جودت وشيار
آراء مثيرة للجدل
ترى الأوساط الأستشراقية و الأعلامية الروسية أن الكتاب ، الذي صدر مؤخراً في موسكو تحت عنوان " الشرق الأوسط ، الصحوة العربية وروسيا: وماذا بعد؟" هو أول و أهم كتاب صدر في روسيا لحد الآن عن ثورات " الربيع العربي " وهو من تأليف مجموعة كبيرة من المستعربين و الدبلوماسيين والباحثين الروس من مختلف التخصصات ، الذين يمثلون عدداُ من الجامعات و مراكز البحوث و المعاهد العلمية ذات العلاقة .
وهو كتاب ضخم ، جامع و شامل ، يضم دراسات ومقالات كثيرة تتناول ثورات الربيع العربي بالتحليل وتحاول تلمس أسبابها والقوى المحركة لها وتداعياتها وتأثيرها على الأمن و الأستقرار في المنطقة و أنعكاساتها على روسيا .
ومع اختلاف المساهمين في الكتاب في مناهج البحث و التحليل وتباين وجهات نظرهم حول الثورات العربية ، الا أن الكثير منهم ، في أستنتاجاتهم الرئيسية لا يبتعدون كثيرا عن وجهات النظر السائدة في أروقة " الكرملين" وفي الأعلام الروسي .
و كما جاء في مقدمة الكتاب ، فأن هذا العمل العلمي الجماعي يهدف الى " التحليل الشامل لكافة جوانب ثورات الربيع العربي ، المعقدة و المتناقضة أحياناً ، ومصالح القوى و الشرائح المختلفة داخل المجتمعات العربية والقوى الأقليمية و الدولية المتنافسة غي الشرق الأوسط و العوامل المؤثرة في سيرالأحداث ، التي حددت السمات الخاصة بموجة الأحتجاجات في المنطقة.
لم يكتف المؤلفون بالأحاطة الشاملة بهذه الثورات ، بل حاولوا أيضاً تتبع مسار الأحداث الجارية اليوم والسيناريوهات المحتملة لتشكيل الصورة المستقبلية لخريطة الشرق الأوسط و يعكس الكتاب ، الأفكار التي تتداول في روسيا وعلى مختلف المستويات للتعاطي مع التحديات التي فرضتها تحولات الربيع العربي.
و الأستنتاج الرئيسي للمؤلفين يتلخص بــما يلي " أن الربيع العربي يمثل تحولاُ في المجتمعات العربية ، هذا التحول ، الذي نتج عن عدة عوامل كانت تقف عقبة كأداء أمام تقدمها ، منها ، ان " شخصيات قوية " كانت تحكم عدة بلدان عربية على مدى عقود وبلا منازع ، مثل العقيد القذافي أو جنرالات ، مثل حسني مبارك ، و كانوا زعماء متخلفين عن العصر ، ومنها الأفتقار الى الحريات المدنية و الحراك الأجتماعي ، الذي أدى الى تعميق الاختلالات الاجتماعية والأقتصادية اضافة الى أنتشار الفساد المالي و الأداري ، وضعف السياسات الاجتماعية، والركود الاقتصادي."
الكتاب يسبغ على القذافي صفة " الشخصية القوية " و لا يتطرق الى الجرائم التي أرتكبها بحق الشعب الليبيي و غرابة أطواره .
الربيع العربيي و التحرر من الأستعمار:
ويرى مؤلفو المجموعة بأن " أحداث الربيع العربي لا تشبه السيناريوهات المعتادة للأحتجاجات وأعمال الشغب في العالم النامي، كما لا تشبه " الثورات الملونة " في أوروبا الشرقية ، لأن الخطط الغربية في قلب الحكومات من دون اللجؤ الى العنف فشلت في البلدان العربية نظرا لطبيعة المجتمعات العربية القبلية و الأثنية ، و أن ثورات الربيع العربي حلقة جديدة من حركات التحرر من الأستعمار الغربي التي اجتاحت بلدان الشرق الأوسط في القرن العشرين و تمخضت عن استقلال البلدان العربية وادت الى تغييرات هيكلية في الاقتصاد والسياسة، وغيرها من المجالات."
هذه الآراء ، تبدو في غاية الغرابة لكل من واكب الأحداث العاصفة في الوطن العربي خلال السنوات الثلاث الماضية ، و يحتاج الى وقفة طويلة للتمعن في معانيها !
- يقول هؤلاء السادة ان الثورات العربية لا تشبه الثورات الملونة في اوروبا الشرقية ، بمعنى ان الثورات العربية لم تكن سلمية مثل ثورات الشعوب " المتمدنة " !! ، نظرا للتناحر القبلي و الأثني في بلدان الربيع العربي المتخلفة , هذه النغمة الأستعلائية لدى المستشرقين لاحظها المفكر اللامع ( ادوارد سعيد ) في كتابه " الأستشراق " . صحيح ان سعيد كان يتحدث عن الأستشراق الغربي في المقام الأول و لكن استنتاجاته المعمقة تنطبق أيضأ على الكثير من المستشرقين الروس و خاصة المستعربين منهم .
- أما حكاية الحلقة الجديدة في التحرر من الأستعمار الغربي ، فلها جذور غائرة في اعماق التأريخ الروسي الحديث ، وهي حكاية تسعى الى صرف الأنظار عن مسألة كانت على مدى عقود في غاية الحساسية بالنسبة الى روسيا
. هل ثورات الربيع العربي حلقة جديدة من نضال الشعوب العربية للتحرر من الأستعمار كما يزعم هؤلاء الباحثون ؟
قبل الأجابة عن هذه التساؤلات يجدر بنا هنا ان نعيد الى الأذهان بعض الثوابت فيي السياسة الخارجية الروسية و بحاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ، التى يطلق عليها الروس اسم ( الشرق الأدنى ) أو ( الشرق القريب )، القريب من روسيا بطبيعة الحال.
وفي مقدم هذه الثوابت ، التنافس مع القوى العظمى الأخرى في المنطقة ، في سبيل تعزيزالنفوذ الروسي في الدول المتاخمة او القريبة من حدود روسيا الجنوبية ومن منطقة جنوب القفقاس ، التى تعد العمق الأستراتيجي للدولة الروسية في كل العهود .
الأمبراطورية الروسية كانت تضم شعوبا كثيرة مستعمرة (بفتح الميم ) ترزخ تحت نير الحكم القيصري ، الذي لم يكن أفضل–ان لم يكن أسوأ - من الأستعمار الغربي ، أما في العهد السوفييتي ، فقد كان ثمة نص واضح و صريح في الدستور بمنح الشعوب السوفيتية غير الروسية الحق في الأنفصال في أي وقت وتشكيل دول مستقلة ، الا ان هذا الحق ظل حبرأعلى ورق ، ولم تكن هنالك أية فرصة للتمتع بهذا الحق ، الذي يعترف به المجتمع الدولي منذ تأسيس عصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة وقراراتهما العديدة بهذا الشأن معروفة جيداً ولا نرى حاجة في التذكير بها ...
حقاُ ان الأتحاد السوفييتي رحب في الستينات من القرن الماضي بقرارات مجلس الأمن الدولي حول منح الأستقلال للشعوب و البلدان المستعمرة ( بفتح الميم ) في آسيا و أفريقيأ و لم تشمل هذه القرارات الجمهوريات والشعوب السوفيتية غير الروسية بدعوى أنها أختارت بمحض أرادتها أن تكون جزءاًً من الدولة السوفيتية ، وهو أدعاء تفنده الوقائع التأريخية. و بعد تفكك الأتحاد السوفييتي ،، أستقلت كافة الجمهوريات السوفيتية السابقة ، ما عدا بعض الأقاليم ،التي كانت تتمتع بالحكم الذاتي داخل روسيا ( أكبر الجمهوريات السوفيتية ) فقد بقيت لحد الآن ضمن الأتحاد الروسي ، مثل ( الشيشان و تترستان و داغستان و غيرها ) وتسعي الى نيل حقوقها القومية و الأنفصال عن روسيا وبخاصة الشيشان، التي قدمت ضحايا سخية في هذا السبيل ، لذا فأن روسيا متوجسة من أمتداد لهيب الثورات العربية الى داخل أراضيها . و القول بأن الثورات العربية حلقة جديدة في التحرر من الأستعمار !! انما يهدف الي أبعاد الأنظار عن نضال الشعوب التي ما زالت تحت الحكم الروسي .
و ثمة شواهد على ان روسيا تعارض دائمأً حق الشعوب في تقرير مصيرها و تنادي بالحفاظ على وحدة أراضي الدول - حتى و ان كانت مصطنعة و تضم شعوباُ متباينة - و عدم اجراء أي تغيير على حدودها ، هذا المبدأ ، هو من ثوابت السياسة الروسية الخارجية أيضاً ، لذا رأينا كيف ان روسيا وقفت ضد حركات التحرر لشعوب البلقان و عارضت تقسيم يوغسلافيا، التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية – عند تقسيم النفوذ بين الأتحاد السوفييتي و الحلفاء - لتضم شعوباُ مختلفة في كل شيء : فى القومية و الدين و الثقافة و التكوين النفسي. ، وقد تفككت هذه الدولة المصطنعة بعد زوال الضغط الخارجي عنها .
دور العامل الديني في الربيع العربي :
أشار عدد من كتاب المجموعة الى دور العامل الديني ، الذى تجلى خلال ثورات " الصحوة العربية ". ويتلخص آرائهم بهذا الصدد في ما يلي :
" رغم التباين الكبير بين البلدان العربية ، فأن القاسم المشترك بين الحركات الأحتجاجية فيها – على الأقل في بداياتها – هو عدم المشاركة الملحوظة للمتطرفين الأسلاميين فيها ، ولم يكن هناك رفض للطابع المدني للدولة أو الدعوة الى تطبيق حكم الشريعة في القضاء و الحياة الأجتماعية . و لكن المراحل الأخيرة لهذه الثورات أدت الى زعزعة الأستقرار ، وحولت عددا من البلدان العربية الى ملاجيء للأرهابيين الذين يحاولون توسيع نفوذهم و تصعيد نشاطهم . ولكن قوى الأسلام السياسي لا تشكل تنظيميا وحدة جامعة ، بل تتكون من تيارات و حركات ومجاميع كثيرة ( جهادية متطرفة ، سلفية ، و معتدلة ) و وهي تشكل في الواقع القوى المعارضة الرئيسية و احيانا الوحيدة التي تجابه الأنظمة الحاكمة ."
وجاء في الكتاب أيضاُ " ليس من المستبعد ان يحاول من يسمى اليوم بالأسلاميين ، تطبيق مشروع أصلاحي على غرار النموذج الذي يطبقه حزب العدالة و التنمية التركي".
. ولا أعتراض علي هذا الكلام ، ولكن بعض هؤلاء المستعربين يمضي الى القول بأن " قوى الأسلام السياسي في الوطن العربي قد تتخذ من تجربة " حماس " في غزة أو" حزب الله " في لبنان قدوة لتطبيق برامج اصلاحية واجتماعية تهدف الى تحسين اوضاع الفقراء !"
هل تحسنت أوضاع فقراء غزة بمجيء حماس الى الحكم ؟ وهل لدى حكومة هنية برامج اصلاحية واجتماعية حقاً .؟ نترك الأجابة لسكان غزة ، الذين يعيشون على المساعدات الأنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية وبعض الدول العربية .
أما برنامج " حزب الله اللبناني " فحدث عنه ولا حرج ، فهو الذي أوصل لبنان الى حافة الحرب الأهلية من جديد وورطت لبنان في الصراع العسكري الدائر في سوريا .
ويشير احد كتاب المجموعة وهو المستعرب " نائومكين " الى ان القيادة الأيرانية تعتبر الثورات العربية جزءاً من " الصحوة الأسلامية "
و يقول باحث آخر من المجموعة و هو ( الكساندر اكسينينكو ) " ان من حسنات جماعة الأخوان المسلمين في مصر انها دعت بعد تنحي الرئيس مبارك الى تشكيل حكومة مدنية و تثبيت حقوق الأنسان في الدستور . وعلى هذا النحو فأن الأخوان المسلمين على غرار حزب العدالة والتنمية التركي من السهل عليهم الأبتعاد عن المفاهيم الدينية التقليدية و الأنتقال الى لغة الحوار المدني .وهذا مما يوسع امكانية الجماعة للمشاركة في حياة البلاد بصفتها حزبا سياسيا منظما ".
و يامل" اكسينينكو" " ان يبحث الحكم الأخواني في مصر عن توازن بين المباديء الدينية من جهة و البراغماتية في السياسة الداخلية و الخارجية من جهة اخرى ."
هذا الكلام الأنشائي الجميل، تفنده الأحداث الجارية في أرض الكنانة اليوم ، ولا يحتاج الى كبير عناء للكشف عن مدى أنفصال هذا المستعرب عن الواقع العربي .
اما المستعرب الروسي الشهير( غيورغي ميرسكي ) فيرى " ان الربيع العربي علامة فارقة في السعي الي الديمقراطية ، و بطبيعة الحال ، فأن هذه الديمقراطية، ( الكلام لميرسكي ) ، ستكون بوجه عربي اسلامي . و يضيف : ان الثورات العربية لم تكن طبقية او معادية للأمبريالية أو دينية ، بل عابرة للطوائف و القوميات و المذاهب الدينية . اما ما يحدث بعد الثورات في العادة فأنه شيء آخر : البعض يقوم بالثورة ليختطفها آخرون ! "
و كما يرى القاريء فأن ( ميرسكي ) يفند ما قاله زميله ( اكسينينكو )
الربيع العربي و العولمة :
و يرى ( اوليع بافلوف ) " ان كل ما جرى خلال السنوات الثلاث الماضية في الوطن العربي هو نتيجة لسعي " النخب السياسية- المالية العالمية " بتشجيع من واشنطن و لندن و باريس ، للوصول الي النهاية المنطقية لعمليات العولمة بمساعدة القوى الأسلامية الراديكالية ، و القضاء الكامل على الدول ذات السيادة في أوراسيا .وهنا ( و الكلام ما يزال لبافلوف ) تتطابق اهداف هذه النخب و قوى الأسلام السياسي في خلق الفوضى من اجل أطالة عمر الدولار الذي يتجه الى الموت الحتمي ومنع نشؤ عالم متعدد الأقطاب على اساس انضمام دول المنطقة الى محاورتمتلك عملتها الخاصة و بوسعها تحدي النظام النقدي – المالي القائم حالياً. ولهذا فأن رأس الرمح في الثورات العربية كانت موجهة ، ليس الى الدكتاتوريين العرب ، بل ضد التقارب الروسي – الصيني ."
ويرى كاتب آخر " ان الثورات العربية هي احدى نتائج الأزمة المالية العالمية ، مما ادى الى تعميق المشاكل في هذا الجزء غير المستقر من العالم العربي و لم تسمح تلك الأزمة للاقتصاد العربي ان يستفيق من آثار الضربة قبل بداية الحركات الأحتجاجية."
"
نشرنا قبل بضع سنوات مقالاً عن نظرية المؤامرة ، تحت عنوان " نظرية أوروبية الجذور ... يعشقها العرب " جاء فيها ان هذه النظرية اوروبية خالصة وغريبة عن التفكير الشرقي ولو بحثنا في كل التراث العربي - الأسلامي ، فلن نجد أية أشارة اليها . و لم نكن نتصور ان بعض الباحثين الروس من عشاق هذه النظرية أيضاً ، والا كيف نفسر هذا الأستنتاج المضحك - لباحث يعد نفسه خبيراً في شؤون الشرق الأوسط - وهو ان الثورات العربية نتجت عن الأزمة المالية العالمية وأنها موجهة ضد التقارب الروسي – الصيني .
ان بعض الباحثين الروس بدلا من دراسة هذه الثورات ، دراسة علمية تستند الى المعرفة المعمقة بالواقع العربي ، يلجأ الى تفسيرها وفق نظرية المؤامرة . ولكن توجد ضمن المجموعة ذاتها دراسة جادة للباحثة ( زفياغيلسكايا ) تنتقد فيها بعض زملائها المساهمين في تأليف الكتاب ، حيث تقول " أن من الخطأ تفسير أحداث الربيع العربي و كأنها نتيجة لسعي الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية الى بسط هيمنتها على هذه المنطقة الغنية بالنفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى و أعادة التقسيم الجيوبوليتيكي للعالم ."
و تؤكد الباحثة" ان من الحطأ أيضاً تفسير الثورتين التونسية و المصرية وفق نظرية المؤامرة ، كما يفعل البعض في روسيا ، والزعم بأن الثوار التونسسين و المصريين كانوا أدوات بيد الدول الغربية لتحقيق أهدافها في المنطقة ."
أما الزعم بأن " الأزمة المالية العالمية " التي اجتاحت الولايات المتحدة الأميركية و عددأ من الدول الأوروبية كانت وراء أندلاع ثورات الربيع العربي . فأنه رأي مثير للسخرية حقاً وينم عن جهل فاضح بمجريات الأحداث في الشرق الأوسط ، ويبدو ان بعض المستعربين الروس يستقون معلوماتهم من الأعلام الروسي وهو اعلام يساير السلطة عموما ويعبر عن وجهات نظرها في الأحداث الداخلية و الخارجية .
التدخل الأجنبي :
المؤلفون ركزوا أيضاً على الآثار السلبية للتدخل الأجنبي في الشؤون العربية .
و يقول المستعرب الروسي ( نائومكين ) في دراسته المنشورة ضمن المجموعة " التدخل الأجنبي في ليبيا و سوريا بسبب أشتداد الصراع في كل منهما ، بين النظام الحاكم و ( المتمردين ) ، يلقي ظلالاً من الشك حتى على المساعدات الأنسانية التي تقدمها الدول الغربية للسكان المدنيين . "
لاحظ أيها القاريء الكريم ، ان ( نائومكين ) ،( وهو خريج جامعة القاهرة في السبعينات من القرن المنصرم و عضو الأكاديمية الروسية حالياً و يتحدث بالعربية بلكنة روسية و الذي تستضيفه القنوات الفضائية العربية كثيراً، كمحلل سياسي لا يشق له ، كيف يطلق هذا المستعرب صفة " المتمردين " على الشباب العربي الثائر .
اما الباحث ( ايغورين ) فيقول في دراسته " أن الرأي الساذج الذي يصور أحداث لييا وكأنها صراع بين طاغية غريب الأطوار وبين دعاة الديمقراطية ، الذين تساندهم الدول الغربية ، غير صحيح ، لأن ما جرى في ليبيا كان صراعا بين قوى رجعية و بين أنصار نظام علماني يؤمن بـ(الديمقراطية الماشرة ) وان التدخل الأجنبي ادي الى تعميق الهوة في المجتمع الليبي ."
اذن الرجعية هي التي انتفضت ضد نظام ( الديمقراطية المباشرة ) للعقيد القذافي وضد العلمانية ، بدفع من الخارج ,!! كما يزعم هذا " الباحث "
قلب الحقائق لدى هؤلاء المستعربين و الخبراء ، أمر في غاية اليسر ، ولكن القاريء الروسي البعيد عن مسرح الأحداث والذي لا يهتم كثيرا بما يجري خارج روسيا ربما يصدق هذا الهذيان.
الموقف الروسي من الثورة السورية :
.وبصدد الثورة السورية تتحدث الباحثة " زفياغيلسكايا " "عن الدور ( الأيجابي ) لروسيا و الصين اللذان يدعوان الطرفين المتصارعين ( النظام و المعارضة ) الى أجراء حوار وطني لوضع نهاية للمأساة السورية ."
أما " فلاديمير أحمدوف " فيقول " بأن الجيش ،هو الذي يلعب الدور الرئيسي في سوريا تقليدياُ ، و ان هذا يفسر قدرة نظام بشار الأسد على الصمود ، على خلاف الجيش الليبي الذي خان القذافي." على حد تعبيره.
وكان احد كبار الساسة الروس المخضرمين وهو( يفغيني بريماكوف) ، الذي أسهم في الكتاب بدراسة مطولة غن الربيع العربي و السياسة الأميركية الحالية في الشرق الأوسط ، قد قال قبي مقابلة مع جريدة " البرافدا " ان الموقف الروسي من الصراع الدائر الآن في سوريا ، هو الموقف الأخلاقي الوحيد الصحيح .
تغيّر ميزان القوى في الشرق الأوسط
ويكاد كتاب المجموعة يتفقون " بأن الثورات العربية ، التى اسقطت عددا من الأنظمة العربية ، غيرت ميزان القوى في الشرق الأوسط ، ويتجلى ذلك في دخول تركيا النشط في الصراع من اجل النفوذ وبروز دور كل من المملكة العربية السعودية وقطر ، مما عززعدم اليقين في العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط ."
الربيع العربي وروسيا
يرى باحث من المساهمين في المجموعة "ان أهتمام الولايات المتحدة الأميركية بمصادر الطاقة في المنطقة قد قل بسبب توصلها الى بدائل جديدة، للطاقة التقليدية ."
ويقول باحث آخر" ان الأهمية الأستراتيجية للمنطقة و سعي الولايات المتحدة الي جذب بلدان آسيا الوسطى وجنوب القفقاز الى مشروع الشرق الأوسط الكبير ، يعقد العلاقة بين أميركا وروسيا . و في الوقت نفسه فأن حرب العراق أدى الى أضعاف النفوذ الأميركي وتعزيزالنفوذ الأيراني في المنطقة . و يتجلى هذا الضعف في مجال الأعلام في الدور المتصاعد لقناة الجزيرة، التي كسرت الأحتكار الأعلامي الأميركي في تفسير النزاعات و الأحداث في العالم . و عموما فقد مضى الزمن الذي كانت فيه اميريكا تنصّب و تزيح الحكام في بلدان الشرق في الوقت المناسب لها"
الكتاب يؤكد بأن الصحوة العربية يمكن ان تؤثر في أوضاع المناطق ذات الغالبية المسلمة في روسيا اذا تمكن الأسلاميون الراديكاليون من تنفيذ مخططاتهم في الشرق الأوسط ، وأن موجة التطرف ستصل جنوب روسيا و القفقاس وآسيا الوسطى .و لكن الباحثة (زفياغيلسكايا ) تعارض هذا الرأي وتقول " من المشكوك فيه ان يكون ثمة اساس للحديث عن سيناريو خاص خطط له من قبل القوى الخارجية ضد لروسيا على غرار الربيع العربي ، اذا فسرنا الحركات الأحتجاجية في الشرق العربي كنتيجة لمكائد الغرب ."
ثمة مخاوف روسية من تداعيات الربيع العربي السلبية وتأثيرها على ألأوضاع في الجنوب الروسي و القفقاس ، عبر عنها العديد من كتّاب المجموعة حيث يرى هؤلاء الكتاب :
" ان الواقع الجديد في الشرق الأوسط يمكن ان يضع روسيا امام تحديات جادة ، ولا يكمن ذلك في أسلمة الشرق الأوسط الكبير والمزيد من زعزعة الأستقرار فيها فقط، ، بل في التغلغل الأميركي في جنوب روسيا أيضأً .ان الولايات المتحدة تنظر الى كل حوادث لشرق الأوسط من منظور الصراع ضد إيران، ويرى ( يفغيني بريماكوف ) - وهو احد كتاب المجموعة - " ان الهدف الرئيسي لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة هو اضعاف النفوذ الأيراني وهذا ما يفسر سعي الولايات المتحدة لأسقاط نظام بشار الأسد في سوريا ، الحليف لأيران .وعموما فأن زعزعة الأستقرار في الشرق الأوسط القريب من الحدود الروسية و محاولة تغيير الأنظمة في سوريا وايران تجعلان من منطقة الشرق الأوسط مصدر مخاطر أمنية و أستراتيجية متزايدة بالنسبة الى روسيا مما يشجع الأخيرة على العمل النشيط للوقوف بوجه أستخدام القوة العسكرية في المنطقة "
جودت هوشيار
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
318 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع