عبدالله عباس
إستفتاء حـول استقلال كردســتان
(رفض) لماذا ؟ و (نعم ) متى وكيف ..؟
•مراجعة الجروح
( 1 )
ربما يتذكر بعض الاخوه الذين كنا نعمل سوياً في الاعلام المركزي في بغداد منذ اواسط الستينات القرن الماضي وعندما نناقش التوجهات الاعلامية والثقافية تجاه الكرد نقول لهم : سياتي يوم تندمون على اهمالكم مشاعر الكرد القوميه المشروعه وكلما استمر هذا الاهمال تتسع المنافذ التي يدخل من خلاله كل طامع بالعراق الموحد ‘ ونضيف : ان عقدة العقد مع الاسف في التعامل مع الكرد المشارك صاحب الحق في هذه الشراكه ‘ان مع مسيرة العالم باتجاه التطور نحو الايجابية ‘ ان اصحاب السلطه هنا يتراجع نحو الخلف ‘ في حين ان العقلاء والراشدين بين اصحاب السلطة العرب كانوا هم الذين فتحوا المجال في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي امام الاعلاميين الكرد في فلسطين لتاسيس اول اذاعة كردية في مدينة يافا لتنشر الوعي القومي لدى الفرد الكردي كي يساهم من ذلك المنطلق في النضال من اجل حريته وحرية شعوب المنطقة وقبل ذلك وفي 1898 صدرت اول صحيفة كردية في القاهرة لتكون صوت دعوة القومية الكردية لتحرير كردستان من ظلم العثمانيين العنصريين و الخيرين العرب الواعين ليسوا فقط لم يتحسسوا من هذه الانطلاقة بل مدوا لها يد العون ‘ وبعد مرور عشرات السنين وادعاء ( بعض القوميين العرب ) بأنهم اصبحوا عصرين ‘ وبعد تجارب المره كان الشعب العراقي ضحية انقلابات وسحل من اليساريين و ذبح من اليمين القومي من خلال الانقلابات العسكرية التى بدأت في 14 تموز 1958 الذي فتح كل جروح ومظاهر الفرقة في العراق وفي نهاية التسعينات القرن الماضي عندما كان العراقيون يعيشون تحت وطأة الحصار القاسي ‘ تم تسليم اخطر جهاز اعلامي ( الاذاعة والتلفزيون ) لاغبى مدعي تاريخ ليفتح باب لاعادة كتابة التاريخ مدعيا ان من لم يكن مؤيد للعرب فانة صهويني بما فيهم الشيخ محمود الحفيد احد ابرز رموز الكرد وتم تسليم اخطر صحيفة حكومية ( جريدة الجمهورية ) الى امي عنصري وغبي بدأ مهمته بمحاربة كلمة الكردية ...! وبعد لجوء ( الاكثرية المظلومة ..!! ) الى القوة المؤيدة لتحرير الشعوب من ظلم حكم الديكتاتورية ( أمريكا العظمى ) وساعدوها لاسقاط كل اركان دولتهم التي بناها العراقيون منذ عشرينات القرن الماضي ‘ وساعدوا المحرر لفتح اخطر صراع ( الطائفية ) تحت عنوان حكم الاكثرية المظلومة ‘ وعندما سمع احد من هؤلاء ممثلي (المظلوميين وعلى صدره عنوان دولة القانون ) ان الكرد يفكرون بتنظيم استفتاء حول استقلال وبدون ان يعرف ( شنو موضوع ) ظهر على كل شاشات الطائفيين وهو سكير ويطلب من حكومة المظلوميين اسقاط جنسية كل الاكراد الساكنيين في العراق خارج اقليم كردستان ......!!! كل هذا التاريخ واخطاء جسيمة التى ادت الى فتح عشرات الثغرات الخطيره في جدار العراق الموحد ‘ مع ذلك ‘ البعض يتعجب كيف دخلت ( اسرائيل الصديقه ...!!! ) الى عصب مشاكل الذي خلقه اغبياء السلطة في العراق تحت عنوان مستوحي من ( تراث الامة ) القيام بتصرف تحت عنوان الحق بهدف باطل ....!!!
•اختيار تحقيق الحلم المشروع في زمن الخراب
( 2 )
ان اكبر واعقد مشكلة تواجة القومية الكردية ‘ هي ان بعض من قادتهم في اكثر الانعطافات التاريخية يتركون فرص مثمرة دون ان يستفيدون منها ‘ وينتظرون ياتيهم ( هبة من الاخرين لقاء بعض الخدمات ..!) وبعكسه يختارون توجهات خاطئة في ظرف معقد ليس فيه حد ادنى من فرصة مثمره لطموحاتهم القومية موعدا لاعلان التوجه نحو تلك الطموحات ‘ رغم انه كل المؤشرات توحي بانه توقيت خاطئ وكارثي في بعض جوانبها على القومية الكردية .
اخطئنا عندما استغلنا موعد تحرك الاقطاعيين الكرد ضد الاصلاح الزراعي بدعم من شاه ايران في بداية ستينات عندما تراجع قاسم عن تنفيذ البند الثالث من الدستور المتعلق بتحقيق حقوق شراكة الكرد في السلطة وتنفيذ طموحاتهم القومية المشروعة كشريك حقيقي في دولة العراق ‘ دون ان يسال اي سياسي كردي ذكي نفسه : كيف يساعد الشاه تحقيق تلك الحقوق وهو الذي سحق احلام الكرد بوحشية في كردستان الشرقيه ‘ واخطئنا عندما لم نستغل اربعة سنوات بين 1970 – 1974 لبناء وحدة وطنية كردستانية موحده ‘ يكون سياجا لتحدي السلطة عندما انحرف عن تحقيق بنود اتفاقية 11 اذار وانتظرنا وعود الشاه و امريكا لنبدي ذلك التحدي بتوجه منهم وليس باختيارنا ( اسلوبا و وقتا ) ولم تمر عام الا وتوجهة الاطراف الثلاثة الى اختيار اسلوب ( عهر السياسة تحت عنوان اتفاقية الجزائر ) دون ان يحصل الكرد حتى على كلمة شكر من الحليفين الامريكي والشاه الذين حققوا مكاسب اقليميه لصالحهم .
والان ‘ في الوقت الذي تعيش منطقة الشرق الاوسط اسوء حالة السيادة فيها للخراب في كل شيء وعلى وجه التالي :
1 - في العراق ( للصوص وفاسدين ) لايهمهم بيع العراق في المزاد العلني
2 - وفي سوريا صراع دامي نادر شهد التاريخ المنطقة سفك دماء بهذه الطريقة العبثية
3 -والمستقبل الكل ينتظر المجهول عدا بعض حسابات القوى الكبرى المضمونه لهم
4 -وفي تركيا يحكمها السلطان يعتبر الكرد القوة الارهابية الاولى امام طموحاته السلطانية ‘ وايران منشغل بالقوة ليستعيد طموحاته القومية في الداخل والهيمنة حتى لو تكون ( بالشراكة مع الاخرين ) .
وفي المشاهد الاربعة مع الاسف انه ولحد الان ليس للكرد ( رغم عراقة التاريخ وثراء الارض وشجاعة الرجال والايمان الصادق ) اي ضمانه لافق مضيء في نهاية النفق الذي تدور فيه كل تلك الصراعات ‘ كل طرف مخطط و منظم بتوحد عند الوصول لنهايته ‘‘ عدا نا نحن ‘ كل جزء منا مقسوم لصالح احد اطراف هذا الصراع الجنوني ‘بالاضافه الى ثقل صراع الخلافات في داخلنا يمنع اي موقع قدم للمستقبل الامن ‘ خلف هذا الضباب المخيف نطلع على العالم ونعلن : ( نستفتي شعبنا من خلال سؤال : هل تريد الاستقلال ؟ ) وان الارباك في هذا الاعلان ظاهر من خلال الارباك في تصرفات القيادة المسؤولة عن هذا الاعلان ‘ كل يوم تعلن اهداف مختلفة لهذا الاختيار‘‘ و في كل نوع يظهر انها تريد ارضاء الاخرين قبل ارضاء الشعب ‘ أن الشعب الكردي والعقلاءهم ليسوا بحاجه الى استفناء : هل تريد الحرية والاستقلال ؟ لانه يرون اذا وحده الصف الكردستانية متوفره بشكل يعتمد عليها اولا واستفادة من تجربة نضالها والفرص التي توفرت لها القدرة على بناء اقتصادي واجتماعي بحيث يرغم الاخرين على احترامها ويحسب لها حساب الوجود المؤثر ثانيا ‘‘ و ان الظرف الاقليمي والدولي في حالة لا يمكن ان تقف بوجة هذا الهدف المشروع لشعب حضاري موجود كارض وتاريخ واللغة ثالثا ‘ في هكذا ظرف ‘ فقط نحتاج الى قيادة وطنية واثقة من نفسها بالاعتماد على الامة و وعيها و وحدتها ‘ فيذهب الى منظمة دولية ويعلن تاسيس كينها المستقل لان حتى الطفل الكردي الرضيع يحلم بالاستقلال ‘ وفي تراث الكردستاني هناك مثل : سؤل الضرير ماذا تتمنى ؟ اجاب : عينين لا أرى بهما دنياي ...!!
•اذا : مالعمل ؟
( 3 )
عام 2015 كتبت تحليلا بعنوان ( الاختيار الامثل أمام القومية الكوردية طريقاً لتحقيق حق تقرير المصير ) ( 1 ) في حلقتين ‘ نشر في صحيفة الزمان الغراء و موقعين صحفيين مشهورين لدى متابعي شؤون السياسية هما ( كتابات و المثقف ) ‘ بعد توضيح المراحل التأريخية لتقسيم القومية الكردية ارضا وشعبا ‘ ومواقف التشنج والعنصرية لحكام البلدان التي تم تقسيم كردستان والحقها باراضي تلك الدول رغم مشاركة الكرد الفعالة في بناء دولهم وحضارتهم ‘ بحثنا توجه الخيرين الكرد للاختيار المصيري من قبلهم وذلك ببناء وحدتهم المصيرية دون اعتماد على قوى الهيمنة الاقليمية او الدولية وللتذكير ( لعله تنفع الذكرى ) نعيد قراءة بعض ما جاء في التحليل : ( قلنا في موضوع تحليلي حول وضع القومية الكردية وبعنوان ‘‘رغبة الكرد في الانفصال بين الاختيار والإجبار‘‘ ما يلي نصاً : أن قوى الاستكبار العالمي ، وبعد الحربين العالمية الأولى والثانية ، قامت بتجزئة الأرض والشعب الكوردي بين ثلاث قوميات ، وترك مصيرهم تحت تصرف تلك البلدان التي تعاني من أزمة ، عبارة عن ابتلائهم بقيادات سلطوية وفوقية لهم ، وكل قومية حسب إرثها التاريخي تقودها قيادات ملئت أفكارهم بالتعصب العرقي والديني والمذهبي ، والرغبة لعدم التنازل عن كل هذه العقد حتى لو سالت الدماء للركب ، كما يقول المثل ! ودون أن يكون لهم أي استعداد لفهم أو استيعاب أفكار العصر ، مثل حقوق الآخر ، أو تبادل السلطة سلمياً ، ....الخ ولذلك ترى أن كل المحاولات لمعالجة القضية الكردية في أجزاء أربعة تبدأ من الفوق ، وبطريقة التراضي بين الفوقانيين في الطرفين ، وعندما تواجه مصالح أي طرف ماسك بتيسير أمور الرعية لا يمر وقت إلا وترجع العقدة إلى المربع الأول ، وهكذا... ) وأكدنا في نهاية الموضوع : أن قوى الغرب مرتاحة لهذا التقسيم ونتائجه وتعمل لتعميقها في كل المراحل والانعطافات التاريخية ولا يصدق أحد أن الغرب يعالج ما خربه هنا ، وذلك خدمة لضمان أمن الدولة العبرية ‘‘ والذين قاموا بهذا التقسيم كانوا يعرفون هذه الحقيقة ، لا بل نفذوا هذه الخطة متعمدين وفي مقدمتهم الاستعمار الانكليزي ‘‘ أخبث قوة استعمارية عرفها تأريخ البشرية – ولا يزال – منذ أواسط القرن التاسع عشر‘‘ وخبثه يكمن في ترك كل المناطق التي استعمرها مليئة بألغام الشر المستطير أخطرها في منطقة الشرق الاوسط
: خدع العرب بعد الحرب بتوحيدهم حيث بدل ذلك عمل على الفرقة بينهم ، وصنع لهم جامعة لم تجمعهم على أبسط الأمور ، وكذلك تقسيم القومية الكردية ، وتم بعد ذلك تأسيس الكيان الاستيطاني في قلب المنطقة وتقطيع باكستان عن الهند عندما شجع وبكل خباثة الاسلاميين بفك ارتباطهم مع الهنود وخلق بؤرة كشميرين ) ....ألخ .
إن الاستعمار الانكليزي والغرب عموماً في الوقت الذي بنو أسس الديمقراطية على أساس علماني كل يعرف حقوقه وواجباته في بلدانهم ، خططوا وبنفس الحماس لنقل العلمانية المشوهة للمنطقة وتشجيع تجزيئتها وبقايا الإقطاع والنفعيين بعضهم باسم الدين وآخرين باسم وجاهة القبلية وسلموا مصير حكم إلى هؤلاء والذين سهلوا لهم طريق الدخول إلى المنطقة وهم من الذين أشرنا إليهم ‘‘ ملئت أفكارهم بالتعصب العرقي والديني والمذهبي ، والرغبة لعدم التنازل عن كل هذه العقد حتى لو سالت دماء إلى الركب ‘‘ فكان مصير الكرد في الجزء الذي استولى على مقدراته الدولة التي أسسها مصطفى كمال تركيا الحالية حيث كان وضع الشعب الكردي في ذلك الجزء تمثل ومنذ معركة جالديران عام 1514 والذي نادى إلى تقسيم كردستان بين إيران والعثمانيين ، وقام العثمانيون بترك مهام إدارة الشؤون الداخلية الكردية للإقطاعيين والزعماء القبليين المحليين وعدم التدخل المباشر فيها ، ومن المعروف أن تلك السياسة أفرزت على مدى ثلاثة قرون حالة جداً معقدة في كردستان . فهي من جانب نأت بالمجتمع الكردي من مؤثرات العثمانية والتتريك خاصة أن كردستان كانت أقرب المناطق جغرافياً إلى مواطن تركيز وانتشار العنصر التركي في الدولة العثمانية . وحافظت بذلك على بقاء العنصر الكردي سائداً في موطنه التاريخي عند تخوم الباب العالي . ولكنها ساهمت من جانب آخر وإلى حد كبير في ترسيخ حالة التفتت والتشرذم القبلي وتقوية مراكز ونفوذ الزعماء المحليين الكرد ، تلك الظاهرة التي لازال المجتمع الكوردي يعاني من آثارها المدمرة إلى يومنا هذا لا على الصعيد الاجتماعي فقط ، بل وعلى الصعيد السياسي أيضاً .
وفي إيران عموماً ومنطقة كردستان الملحقة بدولة إيران أدت التطورات المتلاحقة التي رافقت الحرب العالمية الثانية إلى ولادة أحزاب قومية إيرانية أخرى انضوت بعضها تحت راية ما سميت بالجبهة الوطنية وكما هو معلوم فإن برامج هذه الأحزاب وخطابها السياسي كان خطاباً قومياً فارسياً ما كان متوقعاً منها أن تكون لها رؤية آنية أو مستقبلية تجاه حل المسألة القومية في إيران بل إن خطابها كان يدعو إلى صهر القوميات الإيرانية في بودقة الثقافة الفارسية ( قومية واحدة لغة واحدة ) وعند تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران بقيادة القاضي محمد والاستفادة من وجود القوات الروسية والتعاون مع الأذريين الذين يدعمهم الروس بشكل واسع ، تم الإعلان عن تأسيس جمهورية (مهاباد ) دون الإعلان عن الانفصال من إيران كحال إعلان جمهورية الاذريين ضمن وحدة إيران ، ولكن حكومة الشاه تعاملت مع ذلك بالقسوة وهاجمت بالعنف على المناطق الكردية وأسقطت التجربة التي لم تكتمل عاماً واحداً وقامت بإعدام قادة الحزب أمام أنظار الناس وفي نفس الساحة التي أعلن فيها قيام الجمهورية ، ومنذ ذلك الوقت ولحد الآن فالحكومات الإيرانية ( الشاه وبعده الثورة التي أدت إلى سقوط الشاه ) تتعامل مع كل انتفاضة أو مطالبة بأي حقوق مشروعة بنفس الأسلوب الذي أدى إلى سقوط تجربتهم الأولى في أواخر عام 1946 ، ولا توجد لحد الآن أي بادرة أمل باتجاه تحقيق الحقوق القومية للكرد هناك ، وأن القوى الكردستانية الإيرانية ( الأحزاب والمنظمات ) مطاردة من قبل السلطة ويعيش أكثرية قيادات تلك الأحزاب خارج إيران ..!
أما في منطقة كردستان العراق والتي تسمى في أدبيات الأحزاب القومية للكرد بـ( كردستان الجنوبي ) فوضعها السياسي والنضالي والثقافي من بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الإمبراطورية العثمانية تختلف عن الأجزاء الكردستانية الأخرى مقسمة على تركيا وإيران وأخرى في سوريا ، بل إن الكرد هذه المنطقة هم أول من أسسوا التنظيم اليساري ( حزب شورش ) والذي سبق تأسيس الحزب الشيوعي العراقي وهذا التوجه اليساري مبكر عند كرد (العراق) جعل ولفترات طويلة أن يكونوا في المواقع القيادية ضمن تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي ، ومن كردستان العراق أيضاً ظهر القادة السياسيين والثوريين من رحم النضال السياسي وليس عن طريق الانتماء القبلي والعائلي ، رغم أن أول محاولة من الكرد لتحقيق حقوقهم القومية قادها الخالد ( الشيخ محمود الحفيد ) .. وهو الرمز الديني في المقام الأول ، وفي رأيي المتواضع وقراءتي لبعض المراحل التاريخية التي مر بها وضع هذه المنطقة ، أن خصوصيتها تلك تعود إلى مرحلة حكم البابانيين حيث يبدو من خلال قراءة فترة حكمهم تكاد تكون الإمارة الوحيدة في تصرفات قادتها وأعمالهم يظهر طابع التوجه القومي ، وما كان التوجه لتأسيس مدينة السليمانية كعاصمة لهم إلا إحدى الإشارات لتوجههم القومي ، ثم يظهر أن كل المعارك التي شنتها الدولة العثمانية على هذه الإمارة كان أسبابها تعود إلى إظهار الطابع القومي على تصرفات أمراء بابان ، وفي مرحلة حكمهم ظهرت ملامح الأدب القومي الكردي بعد ( أسطورة مم وزين ) للشاعر الكبير أحمد خاني من خلال المعلقتين الخالدتين ( الرسالتين المتبادلتين بين الشاعرين سالم ونالى ) .
على كل حال نعتقد أن هذه الظاهرة هي الخلفية التي أدت في مراحل بعد سقوط العثمانين وغدر الانكليز بحق الشيخ محمود الحفيد ، ليكون طابع الحركة القومية الكردية في كردستان الجنوبي ( العراق ) طابعاَ أكثر موضوعية في النظر إلى الأمور السياسية والموقف والموقع الكردي في ما يحدث في العراق بعد تأسيس الحكم الوطني فيها ، حيث عندما نقرأ تأريخ ظهور التوجهات القومية من قبل الكرد في أجزاءها الثلاثة المقسمة على العراق وتركيا وإيران ، نرى أن هذه التوجهات وبعد الحرب العالمية الأولى والثانية : سحقت في إيران وتركيا من قبل القوة القومية الفارسية في إيران الشاه ( جمورية مهاباد ) والقوة القومية العنصرية التركية بقيادة (مصطفى كمال ) عندما تراجع عن وعده للكرد بتحقيق أمنياتهم القومية بعد تأسيس دولة تركيا حيث بدل ذلك قام بسحق قوتهم وإعدام قادتهم ( الشيخ سعيد والدكتور فؤاد ) واخرين ، أما في الجزء الملحق بالعراق عند ظهور القوة القومية الكودية مطالبة بحق تقرير المصير بقيادة الشيخ الحفيد وأعلن تأسيس الحكومة في السليمانية ، سحق هذا المشروع بالقوة الانكليزية وليس القوة العراقية ، وبذلك فتح باب إلحاق منطقتهم بالعراق ، لذلك رأينا ظاهرتين في حياة الحركة السياسية في العراق في تلك المرحلة : الأولى تأييد بل المشاركة الكردية في ثورة العشرين العراقية من خلال تدخل القوة الشخصية للشيخ الحفيد ، ثانياً عندما تم تأسيس الدولة العراقية في 1920 كان للكرد دور الشريك وليس الاشراك ! في تأسيس تلك الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية أيضاً وبشكل ممكن أن نعتبره متميز ، من هنا فإن وضع إقليم كردستان العراق بعد تأسيس الدولة متميزاَ أيضاَ حيث سلم إدارة المدن الكردستانية الكبيرة بما فيها كركوك لأهلها واعتبرت اللغة الكردية اللغة الرسمية في الاقليم والدراسة في مرحلة الابتدائية باللغة الكردية في المنطقة بما فيها كركوك ..! ويعود حصول هذه المكاسب في رأينا المتواضع لسببين : الأول أن حركة القومية الكردية في تلك المرحلة لم تواجه بالتعصب من قبل سلطة تمثل عرب العراق ، والثاني يعود لحكمة الملك فيصل الأول في تعامله وبذكاء مع كل الأطياف العراقية .
والحل ؟ ومالعمل فيما يخص الطموح المشروع للقومية الكردية والعرب والآخرين ومستقبل الدولتين لهم تأريخهم الماضي ( إيران وتركيا ) ؟ كما وضحنا في بداية هذا الموضوع أن القوى الغربية المنتصرة بعد الحرب لإسقاط الإمبراطورية العثمانية ، لم تقدّر نهائياً تطلعات شعوب المنطقة في التعامل مع نتائج الحرب ، بل تعاملوا بغرور المنتصر وبعد انتهاء الحرب تصرفوا بالعنجهية مع شعوب المنطقة بل حتى مع الذين سهّل لهم طريق الانتصار في الحرب من القادة وأهالي المنطقة أيضاً ، وركزت قوة الغرب على بناء أسس لهيمنة طويلة الأمد لذا لجأت إلى التقسيم وكان الهدف الأول منه فرق تسد وفتح الباب أمام تنفيذ أكبر تآمر على العالم الإسلامي من خلال تنفيذ وعد بلفور المشؤم ..!
***
قبل أن أبدأ بكتابة هذا البحث المتواضع ، بحثت بشكل واسع عن مصدر يوثق التعاون النضالي بين القوى والأحزاب السياسية الوطنية في إيران وتركيا والأحزاب الوطنية والقومية الكردية في البلدين ، أي وثيقة تؤكد أن القوى الوطنية في تلك البلدين تتبنى طموحات القومية المشروعة للكرد في إيران وتركيا وبنفس الحماس الذي يناضل من أجله القومية الكردية وكما تقرها المواثيق الدولية لحرية الشعوب في البلدان المتعددة القوميات ، فلم أحصل على أي وثيقة ذات أهمية في هذا المجال سوى بعض إشارات عامة لبعض الأحزاب والتنظيمات اليسارية خصوصاً في إيران الذين لم يكن يوماً من الأيام لمواقفهم أي تأثير يذكر ، أما في العراق ، ومنذ تأسيس الدولة العراقية وظهور الأحزاب والتنظيمات السياسية ، ترى الاهتمام بتحقيق الطموحات القومية الكردية من قبل الأحزاب الوطنية العراقية وشكلوا في أكثر من مرة وفي انعطافات النضال الوطني جبهة وطنية مع الأحزاب الكردية ، لذلك نرى أن الشعار الذي رفعته الثورة الكردية المسلحة أيلول عام 1961 كان شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان مع أن تأريخ تلك المرحلة تؤكد تعارض بعض الجهات والتنظيمات القومية العربية مع تلك التوجهات الجبهوية الوطنية العراقية . بل إن هناك شواهد لمواطنيين عراقيين من العرب استشهدوا بين صفوف الفصائل الكردستانية المقاتلة أثناء الثورة دفاعاً عن حقوق الكرد القومية
والآن وبعد ما سميت بـ( عملية تحرير العراق 2003 ) نرى ونسمع غرائب الأمور وعجائب القضايا بحيث هناك توجهات خطيرة جداً من بعض الجهات تعمل بجد وخلف الستار ، بحيث من الصعوبة معرفة مصدرها أو مصادرها لتزوير كل صفحات التأريخ المشرق للعراقيين بحيث يراد من هذه التوجهات أن يظهر أنه لم يعذب الكرد أي جهة في المنطقة إلا العرب ، بل يظهر صورة أنه لا يمكن الوثوق بالعيش العربي الكردي المشترك في العراق ، دون أي إشارة إلى وضع الكرد في الأجزاء الأخرى من وطنهم المقسم ...! كأنهم يعيشون في جنة النعيم ...!! ‘ والحملة تجري بشكل مكثف بطريقة لا تفسح مجال أمام الجيل الحالي من الكرد أن يذكر شيء في التأريخ سوى جرائم الأنفال وضرب الكيمياوي ، وأن لا طريق لعدم تكرار ذلك إلا الانفصال ..!! حتى ذلك الشعار الصارخ الذي رفع من أجل إدخال الكرد في الصراع الطائفي وسمي بـ( التحالف الستراتيجي الكوردي الشيعي !!) تراجعوا عن الترويج له . دون أن يذكروا حال الكرد في الأجزاء الأخرى ، كأن قضيتهم محلولة هناك وحسب مقاييس حقوق الشعوب ومواثيق الأمم المتحدة ....!! ودون أن يذكروا أن هذه حملة جزء من تخريب كل المنطقة وليس فقط العراق ، وأن هذه هي حلقة صغيرة ضمن سلسة طويلة ضد الاسلام ( الدين والفكر والرسالة والحضارة ) يروج لها الغرب ، ففي حين تعمل إدارات الغرب منذ سنين طويلة ومنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى من أجل أن يمحو كل أشكال الشعور بالفروق العنصرية والعرقية ضمن بلدانهم ويروجون للعولمة ومحو الخطوط والحدود ....!! بل نسيان تأريخ أصل القبليات في الغرب ، وعلى سبيل المثال كان معظم السكان الذين يعيشون في فرنسا الآن هم من أصول الغاليين الرومان أو من الباسك أو من أيبريا وليغويريين في جنوب فرنسا امتزجوا مع الجرمان زمن الامبراطورية الرومانية والإسكندنافيين الذين استوطنوا نورمندي في القرن التاسع وكلمة "فرنسا" مشتقة من كلمة "فرانكيا" وتعني موطن الفرنك وهم قبائل جرمانية دحروا الرومان من بلاد الغال)
وهكذا كان حال كل الشعوب في الدول الأوروبية ، ولكن كل توجهات إداراتهم الوطنية تسير باتجاه تكوين الأمة الفرنسية والأمة الألمانية بل إن الناس في أمريكا الذين كانوا لملوم ..!! من كل زوايا العالم صنعوا منها أمة أمريكية عظيمة .....!!! ولكن هؤلاء الإدارات الغربية الخبيثة والشريرة مصرة على أن تعطى للعولمة في الشرق عموماً وفي الشرق الأوسط خصوصاً معنى غير المعنى في الغرب ، يجب هنا ‘‘ وهم يعرفون أن مجتمعاتنا تعاني من الجهل ....مع الأسف ‘‘ أن لا يعنى العولمة إلا تأسيس كانتونات ، بحيث يكون لكل عائلة حكومة ولكل عشيرة مملكة ولكل مذهب رسالة ورسول خاص بهم ويعتبرون أن تحقيق هذه الخريطة هو من صلب حقوق الإنسان والمجتمعات المدنية وحتى الرسالات السماوية .....!! ولا حول ولا قوة إلا بالله ‘‘ لذلك عند الغرب لا تسقط دكتاتورية سوريا بانتفاضة الشعب السوري الموحد مثلاً....!! إلا إذا تم تسليح داعش وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية والجيش الحر ، وللكرد ثلاث كانتونات والمطلوب أن هؤلاء كلهم يحاربون بعضهم البعض وكلهم ‘‘ وبطريقة مختلفة عن الآخر ‘‘ يحاربون ذلك النظام ونتيجة سوريا في جنة الخراب ....!!! والغرب يصرف ويسرق ونتنياهو يخطط وينفذ ...!!
ما يهمنا مستقبل الكرد ، أن هذا الشعب العريق الذي لولا لعبة الغرب وتعصب الإدارات الإقليمية في الشرق الأبيض المتوسط ، لكان له الحق في أن يكون أحد الدول الإقليمية المؤثرة والمشاركة في بناء الاستقرار والعيش الكريم بالتعاون مع شعوب المنطقة ‘ وتحقيق هذا الحلم ليس منه على الكرد بل حقه المشروع بمقاييس حق السماء والأرض ‘ ولكن تآمر وأطماع الغرب وتعصب الحكام الترك والفرس والعرب ‘‘ نؤكد الحكام ‘‘ أدى إلى استمرار التقسيم كما هو الآن .. وقمة المأساة في قراءة أسطورة الكرد المجزأ والعرب المقسم ، لا ترى وثيقة يعترف فيها الغرب بأنهم مسؤولون عن هذه المأساة ، بل مواثيقهم تؤكد مسؤولية الكرد أنفسهم عن الحال الذي هم فيه ....!! حيث كتبوا في تحليلاتهم : لابد من الاعتراف بأن الكرد بعد الحرب العالمية الأولى كانوا يفتقرون إلى مشروع سياسي يوحدهم وقيادة كاريزمية ومبادرة بعيدة النظر تستطيع توحيد صفوفهم وتقودهم نحو تحقيق أهدافهم . وقد شخصت صانعة الملوك في الشرق الأوسط المس بيل في بداية العشرينات من القرن الماضي هذا القصور عند الكرد بقولها الكرد شعب يفتقر إلى قيادة ...
والآن ، نقوله مخلصاً لمستقبل شعب رأى الكثير الكثير من المآسي إلى أن حصل ما حصل عليه من الحقوق المشروعة في جزء من أراضيه ‘‘ إقليم كردستان العراق ‘‘ حصلها بالدم والدموع ودعم الخيرين أيضاً في العراق ، نقول كمواطن منتمي لهذه الأرض والشعب وعلمتنا الدنيا قليلاَ من قدرة القراءة : ‘‘ أن على المتنفذين الكرد عدم الاعتماد على بعض التصريحات الغربية عموماً والأمريكيين على وجه التحديد من أمثال زلماي خليل زاد الذي لايشعر بالانتماء لاالى ارضه ولا الى شعبه ولا الى دينه بل كان عرابا للامريكان لتحطيم بلده الفقير وشعبه الجوعان ‘ ا و الى بعض العسكريين الامريكيين التجار الباحثين عن سفك الدماء طريقا لثراء بعد خروجهم من الخدمة العسكرية من امثال جنرال ريموند ‘، كيف يكونون نصيراً للشعب الكردي وهم يعرف من ابتلاء هذا الشعب بشر التمزق والانقسام .
في هذه المرحلة والمنطقة غارقة في ضباب التآمر الرهيب ليس أخطرها تنظيم داعش ، بل والغرب يسير بهذا الاتجاه الشرير ، ومن هنا مع الأسف هناك تجاوب من الذين حولوا انتفاضات شعوب المنطقة إلى خريف الموت والدمار ، إن شظايا هذا الانفجار عندما يصل بشكل واسع إلى ربيع كردستان شمالاً وجنوباً وشرقاً ، وإذا حصل هذا لا سمح الله ، لا يصدق أحد أنه في استراتيجية الغرب ( الأمريكي الشرير والبريطاني الخبيث ) هناك مخطط يضمن حق القومية الكردية في تقرير مصيره بنفسه ، لأن كل إشارات الأحداث تؤكد الحقيقة التالية : إذا استمر الوضع على ماهو عليه فإن المنتظر بالنسبة للجميع ، وليس فقط الكرد مزيد من حالة التفتت و التشرذم القبليي والمذهبي وتقوية مراكز ونفوذ الزعماء القبليين والمحليين والطائفيين ، تلك الظاهرة التي لازالت مجتمعاتنا تعاني من آثارها المدمرة إلى يومنا هذا لا على الصعيد الاجتماعي فقط بل وعلى الصعيد السياسي أيضاً إلى وصوله ليكون خطراً على رسالة الرب السماوي في حياة شعوب هذه المنطقة .... ! إذ إن الاختيار الأمثل للكرد في الجزء الجنوبى ( العراق ) والكرد في الشرق ( إيران ) والشمال ( تركيا ) والغرب (سوريا ) هو دعم وحدة الصف بهدف تقوية الارادة الوطنية لهذه الدول على المستوى الإقليمي والدولي ، إنه أشرف لكل كردي مؤمن بحرية شعبه التعاون مع بغداد وطهران وأنقرة ودمشق لمواجهة الأخطار المحدقة بمنطقتنا ‘‘ لسنا من دعاة عقدة التآمر لنقول كلها من صناعة الغرب ، ولكن فينا ضعفاء أمام الحق بدل ما يدعون لوحدة إرادة شعوب المنطقة يدعون الغرب لإنقاذهم وهم يعرفون أن الغرب يهدف إلى هيمنة وليس الإنقاذ ..!! إن وحدة شعوب هذه الدول وظهور العراق العربي الكردي القوي وكذلك إيران وتركيا وسوريا يضع الجميع بمواجهة الغرب أن يحسب لنا ألف حساب قبل أن يفرض علينا اختيارات طال أمدها ولم نكسب من وراءها إلا الخراب ، إن وحدة الكرد في العراق وكذلك إيران وتركيا وسوريا على إقرار مصيرهم كفيل بأن يحترم كل من يحكم في تلك البلدان اختيارات الكردستانية موحدة في المستقبل ، وهذا ممكن إذا هناك إرادة إن شاء الله تعالى .
...............................
( 1 ) اعتقد ان راى المطروح في هذا التحليل ‘ له جذور عند المثقفين والسياسيين الكرد في اجزاء اخرى من كردستان ‘ حيث اطلعت على تحليل لاحد الاخوه المثقفين من كردستان ايران كتبه باللغة الفارسية ( اعتذر لااتذكراسمه ) نشر في موقع ( سبه ى ) الكردية ناطقة باسم حركة ( التغيير ) في احد اعدادها قبل عام ‘ وكذلك تحليل اخر للسياسي الكردي في سوريا عبدالباسط سيدا ‘ نشر في 29 حزيران 2017 بعنوان ( الكرد وشعوب المنطقة : تسوية عادلة ) في صفحة ( تيارات ) جريدة الحياة اللندنية يقول في التحليل : ( من مصلحة الكرد اليوم، بناء أفضل العلاقات مع محيطهم العربي والتركي والفارسي. لكن في المقابل، من مصلحة العرب والترك والفرس الإقرار بالظلم الذي تعرض له الكرد، والعمل من أجل وضع حد له عبر الاعتراف بالحقوق الكردية المشروعة، والقطع مع عقلية اعتبار القضية الكردية في المنطقة مشكلة لا بد من التصدي لها إنكاراً وقمعاً وتنكيلاً. فهذا نهج أثبت عقمه منذ نحو قرن، وتسبّب في إزهاق أرواح أعداد لا تحصى من البشر، واستنزاف طاقات مادية هائلة.)
641 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع