نادي الاعظمية الرياضي، ذكرياتي عن الرياضة فيه ومنها الرحلة الى اسطنبول ودورالنادي في مجتمع المدينة، خاصة في مهرجانات الاعياد المبهجة

نادي الاعظمية الرياضي، ذكرياتي عن الرياضة فيه ومنها الرحلة الى اسطنبول

ودورالنادي في مجتمع المدينة، خاصة في مهرجانات الاعياد المبهجة


الدكتور عماد اكرم الهاشمي

قام السادة الاخوة من آل الدوري الكرام في مدينة الاعظمية - وهي احدى احياء بغداد - (مع حفظ الالقاب والترحم على من غادرونا الى الدار الآخرة) كل من سعدي ومصطفى وعدنان وكنعان الدوري بتأسيس هذا النادي الرياضي العريق عام 1951، اي قبل أكثر من سبعين عاما.

 فريق النادي لكرة السلة للعام 1957

حيث تظهر خلف الفريق ابنية النادي في داخله من غرف الادارة وغرف اللاعبين والحمامات وقاعة الاستقبال، كما ويلاحظ كان هناك اشجار كبيرة متنوعة تظهر احداها في وسط خلفية الصورة.

لقد كانت مساحة النادي كبيرة نسبيا تحوي الابنية المذكورة والملعب وحدائق ومناطق مفتوحة.
يتملكني الان وانا اتمعن في هذه الصورة حنين جارف من الالفة والذكريات الجميلة في كل ركن وموقع فيه وتكاد تخرج مني حسرة كامنة من سنين من ذلك التعلق بالمكان والذكريات فقد كان ارتيادي للنادي ومشاركتي في أكثر من لعبة واحدة ضمن فرقه كاد ان يكون يوميا خلال فترة الصبا والشباب التي سأعود اليها لاحقا.

ولنعود للصورة هذه فهي للفريق السلوي الاقدم مني وهم الرواد في كرة السلة واغلبهم كانوا ضمن منتخب العراق في اللعبة وكنت محظوظا في اللحاق واللعب مع بعضهم في وقت لاحق وهم من اليسار كنعان الدوري ثم سهيل النقيب يليه عدنان الدوري ثم وائل الكسار،اما الباقون فللأسف لم تسعفني الذاكرة لتذكر اسمائهم.

كان النادي منذ الخمسينات والى بداية السبعينات من فرق المقدمة في مجالات عديدة خاصة كرة السلة والمصارعة ثم رفع الاثقال فقد كان يحوي على نجوم تلك الالعاب والفرق،ففي كرة السلة كان يتنافس في الخمسينات مع نادي المنصور (سمي لاحقا نادي الكرخ) الذي كان من نجومه طارق حسن الملقب بحرامي بغداد, وكذلك فريق كلية بغداد ومنهم ابراهيم حكمت سليمان، وفي الستينات مع نادي الهواة الذي كان يضم باسل وعادل عبد المهدي واحمد الحجية.
وقد لعبت ضد كل فرق الستينات في سباقات دوري الدرجة الاولى، وغالبا ما كان النادي ندا قويا لفرق المقدمة وحصل على كؤوس عديدة في تلك البطولات.
اما في المصارعة فكانت فرقه بحق تحوي ابطال العراق المرموقين مثل حسن عبد الوهاب واموري اسماعيل وعبد الرزاق محمد صالح وكريم رشيد وجبار وآخرين.

ما علاقتي انا كاتب هذه السطور في هذا النادي وباختصار شديد؟

اذكر أني منذ طفولتي كنت مغرم باللعب والحركة واصبحت بعدها شديد التعلق بكرة السلة وكرة الطائرة وكرة المنضدة وحتى كرة القدم التي اعترف أني لم أبرع بها ابدا مع أني اتابعها لحد الان من دون كل الرياضات الاخرى خاصة الدوري الإنكليزي.

اذكر ان بدايتي مع النادي، الذي لا يبعد عن سكناي حينها الا حوالي 200 متر فقط، وكنت حينها في المرحلة الابتدائية، ارتاده لمشاهدة المباريات ثم بعدها مع تقدمي في العمر تم اختياري ضمن فريق الناشئين فيه (الذي كان يسمى هكذا آنذاك) ثم تقدمت حتى اصبحت من فريق الدرجة الاولى للنادي في سباقات الدوري ليس فقط في كرة السلة بل في كرة الطائرة ايضا.

وإذا عدت للوراء قليلا اشاهد في مخيلتي شريطا يمر بسرعة أني مثلت منتخبات كل المدارس التي درست فيها من الابتدائية (مدرسة التطبيقات التي سيرد ذكرها) والمتوسطة والاعدادية وحتى فريق كلية الهندسة في العاب كرة السلة والطائرة..

الصورة من ارشيفي السابق لفريق كلية الهندسة السلوي

وحتى اختم في النتيجة كان الاهم في مسيرتي في كرة السلة اختياري ضمن منتخب بغداد الاهلي (كان هناك منتخب عسكري) واذكر ان الزميل (فهرام ستراك) كان كذلك من الذين اذكرهم الان.
ويعتبر الفريق الاهلي مع العسكري من قمم منتخبات العراق وكنت حينها العب لنادي الاعظمية الذي كان له الفضل الاكبر في تطوير مهاراتي.

ومن الملاحظ ان عدد من الصحف المحلية في بغداد وفي صفحاتها الرياضية كانت تنشر اراء وتحليلات للمباريات المهمة مع ارفاق صور بعض اللاعبين الذين يرى محللو تلك الصفحات انهم أجادوا خلال المباريات المختلفة، واذكر أني رأيت اول صورة لي وكنت في الخامس اعدادي او في السنة الاولى في كلية الهندسة
كما ان المحرر الرياضي الاستاذ عبد الجليل موسى (لازلت اذكره) أطلق علي لقب "الشيطان الصغير" فقد كنت من أصغر اللاعبين عمرا حينها وهي كنية تقديرية محببة كما هي كنية حرامي بغداد المار ذكرها.

كان من لاعبي النادي زملاء كثر قسم منهم ترك هذا النشاط واخرين لم اعد اذكر اسماءهم تماما ومن الذين اذكرهم نزار الساقي مثلا وموفق الخالدي وضياء الامام الذي زاملني في كلية الهندسة ونتواصل لحد الان بكل مودة وتقدير.
ولا يفوتني ان أشير الى أن الكثيرين حتى من بعض معارفي الرياضيين في النادي غير ملمين تماما من ان تمكني في كرة الطائرة، كان يفوق (كما ازعم) اي من الرياضات الاخرى ويرجع الفضل اولا لمدربي في نادي الاعظمية سلطان الشاوي (الدكتور ورئيس الجامعة المستنصرية لاحقا) وكان حينها من أمهر اللاعبين، ومن ثم خضعت مع فريق الاعدادية لتدريب خبير جيكوسلفاكي انتدب من وزارة المعارف حيث تعرفنا على اخر تقنيات اللعبة واستفدنا كثيرا وكان تدريبنا في ملعب دار السيد رشيد عالي الكيلاني في الصليخ المؤجر من وزارة المعارف.

وانا اذكر علاقتي بهذه اللعبة ذلك أني ترشحت سنة 1961 ضمن المنتخب الوطني وأبلغني بذلك حينها مسؤول الفريق واللاعب المعروف سلمان داود المكنى (فرس النبي) وان العراق سيشارك في الدورة الرياضية العربية الثالثة سنة 1961 في المغرب وكنت سأشارك مع منتخب فريق الكرة الطائرة فيها وبدأنا في التدريب للمشاركة الا ان العراق لاحقا امتنع عن المشاركة واذكر ان الاسباب كانت سياسية!
وكانت حصيلتي من تمثيل النادي والمدرسة الاعدادية أكثر من ثلاثين كأسا فقدت جميعا بعد مغادرتي العراق مع باقي مقتنياتي اوائل التسعينات.
وهنا لابد ان اذكر ملاحظة بان تقنيات لعبتي كرة السلة والطائرة قد تغيرت كثيرا عن الزمن الذي اورد فيه هذه الذكريات فقد أصبح الاعتماد على بنية وطول اللاعبين جانبا اساسيا في هاتين اللعبتين مع بعض التقنيات الأخرى.

يقع النادي في مكان مميز من مدينة الاعظمية التي سميت وانشأت اصلا حول مرقد الامام الاعظم ابي حنيفة النعمان.
فهو يقع على شارع مهم يؤدي الى المقبرة الملكية التي دفن فيها ملوك العراق الهاشميين طيب الله ثراهم خلال النصف الاول تقريبا من القرن الماضي

هذا الشارع المهم واسمه شارع الشباب. على ما أتذكر، يحيطه من جانبيه ابنية مهمة من الناحية المعمارية والجمالية كما ان نهايته (او بدايته لا فرق) يشخص مبنى المقبرة الملكية كما ذكرت والتي صممها مهندس انكليزي بهذا الشكل الرائع.
وعلى جانبي الشارع تقع ابنية تعليمية أولها يمينا بناية جامعة آل البيت التي اسست في عشرينات القرن الماضي والتي اصبحت لاحقا دار المعلمين الابتدائية، يليها بمسافة قريبة مدرسة التطبيقات الابتدائية (مدرستي) ثم من يسار الصورة يكون موقع مدرسة اعدادية الاعظمية للبنين يليها " نادي الاعظمية الرياضي".
وبعده تماما يقع مبنى اعدادية الاعظمية للبنات، وكان من حظي الوافر ان تكون المدرستين الابتدائية والإعدادية المذكورتين هما من اكملت دراستي فيهما فقد كانت ابنية هذه المدارس ابنية نموذجية من ناحية تصميمها ومساحاتها ومرافقها فقد صممتها المعمارية الرائدة الين (Eleanor ) الايوبي وهي امريكية الاصل وكانت زوجة نجل رئيس الوزراء في العهد الملكي المعمار نزار جودت الايوبي حيث كانت زميلته في الدراسة في جامعة هارفرد المرموقة. اما بناية جامعة آل البيت الاولى يمينا في الصورة فتعد من أبرز معالم العمارة الاسلامية الحديثة والتي صممها المهندس البريطاني موليسونJames Mollison
الذي شغل منصب المهندس المعماري للحكومة آنذاك والبناية مستوحاة من العمارة العباسية مع لمحات حداثوية نسبيا.

اخيرا ما دمنا نتكلم عن موقع النادي الرياضي فان موقعه يبعد عن المقبرة الملكية يسارا حوالي 250 مترا على اعتبار عرض الشارع حوالي ثلاثين متر ومن المؤسف ان اذكر ان هذا الموقع وابنيته قد الغي استعماله وبدأت فيه أبنية اخرى في حين انتقل النادي مع مسماه الى موقع النادي الأولمبي في ساحة عنتر في الاعظمية في فترة لاحقة.

الرحلة الى إسطنبول:

في صيف عام 1962 كانت لنا رحلة مؤلفة من فرق النادي لكرة السلة والمصارعة الى تركيا واسطنبول بالذات. ترأس الوفد الاستاذ عدنان الدوري أحد المؤسسين كما ذكرت يساعده منعم البياتي اداريا.

تألف هذا الوفد من حوالي عشرين رياضيا حيث غادرنا بالقطار (ويسمى قطار طوروس) من المحطة العالمية في بغداد وكان اغلبنا قد حوًل ما عنده من دنانير عراقية وازعم انها محدودة حيث تكفل النادي بمصاريف السفر وكذلك بمصروف يومي لكل فرد من الوفد. واذكر ان تحويل الاموال جرى في الشارع الذي يقع خلف مصرف الرافدين نزولا من شارع الرشيد حيث كان يتواجد الصرافون وللعلم كان الدينار العراقي يعادل 15 ليرة تركية وهذا جعلنا ننعم باستقرار مادي نوعا ما فالمعيشة في تركيا كانت زهيدة والدينار العراقي قوي جدا حينها.
كانت الرحلة طويلة استغرقت ثلاثة ايام بقطار طوروس البطيء! الذي اخترق عدة إنفاق ومر من بغداد للموصل ثم تل كوجك ونصيبين وادنه في تركيا والى غازي عنتاب واسكي شهر حتى اسطنبول.
وترجلنا في محطة قطارات حيدر باشا الشهيرة وتقع في الجانب الاسيوي من المدينة.

وأحب ان اذكر بعض ما مررنا به في تلك الرحلة الطويلة في القطار الذي لم تتوفر لنا فيه منامات للجميع بل كان كل واحد منا يجد ما يناسبه ليقضي ليلته وكانت مقاعد الجلوس أحسنها واريحها او افتراش ارضية القطار وحتى الصعود والنوم فوق مسند الامتعة الموضوع اعلى مقاعد الجلوس، وكنت ممن يفضل هذا المكان العالي على ضيقه اعتقد لخفه وزني حينها، واستمرينا على ذلك بدون اي تذمر فقد كنا في سن الشباب وكانت تجربة لم نعهدها سابقا وهي جديدة تماما بل مشوقة.
المهم بعد وصولنا الاراضي التركية بالقطار بمسافة واول دخولنا انفاق الطريق تراكض المسافرون الاتراك الى القفز لإغلاق جميع نوافذ القطار في العربات التي يجلسون فيها, ولم نعرف السبب الغريب هذا الا بعد حين عندما امتلأت عربات القطار (الفاركونات بالمصطلح حينها) بدخان اسود قاتم يسمى "هيس" تلطخت ملابسنا به وحتى اوجهنا وتعلمنا بعدها القفز السريع لإغلاق تلك النوافذ حين مرورنا بالأنفاق الاخرى، فقد كانت قطارات ذلك الزمان تستخدم الوقود الحجري الذي يبعث خارجا ذلك الدخان الاسود الكثيف الذي ينحصر داخل الانفاق التي نمر بها ويدخل بقوة من النوافذ المفتوحة.
كان طعامنا هو بعض المعلبات وما جلبه كل منا معه وأحيانا مما نشتريه من المدن العديدة التي يتوقف فيها القطار خاصة الخبز التركي (اكمك بالتركية)

عند وصولنا اسطنبول نزل الوفد في فندق اعتيادي كل ثلاثة منا او أكثر او اقل في غرفة واستمتعنا بأجواء المدينة الساحرة وخلال هذه الزيارة التي استمرت شهرا زرنا اسواقها وبعض معالمها التاريخية كالجامع الازرق او جامع السلطان احمد وزرنا الجزر السياحية الجميلة بالبواخر كجزيرة يلوة وبيك اده والتي يمنع فيها التنقل بالسيارات بل فقط هي للمشاة والعربات التي تجرها الخيول او حتى استئجار الحمير للركوب والتنقل. وهو ما عملته انا وغيري من الوفد واذكر ان الحمار الذي كان معي ابى صعود مرتفع في الجزيرة برغم محاولاتي المتعددة وبقي واقفا بدون حراك ولم أجد حلا الا ان اترجل عنه واقوده بنفسي لمسافة ليست قصيرة.
وقبل ان اتكلم عن مهمتنا الاولى وهي اجراء مباريات وتمارين في كرة السلة والمصارعة مع فرق تركية للاحتكاك وتحسين مستوياتنا في هذين المجالين الرياضيين، لاحظت ببعض الاستغراب ان جميع اسواق المدينة لا يوجد فيها اي بضائع اجنبية مستوردة الا نادرا الى الدرجة التي ادهشتنا, فحتى ان كرة السلة القياسية ذات اللون الاحمر وغلافها المحبب التي نستخدمها في العراق وفي الكثير من دول العالم كانت تختلف عن تلك التي تستعملها النوادي التركية والتي استخدمناها في مبارياتنا معهم، فقد كانت كرة محلية الصنع بلون مختلف وتبدو كصناعة ليست بمهارة عالية ولكن مقبولة نوعا ما.
الملاحظة الاخرى التي تجلب الانتباه هي ان طبوغرافية المدينة جبلية غير مستوية وعندما نستخدم التكسي للانتقال كان جميع السواق يسرعون بإطفاء محرك سياراتهم في الشوارع المنحدرة ولمسافات طالت او قصرت ثم تعلمنا ان ذلك سلوك أيضا لتوفير الوقود, ولا حاجة لي الان للدخول في مناقشات حول ما إذا كان كل ذلك قد ادى بالبلد اقتصاديا في ان يعتمد على نفسه ويتطور بمرور الزمن الى ما نعهده عنه من قوة اقتصادية حاليا.

لنعد للجانب الرياضي الآن، فقد جرى الاتصال مع أحد فرق المقدمة في اسطنبول لكرة السلة وهو نادي غلاطة سراي لإجراء مباريات معه كانت اول مباراة لنا واسرد ما جاء في توثيق نشاط وفدنا الرياضي الذي نشره قبل فترة مشكورا الاستاذ محمد امين العمري:
"خاض فريق كرة السلة لنادي الاعظمية الرياضي مباراته الاولى مع نادي غلاطة سراي يوم 15 تموز 1962 واسفرت عن فوز الفريق التركي بنتيجة 75 مقابل 63 لنادي الاعظمية الذي كان نداً لفريق كبير ينافس في البطولات الاوروبية حينها وكان يحوي ابطالا معروفين في اللعبة. كما لعب نادي الاعظمية مباراة ثانية مع فريق (يشيل كوي) وهي ضاحية جميلة على البحر من ضواحي اسطنبول وضم الفريق التركي اللاعب الشهير(تونجر كوبانير) وذلك يوم الجمعة 20 تموز 1962 هذا واذكر ان الملعب كان بمدرجات جميلة ومملوء بالمتفرجين الشباب من الفتيات خاصة.
كان مدرب فريقنا الأستاذ عدنان الدوري واللاعبين وائل الكسار وسهيل النقيب وحكمت محمد وكريم المشهداني وصباح الخطيب وزهير محمد صالح وعماد الهاشمي وفائق العاني ثم منعم حسين وقد نشر الاخ العمري استمارة تسجيل المباراة تلك في وقت سابق كما ذكرت

اما فريق المصارعة لوفدنا فقد ضم مجموعة من ابطال العراق حينها ومنهم اموري اسماعيل (الدكتور ونائب رئيس جامعة بغداد لاحقا) وحسن عبد الوهاب ورحومي وخلدون عبدي وآخرين غابت عني اسماؤهم وجرت لقاءات ودية وتمارين مع مصارعي نادي غلاطة سراي واذكر منهم المصارع المشهور حميد كبلان حيث كانت تركيا من دول المقدمة عالميا في المصارعة.

وقبل العودة لبغداد بعد هذه الرحلة التي استفاد منها الجميع وقضينا امتع الايام كان الاستاذ عدنان الدوري قد حاول شراء بدلات رياضة للوفد (تراك سوت) ولكن كما ذكرت سابقا لم يكن ممكنا ايجاد بدلات جاهزة واذكر انني ذهبت مع اخرين والاستاذ عدنان الى أحد الخياطين وفصل لنا بدلات بثلاثة مقاسات بلون ازرق ليس بالغامق وكانت في غاية الشياكة ميزتنا لاحقا بعد عودتنا لبغداد واستمرار نشاطنا في الدوري السلوي لفترة ليست قصيرة عدنا بعدها بنفس الطريقة في قطار طوروس من اسطنبول لبغداد ولكن مررنا وتوقفنا في مدينة حلب وزرنا قلعتها الشهيرة واذكر للآن أني اكلت مع اخرين الذ كباب (ساطور) فيها وطلب احد الاندية في حلب ان يجري مباراة معنا ولكن رفضنا اي عرض مشابه فقد كانت سورية حينها في فترة انفصالها من الوحدة مع مصر وكان لنا موقف معارض من ذلك الانفصال.
ثم غادرنا بعد يوم او يومين الى دمشق وزرنا سوق الحميدية المعروف والمسجد الأموي على ما اذكر.
واخيرا عدنا لبغداد الحبيبة بعد حوالي شهر من مغادرتنا لها.
من المناسب ان اذكر ان تمويل هذه الرحلة كان من موارد النادي الذاتية التي كان يحصل عليها خاصة في مهرجانات الاعياد مما مكن ادارة النادي من تمويل مثل هذه الرحلة وتوفير أفضل التجهيزات والخدمات الرياضية وهذا ما اورده في الفقرة التالية.

النادي اجتماعيا ومهرجانات الاعياد:

لم يكن نادي الاعظمية من نوادي النخبة رياضيا في العراق فحسب، بل كانت له صفه اخرى اعتقد انها قد لا تقل اهمية عن الاولى.
فقد جمع لفترات طويلة العديد من شباب المنطقة وحتى خارجها احيانا فكان تجمعا يلتقي فيه الكثير من مرتادي النادي بصورة شبه دائمة، وتشكلت علاقات اجتماعية وصداقات وتعارف لا زال بعضها قائما للآن، فقد كان يعتبر البيت الثاني للكثيرين تعلمنا فيه مبادئ في التعامل والسلوك القويم والاحترام للكبير، خاصة وان عدد كبير من الرياضيين ومرتاديه كانوا بداية في سن صغيرة تتقبل التعلم وتشكيل شخصية قويمة.
كان للنادي صالة استقبال للجلوس والاستراحة فيها بليارد صغير وطاولات يقدم فيها المشروبات الحارة والساخنة وكثيرا ما كانت تحوينا خاصة بعد التدريب اليومي للاعب سواء كرة السلة او الطائرة ام المصارعة ورفع الاثقال. وكنت محظوظا (أني وجدت الصورة ادناه) لبعض الاصدقاء من رياضيي النادي في تلك الصالة واحب ان اذكر اسماء من سأتذكر منهم للتوثيق والذكرى

فمن اليسار وقوفا لاعب السلة نزار بهاء الدين (تخرج من كلية الشرطة ثم ترقى في الرتب) ثم الاستاذ عدنان الدوري المدرب والاداري الاول والذي سأتقدم له ببعض كلمات الشكر لاحقا، يليه باسل كمال لاعب كرة الطائرة ورياضة رمي الثقل (الذي كان في السلك الدبلوماسي حسب ما اذكر) اما في الامام واقرب للكامرة فهو كاتب هذه الذكريات، ويجلس خلفي كريم المشهداني لاعب السلة المدرب يليه زميل الدراسة الثانوية وبعدها الدراسات العليا في بريطانيا مازن النقيب الدكتور في الهندسة ويسكن في بريطانيا وهو لاعب كرة السلة ثم في أقصى اليمين الصديق دريد الخياط (رحمة الله عليه حيث توفي في عمر مبكر)وهو ايضا من لاعبي كرة السلة.

من جانب آخر كان النادي يقيم مهرجانين في كل عام خلال عيدي الفطر والأضحى المباركين فيتوفر ضمن مساحاته العاب للأطفال وبعض وسائل التسلية الاخرى ويرتاده جمع غفير من سكان المنطقة كبارا وصغارا للتمتع بتلك الالعاب الترفيهية، وكنا اعضاء النادي نقوم بإدارة هذه الالعاب ونجمع في نهاية كل يوم من ايام تلك الاعياد كلف استخدام كل فقرة من الفقرات التي يستخدما الحضور.
واذكر ان لم تخني الذاكرة ان دخل النادي في كل عيد كان حوالي الف دينار عراقي وهو مبلغ كبير نوعا ما خلال ستينات القرن الماضي مما كان خير معين في تمويل احتياجات اللاعبين من نفقات متنوعة كتوفير التجهيزات الرياضية والنقل وادامة بناية النادي حتى ان ادارة النادي تمكنت من بناء قاعة رياضية مغلقة, واعود للتذكير ان مصاريف رحلتنا المذكورة اعلاه لتركيا كانت أيضا مغطاة من ريع تلك المهرجانات التي لم توفر موردا حيويا للنادي فحسب بل كان لذلك التجمع الجماهيري جانب من التفاعل والتكاتف الاجتماعي بين رواد تلكً المهرجانات من مدينة الاعظمية من خلال انشاء صداقات وتعارف وقضاء وقت بهيج وقد ينتج من كل ذلك قصص وذكريات وبالذات لمن هم في سني الصبا ولكن كل ذلك كان ضمن انضباط وسلوك ملتزم فمدينة الاعظمية غالبتها من الطبقة المتوسطة والمهنية عادة ونجد عدد قليل في مدينة بغداد العاصمة بمثل هذا المجتمع المحلي المنفتح نسبيا في ذلك الزمن البعيد
واخيرا لا يمكنني الا الترحم والمواساة الصميمة الى الاصدقاء والمعارف الذين ذكرت بعضهم ممن غادرونا الى رحاب الله ومنهم المرحوم استاذ الرياضة في الاعدادية والنادي المرحوم الفاضل احمد عبد الرزاق والمرحوم سهيل النقيب والمرحوم وائل الكسار الذي فجعنا باستشهاد ابنه في الاحداث المأساوية عامي 2006-2007 مع دعواتي للزملاء الاخرين بالصحة والسلامة.
وهنا لابد لي من أحيي ذكرى أحد مؤسسي النادي ومدير هيئته الادارية لاحقا الاستاذ الفاضل رحمة الله عليه عدنان الدوري الذي كان يمثل لي ولآخرين كثر قدوة في الاخلاق الراقية فقد كان مربيا بحق ورياضيا رائدا وفي فترة الستينات شغل منصبا لائقا في وزارة الخارجية وكان في وقت ما مرشحا لشغل وزارة الشباب لصفاته المتميزة تلك، رحمه الله واسكنه فسيح جناته.

ملاحظة: حاولت الاسهاب قدر الامكان فهناك الكثير من الاحداث والذكريات والشخصيات وحتى مساحة الصور المرفقة التي لم يسعني فيها الا الاختصار الشديد.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

465 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع