(قراءة في كتاب العقيدة العسكرية وجوانبها -مبادىء وممارسات)

بقلم - اللواء الركن المتقاعد فؤاد حسين علي
صدر في عمان عن دار أكاديميون للنشر والتوزيع كتاب بعنوان (العقيدة العسكرية وجوانبها - مبادىء وممارسات ) تأليف اللواء الركن المتقاعد علاء الدين حسين مكي خماس).
بداية قد يسأل بعض من يقرأ أول مرة من هو اللواء الركن علاء ولأني زاملته وقرأت له وعرفته عن قرب أقول:
لقد طل على الدنيا عام 1937، وإجتاز دراسته في جميع المراحل بتفوق. تخرج من الكلية العسكرية العراقية عام 1957 وكان الأول على دورته، ومن بعدها أوفد الى الدراسة في الأكاديمية العسكرية الملكيةالبريطانية RMA Sandherst عام 1957. حصل على شهادة الماجستير في العلوم العسكرية بإمتياز، وكذلك الدكتوراه في العلوم العسكرية ذاتها من كلية الحرب الفرنسية عام 1977. إشترك بدورات عسكرية متعددة في العراق/بريطانيا/ الولايات المتحدة الأمريكية /فرنسا، حاصل على البكلوريوس في القانون والسياسة من الجامعة المستنصرية عام 1973. وعلى الماجستير في القانون الدولي من جامعة بغداد عام 1981. خدم في الجيش العراقي طويلا وتقلد أبان خدمته مناصب تدريبية وقيادية منها (مدرس في الكلية العسكرية وفي كلية الأركان / آمر مدرسة الدروع / مدير التطوير القتالي / رئيس اركان الفيلق الثالث / رئيس جامعة البكر للدراسات العسكرية العليا) ،شارك في العديد من المؤتمرات والأنشطة الدولية. أهتم في مجال الرياضة والطيران الرياضي وألعاب الهواء. شغل عضوية اللجنة الاولمبية العراقية للأعوام 1985 - 2000. ثم رئيس الأتحاد الجوي العراقي ونادي فرناس الجوي. شارك في جميع حروب ومعارك الجيش العراقي خلال خدمته حتى أحالته على التقاعد عام 1989.
صدرت له عديد من الكراسات العسكرية والكتب في المجال العسكري والقانون الدولي، وترجم الكثير
(موجز تفاصيل كتاب العقيدة العسكرية -مبادىء وممارسات)
وبالعودة الى موضوع كتابه ا لأخير الموسوم:
(العقيدة العسكرية وجوانبها - مبادئ وممارسات )أستطيع الجزم أنه قد تناول موضوعاً مهماً من مواضيع العلم العسكري وفن الحرب، ألا وهو العقيدة العسكرية والجوانب المتعلقة بها كالحرب الأستراتيجية... موضوع يعتبر من المواضيع المعقدة لإحتوائه تفاصيل ووجهات نظر متعددة تناولها العديد من الفلاسفة والباحثون والسياسيون والعسكريون، كل منهم دلى بدلوه وأبدى وجهة نظر تختلف أحياناً عن آخرى، حتى أقترب كموضوع يكاد يصعب فهمه أو وضعه ضمن إطار محدد واضح المعالم ،بالسهولة التي تفهم بها ويوضح فيها باقي المواضيع أو التخصصات، وإن اتفق الأغلبية على أن مرتكزات أو عناصر العقيدة العسكرية ،هي مجموعة عناصر،(إجتماعية، تاريخية،علمية، فلسفية، جغرافية) ،ترتبط جميعها بفلسفة النظام القائم في بلد أو مجتمع ما. على هذا أكد الفلاسفة والمختصون على أن هذه التسمية (العقيدة العسكرية ) لا علاقة لها بالعقائد الدينية لذا فهي ليست مقدسة أو ثابتة لاتتغير.
ان المترجمين العرب وضعوا للعقيدة مفهوماً مترجما من الكلمة (Doctrine) وهنا يؤكد مؤلف هذا الكتاب أنهم أي المترجمين تسببوا في وجود هذا الغموض والأرباك الذي أصاب موضوع العقيدة العسكرية، أن الترجمة كانت تجري بشكل حر وغير مسيطر عليها، وكان كل مترجم أو مفكر أو أديب يستعمل المصطلح الذي يراه مناسباً لترجمته، فذهب البعض لترجمتها الى (مذهب )والبعض الى (معتقد) والبعض الآخر الى( أديولوجية)حتى اختلطت على القارئ الأمور وأصبح الغموض سائداً، وأمكن القول أنهم تسببوا في عدم فهم القارىء العربي سواء كان عسكرياً أو مدنياً لموضوع حيوي هو العقيدة، وهذا مابينه اللواء الركن علاء بشكل مفصل.
لقد عرج الكاتب في غايته من أصدار الكتاب التي وضعها أمامه وهي تسليط الضوء على هذا الموضوع الحيوي الذي يهم العسكرين والمدنين و المفكرين، وكذلك العاملين في ا لمجال السياسي والأستراتيجي والأدارة العامة والقانون الدولي العام والقانون الدولي الأنساني وكذلك مايهم شريحة المثقفين بشكل عام. وأعتمد في عرض وجهة نظره مصادر حديثة بلغات متعدده سعياً منه لتعميم الفائدة وتقديم ما ينفع عموم العسكرين والمدنين ،وبصدد المتن فقد رتب الكاتب اللواء الركن علاء الكتاب في باب رئيسي ، كل باب إحتوى عدد من الفصول:
(الفصل الأول ) الفصل التمهيدي، بعض التعاريف والمفاهيم مع بيان بعض المصطلحات، والتطرق إلى مفهومي المصالح والسياسة، مع مناقشة كلمتي Politics من حيث ترجمتها إلى سياسة كعلم وفن إدارة المجتمعات البشرية ( و Policy )وترجمتها إلى (نهج )وبيان الارباك الذي حدث نتيجة ترجمة الكلمتين إلى (سياسة) واقترح المؤلف إزالة هذا الأرباك، أن تستخدم كلمة (النهج )بدل من السياسة في المكانات المناسبة، و في هذا الفصل التمهيدي تم إيضاح أن الجوانب المكملة للعقيدة العسكرية هي الحرب والأستراتيجية، ولفهم العقيدة العسكرية أشار الى ضرورة فهم كل منهما.
(الفصل الثاني ) تم تناول موضوع الأستراتيجية مبتدأً بالتعاريف والمفاهيم مع ايضاح أهم المرتكزات الجديدة لدراسة الأستراتيجية بصفتها علم وفن مع ا ستعانته ببعض المخططات الإيضاحية الحديثة لبيان علاقة الإستراتيجية بالجوانب الاخرى المؤثرة فيها والمتأثرة بها.
( الفصل الثالث ) تم التطرق إلى أحدث النظريات الإستراتيجية وبحثها بإيجاز وصولا إلى شرح سريع لكيفية وضع الإستراتيجيات وتحويل النظرية إلى تطبيق واقعي، وهنا استعان المؤلف بأحدث المصادر سواء كانت أجنبية أم عربية، مع ذكر أراء بعض المفكرين الإستراتيجين العراقين أيضا.
(الفصل الرابع ) فقد تم تناول موضوع الحرب واستعراضها تاريخياً وبشكل سريع وصولا إلى المفاهيم الحديثة للحرب، وأرفق ملحقين بهذا الفصل تناول نوعين من الحروب وهما الحرب السبرانية، وحروب الجيل الرابع، وهذه أحدث النظريات التي تم بموجبها التعامل مع موضوع الحرب.
وفي الباب الثاني الفصل الخامس تم تناول الموضوع الرئيس لهذا الكتاب ألا وهو موضوع العقيدة العسكرية إذ حاول المؤلف أن ُيفْصل بعض جوانب وعلاقات العقيدة العسكرية من مكوناتها ومرتكزاتها، مع بيان تأثير العقيدة العسكرية على نهج التسلح والعلاقات المتبادلة بين الأسلحة وخواصها وبين العقيدة العسكرية.
تناول في الفصل السادس أحد الأساليب الممكنة لوضع عقيدة عسكرية من خلال دراسة حالة (case study) مورست فعلاً من قبل الجيش العراقي في نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وذلك على سبيل ايضاح لمن يود أن يرى مثالا عمليا لمفاهيم نظرية.
أما في الفصل السابع فقد تم ذكر بعض العقائد العسكرية لدول عالمية وإقليمية استناد ٍا إلى كتاب مهم بعنوان العقيدة العسكرية دليل مرجعي.
لقد ختم المؤلف كتابه المهم هذا بخاتمة مختصرة، من مراجعتها يستدل القارئ على مادة هذا الكتاب وموضوعه وأهميته للقراء الإختصاصين وغير الإختصاصين ،تلمست فائدة من قراءته وعند اتمام القراءة، تأكدت أن لا مناص من وجوده كتاباً مفيداً على رفوف المكتبات العربية. وتأكدت أنه كمؤلف واستاذ قد نجح في مهمته هذه.
والله ولي التوفيق.
1801 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع