سعد السامرائي
ماذا بعد ١٨ عشر عاما من كتابة المقالات.؟!
1- من المعروف أن كلمة قطيع تستخدم ضد مجاميع متخلفة او تابعة بدون تفكير وقرار لجهة غالبا ما تكون عدوا لبلد ما اويكون قطيع حكومة او حزبا او مذهبا أو حتى محاباةً ,لكننا اكتشفنا أن للمقاومة ايضا قطيع لا يختلف بكثير من جوانبه بالاتباع عن القطيع المضلل!.فعقل الانسان يتعرض لعاملين مؤثرين على سلوكه الانساني و يحددان ميزاته وافعاله , وتتمحور ماهية هذين العاملين حول (حاجة الانسان وتكوين ارادته) ,فالاحتياج الانساني يشمل كل ما يتعلق بفسيولوجية الانسان من حاجات للأكل والشرب والجنس و اللبس والاقتناء وغيرها مما تشبع وتحقق غريزته في البقاء وكذلك حب الشهرة والظهور والتميز , أما الارادة : فهي الدافع الفعلي للانسان للقيام بالاعمال والنشاطات والتصرفات وقد تؤثر على بنائها الحاجات رغم ان البعض يصف الارادة بانها جزء من حاجات الانسان فهي تتولد نتيجة الحاجات, فمن يعترض على الاحتلال الصفوي مثلا فانه يرفضه عقليا وبارادة باطنية تلقائية وقد يعمل من أجل التخلص من الاحتلال من أجل تلبية حاجاته بالعيش بكرامة وخصوصية مميزة او رفاهية .مثالا اخر: ارادتك تجعلك تقرر ان تأكل وليس بالضرورة ان تكون جوعانا جدا بل لان عقلك الباطن يعلم لأنه مبرمجا فطريا او نتيجة تجارب على انك ستجوع ان لم تأكل فتقوم بالتخطيط لاخبار الاهل أو عمل الطعام بنفسك او تقوم بشراء الطعام مما تملك او حتى انك تخطط لسرقة المال كي تشتري!..لا تعجبوا فالرشوة كثرت واتسعت قبل الاحتلال رغم ان عقوبتها كانت الاعدام وذلك بسبب الحاجة للمال ولأن عقلَ الكثيرون قد تم برمجته على ضرورة اسقاط الحكم الوطني حتى من قبل الغزو! , او تقرر شراء نوع خاص من السيارات لانها ستريحك بالتنقل أو انها تكلف اقل من التكسي ,لذلك فالانسان عادة يبرمج افعاله وتصرفات نفسه بناء على حاجاتها ليولد القناعة ثم الفعل.
في واقعنا كثير من العراقيين كان عقلهم الباطني مبرمجا من غير أن نشعر جديا بخطورة تلك البرمجة التي تولدت بتأثير رجال دين أوالتواصل السري او بالاعلام او تأثير دول الجوار التي تبث مواقفها الحسية المناوئة للحكم الوطني في عقول العراقيين او نتيجة العيش واخطاء الحكم ومشاكله لذلك فاثناء العدوان على العراق واحتلاله كان العقل العراقي مبرمجا طائفيا للتعاون مع المحتل !من اجل التخلص من الحكم الوطني والتشجيع على التمرد فعليه كانت خيانة الوطن والحزب والاشخاص شاملة وكبيرة . لا تزعلوا من هذه الحقيقة فخيانة الوطن تمت طائفيا ولا تزال لدى الكثيرين وقد تم تثبيتها تاريخيا.!
منذ بعد الاحتلال حاولنا في بعض مقالات مميزة نكتبها بروية وكذلك افعالنا على تغيير واعادة برمجة عقل اللاواعي للانسان العراقي قدر ما نستطيع رغم انه كان بشكل فردي او بمعية مجاميع كسبناها بعد سنين أو أن بعض الكتاب كتب بهذا الخصوص لانهم كانواايضا يشعرون بهذه البرمجة باسلوب او باخر.ورغم ان التأثيركان ضعيفا لسببين: قلة التوجيه بهذا الخصوص اوبسبب برمجة العراقي الوطني وغير الوطني منذ الطفولة طائفيا ووطنيا حتى اننا كنا نخشى كتابة ومناقشة الامور الطائفية كي لا نتهم باننا طائفيون رغم ان كل ما كانت تفعله حكومة العملاء واتباعها طائفيا بامتياز ,فكان لا بد الخروج من الصندوق فقمنا نبين طائفية الحكم ونكشف افعاله وكانت واضحة جدا . كنا ولا نزال نطلب اعادة كتابة كتب الوطنية منذ مراحل الابتدائية لاعادة برمجة العقول على حب الوطن والتخلص من النفس الطائفي الذي قاد كثيرا من العراقيين لخيانة الوطن وهذا ما لم يتم بنجاح لأن العدوا يركز تكرار على هذ الفقرة وعمل باسلوب مضاد يعزز برمجته الطائفية وتقديس المراجع الطائفية على الله وعلى حب الوطن , ولاستمرار خشية الكثيرين من هذا النوع من الطرح.
منذ أربع سنين وجدنا اننا نتعامل مع عقليات قد تحجرت فكان من الصعب جدا تغييرها او تليينها فكنا نرى الكثيرين مثلا قد الحدوا ولا يعترفون بوجود الخالق او باخلاق الدين ومفاهيمه ولكن كنا نراهم بنفس الوقت حين يحلفون فانهم يحلفون بالحسين والعباس! وكانوا لا يزالون يقدسون المرجعية التي خانت الوطن وامرت بعدم مقاومة المحتل فوجدنا ان من المنفعة التوقف او ان يكون طرحنا بسيطا على الجانب الطائفي وركزنا على الجانب الوطني وانه وطن الجميع فلماذا عملاء المحتل في الحكومة اصبحوا يملكون المليارات والشعب يشرب الماء المالح!ولا كهرباء عنده فجرى التركيز على الحقوق المدنية.. وقد اتت اكلها فالعراقي اليوم قد اكتشف بنفسه ان ما يجري ليس تعاونا طائفيا او حكما جعفريا بل احتلالا فارسيا مقيتا يكن الكراهية للعرب وكنا لا نترك فرصة سانحة للمقارنة بين تعامل الفرس مع العراقي سواء كان زائرا ام مسافرا للمتعة والاستجمام أو متعاونا مع الاحتلال ومع تعامل الفرس مع عرب الاحواز وان هذا سيكون مصيرنا كعراقيين بعد ان يتمكن الفرس من السيطرة الكاملة وتبديل التركيبة السكانية . كنا ايضا على سبيل المثال ندافع عن الرئيس الراحل وعن حزب البعث رغم اننا غير منضمين ليس لاعتقاد ان الحزب ملائكي ويخلوا من الاخطاء لكننا كنا نزرع بذرة ان الحكم والتبعية الاَن اسوأ من حكم البعث فشجعنا على المقارنة فالتمرد على حكم العملاء .
2- نكمل حديثنا عن عقل قطيع المحتل وقطيع المقاومة :قلنا اذن كنا نتصدى لأي اساءة للبعث او الحكم الوطني كي لا يتم اعادة برمجة العقل من جديد استغلالا للتركيز على اخطاء الماضي ونسيان الحاضر المرير فيهمل ما يحدث من جرائم وفضاعات وسرقات وقتل وتهجير فيهون عقل القطيع هذه الجرائم ولا يغضب ويعطي الفرصة تلو الاخرى للمجرمين بالاستمرار بفسادهم ( المضحك والخطير اننا تعرضنا لاطروحات كانت تدعوا لتحويل حزب البعث الى حزبا شيعيا !فوقفنا ضدها لأن موقفنا هو ضد الطائفية فاذا تم مراد خونة الحزب بمبادئه التي ترفض الطائفية و تنتهج شبه العلمانية او بتسمية أصح العلمانية العربية التي لا تنكر الدين بل تعتمد عليه ) فاذا نجح هؤلاء الخونة فان ذلك يعني ترسيخ للطائفية وزيادة القطيع مما يصعب التغيير .!
تحدثنا عن القطيع التابع للمحتل في الجزء الاول للمقال وننتقل هنا لنحدد ان هناك قطيع يصنف نفسه انه مقاومة نعم نحن نحدد وجود قطيع للمقاومة او المعارضة الذي يختلف مع القطيع الاول من حيث الهدف ويتشابه معه في مسلك طريقة الاتباع والترديد الببغائي, ونحن لا نخوّنه بصورة مباشرة كما هم يفعلون معنا رغم انهم احد اسباب اطالة أمد الاحتلال والعمالة لكننا نقول انهم لا يستطيعون استيعاب ما يرون ..اعطيكم مثالا تخيل نفسك في الغابة وفجأة ظهر عليك وحش فاول ما ستقوم به بصورة تلقائية هو الهروب منه لتنجوا ان لم يكن لديك سلاح , اما تفكير من على شاكلة قطيع المقاومة فهو سيحتاج وقتا طويلا كي يحلل هذا الحدث فيقول هذا وحش جائع وهو يقترب مني واكيد انه سيحاول ان يأكلني فماذا يجب ان افعل هل يجب ان اقف بدون حراك أوفعل وذلك سيجعل هذا الوحش يذهب او ان أغمض عيني فلا يراني!..الان برأيكم من سيلتهم الوحش ؟: الهارب ام الواقف ينظّر الحدث ؟! هكذا هو قطيع المقاومة هم لا يفعلون شيئا بل يعترضون على كل شيء وينظرونه!, بينما يفترض ان يتم تشجيع أي فكرة وأي تحرك سياسي يخدم القضية, ايضا تراهم تتكرر مقالاتهم وتحليلهم فيطرحون نفس الافكار هم فقط يغيرون لغة الحوار اما المادة العلمية فهي واحدة رفض الفعل من دون ان يعطوك حلا او يستطيعون الخروج من حا لة النظرية لانهم تحولوا الى معدومي الصلة مع الواقع أي انهم لا يستوعبوا الحالة التي نعيشها وسلبياتها وتأثيرها السيء المستقبلي اما بسبب انهم مفصولون عن الواقع المرير كأن ربما يعيشون بمكان بعيد عن العراق فلا تمسهم مشاكله او انهم يعيشون في بحبوحة فيخافون بعقلهم الباطن اذاما تحرر العراق مثلا فانهم قد يفقدون ميزة معيشتهم هذه وهذا واقع نفسي يفكر به من اعتاد عيشة معينة مستقرة . هذا القطيع يعيش حياة اتكالية ونظرية فلا يستطيع ان يقدم حلا ناجحا لانهم لا يمتلكون النية الصافية التي بها تتوحد المعرفة والفعل فما فائدة المعرفة من غير فعل ؟؟
لو أقترحت الان تنظيم (لوبي) يضم علماء نفس واجتماع اضافة للسياسين والكتبة من اجل التخطيط وتوجيه كتاب المقاومة والمقامة للتركيز على اهداف محددة لرأيت الاعتراضات تنطلق من القطيع يخرجون من هدف الفكرة وهل تنفع الوطن المحتل ام لا الى قشور تصرح بلماذا انت تكون الرئيس انا بروفيسور انا دكتور انا سياسي محنك انا مشهور ..رغم انني لم اطرح نفسي لأكون الرئيس فيرد لا انت تريد ان تكون الرئيس تريد بطرحك هذا ان تميز نفسك عن الاخرين !! (بالله هذا شتسويلة! ) وفعلا تم اتهامي بهذا القول بلماذا انت تختلف في مقالاتك عنا؟؟! هم لا يرون الفرق في مثلا انني أعمل و أكتب واني من اوائل دعاة ومحرضي الانتفاضة ومشجعيها بل صياغة اتجاهها لتكون وطنية وليست طائفية من اجل ان يشارك الجميع فيها ولكي لا يتفضل البعض على الاخر وأن القضية قضية وطن لا طائفة .. ولما انحرفت الانتفاضة أو خف تأثيرها بسبب قتل واسر قادتها وشراء ذمم اخرين قلنا ذلك,قلنا لا نفع من التظاهر السلمي بعد الان فالانتفاضة نجحت بقلب الرأي العام والشعب العراقي ضد حكومات الفساد ومرجعياتهم فالدوران بنفس الدائرة مضيعة للوقت والجهد والارواح فعليد يجب الانتقال للمرحلة الثانية فانقلبت السماوات والارض علينا لدرجة وصفنا البعض بالخيانة او العمالة ايضا !..
الاحزاب والتجمعات التي لم تشارك بزخمها غلطانة تاريخيا وقد قامرت بعدم اشتراكها رغم اننا كنا نذكر اسمها كمشاركين من اجل حثهم على ركوب موجة الثورة وقد شارك المنتمين اليها بصورة وجهد فردي او خلايا بسيطة سنتطرق لهذا الموضوع ربما لاحقا. نحن لا نتحدث عن معتقدات نريد ان نفرضها على الاخرين ولا نريد ان نثير بعقلية القاريء تجارب سابقة سلبية تعرّض لها ولا نريد ان نغير عقيدة البعض ممن تبرمجوا على التواصل المباشر مع الكيان العراقي والشعبي والتفاعل معه لكننا نسعى لتغيير البرمجة الخارجية الهدامة التي تسعى للسيطرة على خيراتنا ومستقبلنا .. ليتقبل كل ما يريد وليرفض كل ما يريد فالكل سيعيش تبعات خياراته ,لكن دعونا نبحث عما يحسن مصيرنا ونعيد هيبتنا ورقينا فلا تقفوا بوجهنا!.
من يصر على أن تستمر الانتفاضة سلمية هو مقامر بارواح الشهداء متعطش للدماء ( لا يستطيع ان يستوعب انها اصبحت مناطق للقتل وخسارة البشر ) وهويكتفي ان يتغنى بشهداتهم ولا دور اخر له سوى تعطيل الثورة أو التغييرفي مسارها او وضع المطبات فمن يصر ويبحث عن التاريخ ونظرياته وتجارب الشعوب نذكره بقول ( جيفارا :اتبعوا الوسائل السلمية في الثورة وعندما تستنفذوها فلا حل الا بالثورة المسلحة ) هل فهمتم ماهية البذرة التي نرميها الان.. فلنعمل من أجلها اذن ؟!!.
972 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع