يوم السمتيات...

       

                يوم السمتيات...

     
 
                        بقلم:الصقر


 26/7/2014
درجت صنوف قواتنا المسلحة السابقة  الاحتفال بيوم تاسيسها  استذكاراً للجهود المبذولة من اجل تطوير جيشنا الباسل وهو يتقدم الى الامام يضيف  حقبة جديدة  لسفر تاريخه النضالي ...

ففي 27 تشرين الاول (اكتوبر) من كل عام يحتفل فرسان السمتيات  ومعهم باقي صنوف قواتنا المسلحة  بعيد صنف طيران الجيش الذي اطلق عليه (يوم السمتيات)،عندما كان العراق حرا مستقلا وتوقف الاحتفال بهذه المناسبة  بعد الاحتلال وما بعده ، ولكن سنعيدها انشاء الله بعد اعادة السيادة الوطنية  للعراق ولامجاد جيشنا الباسل ومعها كل مناسباتنا الوطنية  .
من  ذكرياتي  بهذه المناسبة ساقدم نبذة عن التداعيات التي قادت الى ولادة صنف طيران الجيش والظروف التي قادت ان يكون صنف من صنوف الجيش العراقي الباسل مستقل عن قوتنا الجوية البطلة له كيانه وفعالياته الخاصة التي لم تكن تذكر قبل ذلك اليوم.

                

تمهيد
شهدت المرحلة بعد  سقوط شاه ايران وقيام الجمهورية فيها  وحتى ايلول (سبتمبر) سلسلة من الاعتداءات ضد العراق ، زادت هذه الاعتداءات  يوم 4  أيلول 1980 وما رافقها من قصف مستمر للمخافر الحدودية والمدن العراقية وعلى طول الحدود العراقية الايرانية،كان العراق يحاول بالطرق الدبلوماسية والقوانين الدولية ومذكرات الاحتجاج التي بعثها الى ايران يناشدها بالكف عن هذه  الاعتداءات والتدخل بالامور الداخلية للعراق ، ولكن ايران لم تمتثل  لكل ذلك بل زادت تدخلاتها  والمماطلة في تنفيذ بنود اتفاقية عام 1975  بترسيم الحدود بل قيامها  باستخدام الاراضي العراقية التي لم تنسحب منها تنفيذا للاتفاقية المذكورة في قصف المخافر والمدن العراقية  الحدودية بدلا من تسليمها الى اصحابها  الشرعيين  حسب الاتفاقية  المذكورة .

        

نتيجة لذلك فقد قررت القيادة العراقية استعادة هذه الاراضي وابعاد المدفعية الايرانية التي تقوم بقصف المدن والمخافر الحدودية العراقية منها،وبدأت القوات الوطنية العراقية بتنفيذ واجبات ازاحة المدفعية الايرانية من مواضعها داخل الاراضي العراقية وتحرير هذه المناطق من الاحتلال اعتبارا من 7 أيلول (سبتمبر) 1980وحسب الاولويات الموضوعة للتنفيذ ، وقد سبق هذه الواجبات في 4 ايلول ( سبتمبر) 1980 مباشرت طائراتنا السمتية  بعمليات الاستطلاع ( وكانت لا تزال من نظام معركة القوة الجوية العراقية )  وتقديم الاسناد المباشر للقطعات المكلفة بتنفيذ واجبات الازاحة والتحرير من خلال الاسناد الناري القريب والاستطلاع  ونقل  القادة واخلاء الجرحى ونقل القطعات المحمولة وبقية واجبات الاسناد المختلفة.

  
نبذة عن تدريب وعمل سلاح السمتيات قبل الحرب
دخلت الطائرات السمتية ألخدمة في القوة الجوية العراقية  منذ خمسينيات القرن الماضي ولم تشهد تطور في النوع والاستخدام الا خلال السبعينيات بعد تنوع مصادر التسليح ودخول الطائرات الفرنسية الخفيفة المقاتلة للدروع ( الويت 3 و الغزال) والشرقية مي4 ومي 6 العملاقة و(مي 8 المخصصة لنقل القطعات ومزودة بصواريخ حرة .) ،شاركت طائرة الالويت 3 المسلحة بالمدفع الجانبي 20 ملم وطائرات مي8  في حركات الشمال وبشكل مؤثر منذ  عام 1974 وصاعدا ..
لم يجري التدريب على استخدام الصواريخ المضادة للدروع والمنعات المجهزة بها طائرة الالويت 3  لاستمرار مشاركة منتسبي السرب باحداث الشمال ولكن جرى تدريب عدد قليل من الطيارين على استخدام منظومة اطلاق الصواريخ قبل الحرب بمدة قليلة ، اما طائرات الغزال التي تسلحت بها القوة الجوية في الثلث الاخير من عام 1976  فقد استمر اعداد الطيارين لقيادتها وتم تشكيل سربين هما السرب 31 و88 و جرى تدريب الطيارين على استخدام منظومة الرمي للصواريخ الموجهة ضد الدروع  الثابتة ثم الاهداف المتحركة( وخلال التدريب  على الاهداف المتحركة اصطدمت طائرتين مما ادى الى تحطمهما واستشهاد الطيارين والمدربين ومن ضمنهم آمر السرب  31 الشهيد  الرائد الطيار ثامر صالح درويش وكل من الشهداء الطيارين الملازم الاول الطيار خلف العيثاوي والملازم الاول الطيار نجم عبدالله والملازم الاول الطيار عدنان دعدوش  والملازم الطيار خلف قبل الحرب بشهرين )..

 

وفي نهاية السبعينيات تم تسليح القوة الجوية بطائرات مي 25 الشرقية وهي طائرات متقدمة تملك  تدريع  ضد الاسلحة المعادية وتحمل صواريخ مضادة للدروع ومدفع امامي (عيار12,7 ملم...) وباربعة سبطانات ومنظومة صوارخ حرة مضادة للاشخاص  وذات مناورة جيدة (وبذلك تكون طائرة قتال رئيسة وذات فعالية كبيرة )  تم تهيئة كوادرها للعمل القتالي من طيارين وفنيين قبل بداية الحرب بمدة قصيرة داخل وخارج القطر,جرى التركيز على تدريب الطيارين لقيادة الطائرات واستخدام الاسلحة المتنوعة فيها وتم الوصول الى مهارة جيدة في هذا المجال وبشكل عملي من خلال التدريب وتنفيذ الواجبات ( وكانت بحق السلاح الرئيسي للسمتيات طيلة مدة القتال ) . وتم تشكيل سربين تم تسليحهما بطائرات مي25 هما سرب 61 وسرب 66.
اما طائرات النقل  فواجباتها كانت طبيعية من خلال عملهم بنقل القطعات والانزالات بانواعها.
اما اساليب  القتال واالتعاون مع القطعات الارضية واسلوب استخدام التشكيلات القتالية في تقديم الاسناد ( التعبئة ) فلم يجري التدريب عليها او القيام بالتدريبات المشتركة قبل بداية الحرب  لعدم وجودها اصلا  في مناهج التدريب للقوات البرية  او القوة الجوية وهذا تقصير كبير من مسؤولي التدريب دفعنا ثمنه باهضا في بداية الحرب ،وقد  يعني هذا اننا دخلنا الحرب دون اية لغة او تدريب مشترك  مع القطعات الارضية ( يستثنى من ذلك العمل مع القوات الخاصة والمغاوير في عمليات الانزالات والاسناد ) تم التعاون معهم خلال العمل المشترك في الشمال  وادت الى لغة تفاهم وصداقات شخصية بين منتسبي هذه القطعات والطيارين ، فلا تمييز لقواتنا المدرعة او الالية ولا كيفية تقديم الاسناد ، وكذلك الحال للقطعات الارضية من حيث كيفية الاستخدام الامثل لسلاح السمتيات  والتمييز ، مما ادى الى حدوث مشاكل عديدة  وعدم فهم القطعات الارضية لامكانيات السمتيات وطبيعة عملها وادى ذلك لاسقاط واصابة عدد من طائراتنا من قبل القطعات الارضية .

       

اعتادت الفرق العاملة في الشمال وقبل بدأ الحرب مع ايران بان تعتمد على الطائرات المسلحة ( الالويت 3 ) السرب 30 بحسم المعارك نتيجة لاندفاع واخلاص الطيارين في تنفيذ الواجبات المكلفين بها وتجاوزهم  احياناً على التعليمات او المناطق المخصصة لتنفيذ الواجب بقدر عالي من الشعور بالمسؤلية وبذلك كانت الفرق العاملة تحصل على النتائج النهائية ويتم تجييرها لفعاليات فرقهم  وتكون ضمن مواقفهم اليومية لانجازاتهم،وقد تعرض طياروا السرب 30  للمحاسبة  والتعنيف  بسبب كثرة اصابة الطائرات بالاسلحة المعادية وشكوى الهندسة الجوية من ادامة المواد الاحتياطية  لتعويض الاصابات وكلفتها العالية ,  مما ادى الى اصدار الاوامر للطيارين بعدم الطيران الواطيء والتحليق خارج مديات الاسلحة الخفيفة المعادية .. نفذنا هذه الاوامر رغم عدم قناعتنا  بها, وخلال تنفيذنا لهذا الامر لم تحدث اية فعاليات ايجابية نتيجة عدم تمييزنا للاهاداف وكذلك اصيبت عدد من طائرات الانزال ( مي 8 ) بالاسلحة المعادية  بسبب  عدم الاسناد خلال الهبوط في مناطق الواجبات مما اجبر القيادة على الغاء الامر السابق ومنحنا حرية العمل .. وهذا الحال لم يكن يشمل الفرق المدرعة او الالية لعدم مشاركتها في تلك الفعاليات.

  

بدأ الحرب وفعاليات السمتيات
مع بدآ القتال منذ يوم 4 أيلول شاركت  طائراتنا السمتية في تقديم الاسناد للقطعات من خلال تقديم الاسناد الناري المباشروالاستطلاع   من قبل طائرات الغزال ومي25 وبشكل مكثف وكذلك عمليات نقل القطعات بواسطة طائرات مي8 ومي 6 الضخمة ، وكان اول واجب  قتالي تكلف بها السمتيات يوم  7/9/1980 حيث تم تكليفهم بواجب البحث عن المدفعية المعادية   التي تقصف مدننا الحدودية في العمق الايراني دون اية احداثيات او دلالة وهذه من الواجبات الغير معقولة ، ونتيجة مثل هذه الواجبات تم اصابة عدد من طائراتنا من قبل القوات المعادية وقطعاتنا الارضية وخصوصا عند عودتها من عمق الاراضي المعادية لاعتقادهم بانها طائرات ايرانية ( بسبب عدم التمييز وعدم التدريب المشترك المسبق ) ،اول الشهداء من طياري السمتيات النقيب الطيار محمد عبيد من السرب 31 غزال بتاريخ   11 ايلول 1980  اثناء  تنفيذ واجب الاسناد في منطقة  سيف سعد  حيث اصيب اصابة مباشرة اسفل البطن  وتمكن الطيار الثاني من الهبوط  بالطائرة  وتحطمها  اثناء الهبوط نتيجة الاصابة المباشرة وتم نقلهما بواسطة عجلة مدرعة لعدم تمكن الطائرة الثانية وطائرة الانقاذ من النزول لشدة الرمي واستشهد النقيب محمد عبيد خلال نقله بعد ان نزف بشدة ،كذلك  طائرة مي8 بقيادة الملازم الاول الطيارصباح جسام والملازم الطيار محمود شكر ونائب ضابط براد جوي  اسقطت بتاريخ 23 أيلول 1980 ،استشهد فيها معهم  الشهيد العميد الركن  عدنان شريف رئيس اركان الفرقة الثانية وضباط ركنه وطائرة مي 25 بقيادة الشهيد النقيب الطيار جميل عبد دروبش والملازم الاول الطيار فائز عزاوي بتاريخ 12 تشرين اول 1980  في قاطع سربيل زهاب وطائرات أخرى  جميعها اصيبت بنيران قطعاتنا  الارضية للسبب الذي ذكرته آنفاً .
وبعد استقرار المواضع الدفاعية بعمق الاراضي الايرانية كان يتم  تكليف الطائرات السمتية من قبل فرق المشاة وبنفس الاساليب القتالية  في معارك شمال العراق ،بمهاجمة المواضع المعادية ويأملون بحصد النتائج كما كان يحدث في معارك الشمال مما ادى الى وقوع حوادث للطائرات وتحطمها واستشهاد عدد من الطيارين لواجبات غير ضرورية ويمكن الحصول عليها يواسطة اسلحة ومدفعية القطعات الارضية،وكذلك حصول عدد من المشاكل مع القادة بسبب سوء الاستخدام،فعند تحطم الطائرة او استشهاد طاقمها لا تكون الخسائر نتيجةً الاستخدام الغير مقبول من الفرقة التي طلبت تنفيذ الواجب ،وعلى العكس من ذلك عندما تأتي الطائرات بنتائج جيدة يكون عمل تعرضي جيد للفرقة والخسائر تتحملها القوة الجوية،وكذلك الحال في تقارير المهمة  التي تقوم بها السمتيات اذا كتبت في مقر الفرقة او الفيلق فتحسب للفرقة او الفيلق واذا كتبت في القاعدة الجوية فتحسب  لفعاليات القوة الجوية  ، ولا يتم ذكر اية فعالية لسلاح السمتيات ، وعليه فلا توجد اية فعاليات  تذكر لها.

                 

اجتماع السيد رئيس الجمهورية مع مقاتلي السمتيات   
خلال هذه العمليات حصلت حادثتين مهمتين اولهما في قاطع الفيلق الثاني وكما ياتي ، بتاريخ 19 /10/1980 كلفت طائرتي غزال بواجب التعرض على اهداف معادية في منطقة (كوهينة )،ولعدم الدقة في تمييز المواضع المعادية  تم اصابة مراصد عائدة للفرقة الرابعة  ادى الى استشهاد ضابط واصابة اثنين من المراتب ثم تم تبديل المفرزة وعادت الى السرب دون تنفيذ واجب آخر  ، علما بان الهدف كان ضمن مدى اسلحة الاسناد الارضية ولا داعي لاستخام الطائرات السمية لمعالجتها.
والحادثة الثانية حصلت في قاطع الفيلق الثالث وايضا يوم 19/10/1980 حيث كلفت طائرتي غزال بواجب مهاجمة وتدمير القطار المتجه من الاحواز الى عبادان  بقيادة الرائد الطيار (هـ ا ت ) والنقيب الطيار الشهيد نجيب يوسف منصور (استشهد عام 1982في الشوش الفرقة 3  ،وبعد توغلهم بالعمق الايراني وعبورهم نهر الكارون  تتبعوا سكة القطار لم يعثروا على القطار وعادوا دون تنفيذ الواجب وعند الايجاز في حركات الفيلق انبرى احد ملاحي القوة الجوية ( المستشار الجوي للفيلق )لتحميل الطيارين مسؤولية  فشل المهمة وذلك لسوء الملاحة والتوقيت وكان حاضرا الايجاز العقيد الطيار قوات خاصة محمد عبدالله الشهواني (مستشار وزير الدفاع ) الذي قال للملاح انت ملاح وكان عليك مرافقتهم بهذا الواجب الذي هو بالاساس خطأ في تكليف الطائرات السمتية بهذا الواجب وانما هو من واجبات طائرات الاسناد الارضي لطائرات  القوة الجوية التي انت ممثلها في الفيلق ، والغي الواجب وعادت الطائرتين الى السرب،وتم عرض الحادثتين على القائد العام للقوات المسلحة رئيس الجمهورية  مع بعض التقارير بخصوص عمل السمتيات ودورها خلال المعارك .وحينها لم يكون هناك مستشار او ضابط ركن يمثل السمتيات في مقرات الفيالق وكان مستشار القوة الجوية هو من يقرر تنفيذ الواجبات التي تكلف بها السمتيات مع العلم بان المستشار لا يستطيع مناقشة الواجب لعدم المامه بواجبات السمتيات لعدم وجود سياقات لعملها .
والحق يقال  كان لمستشاري وزير الدفاع الشهيد العقيد الطيار الركن دروع  سمير احمد ايوب والعقيد الطيار قوات خاصة محمد عبدالله منذ يوم 4 ايلول ( سبتمبر) دورا فعالا ومميزاً في اسناد طياري السمتيات معنوياً وقتالياُ من خلال المشاركة الفعالة  معهم في عمليات الاستطلاع والتعرض على الاهداف المعادية ،بالاضافة الى  حمايتهم من المشاكل التي جابهتهم في بداية الحرب نتيجة لعدم الالمام بمهام هذا السلاح الجديد وتحديداته وطبيعة عمله.
يوم 22 تشرين الاول ( اكتوبر) 1980 استدعى رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة  نخبة من امري اسراب ومقاتلي سلاح السمتيات لاجتماع يبحث امور مهمة لسير فعاليات السمتيات في المعركة .استهل الاجتماع رئيس الجمهورية بالترحيب بالمقاتلين قبل ان يبدأ بتعنيفهم غاضبا من ادائهم في المعارك قائلا لهم اين انتم من الدفاع عن العراق؟؟وما هو دوركم وماذا ستقولون لاولادكم مستقبلا عن دوركم في هذه الحرب المصيرية  ؟، وكان واضحاً من طرحه ان الصورة التي  قدمت له لا تنصف فعاليات  السمتيات والدور الكبير والتضحيات التي قدمت لحد ذلك اليوم  ! ،عندها انبرى الشهيد البطل المقدم الطيار قاسم عاتي عذار آمر السرب 61 مي25 ((استشهد بتاريخ  تشرين الثاني( نوفمبر) 1980  في قاطع   الكارون (السليمانية )  ، وقدم  شرح مفصل عن دور السمتيات والصعوبات التي تجابه الطيارين  وان سبب عدم ذكر فعاليات السمتيات هو ان نتائج فعالياتهم تكون اما ضمن فعاليات الفيالق اذا تم تدوين تقارير المهمات في مقر الفيلق او تكون ضمن فعاليات القواعد الجوية اذا دونت تقارير المهمات في القواعد الجوية ، واما التضحيات فلا احد يذكرها في الخسائر لكون الفيالق لا تذكرها لكون الطائرات ساندة وعائديتها للقوة الجوية وكذلك القوة الجوية لا تذكرها لكون اوامر التنفيذ تكون من الفيالق وبذلك تكون ضمن خسائر الفيلق ، وبذلك فقد تم اغفال دور سلاحنا وفعالياتنا تحسب للاخرين دون ذكر لدور السمتيات ، وبعد نقاش وسماع القائد العام للتفاصيل تفهم الحالة  وانتهى الاجتماع وعاد الطيارين الى اسرابهم...

         

يوم 23 تشرين الاول (اكتوبر) 01980 صدرت توجيهات من القيادة العامة للقوات المسلحة  وعلى ضوء اجتماع القائد العام مع مقاتلي السمتيات و كما يلي:
1-  تمييز دور طيران الجيش في بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة.
2-  تمثيل طيران الجيش في المقرات البرية من خلال المستشارين الجويين ( ضابط ركن من طيران الجيش ).
3-  تعيين يوم خاص لطيران الجيش اسوة بيوم القوة الجوية والقوة البحرية  .والقيام بفعالية مميزة لطيران الجيش في هذا اليوم.
4-  التخطيط لاستخدام الجهد السمتي المخصص بصورة مشتركة  (طيران الجيش والقطعات الارضية ) وتكون السيطرة عليه بصورة مركزية من اعلى مستوى بمقر الفيلق وبالتشاور مع امر جناح الطيران ذو العلاقة بمنطقة المسؤولية.

  

الاعداد والتنفيذ ليوم السمتيات
تم وضع خطة مشتركة من قبل هيئات الركن للعمليات البرية وطيران الجيش لاستثمار الجهد السمتي المسلح  وبشكل مركزي ضد اهداف معادية تم انتخابها بعمق مناسب لعمل السمتيات وحسب اهميتها وعلى امتداد الجبهة من سربيل زهاب والى عبادان ، تم تهيئة الطائرات وتنويع حمولاتها وحسب الاهداف المطلوب تدميرها  وقواطع عملها الذي يشمل قاطعي الفيلقين الثاني والثالث وكما يلي :
1-  تقسيم منطقة العمليات الى خمسة قواطع لاجل تغطية الجبهة باكملها بالفعالية والقواطع هي :
اولا . القاطع رقم /1 سربيل زهاب – سومار.
ثانيا .  القاطع رقم /2 سيف سعد - مهران .
ثالثا . القاطع رقم /3 ديزفول.
رابعا . القاطع رقم /4 الخفاجية -الاحواز .
خامسا . القاطع رقم /5 المحمرة - عبادان
2-  تم اختيار يوم 27 تشرين اول( اكتوبر) 1980 لتنفيذ العملية وانيط بمقر مديرية طيران الجيش تعيين توقيتات الضربة  واتخاذ الاجراءات التالية:
اولا . تعيين المستشارين وهيئات الركن الجوية في قواطع العمليات للاشراف والمتابعة  والتنسيق وتقديم المعلومات وايجاز الطوائف الجوية المنفذة .
ثانيا . تهيئة مهابط وشقق النزول في (المنصورية , خانقين , بدرة , مندلي , الميمونة ) ومطاري البصرة والشعيبة لاستقبال الطائرات وادامتها وتسليحها والامور الفنية الاخرى .
ثالثا . القرار على تخصيص الجهد السمتي كل حسب قاطعه بالتنسيق مع المقرات البرية المعنية.
رابعا. تم اتخاذ تدابير الحماية للعمليات والتنسيق مع القوة الجوية لتأمين المظلات الجوية اللازمة وعلى القاطعين لمنع تدخل القوة الجوية المعادية. وتهيئة طائرات الانقاذ ( مي8 ) ترافق الطائرات المنفذة للحالات الاضطرارية.
خامسا .  تم تعيين الساعة 1200 من يوم 27 تشرين اول 1980 لتكون ساعة (س) (1) في فتح النار على الاهداف المعادية وعلى طول الجبهة , وتراعى توقيتات الاقلاع للتشكيلات وحسب المسافة بين نقطة الاقلاع والهدف بغية تنسيق الوصول الى الاهداف في توقيت واحد.
سادساً . تم تأمين المواصلات السلكية واللاسلكية وفتح المجسات الجوية لتأمين الاتصال مع القطعات الارضية في قواطع العمليات.

  

ساخص بالذكر فعاليات سربنا سرب 30 الويت 3 في هذا اليوم ومن خلال الفعاليات لجميع الاسراب:
بعد ان تمتعت باول اجازة منذ بدأ الاحداث ولمدة 4 ايام التحقت بالسرب يوم 24/10/1980 في كركوك ، كلفت يوم 26 منه بواجب من طائرتين واحدة مسلحة بصواريخ (AS12 ) المضادة للدروع والمنعات بقيادة قائد التشكيل الرائد الطيار الشهيد وليد عبد المجيد ((استشهد في تشرين ثاني( نوفمبر) 1983 في قاطع بنجوين ))  وطائرتي المسلحة بمدفع رشاش 20 ملم لتعزيز مفرزة السرب المكونة من طائرتين مسلحة بالصواريخ متواجدة في المنصورية مع بقية مفارز الاسراب هناك. وكذلك  تكليف 4طائرات بتشكيلين والتوجه  الى قاعدة الوحدة (الشعيبة) الجوية مسلحة بالصواريخ ، وبعد الموافقات الاصولية اقلعنا باتجاه الواجب في طريقنا الى مقر الفيلق الثاني في المنصورية. وكذلك اقلعت الطائرات الاربع في طريقها الى قاعدة الوحدة  الجوية .وفي خلال الرحلة وبعد تجاوزنا سلسلة حمرين حصلت غارة جوية معادية وابلغنا قاطع الدفاع الجوي بالهبوط  فورا تفاديا للطائرات المعادية ولكون اسلحة ضد الجو تكون حرة  في حالة وجود خرق معادي ، هبطنا على الارض وواصلنا الرحلة بعد انتهاء الغارة واثناء الطيران كان امامنا ابراج لنقل الطاقة الكهربائية (الضغط العالي ) وكان طيراننا واطيء وطريقة اجتياز خطوط الضغط العالي تكون باجتيازها من فوق البرج لوجود سلك معدني لا يرى ويكون غير منحني يربط بين الابراج ولكني وبخطأ كبير  حاولت اجتيازها من بين البرجين لاتفاجأ وبمسافة قريبة جدا باني امام هذا السلك وبمناورة حادة وبتجاوز جميع المحدوديات ارتفعت ونجوت من الاصطدام بالسلك وباعجوبة كون اصطدامي به يؤدي الى سقوط الطائرة ، وكان هذا خطأ رغم اني انبه التلاميذ على الاسلوب الصحيح في  اجتياز خطوط الضغط العالي ،  وصلنا الى المنصورية والتحقنا بمفارز السمتيات المتواجدة اصلا والتعزيزات التي وصلت الى مقر الفيلق الثاني ، استقبلنا في المطار المرحوم العقيد الطيار  المرحوم (كاكة )فريدون عارف مرحبا بنا وبطريقته المميزة بالمحبة والابوة والخلق العالي ممثلا لطيران الجيش المكلف بالتنسيق للضربة الجوية ، وبعد تكامل الطائرات اجتمع بنا وابلغنا بان واجبنا هو القيام بضربة جوية بجميع الطائرات المتواجدة ظهر يوم غد وستكون الضربة متزامنة مع غارات في جميع القواطع وبنفس التوقيت ومفاجأة العدو بهذه الضربة الكبيرة والعملية بأمر القيادة العامة للقوات المسلحة. وستوزع الواجبات على التشكيلات يوم غد قبل التنفيذ. وكان لتواجد المقدم الطيار البطل الشهيد قاسم عاتي عذار آمر السرب 61 مي25 معنا  عاملا كبيرا في رفع المعنويات لجميع الطيارين فقد كان قدوة لنا ومن خلال تنفيذه للواجبات وضع اللبنة الاولى (لتعبئة السمتيات ).وبشكل عملي لعدم وجود تعبئة لعمل السمتيات قبل الحرب.
قبل ظهر يوم 27 /10/1980 تم توزيع الواجبات على التشكيلات لتشمل الجبهة من سربيل زهاب الى سومار وبتشكيلات من طائرات مي 25 وغزال والويت 3 و طائرتي مي8 مسلحة بالصواريخ الحرة مخصصة للانقاذ وكانت طائرتي مسلحة بمدفع رشاش 20 ملم وبذلك كنت في حالة الحماية والمراقبة, ومعالجة مشاة العدو في حالة وجود متسللين يمكن ان يكونوا مؤثرين على طائراتنا ، وبعد حساب التوقيتات للوصول الى الاهداف في نفس الوقت المحدد وبالتزامن مع بقية القواطع لتنسيق الضربات بتوقيت واحد تم اقلاع التشكيلات وبالتسلسل وحسب المسافة الابعد ثم الاقرب ، اقلعت وبتشكيلين من طائرتي مي25 وطائرتين الويت3 باتجاه قطعات العدو في منطقة كيلان غرب ، وبصمت لاسلكي  تم التوجه والوصول الى الاهداف المحددة وفتحت النيران من جميع الطائرات اولا الصواريخ الحرة ثم معالجة الاهداف المدرعة والالية بواسطة الصواريخ الموجهة ، وفي ذات التوقيت فتحت نيران السمتيات على امتداد الجبهة وبضربة واحدة من سربيل زهاب الى عبادان وكانت مفاجأة كبيرة اذهلت العدو وكبدته خسائر فادحة جعلته يفقد توازنه بانتظار ما بعد هذه الضربة ، خلال التعرض للعدو اصيب النقيب الطيار (س ف ج ) من السرب 30  الويت 3باطلاقة معادية في منطقة البطن رغم ارتدائه للدرع الواقي وقاد الطائرة الطيار الثاني الى منطقة آمنه حيث هبط بالطائرة لينقله الى طائرة  الانقاذ مي8 لتوفر معدات الاسعاف والعناية خلال نقله الى المستشفى وقام  قائد طائرة ال مي8 الطيار الشهم الرائد الطيار (ح ميك ) بنقله مباشرة الى مستشفى الرشيد العسكري ونادى قاطع الدفاع الجوي  بانه يحمل شخصية مهمة جدا جريح واخبار المستشفى باتخاذ الاجراءات في منطقة  نزول الطائرات في المستشفى وعند اقترابه من بغداد أمن الاتصال مع المستشفى وطلب منهم الاسراع باتخاذ الاجراءات اللازمة لاسعاف الجريح وان حالته خطرة جدا ونزف الكثير من الدم خلال عملية نقله الى المستشفى ، وفعلا تمت الاجراءات اللازمة وتم انقاذ الطيار ، ليتشافى من اصابته ويواصل القتال وشاركني في واجب معركة البسيتين التي عرضتها في مقال سابق ، وهكذا كانت شهامة وتفاني طيار المي8 سببا في انقاذ رفيق سلاحه وهو نفس الطيار الذي تحدى  الاحوال الجوية السيئة واوصل مواد مهمة  من مطار البصرة الى ام قصر والذي جاء ذكره في معركة الفاو ، وعادت التشكيلات الى المنصورية ليستقبلنا كاكة فريدون بالاحضان مهنئا بالسلامة وفي ذات اليوم عادت الطائرات الى قواعدها وبقيت المفارز الاصلية في المنصورية ووصلنا كركوك قبل حلول الظلام.

   


اما طائرات سربنا  في قاعدة الوحدة (الشعيبة) الجوية  فقد كلفت مع بقية الطائرات بواجب مهاجمة اهداف العدو في عبادان بتشكيلين من 4 طائرات وخلال الطيران  الواطيء لتفادي رادارات العدو للوصول الى شط العرب صادفتهم خطوط الضغط العالي فقام قائد التشكيل الاول بالمرور من تحت اسلاك الضغط العالي وعند تقرب الطائرة الثانية تردد بين المرور من تحت الاسلاك او من فوقها وفي اخر لحظة قرر المرور من فوق الاسلاك  ولم تسعفه المسافة المتبقية للتسلق مما ادى الى اصطدامه بالسلك الرفيع الذي يربط بين الاعمدة ولا يرى الا من مسافة قريبة مما ادى الى سقوط الطائرة وتحطمها ونجاة طاقمها  باعجوبة وتم اخلائهم بطائرة مي8 المرافقة للتشكيلات ، واستمرت بقية الطائرات بطريق الرحلة والوصول الى اهدافها في عبادان وتم التعرض للعدو وبذات الاسلوب والتوقيت في بقية القواطع وبشكل دقيق وعادت بقية الطائرات الى قاعدة الوحدة  بسلام بعد تنفيذها للواجب وتكبيد العدو خسائر فادحة ، وفي اليوم التالي عادت التعزيزات الى قواعدها.

              

صدر البيان رقم 107 الخاص بهذه العملية مساء يوم 27 تشرين اول 1980 اجمل خسائر العدو نتيجة هذه الغارات بما يلي:
تدمير 27 دبابة
تدمير 7 ناقلات اشخاص مدرعة
تدمير 6 مدافع مختلفة العيار
تدمير محطة رادار
تدمير 4 خزانات نفط
تدمير مقر قيادة واحد
وبعد ذلك اليوم تم الاهتمام بهذا الصنف الفتي ودعمه من قبل القيادة وتعزيزه بانواع جديدة من الطائرات مختلفة المهام من عدة مناشيء شرقية وغربية واستمرار رفد الاسراب بالطيارين والاهتمام بتدريب الطيارين الاقدمين من خلال دخولهم للدورات المختلفة داخل وخارج القطر لحين وصول الصنف الى مستوى متقدم  بالطيران وتنفيذ المهمات القتالية ليلا ونهارا،وقد استخدم هذا السلاح بشكل مكثف في اول حرب يستخدم بها سلاح السمتيات في اسناد القطعات الارضية  وبادوار مختلفة, وبرز دوره وشجاعة وكفاءة الاداء في عمليات بطولية مثل الانزال الرأسي على العدو مباشرة في ملحمتي جبلي كردمند وميمك والانزالات خلف خطوط العدو والاسناد المباشر واستخدام النواظير الليلية والطائرات المسيرة (الدرونز ) ومنظومات توجيه المدفعية  وغيرها مما سيرد ذكرهافي مقالات لاحقة ان شاء الله تعالى...وهذه بداية تشكيل صنف فتي تطور تطورا كبيرا خلال المعارك  ووصل الى درجة جيدة من الخبرة .

(1 ) تعني ساعة س بداية التعرض الجوي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

4681 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع