محمد إقبال حرب...ورحلة البحث عن روح الحياة
خاص - بالگاردينيا /إعداد وحوار - عبدالرضا غالي الخياط
قبل إن أبدأ في التقديم للقاص والشاعر الروائي، محمد إقبال حرب ، علي أن أقف من روايته الأخيرة " هنا ترقد الغاوية " موقفا خاصا تفرضه الأمانة العلمية .فقد عالج عبر أدواته السردية قضية شائكة ومعقدة ،طالما شغلت الرأي العام ،وأقضت مضاجع مجتمعاتنا العربية – الإسلامية ،ألا وهي مسألة الشرف التي وسمت بالمرأة الشرقية دون الرجل.فإن وضع حلول ناجعة تتناول هموم ومشكلات المرأة لهو أمر لاينهض به شخص بمفرده ،وإنما يحتاج إلى عمل مؤسسات ذات إمكانات واسعة وآلية متقنة
،وباحثين اجتماعيين قادرين على استيعاب كل ما يتعلق بالمرأة.ولاشك في أن المرأة بما أنها صانعة الحياة.وهي إنما تخطو خطواتها على مسار النجاح ،فإنها بحاجة إلى من يأخذ بيدها لكي تتجاوز محنتها وأخطاءهم ،ولكي لا تتعثر في مسيرتها ،حتى تقصر المسافة ووصولها إلى أهدافها المبتغاة .ومن هنا جاءت فكرت الرواية لتطرح الموضوع ثانية وبمعالجة فنية ترتقي إلى مستوى الوعي النقدي بقيمة وأهمية المرأة.
هذا ويسر " الگاردينيا " إن تلتقيه في حوار عن الرواية ومعالجاتها النقدية لبنية المجتمع.مع التقدير له ولكل المبدعين.
س: صدرت لك رواية جديدة " هنا ترقد الغاوية "ما الذي تقدمة هذه الرواية إلى تجربتك الابداعية ؟
رواية هنا ترقد الغاوية،رحلة في عمق الألم الذي يعصف بالمرأة والإجحاف الذي سلبها حقها عبر العصور.هي غوص في كينونتها المنسية في وجدان الرجل.هنا وجدت نفسي كإنسان يستطيع أن يمد يده إلى الأنثى لا ليواسيها فقط بل ليفك قيود الظلم والإجحاف التي تراكمت على كيانها عبر العصور مطلقاً حريتها إلى عالم العطاء والإبداع.أما ماقدمته الرواية لتجربتي فاترك الإجابة للنقاد والقراء.
س: ماذا عن التداخل بين الماضي والحاضر،والمستقبل قي روايتك الأخيرة "هنا ترقد الغاوية ؟
سؤال جميل جداً،فالماضي هو اللبنه الأساسية لوجودنا،وفيه تتكون معتقداتنا ومناقبنا ومنه نستقي سبل وجودنا فنحدد الخطأ والصواب بناء على ما اكتسبنا من ماضي بدأ يبرمج وجودنا مذ لحظة وجودنا.أما الحاضر والمستقبل فهما تبعات مكوناً ما نحن عليه الآن لذلك كان التداخل بين الأزمنة في الرواية اضاءات على ماضي الشخصيات وقرارات كل شخصية في الرواية من خلال تعرفه عليها بدقة.
س: ما المطلوب من الرواية أساسا ؟تشخيص الواقع أم طرح الأسئلة ؟
شخصياً لا أعتقد بأننا نستطيع ألزام كاتب بالتشخيص أو طرح الأسئلة،فلكل رواية ظرفها وهدفها.ما دامت تحمل رسالة في بوتقة روائية متكاملة يدركها القارئ فلا ضير من اندماج عدة رؤى في آن.لذلك يمكن للرواية تشخيص الواقع وطرح الأسئلة في آن معاً.وأحياناً كثيرة نعمل على طرح حلول كما ورد في رواية "هنا ترقد الغاوية".
س: تجلت المرأة في الكثير من أعمالك الشعرية والقصصية والرواية ،فهل تراها المحرك الأساسي لما كتبت ؟
لابد للمرأة أن تكون محركاً رئيسياً في حياة الرجل،فهي من أعطته من لدنها مذ بدء تكوينه،وأشبعته الحب والحنان في أحضانها أماً،ومن ثم شريكة حياته تشاطرته البسمة ومسحت عن خده الدمعة ونذرت له حياتها بسخاء وبحب وحنان فياضين.المرأة هي ملهمتي الأزلية للحرية والعطاء .كما الحب والجمال.
س: كيف ترى ازدياد كتاب الرواية في الفترة الأخيرة،بصورة لم نشهدها من قبل ؟
أستاذي الكريم،المسألة هي في الكيف وليس بالكم.فعلاً هناك زحام على إصدار الروايات وتسابق في نشر أكبر عدد من الروايات،لكن معظمها يفتقر إلى الجدية في البحث والتأني حتى النضوج قبل إصدارها علماً بأن هنالك مبدعين ساطعين تعتز الرواية العربية بتألقهم عربياً وعالمياً نفتقر إلى عدد كاف من النقاد المحترفين الذين تقع عليهم مسؤولية تقييم الأعمال بجدية مما يضع إطاراً أدبياً يسعى من أراد التحليق مبدعاً.
س:ما القضية الرئيسية التي تسيطر على كتاباتك ؟
الإنسان بوجدانه وقلبه ومشاعره هو قضيتي الرئيسية.فأنا أبحث عن الحرية والعدالة في دروب حقيقة مبهمة بين آفات الطبقات وجدران التسلط أتعثر بين آلام البشر ومجاعة الروح،أتوه بين قسوة البشر ورأفة الحيوان فأكتب واكتب علني أنير شمعة لباحث جديد عن كينونة الإنسان قد يدخلنا بوابة الأمل.
س: ما الذي يدفعك إلى الكتابة ؟وهل ثمة رسالة تسعى إلى إيصالها إلى القارئ ؟
ربما حب التعبير عن الفرح والألم،عن الحب والشقاء أو السفر عبر أفكاري إلى حيث أواكب أخي الإنسان فأمسح عن عينيه دمعة أو أدثر بل أواكب أحلامه الباردة بدفء حنيني.ما فائدة الكتابة إذا لم تهدف إلى رسالة ؟ نعم لدي رسالة أستاذ عبدالرضا،رسالتي هي البحث عن حقيقة معانتنا وأسبابها وليس في نتائجها والعمل على تصحيح المسار من أجل بناء إنسان يتسم بالعلم والمناقبية كي تكون لبنه قوية في صلب كيان هذه الأمة.
س:تكتب الرواية والشعر أيهما أقرب إليك ؟ وكيف ترى المواجهة بينهما ؟
مع أن كلاهما تعبير عن كينونة الكاتب إلا أن القصيدة تتفجر فجأة من وجدان الشاعر كأنما هي وحي لايفتأ أن يغيب بعد وهج لايطول.لذلك فإن القصيدة تتجلى في أوقات وظروف لايدركها إلا الكاتب.أما الرواية فهي رحلة طويلة من التفكير والمعانات كما تستدعي البحث والمراجع لإتمامها على أكمل وجه.كذلك تعتبر القصيدة حرفاً يُكتب للخاصة أما الرواية فهدفها بشكل عام إيصال الرسالة إلى أكبر عدد من القراء لتفضي بمكنوناتها وتؤدي رسالتها.شخصياً اعشق صنع الشخصيات خاصة الرمزية في رواياتي.لا أعتقد بأن هناك مواجهة بينهما فلكل منهما جمال ورونق وسحر خاص.لربما تقصد كذلك مواجهتهما أمام القارئ. نظراً لتراجع مستوى الاهتمام الحكومي باللغة العربية وبلاغتها في عالمنا العربي فإن المستوى العام لإجادة اللغة بات مزرياً.لذلك ترى القارئ يتجه إلى الكتب السطحية ذات اللغة الضعيفة فيتوجه إلى الروايات التي تستخدم لغة بسيطة.لا أعني هنا الكتاب البارعين في إجادة السهل الممتنع.
س: إلى أين تتجه الرواية اليوم ؟
مع وجود زخم غير مسبوق في كتابة الرواية العربية فإنها بلا شك تستطيع الإبداع والتحليق عالمياً.لكن حتى تصل إلى تلك النقطة بصورة جماعية وليست فردية فإن كُتاب الرواية يحتاجون إلى من يتبناهم ويحتضن إنتاجهم بالرعاية الفكرية والمادية والإعلامية. وكما ذكرت سابقاً لابد من أن تجند الصحافة عدد لابأس به من النقاد ليكتبوا عن هذه الروايات سلباً أو إيجابا،في البلاد التي تحترم الكاتب والكتاب يتهافت النقاد على النتاج الأدبي يستشفون منه كنوزاً،أما هنا فعلى الكاتب إن يتسول ناقداً ليقرأ له رواية أو ديواناً.لذلك قد لا نرى بريقاً للرواية العربية إلا تلك التي تعتمد على جهد فردي بشكل عام.
س: كيف تقيم الجوائز التي تمنح للرواية العربية،وهل تخضع للمعايير النقدية والجمالية ؟
لايمكنني الإجابة عن هذا السؤال فلا يوجد شفافية حول المعايير التي تعتمد ولا أدري إن كانت هذه الجوائز تمنح حسب معايير معينة أم أن هنالك عوامل أخر. حاولت استشفاف الأمر دون جدوى.
س: تلعب المرأة دوراً حوياً في حياة الكاتب،ماذا عن المرأة في حياتك ؟
المرأة إلهام دائم في حياة الكاتب وامتداد لوجوده،ليس من الناحية الجمالية والعاطفية فحسب ،بل من ناحية رؤيتها للأمور من بعد آخر.فكيان المرأة الممزوج بالعاطفة والحنان كما الغيرة والفراسة في أمور لايدركها الرجل كونه من طبيعة فيزيائية مختلفة.كل ذلك مع عقل يوازي عقل الرجل مما يجعل من وجودها بحراً واسعاً من العطاء يتمازج مع عالمه ليبدع بصوره متكاملة.وأجزم بأن هذه الحقيقة تنطبق على المرأة حين تكتب حيث تجد بأن كيان الرجل هو امتداد لوجودها.المرأة في حياتي ركن أساسي كالماء والهواء والنور.أحتاجها للبقاء حياً كما يجدر ببشر خُلق من أبداع.
س: كلمة أخيرة لابد منها ؟
اسأل الله إن يمن على هذه الأمة في كشف الغمة،وان يأخذ بها إلى خير البلاد والعباد،كما لايفوتني إن أقدم خالص شكري وتقديري لأسرة مجلة "الكاردينيا "التي منحتني الفرصة لأطرح ما يعتمر في ذاكرتي.
1341 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع