متي كلو
حبي الضائع في بغداد والدعوة الى العودة!!
حبي الضائع في بغداد،هذا عنوان لقصة ليست من نسيج الخيال، بل يوميات كتبها المراسل الامريكي "مايكل هيستنغز" لمجلة نيوزويك الامركية ، وهو يروي ما شاهده في كتاب عنوانه “I LOST MY LOVE IN BAGHDAD " اما الاحداث التي تم سردها في هذا الكتاب،فمستخرجة من مفكراته الخاصة وملاحظاته،التي دارت على امتداد سنتين اثناء اقامته في بغداد وزيارته لبعض المحافظات، لمتابعة الاحداث الساخنة في القتل والرهيب والخطف والفساد و بالرغم من انها قصة شخصية ولكن مفعمة بالماساة عندما يروي عن مقتل حبيبته اندي " عندما تعرض موكبها لهجوم في كمين نصب لها" ،الذي كان المتفق ان يقترنا معا بعد الانتهاء من مهمتهما في العراق، لا نريد هنا ان نروي عن تلك القصة الحزينة ولكن،ننقل ما كان يدور من احداث ساخنة من القتل على الهوية والتي ذهب ضحيتها الالاف من القتلى والجرحى من كافة الاديان المذاهب في العراق ومن خلال ما كتبه المراسل كشاهد عيان، نستطيع نقرأ ما يجري في العراق من الماسي ومن يحكم العراق منذ عام 2003 والى يومنا هذا، ان هذا الكتاب يعتبر وثيقة دامغة سوداء بجبين من يحكم العراق من احزاب ومليشيات مذهبية وطائفية ومازال هؤلاء الذين جاءوا بدبابة امريكية يحكمون العراق بالحديد والنار، ومن ضمن ما جاء بالكتاب هذه الاسطر المختارة من بعض الصفحات نضعها بين قوسين، ثم نتكلم عن البعض الذين يدعون المغتربين بين حين واخر الى العودة الى العراق.
(النفايات منتشرة في كل مكان في العراق... فهي تتجاوز حد الوصف، هناك اكوام ضخمة منها خارج المنازل) ..(رايت اشياء: اشلاء اجسام صغيرة، اجسام الاطفال، قطعا مفتتة من الطفولة)..( قال خالد انظر الى هذا ورمى القنبلة الصوتية امام شاحنة ذات ثمانية عشر دولابا فانفجرت وجفل العراقيون الوقفون في الشارع واصيبوا بالذعر فيما انحرفت الشاحنة وقال خالد وهو يبتسم هذه هي القنبلة الصوتية) ويتكلم عن المطار(فقلما يستخدم البرمجة الكمبيوترية او النظم الحديثة على الرغم من ان اكثر من 150 مليون دولار قد تم توظيفها لغرض تجديد المطار) اما عن الجيش(لقد تم تفكيك الجيش العراقي السابق من قبل الولايات المتحدة بعد الغزو فقام الجنود العاطلون عن العمل على الفور باعادة تنظيم انفسهم وانظموا الى حركة المتمردين) ... (وصرح المالكي قائلا ان المتمردين هم افراد مشتبه بهم من جيش المهدي)...( منذ العام 2003 قدم الامريكيون مئات الالوف من قطع الاسلحة الى القوات العراقية .. فان 30% من تلك الاسلحة مجهولة الوجه)...( في المحكمة – القاضي – لكن لا يوجد لديك اي دليل يثبت تعرضك للتعذيب، فرد السجين ان الدليل موجود في جسدي- ودارت مداولات لمدة خمس دقائق – قال القاضي – مذنب السجن مدى الحياة ) ... (ان قوات الشرطة الشيعية كانت تقوم باحتجاز وتعذيب السجناء ومعظمهم من السنة – ان السجن يسوده الفساد وانه مثير للاشمئزاز فعلى السجناء دفع رشوة بمقدار اربعين دولارا لمجرد اجراء مكالمة هاتفية بالهاتف الخلوي – مبغا قدره 30000 – 40000 دولار لاطلاق سراحهم)... (ويعتبر الحكيم حليفا لامريكا – حزبه يناصر حكومة الاصوليين الاسلاميين المماثلة لتلك الخاصة بايران)...( تفوح من شوارع الغزالية رائحة عفنة كرائحة المجاري – رائحة لاذعة ومقرفة للبراز والمواد الكيمياوية اما مياه المجاري فتفيض فوق الارصفة)...( وقمنا بتفتيش المكتب الفرعي للحزب العراقي الاسلامي في حي الغزالية وعثرنا على مستودع للذخيرة الحربية ومواد لتصنيع وسائل تفجير محلية الصنع)... (اهذا هو المكان الذي ولدت فيه الحضارة .. لابد من وجود سبب لمغادرة الشعوب المتحضرة هذه البلاد ولهجرتها .. الخروج من فوهة القذارة)
هذا هو العراق منذ 2003 الى يومنا هذا، ومازال البعض من المنافقين يدعون بين حين واخر المغتربين العودة الى العراق! لا نعلم الجديد الذي طرأ نحو الافضل في العراق لكي يدعون المغتربين للعودة ! اليس النظام الذي يسوده المحاصصة مازال قائما!اليست الاحزاب الاسلامية تتقاسم السلطة وتتقاسم مغانم الدولة فيما بينها، اليس الفساد مستشري في كافة مفاصل الدولة! اليس السلاح المنفرد بيد المليشيات الاسلامية تحديا للدولة! اليست البطالة تبلغ اكثر من 40 بالمئة! اليست القرارات تصدر من وراء الحدود والحكومة العراقية تنفذ تلك القرارات! اليس النظام يرعى المذهبية والطائفية وزرع الانشقاق بين ابناء الشعب الواحد! اليست الفوضى والانفلات يعم العراق من اقصاه الى اقصاه! اليست الدولة تهمش الاقليات وتلغي المواطنة! ولهذا دعوة هؤلاء للمغتربين للعودة ما هي الا لعبة سياسية قذرة وفيها من التضليل والتزيف الشيئ الكثير.
ليس كل المغتربين يعيشون في بحبوحة ورفاهية، ولكن يعيشون بحرية وامان وفي كنف دول تؤمن لهم كل مستلزمات الحياة ومنها الدراسة والعمل وحرية الرائ، ولكن مازال يعتز بوطنيته .. كفى مزايادات وطنية على حساب الحقيقة،ان المغتربين الذين هربوا من النظام الدكتاتوري السابق وبعد الاحتلال من الاحزاب والمليشيات المسلحة مازالوا يحلمون بالعودة، ولكن العودة الى وطن امن مستقر يؤمن بالمواطنة بعيدا عن الفساد بكافة مفاصله، ان كل مغترب يحلم بالعودة ولكن بعيدا عن المغامرة والذهاب الى المجهول،يحلم بالعودة الى وطنه ليبنى مع اقرانه وطنا حرا مستقلا، لانه وطن ابائه واجداده، ولكن مع الاسف الشديد ان كل المغتربين لا يثقون بجميع السياسيين الذين يحكمون العراق اليوم سواء كان رئيسا او وزيرا او برلمانيا!!
1764 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع