في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ: كنز أحلام الأديب الحائر

      

          في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ: كنز أحلام الأديب الحائر

حلّت ذكرى ميلاد نجيب محفوظ في الحادي عشر من ديسمبر، بمرور 104 أعوام على ولادة الفائز بجائزة نوبل، وكالمعتاد فمع كل ذكرى ميلاد أو وفاة يتجدّد الاحتفاء به، وفي هذه السنة كان حضور محفوظ مختلفا وصاخبا بين اكتشاف أحلام جديدة وتجدد ذكرى النسيان، حيث لا يزال المتحف الخاص بمحفوظ في غياهب المجهول.

العرب ممدوح فرّاج النّابي:بدأت الإثارة في ذكرى ميلاد نجيب محفوظ هذه الأيام عندما أراد الناشر إبراهيم المعلم صاحب دار الشروق الاحتفال به بطريقته الخاصة من خلال إصدار الجزء الثاني من أحلام فترة النقاهة بعنوان "أحلام فترة النقاهة: الأحلام الأخيرة" وهي الأحلام التي عثرت عليها كريمتاه السيدة أم كلثوم وفاطمة ضمن مجموعة من الأوراق والمسودات الخاصة بوالدهما، وبالفعل دفعتا بها إلى ناشر أعماله إبراهيم المعلّم، الذي أنجزها لتصدر في ذكرى ميلاده الـ104.

بين مرحب ومتحفظ

لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث انقسم الوسط الثقافي بين مُرحب بهذا الكنز الجديد، وآخر يتحفظ على الأحلام ونسبتها إلى محفوظ، بسبب التباين الواضح بين أسلوب محفوظ في الجزء الأخير وما جاء في الجزء الأول حسب رأيهم.

وجاءت الأحلام الجديدة في 192 حلما بدأت بالحلم 200، وهو ما كان باعثا للتساؤلات عمّن سوّلت له نفسه بالعبث بأحلام محفوظ، فالجزء الأول الذي صدر بعنوان "أحلام فترة النقاهة" مع مجلة نصف الدنيا، ثمّ أعيدت طباعته عن دار الشروق بعد أن أضيفت إليها الأحلام الثلاثة التي نشرتها مجلة ضاد الثقافية، التي تصدر عن اتحاد كتاب مصر، في العدد 890، وصل بالأحلام في صيغتها النهائية إلى 239 حلما، في حين بدأ الجزء الثاني بالحلم رقم 200، وهو ما يعني أن ثمّة خللا في ترتيب الأحلام.

وهو ما عجزت المقدمة التي كتبتها الأستاذة سناء البيسي عن الإجابة عنه، واكتفت بالفرحة والسعادة بالعثور على هذا الكنز هكذا “ما أحلى العودة إليه.

عالم أحلام نجيب محفوظ "أحلام فترة النقاهة" التي انقطعت عني إشراقته لأكثر من تسع سنوات، يعود لي ثانية من جديد ثريّا وهاجا عفيّا صوفيّا سياسيّا اجتماعيّا موسيقيّا. يعود لناظري ليخطف بصري من جديد. يعود ليشغل ذهني ويُحرِّك مشاعري ويُحيي ذكرياتي ويؤجج أشجاني. يعود كوعد ومكتوب لأرض ميلاده ونشأته ومرتعه وصباه وبطولاته ومعجبيه. يعود كقدر مُقدّر ووصل للأرحام واستكمال للمسيرة عندما شعر صاحبه بعد حادث الاعتداء عليه بما يدفعه للكتابة وقد امتلأ بالشجن والحنين والرغبة في العودة إلى الماضي وربطه بالحاضر، فخرج بأحلامه إلى النور كل منها في بضعة سطور”.

ثم ختمت “كانت "أحلام فترة النقاهة" ومضات إنسانية انشغل بها نجيب محفوظ وصاغها وشذبها على شاشة عقله بريشة وجدانه، ثم حفظها ليمليها كما ارتآها لتتحوّل إلى هذا العمل الإبداعي".
   
وبالمثل جاءت الكلمة التي صدر بها الأحلام إبراهيم المعلِّم، والتي اقتصرت على اكتشاف مسودة الأحلام بعد اتصال ابنتي الكاتب أم كلثوم وفاطمة، وتبليغه بالخبر السعيد “لقد وجدنا أوراقا تشمل مخطوطات لـ"أحلام فترة النقاهة" بخط الحاج صبري، نرجو التأكد أنها لم تُنشر من قبل” ثم اكتفى بقوله "راجعنا الأحلام على كل ما نُشر وتأكّد لنا الخبر السعيد: إن أيّا منها لم يسبق نشره من قبل. دققنا المخطوطة بكل دقة وعناية، مستعينين بالأصفياء والخبراء، وبكلّ من شارك أحيانا في كتابة الأحلام، وذهبنا بصحبتهم إلى الحاج صبري، لنراجع معه ما كتب وليفكّ طلاسم كلمات قليلة استغلق علينا تفسيرها. إن هذه هي المجموعة الباقية، كاملة مكتملة، إلى آخر حلم أملاه محفوظ عليه، وراجعه معه".

استياء وتأكيدات

رغم حالة الاستياء التي سيطرت على الكثير من المثقفين ونفيهم أن هذا العمل ينتمي إلى محفوظ، وهو ما قابله من الطرف الآخر تأكيدات جاءت من أشخاص ارتبطوا بنجيب محفوظ سواء على المستوى الشخصي، كما في حالة ابنته أم كلثوم التي اعترفت في حوار لها أن الأحلام تخصّ والدها.

وبالمثل محمد سلماوي الذي أكّد على نسبتها إلى محفوظ، أو على المستوى النقدي كما جاء في تصريح الدكتور حسين حمودة المشرف على دورية نجيب محفوظ بالمجلس الأعلى للثقافة وصاحب كتاب عن محفوظ بعنوان "في غياب الحديقة: حول متصل الزمان/ المكان في روايات نجيب محفوظ" أكّد على أن هذه الأحلام التي نشرتها دار الشروق هي بالفعل لنجيب محفوظ، وأملاها على كاتبه الحاج صبري، كما ذكر الدكتور حمودة في تصريح صحفي أنه هو شخصيّا أملى عليه محفوظ بعض الأحلام عندما مرض الحاج صبري.

ومع هذه الأحلام الجديدة التي نشرتها دار الشروق، إلا أن المجموع النهائي للأحلام لا يتجاوز عدد الأحلام التي ذكرها من قبل كاتبه الحاج محمد صبري في حوار أجرته معه زينب عبد الرازق لصالح مجلة نصف الدنيا العدد 684 بعنوان "الحاج صبري كاتم أسرار نجيب محفوظ" فقد صرّح بأن هناك ما يزيد على خمسمئة حلم من الأحلام التي لم تنشر حتى الآن.

وهو ما يتطابق مع تصريح نجيب محفوظ نفسه عن الأحلام لمجلة لوفيغارو الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 12 أغسطس 2006، بترجمة هبة سليمان ومنشور في مجلة نصف الدنيا قال "لا تزال عندي أحلام كثيرة".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

810 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع