منجم يرى الطالع ويتنبأ بالمستقبل
إقبال شعبي على قراءة الفنجان والكف وعلى التنبؤ بالمستقبل
إيلاف /وسيم باسم:مع اقتراب العام 2012 من نهايته، يحرص الكثير من العراقيين على قراءة الاحداث التي تنتظرهم في السنة الجديدة. يقول منجمون إن العام 2013 سيشهد استمرارًا للاضطرابات السياسية، وسيؤثر الوضع في سوريا كثيرًا على العراق، الذي سيشهد المزيد من التفجيرات. لكنّ الكثيرين يرون أن التنجيم يخدم اجندات لا علاقة لها بالجوانب الروحية.
بغداد: يحظى التنجيم وقراءة الفنجان وملاحقة الأبراج باهتمام متزايد بين العراقيين، مع ظهور الكثير من الذين يزعمون قدرتهم على قراءة الطالع وحل المشاكل. ومع اقتراب حلول العام 2013، يحرص الكثير على قراءة الاحداث التي تنتظرهم في السنة الجديدة.
وبينما عرف العراقيون التنجيم منذ سنوات قديمة، الا أن الظاهرة اليوم تتحول إلى مشاريع تجارية وصناعية تدر على أصحابها مداخيل جيدة. لكن الشارع العراقي ينقسم بشأن هذه الظاهرة، بين أشخاص يعتقدون بها وآخرين يعدونها وسيلة لترويج الأكاذيب والشعوذة. وما يساعد على ذلك برامج قراءة الطالع في المحطات الفضائية، ما يضفي عليها بعض المصداقية لأنها تُبث من فضائيات معروفة.
لكن أبو حمزة الذي يقرأ وزوجته الفنجان يشير إلى أن ممارسته المهنة لا تمت إلى الشعوذة بصلة، لانه يستخدم القرآن الكريم في قراءة الاحداث، مشيرًا إلى أنه تعلم علم النور والتنجيم في عقدين من الزمن، خلال إقامته في ايران.
يبحثون عن الأمان
تبلغ كلفة قراءة الطالع والخيرة لدى أبو حمزة نحو عشرة دولارات. هناك الكثير من الزبائن الفقراء من الذين لا يستطيعون الدفع، لكنّ هناك أثرياء يدفعون في بعض الاحيان 100 دولار للجلسة، ويجلبون الهدايا حين تتحقق أمنياتهم.
يضيف: "الزبائن يبحثون عن الأمان في المستقبل وعن مستقبل العلاقة مع أشخاص يودونهم، أو يبحثون عن مفقود أو غائب".
أما الناشطة الاجتماعية كوثر حسين فتقول: "يجب عدم استغراب منظر الزبائن، وهم يصطفون طلبًا للخدمات الروحانية، فالظاهرة تشمل المتدينين والعلمانيين على حد سواء، ويشترك فيها أميّون ومتعلمون".
وتربط كوثر بين انتشار المنجمين وقراءة الطالع وبين الأزمات الامنية والاقتصادية والاجتماعية، لأن العلاقة بينها جدلية.
والجديد هو أن ظاهرة قراءة الطالع لم تعد محصورة في البيوت فحسب، بل ينتشر المنجمون المتجولون، لا سيما النساء اللواتي يقفن أمام الفنادق وفي ساحات وقوف السيارات وعلى نواصي الشوارع المكتظة.
زبون دائم
كريم حسن تاجر في سوق الشورجة وسط بغداد، يجرّب بين الحين والآخر قراءة الطالع، يطلبه من منجمين يمرون أمام مخزنه، بل أصبح زبونهم الدائم. وعلى الرغم من أن حسن خريج جامعي منذ الثمانينيات، إلا أنه يعتقد بالتنجيم، مؤكدًا أنه حتى لو أنه اعتبر الامر بدعة أو شعوذة، إلا أن ذلك يمنحه الطاقة الروحية، ويسهل عليه التركيز في عمله.
المنجم محمود السامرائي يثق كثيرًا بنفسه وبزملائه من خبراء العلاج الروحاني كما يسميهم، ويؤكد أن هؤلاء "مُنِحوا قدرات استثنائية على علاج الناس وحل المشاكل".
وتمثل قضايا اجتماعية، كالحب والعلاقات العاطفية والبحث عن مفقود ومستقبل علاقة زوجية والقلق من الرؤى والأحلام، محاور أساسية في اهتمام الناس بقراءة الطالع. ويذهب السامرائي إلى ابعد من ذلك، مطالبًا بنقابة لهؤلاء المنجمين ومكاتب مرخصة لمعالجة المشاكل النفسية للناس، مؤكدًا أن هؤلاء يتفوقون على الاطباء النفسانيين في توفير العلاجات اللازمة.
ويرى احمد السلمان، الباحث في الفولكلور العراقي، أن الشعب العراقي ميال بطبيعته إلى الغيبيات، ويفسر الكثير من الحوادث على هذا الاساس. يتابع: "يستغل البعض هذه الميول للسيطرة على عقول الناس وابتزاز أموالهم".
حتى الرياضة
في وقت كانت فيه الظاهرة تنتشر بين الناس عند المراقد الدينية والأماكن المقدسة، حيث كان يقوم بها أناس يرضون بالأجر القليل من زبائنهم، فإنها اليوم تدار بحسب أجندات ليست لها علاقة من قريب أو بعيد، بالجوانب الروحية التي كانت في الغالب محور عمليات كشف الطالع والتنبؤ بالمستقبل.
ويرى السلمان أن القنوات الفضائية التي تبث برامح التنجيم والأبراج تشجع على انتشار الظاهرة، اضافة إلى وجود فضائيات تختص بأعمال السحر. يتابع: "تفشّت الأفكار الغيبية بشكل واسع في المجتمع، إلى درجة أنها اضحت ركنًا مهمًا في اهتمامات المواطن، بل أصبحت لدى كثيرين إحدى فقرات نشرات الاخبار والبرامج السمعية والبصرية المهمة التي يود سماعها".
ويلفت السلمان إلى أن غالبية عمليات التنجيم "تتركز بين أناس فقدوا ذويهم في الحروب، وبين شباب في علاقات عاطفية، كما تشمل أيضًا مباريات كرة القدم للتنبؤ بفوز هذا الفريق او ذاك".
دلّها على رفات ابنها
ثائر الساري، طالب جامعي، يقول إنه يتابع برامج الافلاك والأبراج على الفضائيات ويؤمن بها، لأنها اثبتت صحة وقوع بعض الاحداث في اكثر من مرة. يضيف: "اشار برجي الفلكي في العام الماضي إلى نجاح سيصيبني، وقد تحقق ذلك، ما عزز من إيماني بالأبراج".
وتشير كوثر الطائي إلى أنها من برج الدلو، وأشار برجها أنها ستعاني مصاعب كثيرة في حياتها الزوجية، وربما يصل الامر إلى الطلاق، وهو ما حصل فعلًا. تتابع: "منذ ذلك الحين وأنا أتابع الابراج في الصحف والتلفزيون".
من جانب آخر، تكشف أم علي أن إيمانها بقراءة الفنجان "مرده إلى أنها تمكنت عبره من العثور على جثة ابنها المفقود منذ ست سنوات". تضيف: "أشار قارىء فنجان إلى أن ابني قد قتل، وأن لا أمل في العثورعليه حيًا، ويتوجب علي البحث عنه في المستشفيات أو بين جثث المفقودين، وهذا ما حصل فعلًا، إذ تمكنت بعد طول بحث من العثور على رفاته وهويته وأوراقه في احدى المقابر الجماعية التي ضمت ضحايا جماعات مسلحة جنوبي بغداد".
كتب رائجة
كريم لفتة بائع كتب يؤكد أنه يبيع الكثير من كتب السحر والفلك، ومثيلاتها من الكتب الدينية التي تتعلق بالغيب وقراءة المستقبل وما شاكل ذلك.
يسرد المنجم أبو أيمن على الكثير من الانجازات التي حققها في فك ألغاز وغوامض كثيرة، وفسّر أحلامًا، وتعقب اثر المفقودين. يقول: "استطعت عبر وسائلي الروحية مساعدة أزواج على تجاوز خلافاتهم، بعدما كاد الطلاق يهدد حياتهم الزوجية".
لكن أبو ايمن يعترف أن هذه المهنة اصبحت في متناول كل من هب ودب، "وهي تواجه الخطر بسبب الدخلاء الذين يسعون إلى الربح المادي فحسب، في حين أن التنجيم وقراءة المستقبل علم قائم بذاته يستند إلى حقائق فلكية وطبيعية".
أسرار المهنة
يأخذنا علاء حسن، الذي يعمل بائعًا متجولًا، إلى أم حسان في الصالحية في بغداد، وهي منجمة لا يفوتها الكثير من أسرار المهنة بحسب علاء. وما أن تسألك ام عصام عن برجك حتى تفتح خطوط يدك مستعينة بالفنجان والقرآن الكريم لتقرأ لك حظك.
وبحسب أم عصام، التي تجيد قراءة الاحداث السياسية وهو امر نادر بين العرافات اللواتي يبرعن في الغالب بالقضايا الاجتماعية، ستستمر الاضطرابات السياسية طيلة العام 2013، وسيؤثر الوضع في سوريا كثيرًا على العراق الذي سيشهد المزيد من التفجيرات والفوضى الامنية.
وتتابع أم عصام: "سيتمتع العراقيون ببحبوحة اقتصادية في العام المقبل، لكن تعكرها التفجيرات والاغتيالات التي ستزداد وتيرتها، وتنصح أم عصام مواليد برج الدلو بالشروع في مشاريعهم خلال العام المقبل، لأن فرصة نجاحها أكبر، إلا أن حظوظ برجي العقرب والميزان ستتراجع".
871 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع