لابد لنا من فجر سيرة ذاتية في النضال القومي الاشتراكي / ح٨
سابعاً ـ ليس هناك من خاتمة
برلين : كانون الثاني ــ يناير / 2015
عندما تعرفنا على الحزب منذ البدايات، واليوم أكثر من نصف قرن(من 57 سنة) تعرفنا على الفكرة القائمة أساساً على أهداف للأمة العربية، ولم ننتمي إلى حزب صالونات وأمزجة، كما لا بد أن تكون القناعة بالعمل والأهداف كبيرة إلى درجة تهون معها تحمل كل العذابات التي خضناها من أجل الجماهير العربية، من أجل الأمة، وبعثها.
لقد قدمت للأمة والشعب والحزب ثمانية عشر عاماً أمضيتها في سجون العراق في شتى العهود، حكم علي مرتان بالإعدام، وأمضيت 28 يوماً في زنزانة الإعدام بانتظار التنفيذ، عشت سنوات عديدة من عمري في المنافي، وسنوات في التشرد، وسنوات من الاختفاء في الأوكار، لا بيت لي ولا ممتلكات شخصية، صودر بيتي وكل ما أمتلك مرات عديدة، وعندما خرجت من السجن لآخر مرة، كنت قد بلغت الستين من العمر، لا أمتلك من حطام الدنيا شيئاً، فاضطررت للعمل بوظائف لا تناسب عمري وشهاداتي، ثم براتب ضئيل يكاد يسد الرمق.
لست نادماً على شيء بالطبع، ولو قدر لي أن أعيد حياتي لما اخترتها بعيداً عن الحزب، بل أني أخبرت رفيقاً في زنزانة الإعدام وكنت أعتقد أن التنفيذ سيكون قريباً، أخبرته أن يحيط القيادة علماً بأني سأموت كبعثي، وإن شعار الحزب: أمه عربية واحدة ذات رسالة خالدة سيبقى على فمي إلى الأبد.
اليوم تواجه أمتنا حروباً ظالمة شعواء، أكثر من قطر تحت الاحتلال، وأقطار تناضل، وحزبنا يعيش حالات لا يتمناها البعثي لحزبه، والحرب شديدة الوطأة، وفي مثل هذا اليوم نركز على الجوهري، على ما يجمع الناس، على ما يفيد التعبئة. اليوم في طول الوطن (الوطن العربي) وعرضه، ليس هناك سوى حزب البعث العربي الاشتراكي يتحمل الهجمة الثقيلة العاتية. ليس هنا سوى البعث ينطر إلى الأمة كقضية واحدة، ليس سوى البعث لا يعترف بالانتماء الديني للأفراد والمواطنين، واستطرادا يدين الطائفية التي هي رجس من عمل الاستعمار والصهيونية والصفوية فأجتنبوها .... أجتنبوها .... أجتنبوها ....!
فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد
اليوم وقد بلغت الواحدة والسبعين من العمر، أعاني من عدة متاعب صحية، أشعر بأني قد اقتربت من نهايتي، ولكني على أتم الاستعداد لخدمة الأمة في أي لحظة وأي صورة، فهذا عقد أبدي لا نهاية له مع الأمة العربية والعراق والشعب، ومع حزب البعث العربي الاشتراكي.
سنناضل بالقلم إن عز المدفع....!
يقول أفلاطون في كتابه الجمهورية " استشر ضميرك، فالضمير خير الفقهاء "
الرفيق
ياسين أحمد / ضرغام
الملازم ضرغام الدباغ 1964 قوات الحدود
كأس أفضل سرية مغاوير / 1969
ياسين أحمد كانون الأول / 1969 ــ دمشق
الاتحاد الوطني لطلبة العراق / جامعة دمشق 1971
في استقبال الرئيس الروماني نيكولاي شاوشيسكو دمشق 1973
السجين رقم .... أبو غريب 1987 / 2002
في بلودان / سوريا مع محمد حسين رؤوف وباقر ياسين 1970
اللواء صلاح جديد
احمد العزاوي تموز / 1972
الشهيد عبد الودود عبد الجبار
في مكتب شؤون العراق بالقيادة القومية 1973
ممثلاً للحزب في مؤتمر الحزب الشيوعي البلغاري 1972
القنيطرة المحررة آب / 1974
تظاهرة في برلين 2004
قصر الرئاسة برلين / أستقبال السلك الدبلوماسي 1978
ملاحق
مقتل صلاح جديد
في الذكرى العشرين لوفاة صلاح جديد الذي توفي في سجن المزة بعد ثلاث وعشرين عاماً من الإعتقال، تحدث مروان حبش عضو القيادة القطرية، زميل سجنه، حول بعض تفاصيل الاعتقال وظروف السجن، وأسرار الوفاة، فكتب حول ذلك في صفحته على الفيس بوك :
جرى توافق بين الرئيس الأمريكي جونسون ورئيس وزراء الاتحاد السوفييتي كوسيغين باجتماعهما في مدينة “غلاسبورو” في الولايات المتحدة عام 1967م، على صيغة قرار تقدم به وزير خارجية بريطانيا جورج براون إلى مجلس الأمن، وتمت الموافقة عليه بتاريخ 22تشرين الثاني 1967 وعُرف بالقرار 242 .
ورفضت القيادة السورية الاعتراف بالقرار 243 وفيما بعد، ووصلت الحال ما بين القيادة القطرية بأكثرية أعضائها وحافظ الأسد وزير الدفاع إلى مفترق طرق، نتيجة أسباب عديدة وجوهرية أهمها أن القيادة القطرية وصلاح جديد رفضوا الإعتراف بالقرار 242 فيما وافق عليه حافظ الأسد. وبعد أكثر من اجتماع للقيادة القومية للحزب، تقرر دعوة المؤتمر القومي العاشر لدورة استثنائية في أوائل شهر تشرين الثاني 1970 لمعالجة الأزمة القائمة، وبعد مناقشة التقرير المقدّم من القيادة القومية توصل المؤتمر مساء 12/11 إلى قرارات عديدة ومن بينها تغيير قيادة الجيش.
كان السفير السوفييتي نور الدين محي الدينوف على موعد مع الأمين العام المساعد اللواء صلاح جديد صباح يوم 13/11 في مبنى القيادة القومية، وطلب منه السفير مجدداً الاعتراف بالقرار 242 مقابل الضغط لإيقاف إجراءات الانقلاب التي بدأ الفريق حافظ بالسعي إليه منذ قرار القيادة دعوة المؤتمر، وتبلَّغ السفير بأن القيادة لا ترى أي مبرر للاعتراف بالقرار، كما اعتذر الأمين العام المساعد عن قبول عرض السفير باستعداد الاتحاد السوفييتي لاستضافته والإقامة فيه.
بعد مغادرة السفير انتقل الأمين العام المساعد إلى منزل الدكتور يوسف زعين المجاور لمبنى القيادة، وبعد دخوله بقليل، فوجئ الحاضرون بدورية مسلحة تقتحم المنزل وتقذف الشتائم المهينة واقتادتهم: (اللواء صلاح جديد، الدكتور يوسف زعين، مصطفى رستم، فوزي رضا، وجميعهم أعضاء في قيادة الحزب، ومحمد عيد عشاوي) إلى مبنى قيادة القوى الجوية، وليلاً اجتمع حافظ الأسد وزير الدفاع مع اللواء صلاح جديد وسأله عن مخرج للأزمة وكان جواب اللواء صلاح ها أنت قد أقدمت على حلًّ لها، ثم التقى حافظ الأسد كلاً من د.يوسف زعين ومصطفى رستم كل على انفراد وحاول، دون جدوى، إقناعهما بالتعاون معه، وأن الأزمة شخصية بينه وبين اللواء صلاح، وأطلقهما فجر 14 / 11.
في مساء يوم 14 / 11 نقل الموقفون الثلاثة الباقون، من مبنى قيادة القوى الجوية إلى سجن المزة العسكري،
وبعد 16 / 11 فُرضت الإقامة الجبرية على صلاح جديد الأمين العام للحزب والرقابة المباشرة على مدار الساعة وعلى بقية أعضاء القيادة . وبعد أسبوع من ذلك اعتُقِل رئيس الدولة الدكتور نور الدين الاتاسي في سجن المزة، وفي فجر 21 / 12 اعتقل كلٌ من مروان حبش ومحمد رباح الطويل.
وبعد ثلاثة وعشرين عاماً من الاعتقال، وقبل أيام من خطف يد المنون له، وجه اللواء صلاح جديد من معتقله رسالة إلى ابنته الصغرى التي ولدت بعد أشهر من اعتقاله، كتبها على الصفحة الأولى من رواية “مذلون مهانون” لدستويفسكي، كي لا تكتشفها أعين الرقيب، وهذه الرسالة هي خير تعبير عن مشاعرنا وعن المحنة التي نعانيها، إذ ورد فيها:
(إلى أحب الناس إلي …وأعز ما في الوجود …إلى ابنتي الحبيبة وفاء …
ذكرى آلام وأيام صعبة نمر بها. …لعلنا نجد ترجيعها وأصداءها في هذه الرواية. وكلي أمل أن يكون في وسعنا مستقبلاً ترديد ما جاء في نهايتها:
فانيا، فانيا، كان هذا كله حلماً أليس كذلك؟
ما الذي كان حلماً؟
كل شيء، كل شيء، كل شيء حدث هذه السنة يا فانيا، لماذا –أنا– هدمت سعادتك؟ وقرأت في عينيها: “كان يمكن أن نسعد معا إلى الأبد“.
وفاء…يا و…ف …ا …ء هل تسمعينني؟ أنا متفهم تماما لوضعك ومشاعرك ومدرك بعمق للظروف التي أحاطت بك سابقاً وتحيط بك الآن…أنا معك …معك يا وفاء…وستجدينني دائماً إلى جانبك، ولن أتخلى لحظة عنك…فهل تفهمينني أنت يا وفاء كأب وقبل ذلك كصديق…هل أنت مدركة أبعاد المأ… ساة التي أعيشها الآن…؟ لا أدري يا حبيبتي …قد نلتقي يوماً ما بدون رقابة وبدون سجن فنتحدث…ونتحدث طويلاً …ولكن هذا حلم … حلم بعيد قد لا يتحقق أبداً…إذن فليس لي الآن إلا الصمت، والأحلام والصمود…على طريق الرسالة التي نذرت نفسي لها … وسأموت من أجلها …فهل سنلتقي يا وفاء… على هذه الطريق …؟.
شعر اللواء صلاح عصر يوم 18/8/1993 بتوعك في صحته، وبدأت معالجته من قبل طبيب السجن واختصاصه في طب الأسنان، على أن ما يتعرض له هو مرض الأنفلونزا، ولما ازدادت حالته سوءاً، نُقل (النقل بالنسبة لأعضاء القيادة يحتاج إلى موافقة من أعلى مسؤول في السلطة) بعد ست ساعات من المعتقل إلى مستشفى المزة العسكري، ولم يلق هناك أية رعاية أو اهتمام ووصلت حالته إلى درجة كبيرة من الخطورة، حينها تقرر نقله حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل إلى مستشفى تشرين العسكري، وكانت الساعة قد بلغت الثالثة صباحاً لما وصل الأطباء المختصون الذين كانوا يشرفون عليه أثناء زيارتهم السجن، وكان حينها يلفظ أنفاسه الأخيرة. توفي اللواء صلاح جديد صبيحة يوم 19 - 8-1993وهو اليوم الذي كانت عائلته على موعد لزيارته ولمّا حضر ابنه البكر إلى مقر الشرطة العسكرية لاستلام الإذن بالزيارة فوجئ بارتباك المسؤولين هناك، وبعدها نقلوا إليه النبأ المفجع.
وصدر عن إدارة المستشفى تقرير حدد أسباب الوفاة بـ: هبوط دوراني أدى إلى قصور كلوي وهذا أدى إلى إنتان في الدم.
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/thaqafawaadab/40369-2019-06-07-12-35-47.html
2001 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع