رجل احتال على دولة وحكمها لسنوات بهوية مزورة!!

التفاصيل

تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 02 كانون1/ديسمبر 2025 07:52

رسم تخيلي لشتيبان مالي

شتيبان مالي لم يتردد في تقمص شخصية بيتر الثالث تسار روسيا الذي قتل عام 1762 بمؤامرة دبرتها زوجته كاثرين الثانية

العربية.نت – طه عبد الناصر رمضان:خلال القرون الماضية، سجلت روسيا، إضافة لعدد من الدول السلافية، ظهور لقب "تسار" (Tsar) للإشارة لحاكم البلاد، حيث يشبه هذا اللقب لقب الإمبراطور أو الملك.

إلى ذلك، اشتق لقب تسار من لقب القيصر (caesar) باللاتينية الذي تعود جذوره للإمبراطورية الرومانية ولفترة يوليوس قيصر. وبروسيا، ظهر لقب تسار، أو القيصر، لأول مرة في حدود منتصف القرن السادس عشر، حيث أعلن إيفان الرابع (Ivan IV)، المعروف أيضا بإيفان الرهيب، نفسه تسارا على روسيا.

كما شهدت منطقة مونتينيغرو (Montenegro)، أو الجبل الأسود، بدورها ظهور لقب تسار لأول مرة بتاريخها عام 1768 حيث تولى حينها رجل احتال على أهالي المنطقة حكم البلاد.

لوحة تجسد كاثرين الثانية

بيتر الثالث بمونتينيغرو
خلال شهر يوليو (تموز) 1762، تمكنت كاثرين الثانية (Catherine II)، المعروفة أيضا بكاثرين العظيمة، من الإطاحة بزوجها بيتر الثالث (Peter III) واستولت بذلك على حكم روسيا. وبعد أيام قليلة، نظمت كاثرين الثانية مؤامرة قتلت من خلالها زوجها بيتر الثالث الذي كان تحت الإقامة الجبرية. وبالتصريحات الحكومية الروسية حينها، أعلن أن بيتر الثالث قد توفي بسبب معاناته من البواسير. وخلال الأشهر التالية، سجلت روسيا ومناطق البلقان ظهور إشاعات تحدث من خلالها كثيرون عن نجاة بيتر الثالث مؤكدين أنه حي ويتجول بحرية بمكان ما بإحدى دول غرب أوروبا.

مستغلا هذه الإشاعات، حل بمونتينيغرو خلال خريف العام 1766 رجل يدعى شتيبان مالي (Šćepan Mali) ويلقب أيضا من قبل البعض بستيفان الصغير. وهنالك، ادعى الأخير أنه تسار روسيا بيتر الثالث مؤكدا على نجاته ومغادرته لروسيا. وحسب مصادر تلك الفترة، تميز شتيبان مالي بذكائه ودهائه كما أتقن فن الخطابة وكان ملما بشكل جيد بالمشاكل السياسية بكل من روسيا والبلقان.

لوحة تجسد بيتر الثالث

انتحال شخصية وكشف الحقيقة
أثناء تواجده بمونتينيغرو، تحول شتيبان مالي لرجل محبوب من قبل نسبة كبيرة من الأهالي الذين صدقوا ادعاءاته وساندوه. وتدريجيا، نافس شتيبان مالي الحاكم الشرعي لمونتينيغرو الأمير سافا بيتروفيتش (Sava Petrović) على حكم البلاد.

وبحلول فبراير (شباط) 1768، صعد شتيبان مالي على عرش البلاد وأصبح تسارا على مونتينيغرو منتحلا هوية بيتر الثالث، كما عمد لعزل سافا بيتروفيتش ووضعه تحت الإقامة الجبرية بأحد أديرة العبادة. ومنذ توليه لزمام الأمور، حكم شتيبان مالي بقبضة من حديد وأدخل إصلاحات عديدة بالمجال الإداري والحكومي والعسكري. أيضا، نجح الأخير في صد هجمات للعثمانيين على مونتينيغرو وأثار قلق كاثرين الثانية التي تخوفت من مطالبته بعرش روسيا يوما ما.

سنة 1769، أرسل الروس بعثة لمونتينيغرو، التي مثلت دولة تحت الوصاية الروسية، لكشف حقيقة شتيبان مالي. وعلى إثر ذلك، اعتقل الأخير ووضع لوهلة بالسجن. لاحقا، أعاد الروس شتيبان مالي لسدة الحكم مجددا بعد وصفه بأفضل شخص قادر على إدارة شؤون مونتينيغرو بهذه الفترة.

على الرغم من استيائهم عند سماعهم لخبر انتحاله لهوية بيتر الثالث، قبل سكان مونتينيغرو بحكم شتيبان مالي بسبب إصلاحاته وحمايته لحدود البلاد. عام 1771، أصبح شتيبان مالي مقعدا بسبب إصابته بإحدى المعارك ضد العثمانيين. وبعد عامين، قتل الأخير خلال شهر سبتمبر (أيلول) 1773 على يد واحد من خدمه.

يعتبر شتيبان مالي الرجل الوحيد الذي حمل لقب تسار بتاريخ مونتينيغرو. ومع وفاته، استعاد سافا بيتروفيتش الحكم بالبلاد.