وليد فاضل العبيدي
هم مجموعات راقصة من الشباب تبلورت بعد عام ١٩٨٥ وكانوا في غالبيتهم من المراهقين المتمردين والمتسربين من الدراسة واغلبهم متأثرين بثقافة الافلام الهندية لهذا انتشر بينهم حمل سكاكين وبوكسات حديدة وهي تعبيرا ورغبة عميقه للتمرد على القيم والمالوف الاجتماعي والغاء للغة الحوار.
وجاءت اكمالا لمسلسل المودة (الموضة) وما يتعلق بها من عادات وطقوس ترتبط بارتداء الزي المودلي ..
عرضت صالات العرض السينمائية الخاصة بالافلام الهندية فيلم ديسكوا دانسر في مطلع عام ١٩٨٣ وهو لايختلف عن قصص الافلام السابقة فيما عدا عنوانه الغربي واغانيه الكثيرة ومنها اغنية ( ديسكو ديفاني . ديسكو دانسر .اچاه اچاه) وحقق ايرادات كبيرة للسينما العراقية .
كان العراق حينها في وحل حرب شرسة وبحاجة الى دعاية اعلامية لتنمي الهوية الوطنية وتنسي المواطن هموم القتل والحزن وتحافظ على مستوى الرقة والعاطفة في نفسه التي بدئت بالتمرد وتثبت وتحافظ على رقته من خلال اذن موسيقيه مرهفة تتناسى ما يشوبها من اصوات رعب القنابل وذعر المعركة لان حجم الخراب كان كبيرا والضرر اكبر .
انتشرت في النصف الثاني من الثمانينيات رقصة البريكية بين الشباب الباحث عن هويته الذاتية (قريبة من رقصة الراب) وهي اداء الحركات الراقصة بطريقة متميزة تختلف عن الرقص التقليدي وانسيابية الجسم والاعتماد على الخصر والارداف في اظهار الحركة .
وكان الموضوع الاكثر اثارة في الامر ان هذه الرقصة اصبحت حكرا على الشباب بعد ان كان الموضوع ينحسر في النوادي وبفئة معينة تسمى (الكاولية ) واستطاع الاعلام والدعاية المنظمه للفن من تغيير قيمتها السلبية المخزية في المجتمع والنظرة الدونية للراقصين ورفعها حتى اوصلتها الى علاقة وقيمة ايجابية من قبل الشباب في التعبير عن الفرحة والسرور وظهر في كل منطقة او ناحية مجموعة من البريكية واغلبهم من الراسبين او المتسربين من مدارس الابتدائية والمتوسطة على وجه التحديد حتى اصبحوا حديث ثانويات البنات التي وجدوا اركانها ملاذات امنه لتجمعهم وحديثهم عن الرومانسية والحب واستعادة زمن ليلى وقيس وتداول رباعيات الخيام كما انهم كانوا يدعون بالاسماء الى احياء الحفلات وامتاع الحاصرين بانواع الرقصات الجديدة والغريبة واصبحت له هيبة وصيت في مناطقهم الشعبية وصنعت لهم هوية فنية وذاتية استوعبت انفلاتاتهم وتشظيهم بسبب تداعيات الحرب والموت والخوف من القادم.
بناء على ما اسس فأن الدولة كانت تمتلك قدرة وخبرة علمية هائلة في ادارة الحرب النفسية والسيطرة على ما يتشظى من مخلفات المعارك بين الشباب فعمدت الى(صنع قضية وهوية ) لاستقطاب الشباب المنفلت لما قد يشكله من خطر جنائي او اجرامي او يترتب على انفلاته من مشاكل وتصنيفه بوضوح من اجل ادارتهم .
وعليه فان الدولة كانت متمسكة بادارة القطيع وصنغت المجتمع تصنيفا متميزا من اجل ابقاء استدامة دعم الحرب ومد زخم المعركة بالجنود ..
ان معظم الشباب الذين انضووا تحت هوية البريكية والخوشية متسربين دراسيا وكان ممكنا جدا ان ينحرفوا ويكونوا عصابات جريمة منظمة تؤثر على وضع المجتمع وتضر بمصالح الناس لهذا شرعت الحكومة في السيطرة والتوجيه من خلال الاعلام الموجه.
ان الاعلام العراقي كان فعالا جدا من خلال الراديوا والتلفزيون في صنع هوية وطنية مؤيدة للحكومة في حربها ضد ايران من خلال برامج رصينة حققت اهدافها بعناية وعبئت اذن المجتمع بتحصينات صوتية من خلال منهج التكرار والاعادة بصيغ متعدده للمحافظة على سلطتها وبنيتها في مواجهة ايران في حينها..
كان برنامج عدسة الفن وباخراج متميز من قبل الدكتوره خيرية المنصور ان يبعد العائلة العراقية عن هموم البيانات المدوية للمعارك ويسافر بها ليلة الخميس الى شواطئ العالم الامن وتنام بعدها المرأة العراقية على اوتار الافلام الحديثة والرؤية الممتعة وتنسيها اوجاع الفراق والموت وتأخر عودة الزوج او انتظار الخطيب وتنام على امل الحياة والصبح الجديد.
ومن البرامج المشهورة في ايضا حينها (اغاتك الجندي العراقي /اوبريت الحرس الجمهوري /الفرقة البصراوية وربيعة العراقية/استراحة االظهيرة )_اضافة الى العديد من مهرجانات الشعر الشعبي والعمودي ومهرجان المربد الذي استوعب الكثير ممن لديهم قابلية الحديث وادلجه لدعم الدولة ومنها ما لايضر ءاكرتي الان..
ان الحكومة العراقية في حينها رفعت شعار كل شئ من اجل المعركة وكانت صادقة في ذلك فقد سخرت كل جهودها وذاتها ومؤؤسساتها لدعم بقاء السلطة والسيطرة على الجماهير بصناعة قضايا بعيدة عن هموم المعركة وخلق هوية لكل مجموعة حسب ميولها واتجاهات ..
واستمرت هذه السيطرة والتوجيه الاعلامي والدعائي لسلوك الناس وتغيير القيم الاجتماعية لغاية عام ١٩٩٠ واستعراض العراق ب ٥٥_فرقة عسكرية وقوات جوية متمكنه وضاربه ..
بعدها توقفت عجلة التنظير والتأطير الاجتماعي وظهرت الجريمة المنظمة والغش في المكيال على اوسع ابوابه ولم تستطع الدولة ايقاف التدهور القيمي بسبب انحدار المستوى المعاشي والاقتصادي ونظام المركزية المقرف ومما زاد الطين بله تحول الموظف والمربي الى العمل بنظام اشبه بنظام السخرة
مما دفع بالكثير من عقول العراق للهجرة الى خارجه بحثا عن حياة كريمة ان النخبة الاعلامية التي نظمت الاعلام العراقي في القرن المنصرم لايمكن ان يقدروا بثمن من حيث العلمية والخبرة في التعامل مع ظروف الحرب والابتعاد بالمواطن عن حافات الانهيار والتمرد وكان بحق صاحبة رؤية في صناعة الراي العام وخلق هوية وطنية متميزة..
862 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع