د.فاضل البدراني
فرصة العرب من قمة جده
انتهت قمة جدة على جملة توصيات في أهم نقاطها ملأ الفراغ الذي تخشى واشنطن من الصين وروسيا من التواجد فيه والمتمثل بالمنطقة العربية الغنية بمصادر الطاقة مثل بلدان الخليج العربي والعراق، وما يحيط بها من بلدان عربية مثل مصر والأردن وحتى فلسطين.ومن الضروري أن نفتش في حيثياتها والأهداف البعيدة التي رسمها الآخرون عندما أصرت واشنطن على عقدها والمشاركة بها، على الرغم من انها جاءت في شكلها الظاهري قمة للتعاون الأمني والتنموي، ودعت لتمتين علاقات التعاون والاقتصاد، وبناء قاعدة شراكة فاعلة لمواجهة تحديات الامن الغذائي
فاذا كان أبرزمطلب لواشنطن من بلدان قمة جده هو ملأ الفراغ بوجه طموحات روسيا والصين، فما هي المكاسب التي ستقدمها واشنطن والغرب للعرب؟ وربما تشكل زيارة جو بايدن لفلسطين وإسرائيل التي سبقت قمة جده بيوم، ودعوته من هناك بحل الدولتين والعودة لحدود 1967لصالح الدولة الفلسطينية، هو الجواب الذي حاول الرئيس الأميركي جو بايدن أن يسبق به أي سائل ليقنعهأو يضلل الشارع العربي والقادة العرب به على اعتبار انه توجها أميركيا جديدا بإيجاد حل لوضع فلسطين وإيقاف بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وحيال ذلك ينبغي ألا تغيب عن الذهنية العربية اتفاقات أوسلو عام 1994 أيام إدارة الرئيس الأسبق بيل كلنتون عندما تعهد للعرب مقابل الاعتراف بإسرائيل، ضمان حقوق شعب دولة فلسطين،وقد حصل اعتراف من بعض العرب، بينما تنصلت واشنطن من التزاماتها لاحقا في جميع الإدارات التي حكمت في البيت الأبيض.
أن مؤتمر قمة جده في 16 تموز الحالي، سجل حادثة تاريخية، وللمرة الأولى أن يحضر رئيس أميركي هذه المرة من موقع الضعف، ويطلب من العرب مساندة بلاده وأوروبا التي تتعرض لانتكاسات جسيمة امام التنين الصيني والدب الروسي، ويستجدي العرب موقفهم بتزويدهم بالنفط والغاز، وتسهيل الممرات المائية للتجارة الدولية، فهل فهم العرب ذلك ؟ يقينا الغرب كله لا يلتفت للعرب ولا يساندهم بالمطلق، وموقفه ثابت وستراتيجي ودوما داعم لجميع الدول الأجنبية التي ناصبت العرب العداء واستغلت ضعفهم، ومنها إسرائيل كنموذج، ومثل هذا الموقف السلبي للغرب يحتاج ان يجابه بموقف عربي صلب بالمساومة على الموقف من قضية فلسطين ومساومة اميركا بإجبار إسرائيل على الانسحاب لحدود 1967 فأنها الفرصة الذهبية التي يمكن للبلدان العربية المصدرة للبترول، تحقق مطالبها واثبات وجودها أمام وضع دولي جديد من المتوقع أن تجريعملية صياغته بشكل جديد،ويضعف فيه الكبار الأقوياء، والمتغيرات الدولية الجديدة واضحة للعيان من مؤشراتها الأولى،إذ تشير المحاذير من مؤسسات اقتصادية دولية، أن الاقتصاد العالمي سيواجه انتكاسة خطيرة تجعل أغلب شعوب العالم تعيش تحت خط الفقر، سيما وان هذه المؤسسات تقول ان ازمة أوكرانيا جعلت نحو 70 مليون شخص يعيش ضمن خط الفقر.
فأميركا تحاول ان تصنع سلام في منطقة الشرق الأوسط بغاية حماية إسرائيل، وتعزيز التطبيع معها، وتحقيق تدريجي لصفقة القرن التي تستهدف الوجود الفلسطيني على أرضه، وبعض البلدان العربية، ومناهضة مشروع خارطة الطريق أو طريق الحرير الذي تتبناه الصين. فلا مكسب ولا فائدة لتوصيات القمة، إن لم يكن القادة العرب قد استوعبوا الدرس، وحددوا مصلحتهم من هذه المناورة الغربية التي تعنيها الوقوف بوجه الصين وروسيا.
ونرجو أن تكون مخرجات القمة إيجابية بصالح العرب، وقد تكون فرصة إيجابية لهمالا أنه في حال لم تستثمر الفوائد التي جاءت بهافأنها بحق ستكون قمةبصالح الغرب حصرا.
كاتب وأكاديمي عراقي
4145 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع