ترامب يلمح إلى فترة رئاسية ثالثة.. ماذا يقول الدستور الأميركي؟

الحرة:هل يمكن أن يصبح دونالد ترامب سيد البيت الأبيض للمرة الثالثة؟.. سؤال فرض نفسه بقوة خلال الأيام الأخيرة، بعد تصريحه الذي أعرب فيه عن اعتقاده بوجود "طرق" يمكن من خلالها السعي لفترة رئاسية ثالثة، رغم القيود التي يفرضها التعديل الـ22 لدستور البلاد.

وأكد ترامب، في مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز"، الأحد، أنه "لا يمزح" بشأن هذه المسألة، مشيراً إلى أن "الكثير من الناس يريدون" منه ذلك، لكنه أضاف: "تفكيري هو أننا ما زلنا في بداية الطريق. أنا أركز على الحاضر".

وعندما استفسرت المحاورة كريستين ويلكر عن سيناريو محتمل يترشح فيه نائبه جيه دي فانس للرئاسة ثم يتنحى لصالحه، أقر ترامب بأن "تلك إحدى الطرق"، مضيفاً أن "هناك طرقا أخرى أيضا" دون تقديم تفاصيل إضافية.

وخدم ترامب كرئيس للولايات المتحدة للمرة الأولى بين عامي 2017 و2021، ثم انتُخب رئيسا للمرة الثانية بتاريخ 20 يناير 2025، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية على المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس.

وينص التعديل الـ22 للدستور الأميركي الذي تمت المصادقة عليه عام 1951، على أنه "لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين".

وجاء هذا التعديل في أعقاب رئاسة فرانكلين روزفلت، الذي انتُخب لأربع فترات متتالية، ليحوّل التقليد الذي أرساه جورج واشنطن بالتنحي بعد فترتين إلى قاعدة دستورية ملزمة.

ماذا يقول التعديل الـ22؟
يعتبر من التعديلات المهمة التي وضعت حدوداً واضحة للفترات الرئاسية بالدستور الأميركي.

ينص هذا التعديل على أنه "لا يجوز انتخاب أي شخص لمنصب الرئيس أكثر من مرتين"، كما يمنع أي شخص تولى منصب الرئيس أو عمل كرئيس لأكثر من عامين خلال فترة انتُخب فيها شخص آخر رئيساً، من الترشح أكثر من مرة واحدة.

وجاء اقتراح هذا التعديل عام 1947، بعد وفاة الرئيس فرانكلين روزفلت أثناء فترته الرئاسية الرابعة، وتمت المصادقة عليه من قبل الولايات في 1951.

وشكل التعديل تحولاً دستورياً مهماً، إذ حوّل التقليد الذي أرساه جورج واشنطن بالتنحي بعد فترتين رئاسيتين، إلى قاعدة دستورية ملزمة.

ويضع التعديل الـ22 أيضاً ضوابط محددة لمن يتولى منصب الرئاسة في ظروف استثنائية.

فإذا تولى نائب الرئيس المنصب الرئاسي بعد وفاة الرئيس أو استقالته، وخدم لأكثر من عامين من الفترة الأصلية، فلا يمكنه الترشح للرئاسة إلا مرة واحدة فقط.

ويوضح القسم الثاني من النص آلية التصديق على التعديل، حيث حدد مدة 7 سنوات للمصادقة عليه من قبل المجالس التشريعية لثلاثة أرباع الولايات، وإلا سيصبح غير نافذ.

سياق إقرار التعديل
شكلت مرحلة رئاسة روزفلت منعطفا تاريخيا في الحياة السياسة الأميركية، حيث كان أول رئيس يكسر التقليد الذي أرساه جورج واشنطن بالتنحي بعد فترتين رئاسيتين.

وجاء انتخاب روزفلت لفترة ثالثة عام 1940 في ظروف استثنائية، إذ كانت الولايات المتحدة تتعافى ببطء من الكساد الكبير، وفي سياق أجواء تصاعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

وتعود فكرة تحديد الفترات الرئاسية إلى عهد الآباء المؤسسين أنفسهم، فقد أوضح جورج واشنطن أن "منع ظهور ملك أو قيصر لقيادة الأمة الناشئة، يبقى مبدأ أساسياً"، وفق صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

والتزمت الولايات المتحدة بولاية الفترتين الرئاسيتين لمدة 164 عاماً حتى انتخاب روزفلت لأربع فترات متتالية.

وبوفاته بسبب نزيف دماغي عام 1945، بعد أشهر قليلة من بدء فترته الرابعة، تصاعد النقاش بشأن تحديد الفترات الرئاسية.

وأشارت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" في فبراير 1947، إلى أن حوالي "140 اقتراحاً لتقييد السلطة الرئاسية، طُرحت بين فترة واشنطن الثانية وفترة روزفلت الثالثة".

وتم تقديم التعديل الـ22 للكونغرس عام 1947، وبرز انقسام حزبي واضح بشأنه، إذ دعم الجمهوريون التعديل بحماس بعد خسارتهم 4 انتخابات متتالية، وانضم إليهم بعض الديمقراطيين المحافظين الجنوبيين، مقابل معارضة كبيرة من باقي الديمقراطيين، حسب "واشنطن بوست".

وتمت المصادقة على التعديل من قبل الولايات في 27 فبراير 1951.

ومنذ ذلك التاريخ ظهرت محاولات متكررة لإلغائه، حيث قدم المشرعون ما لا يقل عن 24 مشروع قانون لهذا الغرض. كما ظهرت حملات شعبية لدعم فترات ثالثة لبعض الرؤساء، مثل رونالد ريغان وبيل كلينتون.

نقاش "حيلة نائب الرئيس"
في عام 1960، فكر الرئيس دوايت آيزنهاور في الترشح لفترة ثالثة، ورأى ثغرة محتملة في الدستور.

فقد أشار إلى أن التعديل الثاني عشر، الذي غيّر نظام الانتخابات قبل عام 1800، قد يسمح لرئيس سبق انتخابه مرتين بالترشح لمنصب نائب الرئيس، ثم تولي الرئاسة لفترة ثالثة إذا توفي الرئيس المنتخب أو تنحى.

في هذا السياق، قال ترامب في مقابلته مع "إن بي سي نيوز"، إن إحدى الاستراتيجيات المحتملة تكمن في عكس ترتيب قائمة انتخابات 2024، بحيث يترشح نائب الرئيس فانس لمنصب الرئيس ويكون ترامب نائباً له.

وبعد تولي السلطة، قد يستقيل فانس من منصبه كرئيس، مما يسمح لترامب بتولي منصب الرئاسة لفترة ثالثة.

ويشير بعض الخبراء القانونيين إلى أن إمكانية حصول رئيس سبق انتخابه مرتين على فترة ثالثة عبر الترقي من منصب نائب الرئيس تعتمد على تفسير لغوي دقيق: هل يمنع التعديل الـ22 شخصا من أن "يُنتخب" أكثر من مرتين أم من "الخدمة" لأكثر من فترتين؟.

يوضح البروفيسور بروس بيبودي من جامعة فيرلي ديكنسون: "عند قراءة النص مباشرة، يبدو أن التعديل الثاني والعشرين يقيد فقط الأشخاص الذين يحصلون على المنصب.. من خلال عملية الانتخاب".

ويضيف بيبودي في حديثه لموقع "أكسيوس" الأميركي، أن التعديل "له قوة تأثير ملموسة"، حيث يمنع الرؤساء الذين انتُخبوا مرتين، من "الطريقة التقليدية الأكثر شيوعاً" للوصول إلى المنصب، عبر الانتخاب المباشر.

ويرى فريق آخر من المحللين أن التعديل الـ12 يشكل عائقا، إذ ينص على أنه "لا يمكن لأي شخص غير مؤهل دستورياً" لمنصب الرئاسة، أن يشغل منصب نائب الرئيس، مما قد يحول دون ترشح رئيس سبق انتخابه مرتين لمنصب نائب الرئيس.

ويعلق بيبودي بأن هذه "حجة قانونية جوهرية تستحق النقاش".

ومع ذلك، تظل إشكالية ما إذا كان الرئيس المنتخب مرتين غير مؤهل "للانتخاب مجدداً" أم غير مؤهل "للخدمة"، مطروحة للنقاش.

وبالرغم من كل ذلك، إذا تمكن ترامب من إدراج اسمه على بطاقات الاقتراع في الولايات لفترة ثالثة، سواء كرئيس أو كنائب، فمن المؤكد أن ذلك سيؤدي إلى رفع دعاوى قضائية.

هل يمكن إلغاء التعديل الـ22؟
يتطلب تعديل أو إلغاء التعديل الـ22 في الدستور الأميركي، عملية دستورية معقدة تستدعي إجماعا سياسيا واسعاً.

ويحتاج إقرار أي تعديل دستوري تجاوز حاجز سياسي كبير، يتمثل في موافقة ثلثي أعضاء كلا غرفتي الكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) على اقتراح التعديل.

بالإضافة إلى تصديق ثلاثة أرباع الولايات (38 من أصل 50 ولاية) على التعديل المقترح، وذلك عبر مجالسها التشريعية، مما يعني أن 12 ولاية فقط يمكنها منع أي تعديل دستوري.

ويستدعي التعديل أيضا، الالتزام بمدة زمنية محددة للتصديق، عادة 7 سنوات من تاريخ تقديم التعديل للولايات من قبل الكونغرس، كما ورد في نص القسم الثاني من التعديل الثاني والعشرين نفسه.

وأشار موقع "أكسيوس" إلى هناك طريقة بديلة نظرية لتعديل الدستور، وهي عقد مؤتمر دستوري يتم الدعوة إليه من قبل ثلثي الولايات، لكن لا يزال يتطلب تصديق 38 ولاية على أي تعديل مقترح. هذه الطريقة لم تُستخدم مطلقاً في تاريخ الولايات المتحدة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1089 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع