ترجمة/علاء الدين حسين مكي خماس
6 / 8 / 2025
إعادة إعمار الموصل: طريق نحو الشفاء
مقدمة المترجم
وردني هذا المقال يوم امس مساء من صديق عزيز نشرته صحيفة Dezeen In Depth المتخصصة بهذه الأمور ، ولأهميته اتفقنا ان اترجمه سريعا ونشره على نطاق واسع . والمقال مزين بتصاوير متعددة ، حاولت ان انقلها كما هي وان احافظ على تسلسلها ضمن المقال كما جاءت في الأصل . وها أنذا افعل ذلك ، املا ان يجد القارئ الكريم متعة في ذلك .
إعادة الإعمار بعد النزاع هي "وسيلة للشفاء"، تقول خبيرة في اليونسكو
بقلم: ستار تشارلز | منذ 10 ساعات | تعليقان
أنهت المهندسة المعمارية في اليونسكو، ماريا ريتا أتشيتوزو، مؤخرًا مشروعًا ضخمًا لإحياء مدينة الموصل التي دمّرتها الحرب. وفي هذا الحوار، توضح أهمية إعادة الإعمار بمشاركة المجتمعات المحلية بعد انتهاء الصراع.
قالت أتشيتوزو: "ما تخلّفه الحروب هو نوع من الانفصال بين المجتمع وهويته."
وأضافت: "أعتقد أن المجتمعات التي عانت لسنوات من العزلة والتمييز والإرهاب والعنف، تكون مشاريع إعادة الإعمار فيها مصدرًا مهمًا جدًا للأمل، وعنصرًا أساسيًا في عملية التعافي والشفاء." اليونسكو تنجز مبادرتها لإعادة إعمار الموصل في العراق
تتحدث أتشيتوزو انطلاقًا من خبرتها كمديرة مشروع أول لأكثر مبادرات اليونسكو طموحًا حتى اليوم – مشروع "إحياء روح الموصل" في العراق، الذي بلغت تكلفته 115 مليون دولار، واكتمل في فبراير من هذا العام.
وبعد أربع سنوات من العمل في مكتب الوكالة المعني بالتراث في أفغانستان، قادت أتشيتوزو جهود إعادة إعمار المباني والمعالم في ثاني أكبر مدينة عراقية، بعد أن تحولت إلى أنقاض إثر ثلاث سنوات من احتلال تنظيم "داعش"، وما أعقبها من حرب شرسة لتحرير المدينة في عام 2017.
وكما يوحي اسم المبادرة، فقد سعت "روح الموصل" إلى استعادة ملامح المدينة من خلال إعادة التأكيد على الركائز الثلاث الأساسية للحياة الثقافية: التراث، والنظم التعليمية، والحياة الثقافية.
"العمارة تحمل قيمة أنثروبولوجية واجتماعية كبيرة"
كان إحياء العمارة في المدينة جزءًا جوهريًا من هذا الهدف، حيث شمل المشروع إعادة بناء أربعة معالم دينية رئيسية، و124 منزلًا تاريخيًا، و404 صفوف دراسية، وذلك من خلال عملية شارك فيها أكثر من 7,700 من أبناء الموصل ومقاولين يعملون داخل العراق.
وترى أتشيتوزو أن إعادة إعمار البنية التحتية والمساحات العامة في المدينة لم تُحيِ ملامحها فحسب، بل أعادت معها روحها الثقافية وهويتها المجتمعية.
وتوضح قائلة: "الفكرة هي أن إعادة بناء الفضاء المعماري، في جوهرها، هي إعادة بناء لكل أشكال التفاعل الاجتماعي التي كانت موجودة داخل المجتمع قبل أن تنقطع بسبب الحرب."
المدينة كانت قد تحولت إلى أنقاض بعد صراع استمر تسعة أشهر في عام 2017
وقد استند هذا النهج إلى مبدأ أساسي يتمثل في إشراك المجتمع المحلي، حيث جرى التعاون بشكل وثيق مع سكان الموصل من خلال ورش عمل، واجتماعات، واستطلاعات رأي عامة نُظّمت بالشراكة مع جامعة الموصل.
تقول أتشيتوزو: "هذه الأنشطة منحتنا فكرة واضحة عن تطلعات السكان فيما يتعلق بإعادة تصميم تلك المواقع على أرض الواقع."
وترى أتشيتوزو أن هذا النهج التشاركي لا غنى عنه في أي برنامج لإعادة الإعمار، لما له من قدرة على ترسيخ شعور السكان بالملكية، والمساهمة في التئام الجراح المجتمعية بعد فترات الصراع.
أتشيتوزو أدارت المشروع الأضخم في تاريخ اليونسكو حتى الآن
قالت أتشيتوزو: "العمارة تحمل في جوهرها قيمة أنثروبولوجية واجتماعية عميقة. فهي، بطريقة ما، التعبير الملموس عن تلك التفاعلات المعقدة – الاجتماعية والبيئية والتاريخية – التي تُشكّل هوية المجتمع في مختلف مراحل حياته."
وأضافت: "وإذا ما نظرنا إلى إعادة إعمار المباني من هذا المنظور، يصبح من الطبيعي أن نعتبرها أداة للشفاء في سياق ما بعد النزاع."
وأكدت أن "المشاركة النشطة لأفراد المجتمع تُعزّز حتمًا شعورهم بالانتماء والملكية."
الثقافة... دائمًا هدف في أوقات الصراع
كانت الموصل قد تعرضت للغزو والسيطرة من قبل تنظيم "داعش" المتطرف في يونيو 2014. وخلال ثلاث سنوات من الاحتلال، فرض التنظيم أيديولوجيته المتطرفة على المدينة وسكانها، ساعيًا إلى محو تاريخ الموصل وثقافتها التي مثّلت لقرون طويلة رمزًا للتسامح والتنوّع بين مكونات العراق الدينية والإثنية.
وفي عام 2017، اندلعت معركة استمرت تسعة أشهر بين التنظيم والقوات العراقية البرية المدعومة من الولايات المتحدة لاستعادة المدينة. وقد أسفرت المعركة عن مقتل نحو 10,000 مدني، ودمار شبه كامل للموصل، حيث دُمرت 80% من المدينة القديمة.
وفي العام التالي، بدأت اليونسكو مبادرتها لإعادة الإعمار، بدعم من وكالات أممية وشركاء دوليين، من بينهم دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكانت الخطوة الأولى إزالة ما يقارب 8 ملايين طن من الأنقاض. إعادة بناء أربعة معالم دينية و124 منزلًا و404 صفوف دراسية ضمن البرنامج
قالت أتشيتوزو: "الهدف العام من البرنامج كان يتمثل في إعادة بناء وتأهيل المواقع التاريخية." وأضافت: "الفكرة الجوهرية كانت إعادة الروح الحقيقية للمدينة، أي استعادة الهوية الثقافية للمجتمع."
وترى أتشيتوزو أن الثقافة، كما ظهر بوضوح في حالة الموصل، غالبًا ما تكون هدفًا مباشرًا في أوقات النزاعات.
وتوضح: "لا يهم من هو الطرف الذي يروّج للصراع، فالثقافة – لكونها رمزًا قويًا – تكون دائمًا مستهدفة."
وتتابع: "للأسف، يمكننا أن نلاحظ هذا الأمر حتى الآن، في العديد من النزاعات التي يشهدها العالم حاليًا."
إعادة الإعمار تمت بتعاون وثيق مع السكان المحليين
توضح أتشيتوزو أن المعالم الأثرية والرموز الثقافية، والتي تندرج تحت مظلة الهوية الثقافية، غالبًا ما تُصبح أهدافًا مباشرة في النزاعات.
وقد كان هذا واضحًا في الموصل، حيث دُمّر مجمع جامع النوري العائد إلى القرن الثاني عشر، بما في ذلك قاعة الصلاة ومئذنة الحدباء – وهما من الرموز التي أصبحت لاحقًا في صلب مبادرة إعادة التأهيل.
تقول أتشيتوزو: "المعالم دائمًا ما تحمل قيمة رمزية للمجتمعات. لا يُنظر إليها كمعالم فقط لقيمتها المادية أو المعمارية، بل لما تضفيه عليها المجتمعات من معنى وارتباط عاطفي وثقافي."
بكل سرور باشا، إليك الترجمة المكملة بأسلوب سلس ومنسجم مع الأجزاء السابقة:
استعادة ميلان المئذنة كما كان
بفضل استخدام 45,000 طابوقة مستخرجة من الأنقاض، استعادت مئذنة الحدباء مكانها في أفق مدينة الموصل في وقت سابق من هذا العام.
وقد مكّنت الدراسات التفصيلية للمبنى من ترميم المئذنة بما يحافظ على ميلها المميز، استجابة لرغبة ما يقارب 100% من أبناء المجتمع المحلي.
قالت أتشيتوزو: "لقد اكتسبت المئذنة قيمة رمزية باعتبارها رمزًا لمدينة الموصل."
وأضافت: "حاولنا ألا نفرض طريقتنا في النظر إلى الأشياء، بل سعينا إلى فهم تطلعات المجتمع المحلي ضمن الاستراتيجية العامة لإعادة الإعمار."
مئذنة الحدباء أُعيد ترميمها مع الحفاظ على ميلانها المميز
أما بالنسبة للهياكل الأخرى، فقد اعتمد الفريق نهج "إعادة البناء بشكل أفضل"، حيث تم دمج تحسينات معمارية واستراتيجيات مستدامة ومقاومة للزلازل في المباني كلما كان ذلك ممكنًا.
وقد انطبق هذا النهج على الجامع النوري الكبير نفسه، الذي أصبح محور مسابقة تصميم دولية أطلقتها منظمة اليونسكو بالتعاون مع وزارة الثقافة العراقية وديوان الوقف السني.
وقد فاز في المسابقة مشروع معماري حمل عنوان "حوارات الأفنية"، أعدّه فريق من المعماريين المصريين: صلاح الدين سمير حريدي، خالد فريد الديب، شريف فراج إبراهيم، طارق علي محمد، نهى منصور ريان، هاجر عبد الغني جاد، محمود سعد جمال، ويسرى محمد البهاء.
وقد شمل التصميم إعادة بناء قاعة الصلاة في جامع النوري كما كانت، مع إضافة فتحات جديدة وهيكل نصف مغطى ملاصق لها.
توضح أتشيتوزو: "كنا نحافظ أساسًا على ما تبقّى قائمًا من المسجد، ونقوم ببناء الأجزاء المفقودة ودمجها مع بعض العناصر المعمارية الحديثة وتنسيقات حدائق جديدة، لإعادة تصميم موقع مهم في مدينة الموصل."
كما جرى ترميم دير الساعة وكنيسة الطاهرة في المدينة، إلى جانب إنشاء سلسلة من المباني الجديدة والمرافق العامة والمساحات الخضراء في أنحاء مختلفة من الموصل.
المشاركة المجتمعية "ضرورية تمامًا"
وبحسب أتشيتوزو، فإن حجم الأضرار واتساع نطاق المشروع جعلا من إدارة مشاركة المجتمع المحلي على نطاق واسع مفتاح النجاح الرئيسي لهذا الجهد.
قالت: "بالنسبة لنا، فإن هذا النهج المرتكز على الناس هو أساس عملنا، لكن ما كان مبتكرًا في الموصل هو أننا طبقنا هذه المنهجية على نطاق لم نعمل فيه من قبل."
وقد أدى وضع المجتمع في صدارة المبادرة إلى تدريب أكثر من 1,300 شاب من سكان الموصل على المهارات التقليدية، إضافة إلى خلق 6,000 فرصة عمل جديدة، بحسب ما أفادت به هيئة الإذاعة البريطانية (BBC).
كنيسة الطاهرة جُددت أيضًا ضمن جهود اليونسكو
تشغل أتشيتوزو اليوم منصبًا جديدًا كرئيسة قسم الثقافة في مكتب اليونسكو في أوكرانيا، لكنها ترى في مبادرة الموصل سابقة مهمة تُقدَّم في الوقت المناسب كنموذج مستدام لإعادة الإعمار بعد النزاعات.
قالت: "لو كنا نظرنا إلى إعادة الإعمار من زاوية فنية بحتة، لكنا قد فشلنا في تحقيق الغاية الأوسع، وهي تحويلها إلى فرصة لإشراك المجتمع المحلي في العملية."
وتابعت: "من الضروري تمامًا إشراك المجتمع في كل خطوة من خطوات العمل. وهذا ما كنا نقوم به في الموصل، وأعتقد أنه يمثل ابتكارًا حقيقيًا في هذا المشروع."
الصور الفوتوغرافية مقدّمة من منظمة اليونسكو
Dezeen In Depth
843 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع