ميسان والهور.. وجه الطبيعة الباذخ ..
نداءعبدالوهاب*:مع بدء يوم ربيعي كانت بداية رحلتنا.. الشوارع في بغداد تضج بالساهرين ..بغداد تصحو صباحا إلى صباح يوم آخر توصل الصحو بالصحو . وشيئا فشيئا دخلنا في متاهات الشوارع الخارجية و اخترقنا ظلمة الليل في طرق خالية وسكون يلف الارجاء من حولها . تجاوزنا الليل ليبدأ الفجر ومن ثم شروق الشمس حيث رافقنا بمنظره الجميل .. وبدء ضجيج الحياة إلى وجهتنا الأولى في زيارة لمرقد الأمام علي الشرقي . ونعرج على جسر السراي المطل على نهر دجلة لنترجل ونستمتع بحكايا الشارع الميساني .. ربما كان دجلة من بغداد يحمل بريده في مسيرته إلى دجلة ميسان حكايا العاصمة المترفة بحكايات التاريخ .. فقد كان صباحا مبتسما ..
على ضفاف دجلة هناك مندي الصابئة المندائيين وعلى بعد مسافة بسيطة وخلف الشجر ترقد كنيسة ومابينهما هناك ارواح جنود المان ترقد في مقبرة الجنود الألمان في الحرب العالمية الأولى .. عند جسر السراي التقينا بالناشط البيئي الميساني الأستاذ أحمد صالح نعمة ليتحفنا بمعلوماته وبعض قصائد الشعر الشعبي لشعراء ميسانيين ابدع في القائها . وحكايات بيئة الجنوب ...
رويدا رويدا ومع صحوة الحياة في مدينة ميسان ومع هدوء مازال يزين المدينة في يوم جمعة ..انطلقنا إلى حديقة لنكون في ضيافة تسواهن .. من هي تسواهن ياترى.. تمثال يتوسط خضرة الربيع والوانهه وفيه العديد من اعشاش الحمام ..ربما وجدت بعض دفء وبعض السلام فبنت اعشاشها فيه ..
تسواهن هي رمز للمرأة الميسانية الكادحة ترفع بيدها حمامة السلام متأزرة بالعباءة والعمامة الميسانية .. التمثال للنحات احمد البياتي والذي انجزه نهاية الثمانينيات ..لون التمثال البني يرمز إلى لون الارض والصحراء والقهوة العربية والخيول العراقية ولون سحنة أبناء الجنوب . وهو أكبر تمثال في الوطن العربي . حيث يبلغ ارتفاعه 23 متر .
ودعنا تسواهن لننطلق إلى وجهتنا الأكثر جمالا يحدونا شغف المغامرة في مسطح مائي يمتد دون حد ..
هور الحويزة /موقع بركة ام النعاج
سيمفونية الجمال .
"الماء والخضراء والطيور المهاجرة ..
"والنسيم الربيعي العذب محمل بآصرة لقلوب اجتمعت بشغف وحب اكتشاف ارضها بمرآها المبتسم ...
"أرض قدر عليها وراثة القهر إلا انها تصنع الجمال بتحدي .. "وتعيد حساباتها في كل مرة وتضع مايكدر صفو رافديها وكل ادران الكره والفرقة في خرقة وتدفنها إلى الأبد .. هذه المرة اخذنا فريق لاماسوو متمثلا بالدكتور مثنى عبد الستار ..والشاب النشيط صلاح مهدي إلى هور الحويزة بموافقة خاصة . هذا الهور كثرما قرانا عنه في كتب الجغرافية .. وكان ايضا برفقتنا الناشط البيئي الأستاذ أحمد صالح نعمة ..
في هور الحويزة تلونت اعيننا بلون الخضرة وزرقة الماء والسماء .. ساعتان مليئة بالجمال والغرائب بدءا بمسطح الماء الذي يمتد وكأنه بلا نهاية والغطاء النباتي المتنوع بين القصب والبردي والاسل و شجيرات الطرفة بالوان ازهارها العديدة ونباتات أخرى معمدة بماء الهور وملتحفة زرقة السماء الصافية .. إلى أنواع من الطيور المهاجرة والمستوطنة
تقف على صفحة الماء اسرابا وأسراب منها تزين السماء . اضافة لروحية أفراد الجيش الذي قدموا لنا الماء ونحن بانتظار موافقات أخرى للابحار في الهور و الذي كانوا حريصين على حمايتنا حيث رافقونا في رحلتنا في الهور . ومشغلي المشاحيف صابرين على مشقة تسيير المشحوف في ماء احيانا يكون ضحلا وفي طريق مائي ضيق .. ثلاث ساعات من الإنبهار بمناظر تلك البيئة ومافيها آنستنا وأنستنا. مشقة الطريق و الأنتظار ولسعات البعوض ..
كامراتنا كانت جاهزة لالتقاط الصور وتخليد المشاهد الرائعة .
ولابتساماتنا صوت نتحسسه وشعور بفرح غامر لدى الجميع بعيدا عن شبح الواقع المزعج .
بعد تلك التجربة الرائعة انطلقنا إلى بغداد يرافقنا القمر وذكريات جميلة ..
بعض المشاهدات كانت مؤلمة جدا لا ارغب بالحديث عنها كي لاتعكر جمال رحلتنا لأنها تدخلنا في متاهات أكبر منا .. نحتاج إلى إعادة تأهيل اماكن وتأهيل الانسان كي تبدو بصورة تستحقها ..
مع الكلمات تتكاتف الصور لتكمل المشاهد بدءا من بداية الرحلة وشروق الشمس إلى رحلتنا داخل هور الحويزة . لينطفئ الموبايل بانتهاء شحن البطارية .. ولكن اطمئنوا استوفيت للمكان حقه منها ..
*مدير مكتب الكاردينيا في بغداد
961 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع