مهند العزاوي*
يدخل العراق منطقة الارتياب ( اللايقين) التي رسمها صناع القرار الامريكي للعراق بعد ان ارتكبوا خطيئتين بحقه:
الاولى- قرار غزو العراق من قبل الرئيس الامريكي بوش دون مبررات قانونية خارج الشرعية الدولية , تخطى بذلك معايير القانون الدولي والقواعد الامرة والتوازن الدولي والامن والسلم الدوليين وشرعت منظومته بتفكيك الدولة العراقية ومؤسساتها , وارساء نظام دولة الطوائف والمذاهب والاقليات , وبذلك افتتح مسرح الحرب الديموغرافية من اوسع ابوابها , واردف الرئيس الامريكي اوباما الحائز على جائزة نوبل للسلام!! بالخطيئته الثانية المعتمدة على عقيدته السياسية حيث انه مهووس بالتحالف مع ايران واعطائها دور مافوق الاقليمي بدء من العراق , وبعد اربع سنوات من الانسحاب الامريكي من العراق وترسيخ مقومات المليشيا سلطة فيه ليؤسس ظاهرة تناسل وانشطار التطرف في اهم وادق منطقة بالعالم والشرق الاوسط والعالم العربي , وهذا هو الفعل الملموس الوحيد في العراق خطيئتي بوش اوباما في منطقة الارتياب العراقي العربي .
تحذير لم ينفع
بات من الواضح ان ملف العراق ملف محظور لايتدخل في شأنه العرب , كما ان الاسهاب بالتاريخ المعاصر لم يعد ينفع لان المحظور قد حصل , وقد حذرنا عام 2008 من خطورة اذكاء الحرب الديموغرافية عبر بحث بعنوان "الحرب الديموغرافية السلاح السري لتفكيك العالم العربي" ونشر بشكل واسع ولم ينظر صناع القرار له ( مطرب الحي لايطرب ) وكذلك حذرت باحثا وفقا للبعد الاستراتيجي في كتاب لم يرى النور لاسباب مجهولة؟؟؟ , حيث ناقشت احداث اليوم عام 2011 في كتاب للمعهد العربي "تسليح اقطار الوطن العربي" من خطورة تنامي موجات التطرف المسلح والتمدد للقوة اللامتوازية واتساع مناطق الاستهداف المقبلة التي ستلحق دول امنه بالمسرح الحربي المركب في العراق , وها نحن اليوم نفقد اربع دول عربية تندثر فيها الدولة , وتتصدر السلطة تنظيمات ومليشيات متطرفة تهيمن على مقدراتها بعد ان كانت محاور جيوسياسية فاعلة العراق , سوريا, اليمن, ليبيا , وبلا شك ان هذه الظاهرة قابلة للتمدد ومن الصعب التكهن اين ستقف في ظل التناسل والانشطار لموجات التطرف المتفاعلة مع منطقة الارتياب الشرق اوسطي التي استغلها الفاعلون المتعددون لتغيير خوارط المنطقة السياسية لواقع سياسي جديد ينطوي على كوارث قادمة , ولعل التاريخ وارقامه والمؤشرات الرقمية للضحايا من النزوح والتهجير والقتل وهدر الموارد البشرية والمالية والمادية والبنى التحتية للدول المنهارة تؤكد اننا امام عملية استنزاف منظم لراس المال الاجتماعي العربي الاسلامي بعد فقدان النظام والقواعد الآمرة بشكل مريع.
تقسيم ولكن
تكررت المقالات والتقارير المصورة والمكتوبة عن تقسيم العراق وسوريا لهيكلة العقول حول المرحلة القادمة لتحقيق الارصدة السياسية التي رسمتها السياسة الدولية التي تستهدف تفكيك الدول العربية الى دويلات متناحرة على النفوذ والمال والسلطة , وصناعة بيئة دينية محتربة تعسكر المجتمعات والطوائف والمذاهب في حرب المائة عام كما وصفوها , وبات من الصعوبة التكهن بحدود لهيبها ونتائج حروبها حتى الان .
منذ عام 2006 ذهب جو بايدن نائب الرئيس الامريكي ومسؤول ملف العراق لطرح مشروعه تقسيم العراق لدويلات طائفية قومية ثلاث دولة شيعية واخرى سنية وثالثة كردية وحاز مشروعه على موافقة الكونغرس كمشروع غير ملزم بما يشابه مشروع تحرير العراق 1998 وقد حصل كلاهما الغزو والتقسيم , ولعل الملفت للنظر ان يكون مسؤول ملف العراق صاحب مشروع تقسيم العراق وليس صدفة طبعا , بل انه نسق الفعل الملموس خصوصا عندما يصمت العالم ومنظماته والادارة الامريكية ودوائرها على انتهاكات حقوق الانسان والمواطنة في العراق لعقد كامل , ويصفه البعض ان العراق اصبح ديمقراطيا وهو يسبح في انهار الدماء اليومية وخزينته تسرق بكافة الوسائل والطرق , وحدوده السياسية مباحة للخصوم كافة .
نعم ان واقع التقسيم قد حصل بالفعل واذكر دراسة لمعهد سابان مركز بروكنز 2008 كانت بعنوان "التقسيم السهل للعراق الخطة بـ" وهي تناقش تنفيذ مشروع جوبايدن – غليب وتقف امام صعوبة التفكيك لكون العراقيين متسقين بالعراق كوطن وهناك مصاهرة وتقارب وتماسك بين مكونات المجتمع العراقي وتبحث كيفية منحهم هويات وتخطيط الحدود وتقاسم النفط ووو ...الخ , وتحقق ذلك من خلال انتخاب الادوات السياسية الطائفية المتميزة بالجهل والتزوير والفشل في سدة السلطة وقد تحقق هذا المشروع بشكل سريع يفوق تصور صناعه, ولعل اكثر شيئ لفت نظري بالدراسة هو تفويض الامم المتحدة او الجامعة العربية لتقسيم العراق؟؟؟؟!!!.
ما العمل؟؟
سؤال يتكرر من قبل الجميع وخصوصا العراقيين الذين اصبحو فوق فوهة بركان يقذف بحممه من كل مكان ما العمل؟؟؟؟؟؟ سؤال يستحق تامل ووقوف والرد عليه صعب وليس مستحيل , سبق ان طرحنا خارطة طريق لحل ازمة العراق وايدها غالبية النخب العراقية والشخصيات والاكاديميين والراي العام2010 ولم ترى النور , والحل يبدا بتطبيق العدالة الدولية واعادة رسم المسارات السياسية في العراق نحو وطن للجميع وليس لطائفة او قومية ما , خصوصا ان المنظومة السياسية التي جلبتها الولايات المتحدة ووكلائها الاقليميين المستاثرين بالمناصب والسلطة هم جزء من المشكلة وليسوا جزء من الحل , وليس صعبا ان تلغى كافة المؤسسات الفاشلة المترهلة , واعادة تشكيلها وفق نظام سياسي عصري بدماء جديدة وطنية تاخذ على عاتقها اصلاح شؤون البلاد والعباد للخروج من منطقة اللايقين او المجهول .
*مواطن عراقي
4743 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع