اذاعة "صوت الكلدان" في ديترويت: 33 عاما من العمل الطوعي والألق

  


اذاعة "صوت الكلدان" في ديترويت: 33 عاما من العمل الطوعي والألق

   

  

                         


لم تكن تلك الأنطلاقة قبل 33 عاما الا "مغامرة" لم يعي اي منهم حجمها الا بعد  ان اينعت وتفرعت اغصانها وثبتت جذورها عميقا في وجدان الجالية العراقية بديترويت، وفي مدارها الأعلامي.

تلك بأختصار هي قصة مجموعة من الشباب الكلدان العراقيين الذين جمعتهم الغربة وظروف العراق اوائل الثمانينات لتنطلق في مشروع "الأذاعة الكلدانية" في ديترويت. كان يحذوهم املا بتقديم افضل النتاجات والحقائق للناس، مدفوعين بأهداف انسانية وقومية مشروعة،وقد تكون مقولة (ميردث مونك)* خير توصيف لأنطلاقتهم الأذاعية آنذاك ولليوم: "ذاك الصوت الداخلي المنبعث، والممتلئ بالرقة والدماثة والوضوح، وحتى تحافظ على اصالته، عليك الذهاب بعيدا  في البحث عن الحقائق، حتى تصل لعمقها، للعظم، من اجل الحقيقة وحتمية الأشياء".

      

"صوت الكلدان" عبر الأثير
يقول السيد "فوزي دلّي" عن تلك البداية كونه احد مؤسسيها مع زملائه ( شوقي قونجا وضياء ببي ) الذين لا زالوا مواكبين بالمسيرة لحد اليوم , واخرين تركوا العمل ولكنهم بقوا متواصلين .
تأسست إذاعة صوت الكـلدان سنة 1980 من قِـبل نخـبة شبابـية كـلدانية واعِـدة كانت تنشط في (نادي الشبـيـبة الكلداني الأميركي) اكثر الأندية نشاطا بتقديم الفعاليات المختلفة ومنها المطبوع الجميل، مجلة بأسم ( شمس الكلدان ) والتي توقف اصدارها  بعد التوجه  والتفرغ  للبث الأذاعي، حـيث بَـدأتْ الأذاعة حـينذاك بمعـدّل ساعة واحـدة في الأسبوع وكانت بأسم ( أذاعة صوت الشبيبة الكلدانية )  وتبث مباشرة كل يوم سبت الساعة الواحدة ظهرا، بعد اذاعة الكنيسة الكلدانية. في سنة 1982 وبعد توقف اذاعة الكنيسة وبطلب من سيادة المطران ابراهيم ابراهيم الجزيل الأحترام، اخذنا على عاتقنا ساعة الكنيسة، ليصبح بث اذاعتنا ساعتان،  بعدها وبفترة قصيرة  تطورت توجهات اذاعتنا،من اذاعة للشبيبة الكلدانية الى الأتجاه العام والأوسع الذي يهتم بكل الجالية والوطن وشعبنا وقوميتنا الكلدانية، ورافقها تبديل الأسم من "اذاعة صوت الشيبية الكلدانية" الى "اذاعة صوت الكلدان" وأستمر تـطـوّرها حـتى باتت اليوم تبث (خـمس ساعات نهار كل يوم سبت) خـدمة لجاليتـنا الكـلدانية في ولاية مشيـﮔان الأميـركـية وكل الكـلدان في العالم، وهي ملتـزمة وهادفة بـبرامجها الدينية والإجـتماعـية والثـقافـية والفـكـرية والقـومية وهكـذا السياسية أيضاً والأدبية والفـنية مع الفـقـرات الترفـيهـية.هذا اضافة للنشاطات الخاصة،  كـتـقـديم المحاضرات  وأقامة المهرجانات القـومية الكـلدانية (عاصرتا كـلديثا) التي يقـدَّم فـيها كل ما هـو جـديد في الساحة الغـنائية والموسيقية وعروض للأزياء التراثية وتشـجيع تعلّم الدبكات الشعـبـية مع الشـعـر والمسرح وكـل ذلك بلغـتـنا الكـلدانية الجـميلة .
كما تـبث (إذاعة صوت الكـلـدان) أخـبار شعـبنا الكـلداني المنـتـشر في بقاع العالم، فـتـتواصل مع الجـميع وتربطهم بتأريخهم وحـضارتهم ووطـنهم الأم العـراق، وفي ذات الوقـت تـتـصدى وتدافع بقـوة لكل مَن يحاول النيل من خـصوصيتـنا القومية والتأريخـية من خلال تعـريتهم وفـضح أساليـبهم بصورة مباشرة،ويسعدني القول (والحديث مازال للسيد فوزي دلّي): بأن اذاعتنا تمتلك ارقى الأجهزة والتكنلوجيا،  ونضيف لها سنويا، كل ما هو جديد من الأجهزة الحديثة لتضاهي بذلك ارقى المحطات، لا بل هي احدث وارقى حتى من المحطة الرئيسية التي تبث منها برامجنا.  كما اننا ادخلنا  التقنية الرقمية منذ  10 سنين، عبر موقع الأذاعة الألكتروني الذي من خلاله يستطيع اي شخص ومن اي مكان في العالم متابعة برامجنا، او الدخول الى آرشيف الأذاعة للعشر سنوات الماضية ، وفي موقعنا ارشيف للصور عن نشاطات اذاعتنا ونشاطات الجالية الدينية والكنسية ولمنظمات الجالية بعدسة الأخ ساهر يلدو، واخبار الأحتفالات، والأمسيات، والندوات ...الخ
عبرعنوان الموقع:
www.chaldeanvoice.com

كلفة باهضة
وبالتوقف امام كلفة البث، ناهيك عن مصاريف الأجهزة والمراسلين، فمن اين للأذاعة كل هذه الأموال.؟؟

  

يجيب السيد فوزي دلي:
 الإذاعة مؤازَرة ومدعـومة من قِـبل الجالية بكل مؤسساتها الدينية والأجتماعية والقومية، ونخـص بالذكـر الدعـم المتـواصل واللامحـدود من مطرانية الكـلدان وعـلى رأسها سيادة المطران إبراهيم إبراهيم راعي أبرشية مار توما الرسول الكـلدانية في أميركا،

  

       السيدان ساهر يلدو و شوقي قونجا في الأستديو قبل سنين

ويعـمل في الإذاعة متـطـوعـون منـذ أكـثر من33عاماً بـدون كـلل أو ملل،  بل بفـرح دائم  وعـزيمة مستمرة، ويحـظون بتـقـدير وإحـترام وإعـتـزاز من قبل أبناء الجالية، وهـذا بحـدّ ذاته فـخـر للكادر العامل بالإذاعة، وفرحنا وسرورنا أكبر بما نسمعه من كلمات الأطراء التي يطلقها الكثيرون والذين يشيرون إلى مستوى الإذاعة الرفـيع في تهـيئة وتـقـديم البرامج ، اما كلفة الساعة،  فقد كانت في بداية عهدنا بالبث بحدود 50 الى 60 دولار، واليوم تكلف بحدود 300 دولار، اي ان البرنامج  الواحد يكلف 1500 دولار. اما تكلفة الأذاعة للبث وامور الصيانة وتحديث الأجهزة  فتصل  لحوالي 80 الف دولار سنويا.


ماهو مشروعكم للجالية
ولكون مشروع الأذاعة مشروعا كبيرا، وعندما نقول انه مضى عليه 33 عاما، فهناك الكثير من الحكومات لم تدم لهذه السنين، كيف عملتم وماهي برامجكم، يجيب السيد فوزي دلي:
اذاعتنا ليست اذاعة تجارية وهدفها ليس الربح المادي بقدر ما هو تقديم البرنامج المتكامل الهادف والموجهة الى كل الجالية ( ديني – قومي – سياسي – اجتماعي – فكري – لقاءات – اغاني – ثقافة) لذلك نفخر ان نقول بأن اذاعتنا هي اذاعة الجالية الكلدانية العراقية الأمريكية كما يسميها ابناء الجالية،  ومستمعينا هم الداعمين الرئيسيين للأذاعة بالأضافة الى المعلنين.  ولنا مؤازرين يتبرعون بمبلغ الف دولار او اكثر دعما للأذاعة لأنهم يعتبرون الأذاعة اذاعتهم وتخدم تطلعاتهم.  ولا ننسى ابدا الدعم الغير محدود لراعي الأبرشية المطران مار ابراهيم ابراهيم لأذاعتنا. وبهذه المناسبة اود ان اشكروبأسم كادر الأذاعة الجميع لدعمهم ومؤازرتهم وأحييهم بالمحبة والتقدير والأحترام.

هل المحطة مستقلة
برامجكم ونشاطاتكم تدفع المتتبع للسؤال ان كانت المحطة مستقلةام لا، وأن كانت هناك جهات قد حاولت شرائكم او التأثير عليكم؟؟؟

، فيجيب السيد فوزي دلي:
الأذاعة مستقلة ويعمل كادر الأذاعة ومعدّي البرامج بأستقلالية تامة بعيدا عن اي تأثيرات من اي كان،وهذا هو واحد من  اسباب استمرار الأذاعة واعتزاز متابعيها بهذا المنجز الذي يعتبره الجميع ملكا له. نحن دائمي  القول،بأن اذاعة صوت الكلدان هي اذاعة الجالية بكنيستها وجمعياتها ومنظماتها وكل فرد يستمع اليها،  ومنهم نستمد قوتنا ويزداد عطاؤنا. علاقتنا بالكنيسة هي علاقة متينة، وبالذات مع المطرانية الكلدانية، فهم يدعمون الأذاعة ويساندونها ونتواصل معهم بما يخدم الجميع. وتأكيدا لأستقلالية موقفنا، فيسعدني ان اذكر، بأننا وطوال سنوات، استضفنا الكثير من السياسين ورجال الدولة او قادة الأحزاب (خاصة القومية منها) عبر اذاعتنا ووفرنا لهم الفرصة للتواصل مع ابناء جاليتنا العزيزة،  وأخص بالذكر من تشرف بزيارة مدينة ديترويت للألتقاء بالجالية او حتى بأهله، وهكذا الكتاب والأدباء والشعراء واصحاب الأختصاص الأخرين .
اما بشأن التأثير علينا من قبل البعض فأقولها صراحة، نعم كانت هناك محاولات عديدة  ايام النظام السابق، من خلال بعض المأجورين، وذلك بتقديم  العروض والسفرات المجانية،  لكن محاولاتهم  فشلت امام وحدة العمل والفكر بين اعضاء كادر الأذاعة،  والمؤازرة القوية من مستمعينا الذين منحونا مشكورين اكثر مما نطلب، ونشكر الله على هذه العلاقة الحميمة المبنية على الثقة والمحبة المتبادلة .

كيف توفقون
واستكمالا لموضوع الأستقلالية سألت السيد فوزي دلي عن آلية التوفيق بين الأستقلالية والموقف من الأنظمة المتعاقبة؟؟

فقال:
الأستقلالية لا تعني ابدا عدم الأنتقاد او كشف الظالم،  ومؤازرة المظلوم، وفضح القاتل والمرتشي والسارق والمغتصب. ولا تعني الأستقلالية،  السكوت عن الذي يقتل شعبنا ويحرق كنائسنا ويهجّرشعبنا.  ان اذاعتنا تتفاعل مع هموم الوطن،  وشعبنا المسيحي وهموم ابناء الجالية وقوميتنا الكلدانية،  لأن الكلدان هم اصل العراق وتأريخه وحاضره وجزء لا يتجزأ منه. ان سياستنا لم تتبدل منذ ايام النظام السابق، فقد كنّا ننتقد ونفضح،  وهكذا نحن اليوم،  سنبقى ننتقدهم ونفضح كل من يشارك في الجريمة ضد ابناء شعبنا العراقي عموما، وشعبنا المسيحي بالخصوص، حتى يقوم نظام يكفل الحقوق للجميع ويحميهم  بدون تفرقة .

  

مرة اخرى عن البداية
بالعودة للبدايات، سألت الأخ  فوزي دلي عن كادر الأذاعة  ومحطاته وأيام البث الأولى والصعوبات التي واجهوها، والطاقم الموجود الآن؟؟

فأجاب:
الصعوبات دائما تجابه اي عمل،  ومهما كان صغيرا او كبيرا، وتجربة اذاعتنا الكلدانية كانت صعبة جدا وخاصة عند تقديم اكثر البرامج باللغة المحكية "الكلدانية" بالأضافة الى اللغتين العربية والأنكليزية. هذه التجربة نالت استحسان جمهرة المستمعين،  والكثير يثني عليها، اذا ما عرفنا بأن بعض العقليات المتعصبة حرمت اكثرية هذا الشعب من تداول  لغته الكلدانية الجميلة في موطنه الأصلي.  يبقى البث الذاعي، تجربة تحضى بأحترام مستمعينا،  بدليل دعمهم وتواصلهم معنا لأكثر من 33 عاما. حقا  أقول، ان البدايات كانت صعبة جدا، اذا ما علمنا  بأن الجميع لم يكونوا اعلاميين بالمعني الحرفي والمهني،  بل كانوا هواة،  هدفهم هو خدمة الجالية من خلال ايصال الكلمة والخبر الجميل.  اما قضايا التدريب على التقديم والأخراج  وصياغة الخبر وجمع المعلومات وكل الأمور الأخرى،  فقد أثمرت ونمت من خلال جهودنا الذاتية. ومما زاد من صعوبات عملنا آنذاك، عدم وجود الأجهزة المتقدمة ، ناهيك عن ان الملومة كانت تصلنا بصعوبة (بكطع النفس) نتيجة  لعدم وجود شبكة الأنترنيت، وشحة المواد او الصعوبة في الحصول عليها او ترجمتها.
   كان – بيت - اذاعتنا (في الأيام الأولى)  بالطابق الاسفل  من قاعة كنيسة ام الله الكلدانية في ساوثفيلد،  اذ كانت القاعة العليا  مسـخّرة لعمل  أكثر  اندية الجالية نشاطا آنذاك ( نادي الشبية الكلداني الأمريكي) ، ومن الطريف ان اذكر بأن سعة غرفة التسجيل  كانت ضيقة جدا لدرجة انها تتسع لشخصين او ثلاث اشخاص فقط ( المخرج والمذيع وشخص اخر )  اما اذا زاد العدد فتكون النتيجة وقوفا.

      

الذين حملوا المشعل
قد احتاج الى صفحات كاملة لأكتب اسماء الأخوات والأخوة الذين عملوا معنا بتفان ومحبة منذ الأيام الأولى، ومع الأعتزاز بهم  جميعا ، لابد لي من الأشارة الى من حمل وزر الأذاعة وشعلتها منذ بداية تأسيسها  قبل 33 عاما ولحد اليوم،هم الزملاء شوقي قونجا  وضياء ببي  وفوزي دلي...

 

وفي نهاية الثمانينات التحقت بنا المرحومة انتصار يونو التي غادرتنا الى الأمجاد السماوية عام 2013 , كما التحق في بداية التسعينات الأخ ساهر يلدو والأخت جنان سناوي وفي بداية الألفية الثانية التحق معنا الأخ ماهر كانونا  وفي 2012 كانت الأخت وسن وارتان وبعدها الأخت سوسن كيزي , وطبعا نقدم شكرنا للكثير من الأخوات والأخوه الذين عملوا معنا وساعدونا كمتطوعين لفترات قصيرة  أوطويلة،  معتذرا عن عدم استطاعتي ذكر كل الأسماء لكثرتها. ولابد لي في هذا المقام  الأشارة الى دور الكنيسة الكلدانية، وبصماتها في البرنامج الديني،  وبالأخص راعي الأبرشية سيادة المطران مار ابراهيم ابراهيم الجزيل الأحترام  والأب الفاضل مانوئيل بوجي وبقية الكهنة , لهم الشكر والأمتنان .

  
 
كم عدد العاملين اليوم؟؟
نظرا لكون برنامج الأذاعة منوع ( ديني – سياسي – اجتماعي – ثقافي – اخبار – لقاءات) فأنه يحتاج الى كادر كبير، خاصة  اذا علمنا بأن  كل العاملين هم  متطوعين لخدمة الجالية،  لكن يمكنني حصر عدد العاملين الآن بما  لا يقل عن 15 شخص،  يعملون  بين مذيع ومخرج ومعد ومقدم برامج وعقد اللقاءات وتهيئة الموسيقى والأغاني ومتابعة الأخبار وامور فنية وتقنية اخرى متعلقة بالبرنامج.  ان هذه التهيئة  تستغرق ساعات عديدة، ناهيك عن وقت التسجيل الذي يمتد احيانا حتى ثمانية ساعات أو اكثر لكل برنامج .

لو غابت اذاعتكم عن المستمعين
عن ذائقة الجمهور وشعبية الأذاعة، وعما  سيحدث لو توقفت الأذاعة عن البث من باب الأفتراض، يجيب السيد فوزي دلي:
كل برنامج له جمهوره ومستمعيه ومتذوقيه،فمنهم من يستمع ويستمتع بكل البرنامج ولكنه يميل اكثر للبرنامج الديني، واخر يستمتع باللقاءات، او من صفحات الأنترنيت او الأغاني والأشعار والأخبار الدينية والعالمية، وأخبار الجالية الأجتماعية في الأفراح والأتراح، أوبرنامج مشاهد من الحياة للأستاذ العزيز يلدا قلا و( بيثا وكنشا وترجمته الى العربية يعني البيت والمجتمع ) للأستاذة  بتي دويشا وفكرة اليوم للأب العزيز مانوئيل بوجي الذي يشرف على البرنامج الديني في الأذاعة،  ولا ننسى البرنامج الناقد المهم والمسموع لأكثر من 25 عاما اغصان والوان وبرامج كثيرة اخرى قدمت وتقدم  للآن، ولا يسعني الا ان اشكر من كان سببا بأستمرارها ونجاحها وأشكر الجميع على جهودهم  ومثابرتهم.

اما جوابا على استفسارك فيما لو توقفت الأذاعة عن البث فيمكنني القول:
ان كل عمل اعلامي يغيب عن اداء مهمته،  يشكل خسارة فادحة لمتابعيه وللمستمعين،  خاصة اذا كانت الأذاعة مرتبطة بأهداف وتطلعات جماعة معينة،  وكما تعلم، ان الجالية بحاجة الى سماع الخبر والأغنية والقصيدة والتعليق،  فأن غاب الأعلام الأذاعي عنها،  فهذا معناه دخول المستمعين في عتمة الأحداث الداخلية والعالمية،  لكني اطمأنك ولله الحمد، اذ يوجد العديد من الأخوة والأخوات ممن انخرطوا في العمل الأعلامي المحلي،  ولهم برامجهم  الاذاعية،  وكل يخدم من موقعه وبطريقته التي يقيّمها المستمع.

                             

                لوح تقديري من وزارة النقل العراقية
 
اضافة للأذاعة ، ماذا قدمتم للجالية؟؟
صحيح ان العمل الأعلامي ممتع،  لكنه صعب وفيه مسؤليات كثيرة،فبالأضافة للأذاعة، سألت السيد فوزي دلّي عمـّا قدمته مؤسستكم للجالية:
مع الخدمة التي يقدمها البرنامج الأذاعي، يقوم اعضاء وكادر الأذاعة بالعمل مع الكثير من منظمات الجالية،  ويتابعون  بأهتمام القضايا التراثية والقومية والفنية والأدبية، حيث قدمّنا العديد من الكفاءات، ومن ذوي الأختصاص، في محاضرات مفتوحة مع الجالية، ناهيك عن رعاية وتنظيم أو المشاركة في  المهرجانات القومية المحلية،التي تعرض كل ما هو جديد في حقل  الاغنية والموسيقى والقصيدة شعرية، من اجل ابراز الفن والتراث القومي الكلداني والأرتقاء به،  وهكذا العمل  والتعاون مع الفنانين والمطربين وتشجيعهم للغناء والأداء  بلغتنا الكلدانية الجميلة،  ولأذاعتنا مساهمات عديدة في حقل العمل الأنساني، اذ قمنا  بحملات  لمساعدة المحتاجين،وخاصة في العراق ايام الحصار، أو في الفترة  ما قبل سقوط النظام وما  تلت سقوطه،عن طريق جمع المساعدات المالية  من ابناء جاليتنا ، من خلال برامج خاصة تبنتها  الأذاعة، ثم جرى ايصالها لأهلنا  في العراق  عن طريق القنوات الكنسية .
 ويبقى من باب اولى  التذكير،  بأن العديد من كادر الأذاعة،  هم اعضاء في "فضائية نورسات" الدينية،  وكان لأسرة  اذاعة "صوت الكلدان"،  وبأسم المطرانية الكلدانية  واطراف اخرى،  الدور الكبير في اقامة  اول مؤتمر ل "مسيحي الشرق"  في ولاية مشيكان الأمريكية،  حضرته وفود من كل انحاء العالم،  هذا اضافة لمشاركتنا بالحضور في معظم النشاطات التي تقوم بها منظمات الجالية،  مع تغطيتها  والأعلان عنها في صفحات برنامجنا .

  

  لوح تقديري من موسسة الأحصاء الأمريكية لمشاركة الأذاعة في التوعية

وماذا كسبتم؟؟
لو اخذنا بحساب الحقل والبيدر كما يقال،  فقد كسبنا الكثير، وطبعا ليس بمفهوم المادة  بل معنويا،  ويمكنني القول  بكل فخر: أن لأذاعتنا وكادرها العامل،  مكانة ومنزلة وحضور عند الجالية، يتجلـى في الترحيب والأحترام،  وهذا اكبر واجمل مكسب لنا نعتز به ونحترمه. وأقولها صراحة،بأننا كسبنا هذه المحبة والأحترام،من خلال الأخلاص في عملنا (الطوعي) والعلاقة الأخوية المتبادلة بيننا وبين الجالية،بكل مؤسساتها التي نحن جزء صغير منها،  وربما يساورني الشك بوجود  مؤسسة يعمل طاقمها لمدة 33 عاما وبشكل طوعي ومتواصل! وقد يكون احد اسرار ذلك هو اننا نشعر كعائلة واحدة والأذاعة هي وليدتنا.  اما عن طموحاتنا،  وما يعتري عملنا من صعوبات ونواقص فأقول: نعم توجد بعض النواقص، وحتما فأن قسما من  طموحاتنا  لم تكتمل بعد.  فمن طموحاتنا مثلا، تطوير ساعات البث،وجعله يومي وبساعات متواصلة،  وفتح  فضائية كلدانية  تصل الى كل العالم.  ان هذه الأحلام والطموحات تحتاج حتما الى متطوعين جدد،  ممن لهم الخبرة والأمكانية بغية مزاوجتها مع الخبرة الموجودة، هذا اضافة الى تأمين مصادر مالية ثابتة ودائمة.  
 وأقول لكل من يطلع على سيرتنا المهنية في العمل الأذاعي، فان لكل واحد منا التزاماته الخاصة في العمل، والعائلة والأولاد  والأهتمامات الشخصية الأخرى،  لكن رغم كل ذلك  أقول،  اننا نعمل  ما بوسعنا واكثر،  لتقديم الأفضل.
 
وطنيون ام عنصريون
هل تسميتكم للأذاعة ب (الكلدانية) خلقت لكم صعوبات، او اتهمكم البعض بأنكم عنصريون ومتعصبون، ام ماذا، يجيب السيد فوزي دلي:
نحن الكلدان شعب لنا تأريخنا ولغتنا وحضارتنا وقوميتنا التي تمتد جذورها الى اكثر من آلآف السنين نفتخر بها كما يفتخر الأخرين بهويتهم، ودفاعنا عن المسيحين وعن كلدانيتنا ليس بالمخجل،لأن ذلك حق من حقوقنا، فنحن لسنا عنصريين او طائفيين، لا بل اننا نرفض هذه الكلمات،  لكن من حقنا كما للأخرين، الدفاع والأرتقاء بخصوصيتنا القومية والثقافية والتأريخية . ندافع عن الأنسان العراقي،والأنسان في كل المعمورة،حين يتعرض للظلم والأضطهاد ،  ولأننا  نحترم الخصوصية القومية والدينية للآخرين، فأننا نتوقع من الآخر المقابل احترام خصوصيتنا القومية والدينية، و أود ان اؤكد لك وللقراء الكرام، بأننا نحن العراقيون، ورغم حجمنا العددي (صغير)،  فنحن قومية اصيلة في بلاد النهرين وتأريخنا وحضارتنا هناك.اما عن الأسماء التي تطلق على الفضائيات في العراق وخارجه ( منها الطائفية والمذهبية والقومية ) فليس لنا موقف ضدها،  لكن اسم "الكلدان" و "صوت الكلدان" هو الأجمل،  ليس لنا نحن الكلدان فقط، بل لكل العراقيين،  خاصة اذا علمنا بان بعض الأخوة المسلمين،  وخاصة من محافظات جنوب العراق،  يؤكدون  بأن تأريخهم وحضارتهم  وقوميتهم هي الكلدانية، وهي الحقيقة.

طرائف
لا يخلو عملا كبيرا مثل العمل الأذاعي من المواقف المحرجة او الطريفة، خاصة حينما يكون البث بشكل مباشر،  ويذكر لنا ضيفنا السيد فوزي دلّي هاتان الحادثتان ويقول:
في زيارتنا الى العراق عام 2003 بعد سقوط النظام، وفي وقت المساء،  كنا نقوم بالبث المباشر، عن طريق التلفون (شبكة الثريا ) من على سطح الفندق الذي كنا فيه،  واثناء البث،  جرى رمي كثيف بالأسلحة النارية حول الفندق وبأتجاهه،  تسبب في انقطاعنا عن  البث بعدما  تمددنا على الأرض، حفاظا على ارواحنا من طلقة طائشة!!  لكن هذا القطع الأذاعي ولـّد خوفا كبيرا لدى عوائلنا وأبناء الجالية،  لحين اتصالنا بهم مجددا، وتبليغهم بسلامتنا.

 اما الحادثة الطريفة الثانية،  فقد جرت عندما كنا نبث مباشرة الى الأذاعة  في ديترويت، من حاضرة الفاتيكان بروما،  لمناسبة الأحتفال بتنصيب غبطة الباطريرك عمانوئيل الثالث دلي ( كاردينالا )، وكنا قبل ذاك،قد اذعنا الخبر،  واعلمنا مستمعينا قبل البدء بنقل الأحتفال عدة مرات، بأننا سنكون على البث المباشر من الفاتيكان،  وكان النقل آنذاك يجري عبر التلفون، وحدث  بعد دقائق،  ونحن في غمرة  نقلنا  لوقائع الحفل،  واذا باحد الأخوة المعلنين من بائعي اللحوم،  يطلب ان نذيع له تنزيلات  ملحمته عن لحوم البقر والغنم والباجة والمعلاك ،  فيما الأخ  شوقي قونجا (الذي يقوم بنقل وقائع الحفل)  يقول له نحن في الفاتيكان،وهو يرد عليه قائلا: ( شكو بيهة ) هههههه.
 
عملنا طوعي، جماعي وبروح تضامنية
نعم، يقول السيد فوزي دلّي:الجميع في الأذاعة يعملون  بشكل طوعي وبلا مقابل،  لابل انهم  يأخذون من وقت راحتهم والوقت المفترض قضائه مع عوائلهم الكثير، و كل واحد منهم،  يعتبر الأذاعة ابنه او ابنته،  يغضب لخطأ صغير يحدث اثناء البث،  ويتسارع الكل،  وكل  من جهته،لأصلاحه  وتكملة الواجب،  حتى أن  لم يكن  هو المعني به.  الأجمل من كل ذلك،ان كل واحد،  يتكلم بأسم المجموع،  وكلمة ال (انا) غير موجودة ومرفوضة  في قاموس العاملين.  كل هذا نقوم به،خدمة لجاليتنا العزيزة، وخدمة لشعبنا، من اجل  الحفاظ على هويته القومية والوطنية.
لقد عملنا دائما على اقامة افضل العلاقات مع الجميع، ونتواصل معهم بأحترام،  ويسعدنا تقدير الجالية لنا، او تكريم المؤسسات لعملنا، وقد حصدنا  الكثير من الجوائز وكتب التقدير، ربما كان ابرزها عشية تفجيرات 11 سبتمبر عام 2001، عندما قمنا مع الأتحاد الكلداني بجمع التبرعات العينية وأوصلناها الى نيويورك في تلك الأيام العصيبة،وقد اثنى العاملون في الأغاثة على مبادرتنا ، اضافة الى التكريم من هيئات الأذاعة والبث وجمعيات عراقية كثيرة ( كنسية – ومنظمات اجتماعية وقومية  وحتى سياسية ) اخرها التكريم الكبير من قبل ( كالدين جيمبراوف كومرس – غرفة تجارة رجال الأعمال الكلدان)  وكلها  نعتز بها . و لاننسى الجهات والصحف والمواقع الألكترونية التي تنشر نشاطاتنا وتسلط الأضواء على عملنا، لها منّا، بأسم مستمعينا كل الشكر والتقدير.

خاتمة اللقاء والسيد فوزي دلّي
قد يكون قليل جدا، عدد اولئك الناس الذين لم يتعرفوا على السيد فوزي دلي عن قرب او بعد. فصوته متميز بالعمق والحنان، وشخصيته تشي بمحبة غامرة  لكل من يمر بها. دمث بأخلاقه، لطيف بمعشره، مؤدب وملتزم، وهذه الصفات الحميدة يشترك بها مع الأحبة العاملين في  "اذاعة صوت الكلدان".   وللأمانة اقول، ان ادبه وثقافته جعلت مهمتى في هذا اللقاء يسيرة، وحينها رفض ان يكون اللقاء شخصي وأصر ان يكون اللقاء باسم كل العاملين في الأذاعة. بين افكاره وأفكاري تم اللقاء. ومع اني التقيته هو،  فهذا لا يمنع ابدا ان اتقدم بتقديري ومحبتي  للعزيزات جنان سناوي، وسن وارتان  والفنانة سوسن كيزي، وللأعزاء شوقي قونجا  وضياء ببي، ساهر يلدو والأخ ماهر كانونا،  لدورهم الأعلامي الريادي وسط جاليتنا الغالية، والذين  اثبتوا بأخلاقهم الرفيعة وعملهم المهني الصافي، انهم مدرسة اعلامية بكل معاني الكلمة، ينهل الكثيرين منها (ومنهم انا) للرصانة، والمهنية العالية، شكرا لهم كلهم.

ولد السيد فوزي دلّي في مدينة "تلكيف" التابعة لمحافظة نينوى،درس الأبتدائية في مدرسة "العرفان" وبعد ان انتقلت عائلته للعيش في بغداد، اكمل دراسته في متوسطة البتاوين / النظامية.  كان مع عائلته حينما قررت الهجرة للولايات المتحدة اواخر السبعينات. يحتفظ بذكريات غالية عن بغداد والوطن،  مخزونة في خزان من الفولاذ لا تصله الأحقاد الطائفية  الرخيصة اليوم،  ولا سياسات الفاشلين. لايساورك سوى الشعور بالأعتزاز امام مبدأيته وأصراره ، وقد تخطأ  لو تصورته متفرغا للعمل الأذاعي، فهو صاحب عائلة (لطيفة جدا)، وله اهتمامات شخصية، يحرص هو وزملائه في الأذاعة الكلدانية على حضور اغلب، ان لم اقل كل، نشاطات  منظمات الجالية وجمعياتها، بندواتهم  وحفلاتهم ، مع كل هذا فهو صاحب عمل تجاري منذ اكثر من 25 سنة، يعمل به يوميا ، دونما  ان يؤثر على حياته الخاصه او نشاطاته الوطنية الأخرى. وحبنما اراد ان يعبر عن ببعض مما يعتمر في صدره استعار مقولة مشهورة للممثل الراحل مايكل كريشتون:"انت ان لم تعرف تأريخك، فكأنك لا تعرف ايّ شـئ. بالضبط، مثل ورقة شجر سقطت، لا تعرف انها اتت من شجرة!".
ســتقف امامه يوما، وأمام زملائه في الأذاعة وتقول، طالما عندنا اناس مثلهم، بالجهادية والعمل والأخلاق، فأن جاليتنا العراقية، بخير!
 
*ميردث مونك:ممثلة امريكية، مغنية ومخرجة وفنانة ومنتجة افلام.

كمـال يلـدو
كانون ثان 2014

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

989 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع