاصه . وكان في طليعة السياسيين العراقيين الذين يدعون الى الديمقراطية والحرية قولا وفعلا لانه من المؤمنين بهما.فقد عاش حياته في سبيل تحقيق احلام وطنه في عراق ديمقراطي حر موحد وبلدا للعرب والاكراد وبقية الاقليات جميعا، بلد المروءة والوفاء والانفة والاباء والسمو والكبرياء ، عراق صلب دون ان يكسر ولين دون ان يعصر لا يتكبر ، كريم مضياف لكنه لا يدع احدا ان يستغله ، عراق دمث صبور ودود ولطيف.
كان البزاز يرى في اختلاف الراي نوع من التفكير ومصادرة الرأي نوع من التكفير . وكان يؤكد دائما انه من انصار الاختلاف الحر بين الاراء وضد التكفير ، ويقول يجب أن نتعامل مع التفكير على أساس أن افتراضات قابلة للتصحيح بتفكير آخر وجهد عقلي ولا خطر من أي تفكير حتى لو كان مليئا بالاخطاء فمواجهة الفكرة بالفكرة الأخرى ، أما اتهام المفكرين ومصادرة آرائهم فتلك كلها أخطاء أكبر فهي عدوان على كرامة البشر وانسانية الانسان المتمثلة في حرية العقل. ويؤكد البزاز أن التفكير ليس خطرا ولكن رفض الحوار هو الخطر. ولأن البزاز غير صدامي فهو يؤمن بالحوار طريقا الى الفهم الصحيح.
ان صفاء سريرة البزاز وطبعه الذي تغلب على المجاملة ورقة أخلاقه واستقامته المطلقة ونزاهته في العمل قد أوجد قناعة مطلقة لدى العراقيين بانه الشخصية المؤهلة لتحديث العراق. اذ أنه كان يحمل مشروعا نهضويا حضاريا للعراق، لأنه كان يحتكم العقل لا العاطفة والحقيقة لا الخيال ويضع المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة .لكنه لم يستطع فجرفته موجة الجهل والعقوق والجحود والنكران ، موجة التخريب والاحقاد والفساد والالحاد ، موجة الشعارات ، موجة البيع والشراء للحناجر وللاقلام والضمائر الفاسدة العفنة في زمن الخطب الطنانة التي تعمل في الشعب تفريقا وتمزيقا وتنكيلا وتضليلا.
وحينما اطاح الرئيس عبد السلام محمد عارف بسلطة البعث في العراق في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1963 وكلف العميد الطيار الركن عارف عبد الرزاق بتشكيل حكومة جديدة بدلا من حكومة الفريق طاهر يحيى في 6/9/1965 شغل البزاز فيها منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وحينما قام عارف عبد الرزاق بمحاولته الانقلابية الاولى الفاشلة بعد عشرة ايام من تشكيله الحكومة اي منتصف ايلول كلف الرئيس عارف البزاز بتشكيل الوزارة واستمر فيها حتى مصرع الرئيس عارف بسقوط طائرة الهلكوبتر التي كان يستقلها ليلة 13 نيسان 1966 وانتخاب شقيقه عبد الرحمن عارف رئيسا للجمهورية كلف البزاز مرة اخرى بتشكيل الوزارة واستمر فيها بالرغم من محاولة الانقلاب الفاشلة الثانية التي قادها عارف عبد الرزاق في 30 حزيران 1966 .الا ان التكتلات العسكرية داخل القوات المسلحة العراقية اجبرت البزاز على الاستقالة يوم 6 آب/اغسطس 1966 .
سياسة البزاز الداخلية
الزم البزاز نفسه حينما شغل منصب رئيس الوزراء في عهد الرئيسين الاخوين عبد السلام وعبد الرحمن عارف بتحقيق وحدة العراق والحفاظ على سيادة القانون واراد ان يكون العراق عراق الجميع عربا واكرادا واقليات ..وكان البزاز عاقدا العزم على انهاء الحكم العسكري الذي استمر ثماني سنوات .اذ انه كان يكره اقحام الجيش في الحكم والسياسة فمجال الجيش كما يرى البزاز هو بين الثكنة والجبهة فهو كالقطار حينما يخرج عن الخط تكون الكارثة. لذلك لم يرق لعدد من العسكريين فعملوا على اقصائه واقالته عن السلطة لينفردوا بالحكم.
كان البزاز يؤمن بحرية الصحافة ويقدر رسالتها ويقول ان الواجب ان توضع القوانين لحمايتها . وكان يؤكد ان الذي يحمي الصحافة ليس القانون فقط بل شعور المسؤولين باهمية الصحافة.
القضية الكردية
كان البزاز يرى في القضية الكردية مشكلة العراق الاساسية ويقول انها مشكلة العراق الاساسية المرتبطة بوجوده.لذلك عمل ما في وسعه من اجل اعادة الامن التام الى ربوع العراق كافة والحفاظ على وحدة تربته ووضع حد للمآسي التي قاسى منها العراق.
وفي التاسع والعشرين من حزيران /يونيو 1966 اعلن رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز بيانا لحل القضية الكردية يتضمن اثنتي عشرة مادة . واكد البزاز في بيانه هذا ان الحكومة وحدها هي المسؤولة عن أمن المواطنين من اقصى شمال العراق الى جنوبه كما انها مسؤولة عن أمن البلاد الداخلي والخارجي وقال ان لها جيشها الشجاع وقواتها المسلحة النظامية المخلصة ما يمكنها من اداء واجبها المقدس.
سياسة البزاز الخارجية
اما سياسة عبد الرحمن البزاز الخارجية فقد بذل جهودا من اجل اقامة علاقات عربية واسلامية ودولية سليمة مع جميع الدول. وكان يرى ان العراق بوضعه الراهن تحده دول اسلامية غير عربية وتحده من جهة اخرى اقطار عربية شقيقة وان سياسة العراق تجاه الدول المجاورة غير العربية هي الرغبة الاكيدة في التعايش السلمي والتعاون المخلص في المجالات الثقافية والاقتصادية وتحقيق معاني حسن الجوار . اما سياسته تجاه الدول العربية فيقول انها واضحة المعالم فنحن جزء من الامة العربية ومصيرنا مرتبط بها.
كما بذل مساع كبيرة من اجل تحسين وتطوير علاقات العراق مع جارته تركيا وكان اكثر ما يهتم به البزاز مسالة مياه نهري دجلة والفرات اللذين ينبعان من الاراضي التركية وكان حريصا على حصة العراق من المياه كاملة دون المساس بها من قبل السلطات التركية.
حينما قام انقلاب 17 تموز/يوليو 1968 كان البزاز في لندن للعلاج وعاد الى بغداد ثم اعتقل عام 1969 بتهمة التآمر والتجسس لحساب اسرائيل وخرج من السجن مشلولا وفاقدا للنطق بسبب جلطة في الدماغ وظل هكذا حتى انتقل الى جوار ربه في 28حزيران/يونيو 1973..
اي قبل يومين من ما سمي بمؤامرة ناظم كزار مدير الامن العام الذي نفذ فيه الاعدام بعد ثلاثة ايام من وفاة البزاز الذي تعرض الى تعذيب نفسي وجسدي على ايدي جلاوزة صدام حسين وناظم كزار الذين قلعوا له في ليلة واحدة اظافره العشرين من اجل ان يعترف لهم انه كان مواطئا مع الكويت للقيام بانقلاب ضد نظام حزب البعث الا ان البزاز كان يرفض ذلك لعدم وجود مثل هذه التهمة الا في مخيلة نظام البكر – صدام . فقد طلبوا من البزاز ان يظهر على شاشة التلفزيون ليقول ان الكويتيين سلموه مبلغ ثلاثة ملايين ونصف مليون دينار لتمويل عملية الانقلاب المزعومة ونتيجة لاصرار البزاز على رفض ذلك كان يتعرض الى المزيد من التعذيب فقد ربطوه واقفاعلى باب خشبية لمدة ثلاثة ايام دون ان يعطوه قطرة واحدة من الماء بل زيادة في التعذيب كانوا يفتحون حنفية الماء امامه كما وضعوه في زنزانة بمساحة متر مربع واحد ظل فيها واقفا لمدة ثلاثة ايام بعدها جاءه ناظم كزار ووضعه في زنزانة ورموه على ارضها المفروشة بالاسمنت المسلح دون اي فرش. كما تعرض ذات مرة الى ضربة قوية على راسه وتعرض الى صعقات بالتيار الكهربائي سببت له تخثر في الدماغ التي ظل يعاني منها حتى وفاته .واخيرا قدم الى محكمة صورية وفي المحكمة دخل احد شهود الاثبات ضد البزاز واخبرهم انه كلفه بالاتصال بالكويتيين ضمن المؤامرة الانقلابية .عندها شرح البزاز للمحكمة القصة الحقيقية لهذا الشخص الذي تبين فيما بعد انه احد عناصر اجهزة المخابرات العراقية الذي سبق له ان زار البزاز في بيته واخبره بان له قضية مع وزارة الدفاع الكويتية وطلب منه مساعدته بتزويده برسالة الى وزير الداخلية انذاك الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح . الا ان البزاز اخبره انه لا علاقة له بالشيخ سعد لكن بالامكان مساعدته بتزويده برسالة الى الدكتور محمد ناصر وزير الثقافة والاشاد في حكومة البزاز والذي كان مقيما في الكويت ويعمل استاذا في جامعتها . ورغم ذلك حكمت المحكمة على البزاز بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة التجسس والتامر كمل منها سنتين ونصف ثم اطلق سراح مشلولا وفرضت عليه الاقامة الجبرية في منزله وذلك بعد العديد من الوساطات التي بذلتها عدة شخصيا منها الزعيم الليبي معمر القذافي الذي زار بغداد لهذا الغرض ووعده الرئيس احمد حسن البكر قائلا اننا سنطلق سراحه بمجرد مغادرة طائرتك مطار بغداد الا ان ذلك لم يتم كما بذل الشخصية اللبنانية الوطنية كمال جنبلاط وساطة مماثلة لاطلاق سراحهكما توسط القادة السوفييت لاطلاق سراحه وكذلك بذلت المملكة العربية السعودية جهودا لاطلاق سراحه فتوجه الى بغداد بطائرة خاصة الامير سلطان بن عبد العزيز كما بذل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات جهودا مماثلة لاطلاق سراح البزاز لكن كانت كل تلك الجهود دون جدوى كما بذل عدد من المسؤولين والوزراء العراقيين جهودا وتوسطوا لدى الرئيس البكر لاطلاق سراح ومنهم الدكتور احمد عبد الستار الجواري وزير التربية والدكتور عزة مصطفى وزير الصحة والسفير حمد دلي الكربولي لكن دون جدوى بل بالعكس كان التعذيب يزداد بعد كل محاولة توسط.
لقد تطوع العديد من المحامين العراقيين للدفاع عن عبد الرحمن البزاز وبذلوا جهودا لتبرئته الا ان الحكم كان قد صدر قبل بدء المحاكمة ومن بين المحامين حسين جميل وفائق السامرائي وشوكت حبيب الشبيب . وكان السيد فائق السامرائي قد نصح البزاز قبل ذلك بان يبقى في لندن ولا يتوجه الى بغداد عقب انقلاب 17 تموز 1968 وقال له ان الرئيس عبد الناصر طلب مني ذلك ويحذرك من السفر الى بغداد لان االحكم البعثي الجديد سوف لا يتركه وشأنه.
1001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع