فن الرسم يضاهي الحقيقة!!
منذ العصور اليونانية القديمة، يستمتع محبو الفن الغربي بالواقعية، لكن خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وصلت اللوحات الواقعية إلى درجة عالية من الإتقان، وما يزال هذا النوع من الفن رائجاً بين كثير من الرسامين الموهوبين.
العديد من الفنانين حول العالم ينجزون لوحات تبدو وكأنها صور فوتوغرافية لأماكن ووجوه وأشياء حقيقية، لكنها في الواقع عبارة عن رسومات متقنة جداً.الفنون هى رمز الإبداع البشرى، فالفنون لا حدود لها، فكل مرة تعتقد أن الفنون وصلت إلى حدودها، إلا أن الفنانين على اختلافهم يفاجئوك بكل ما هو جديد، ليميزون أنفسهم عن غيرهم من الفنانين، ويتفردوا فى فنهم.لا حدود للإبداع، ولا حدود للأفكار، فهذا يرسم بالقهوة، وهذا يرسم بالملابس، وهذا يستخدم الخردة لعمل تماثيل قاربت على النطق، من دقتها الشديدة، وآخر ينفذ لوحات فنية رائعة من الحجارة والصخور، لتظهر الصخور الصامتة وكأنها تتحدث لتوجه رسالة بأعلى صوتها.وكمثال عل ذلك فأن الفنانة (ايرينا كمبرلاند)، فنانة لديها شغف كبير بالمياه، إذ خصصت موهبتها الفذة فى الرسم، فقط لرسم البحار والمياه، والمسطحات المائية على اختلافها جريا وإشباعا لشغفها الحقيقى، وترسمها بدقة شديدة، للدرجة التى تجعلك تشك بأنها حقيقية جدا.
أهمية اللوحة الفنية ودلالتها التاريخية
الأهمية التاريخية للوحات الفنية:
١- يمكن تثمين اللوحة الفنية بمقارنتها مع نوع الفن المرسومة به بين الماضي والحاضر، فعلى سبيل المثال، ازدادت قيمة اللوحة التي رسمها (كلود مونيه) بشكل كبير بالمقارنة مع غيرها من الأعمال الانطباعية الحديثة، بعد اعتباره شخصية ساهمت في تغيير تاريخ الفن والانطباعية ككل.
٢- تتأثر قيمة الفن وتثمين اللوحات بتاريخ العالم أيضًا، فغالبًا ما يكون الفن انعكاسًا لثقافة عصره. وبما أنه أصبح سلعة تباع وتشترى، فقد تأثر الفن بالتغيرات السياسية والتاريخية، فقبل قيام دولة روسيا، كان الاتحاد السوفيتي محكومًا من قبل الشيوعية، ولم يكن مسموحًا للأقليات الحصول على أي ممتلكات خاصة. لكن، بعد انهيار النظام الشيوعي، أصبح من الممكن للأقليات من الروس امتلاك العقارات، ومن بعدها بدأوا يتطلّعون إلى امتلاك اللوحات الفنية للاستفادة من هذه الفرصة، وأصبحوا مع الوقت من أهم المزايدين في المزادات العلنية الفنية.لا يتعلّق الأمر كثيرًا بتلك اللوحات الفنية بحد ذاتها، لكن حقيقة أن هؤلاء الأقليات كانوا يملكون كميات كبيرة من الأموال تمكّنهم من إنفاقها كيفما شاؤوا؛ توضّح لنا كيف يمكن للتغيرات السياسية أن تُحدث تأثيرًا تاريخيًا على قيمة الفن عندما ينتقل من مالكيه السابقين إلى ملاك جدد.
ونضرب مثالًا آخرًا على الأهمية التاريخية التي تؤثر على تثمين اللوحات، لكنها تنطلق من فكرة استرداد الحق، كيف ذلك؟
خلال الحرب العالمية الثانية، سرق النازيون لوحة بورتريه «أديل بلوخ باور II» للرسام النمساوي غوستاف كليمت، وبعد مرور عدة سنين، وقبل أن تباع في المزاد، أُعيدت اللوحة في نهاية الأمر قانونيًا لأحد ورثة المالك الأصلي. ونظرًا لقصتها المثيرة وأهميتها التاريخية على نطاق عالمي، أصبحت لوحة «أديل بلوخ باور II» رابع أعلى لوحة فنية سعرًا في وقتها، وبيعت مقابل 88 مليون دولار تقريبًا، حيث امتلكتها سابقًا( أوبرا وينفري) أما الآن فمالكها غير معروف.
اللوحات الفنية رمز المكانة
في السنوات الأولى من تاريخ الفن الذي نعرفه اليوم، كان الملوك والمؤسسات الدينية يكلفون الفنانين بإنجاز برسوماتهم، حتى جاءت المزادات الخاصة في وقت متأخر وتحول الفن الراقي إلى سلعة فاخرة مع تحوّل بعض الفنانين إلى علامة تجارية بحد ذاتها. على سبيل المثال، أصبح الرسام الإسباني بابلو بيكاسو علامة تجارية بارزة عندما قام الملياردير ستيف وين بجمع أعماله.افتتح وين مطعمًا متميّزًا في المدينة المهووسة بالمال،لاس فيجاس، وعلق مجموعة من أعمال بيكاسو التي تبلغ القيمة المادية لكل منها عشرات آلاف الدولارات على جدران المطعم.اشترى وين في وقت لاحق فندقًا وباع معظم لوحات بيكاسو التي كان يمتلكها بما فيها لوحة اسمها «Le Reve » التي باعها بمبلغ 155 مليون دولار إلى ستيفن كوهين.
(ختامًا):تلعب العديد من العوامل دورًا في تحديد القيمة المادية للوحات الفنية، بما في ذلك اسم الفنان وحجم تأثيره في تاريخ الفن، وملاكها السابقين، وأماكن عرضها، والعامل النفسي المتعلق بأجواء المزادات العلنية التي تباع فيها، ولا يتعلق سعر اللوحة فقط بالقيمة المادية للأدوات التي صنعت منها، من قماش وألوان زيتية وغيرها.
مع تحيات رئاسة تحرير مجلة الگاردينيا
2673 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع