عبدالله عباس
رغم ان العلمانيين من جيل الخمسينات الى نهاية الثمانينات من القرن الماضي تعلموا شيء من الفكر العلماني من خلال تجربة عملية في بعض الانعطافات من مراحل التغييرات في مجتمعاتنا ‘ ولكن لم يستطيعوا قلع جذور القبلية والعائلية و يعالجوا التزمت في المواقف الدينية من خلال ادعياء الدين (وليس علماءهم) ولم يستطيعوا تأسيس مجتمع معتمد على الحرية من خلال فهمها انها مسؤولية وليس انفلات ‘ بذلك لازلنا بعيدين باشواط شاسعة عن بناء مجتمع ( وبالتالي السلطة ) المدنية بمعناها الحقيقي ‘ وكل ماموجود من صيغ المدنية في العلاقات لايتعدى حدود مظاهر ملونة قشرتها اوروبية وداخلها الفئوية و المناطقية و المذهبية ...!!
فألأن ‘ اذا ننظر الى تصرفات ودعوات جيل التسعينات من القرن الماضي و 16 عام من القرن الواحد والعشرين والذي تعلم ‘‘ او سمعه واعتقد انه تعلم وفهم العلمانية من خلال الفيسبوك وتويتر ( واخواتهما من الادوات والات الاتصال والتواصل ‘ كلها خالية من الروح والاحاسيس ومغلف بالالوان الكاذبه مهمتها تخدير كل المتعلقات بتعابير الروح والانسانية والتقدم الحقيقي ) .
ان هؤلاء عندما يظهرون على الشاشات العملاقة من فضائيات ما يسمى بـ ( الحرة ) ‘ يعتقدون ان التأريخ والحضارة بدأت منهم لذلك تراهم وبتعصب ( عصري ..!!) يهينون كل شيء ‘ و يعتبرونه ( دقة قديمة ..!! ) وبذلك ‘ ومن حيث يعلمون ‘ اقوالهم وتصرفاتهم تؤدي الى زيادة ظاهرة تشنج المتعصبين دينياً وقبلياً ومذهبياً الى حد يدفعونهم الى تفضيل ( داعش ) الى دعوات ( التعري وانطلاق الى ترك قدسية الروح في ضمير الانسان و الركض وراء مغريات الات الملونة بالمادة )
ولابد أن يتذكر الكثيرمنا ‘ انه ومن خلال شاشة ( nrt) ايضاً وقبل عدة اشهر ظهر مجموعة من العلمانيين مكوك فكرهم مفاتيح الكومبيوتر‘ وفي مقدمتهم كان عبقري محسوب على علم النفس والفلسفة ‘ سخروا من مجتمعهم لانه يعتمد على عقد مكتوب حسب القانون و الشرع للزواج ...! واعتبروا ذلك من احد اسباب التخلف الاجتماعي ودعوا الى حرية اختيار الاسلوب للشباب دون اي توثيق ..! وطلبوا مجموعة اخرى وايضاً على شاشات ( قنوات الحره ) عدم تسجيل ديانات الاطفال على دين الاب وترك هذا الموضوع للمولود لحين ما يكبر ويكون حر في الاختيار بين الايمان بالدين او الالحاد....
ومناسبة تذكير هذه المعلومات متعلقة بـ ( التعرض للاخلاق و اساسيات بناء المجتمع )هو مشاهدتي لبرنامج بعنوان ( مساء nrt ) في احدى حلقاته عرض قبل فتره ليس ببعيدة ‘ حيث كان ضيف البرنامج يتحدث بلغة الشباب رغم كثافة الشيب في راسه ....! ‘ حيث بدأ كلامه عن الموضوع بإدانة احزاب السلطة بالتقاعس وعدم الاهتمام بالشباب .
كمشاهد تصورت بأنه ومن خلال هذه البدايه انه سياتي ليؤكد بأن هذا الاهمال من السلطة والاحزاب والذين يتخبطون في العمل لان خطواتهم غير مدروسة ‘ وتصورت بانه سياتي بالحديث الموثوق مثلا أنهم صحيح قاموا بفتح عشرات الجامعات في مراكز المدن وحتى الاقضية والنواحي ولكن لم يقوموا بتخطيط لضمان مستقبل هولاء الشباب عن طريق تعينهم في المؤسسات ومراكز العمل والانتاج ‘ ولانرى مكاسب يشعر من خلاله الشباب بان هناك خطوات لبناء ارضية يضمن مستقبل جيلهم ‘ وبعد ذلك توقعت انه وبعد تكرار ظاهرة الانتحار بين الشباب ولاكثر من مرة وفي اوقات متفاوته بين الشباب ينتقد الجهات المعنية لاهمالهم هذه الظاهرة الخطيرة ولم تقوم حتى بتكليف المؤسسات البحثية بدراستها و وضع الحلول لعدم تكرارها ‘ وكذلك توقعت انة يتحدث وبارقام عن الوضع السيء الذي يعيشه الشباب يعود سببه الى عدم قدرة اسرهم ضمان مستلزمات المعيشية المستقرة لهم وظاهرة البطالة و ...الخ
كلا ‘ لم يتحدث عن كل هذه المشاكل كدليل على عدم الاهتمام بالشباب ‘ بل ربط اسباب صعوبة حياة الشباب الاجتماعيه والثقافيه بمشكلة عدم وجود ( مراكز ونوادي الحب و ممارسة طقوس الحرية ) وتذكرت في حينه المثل الكردي القائل :( طحان في وادي و مطحنة في وادي اخر ...! )
حسبي ‘ انا فهمت الكثير من كلام ذلك الشاب الاشيب وما خلف اقواله ‘ ولكن الذي لم افهمه منه هو : لماذا كان يربط حل تلك المشكلة بـ (ضرورة أخذ درس من الثورة الفرنسية ...؟! )
فلايسعني الا القول : ( وحلَّ البلاء و بان العزاء ) ولله في خلقة شؤون ..!
617 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع