أهالي "حي التنك" ينتظرون "نهاية العالم" ليتخلصوا من الفقر وينتقلوا إلى الجنة

                

المدى:بغداد/ وائل نعمة:يقترب العالم من نهايته كما تقول نبوءة "المايا" وينشغل "صبيح" ذو الخمسين عاما بضغط علب "البيبسي" في مناطق وسط العاصمة، مرتديا الحذاء العسكري الاسود او "البسطال الروماني" كما يعرفه الجنود ايام الحروب السابقة.

وتقول نبوءة شعب المايا في امريكا الجنوبية القديمة قبل ألفي عام، والتي وجدت على لوح حجري استخدموه كروزنامة، ان نهاية العالم ستحل في يوم 21/12/2012، بينما يشيع وسط المجتمعات الغربية ان النهاية كان يفترض ان تكون يوم 12 من الشهر 21، اي امس الاربعاء!

وبعيدا عن سكان امريكا القدماء، يعيش "صبيح" ايامه في الوجه الاخر من كوكب الارض كما يحب ان يصفها، وهي المناطق التي تقع خلف ما يعرف باسم السدة وتمتاز بكثافة سكانها وبفقرهم, مساكن عشوائية بشكل متعرج تمر بينها انهر من المياة الاسنة، والامر يسوء كلما حل فصل الشتاء.

الاهالي يعيشون في مناطق لم يزرها الاسفلت ولا مرة في حياة ساكنيها، وهم يشعرون بالحزن كلما سمعوا خبرا من الانواء الجوية يتحدث عن سقوط الامطار، فيما يفرح الاطفال لان الامطار تعدهم بعطلة قادمة.

مدارس تلك الاحياء البائسة والمتهالكة، التي يحشر داخلها مئات الطلاب الاصليين والضيوف من مدارس اخرى، تهدمت بفعل الزمن او هدمتها وزارة التربية منذ عام على امل ان تعيد بنائها.

ويجلس معظم التلاميذ الصغار في غرف دراسية رطبة لاتستوعب مقاعدها في احسن الاحوال 50 طالبا بحيث يجلس كل اربعة اطفال على مقعد واحد، بينما في اغلب الاحوال تضم القاعة الدراسية 80 شخصا.

وتقول مريم معلمة شابة من سكان المنطقة ان " اكثر المباني تضم ثلاث مدارس اخرى تهدم البعض منها وتداعى والاخرى هدمتها وزارة التربية لانها لم تعد صالحة".

مريم تقف في احدى الصفوف المكتظة بتلاميذ يجلس معظمهم على الارض الرطبة وتجاورهم قناني ماء فارغة واوراق متناثرة. بينما تتحرك المعلمة الشابة بحذر كلما حركت ذراعها خوفا من ان يمحو جلبابها الفضفاض ما كتب على السبورة، قائلة "لايوجد مكان اقف فيه لان الصف مكتظ بالطلاب وانا محشورة".

معظم اولياء امور الطلاب الذي تعلمهم مريم من الاميين الذين لا يتقنون القراءة والكتابة، لذا فهم يعتمدون على المدرسة بشكل تام لتعليم ابنائهم. بالمقابل، تقول مريم "لا تستطيع المعلمات ولا المدرسة تقديم الكثير للتلاميذ... نحن محاصرون باعداد كبيرة من الاطفال والهيئة التدريسية قليلة العدد".

تضحك مريم حين نتحدث عن "نبوءة المايا" ونهاية العالم: نحن ننتظر نهاية مشكلة الدوام الثلاثي في المدارس كما ننتظر نهاية الامية في العراق".

ويفقد اهالي المناطق المحيطة بحي النصر والباوية وغيرها من الاحياء الاهتمام بالوقت، اذ يبدأ صبيح، كما تعود منذ سنوات، على النهوض مع اذان الفجر مصطحبا احد ابنائه في رحلة البحث عن القناني المعدنية الفارغة.

وينتهي عمل الاب وابنه عند المساء ويصبح موعد العودة صعبا جدا، لان الحمار الذي يجر عربتهم المتهالكة يكون قد استبد به التعب ولا يقوى على الحراك.

وبينما يحاول صبيح العودة بحماره المتعب الى المنزل، يتدفق أعداد ممن يؤمنون بالتنبؤات الواردة في رزنامة المايا، على قرية صغيرة في غرب تركيا، تقع قرب المدينة الإغريقية القديمة إيفيسيوس. فنبوءة المايا انعشت بشدة السياحة في هذه القرية، التي يُعتقد أنها ستستضيف أكثر من 60 الف سائح، بحسب تقديرات وسائل إعلام محلية.

صبيح لا يعلق على هذه الاخبار الا بالقول، انه يتمنى ان تتحق نبوءة المايا وينتهي العالم، لانه يعتقد انه سينتقل حينها الى حياة اخرى افضل قرب الله. ويقول "لم اقتل او اسرق احدا...اركض ليل نهار وراء لقمة عيشي وستر اطفالي وزوجتي. اريد الجنة تعويضا عن الايام السوداء التي عشتها".

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

732 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع