سعد السامرائي
خيبة الأمل والأمل في العدالة، العراق وإيران
كعراقي، لا يمكنني فصل الماضي القريب عن الحاضر. لقد عانى شعبنا لأكثر من عقدين طويلين ونصف من جرائم إيران وعملائها، حيث استُنزفت مواردنا وموارد اجيالنا وتم إعادة العراق لعصر البهائم الذي انتمى اليه من خان عراقنا، وراح الأبرياء ضحايا لصراعات وأجندات فرضت علينا من الخارج ونفذها (لن نظلمهم حين نقول) حثالات تواجدوا على ارضنا وتم تسميتهم للأسف عراقيين. كانت السنوات الماضية مليئة بالألم والتدمير والمعاناة التي لا يمكن محوها بسهولة أو التسامح كلياعنها..
اليوم، وبعد كل ما عشناه، أجد نفسي أمام شعور مختلط. إنه خليط من خيبة الأمل في أن تفلت إيران من العقاب، والأمل في أن يأتي يوم تتحقق فيه العدالة. إلأمل في أن نرى إيران وقد عوقبت نتيجة أفعالها المباشرة على العراق والعرب وأن يُحاسب من تسببوا في هذا الألم الذي امتد طويلا .. لا أدعوا للفوضى ولا أبحث عن الانتقام الأعمى، لكن هناك رغبة حقيقية وصادقة في أن يتم وضع حد لهذه التدخلات وأن يُعاد لشعبنا حقه في تقرير مصيره بعيدًا عن أذرع الهيمنة من أي طرف كانت ونحن نردد اللهم اضرب عدونا بعدونا لأننا وصلنا لنوع من التفكك والضعف لا نحسد عليه فأملنا بالله في أن يحقق رغبتنا هذه.قولوا امين ! وربما تكون العدالة هي البداية لحياة أفضل للعراق، وللمنطقة ككل, اليوم أشعر بأن الغيوم بدأت تتبدد، وخاصة مع تصاعد الآمال بتحرر العراق من براثن الميليشيات المدعومة إيرانيًا فكل المؤشرات تقول إن ساعات الحشد الشعبي وربما سرقة ثروات العراق أصبحت معدودة، والقضاء على النفوذ الفارسي أصبح قاب قوسين أو أدنى في خطوات لعودة السيادة للعراق .
اليوم، أشعر بأنني في حالة من التوازن الغريب بين الهدوء والفضول. الصباح بدأ بنسمة هواء منعشة ولو كانت تحمل بعض الاتربة معها ، لكنها كانت تهمس بأفكار جديدة تريد أن تنفجر. ربما يكون هذا الشعور ناتجًا عن تراكم السنين و الأيام الأخيرة التي كانت مليئة بالتحديات والألم.
ففي ظل التوترات الأخيرة بين أمريكا وايران نتساءل جميعا عن احتمالات قيام حرب مباشرة بينهما تجعلها أمريكا حربا مدمرة على ايران ؟!وحين نقول احتمالات فإننا نعني قيام أو لا تقوم الحرب ,وبالنظر للعوامل السياسية والاقتصادية والإستراتيجية تتباين الاحتمالات ندرج أولا عوامل تزايد احتمالية قيام الحرب ونحددها هنا في :
1-إصرار إيران على محاولة انتاج قنبلة نووية ربما تظن انها ستحميها من أي هجوم مدمر بينما أمريكا وحلفائها الغربيون ودول عديدة مجاورة وبعيدة عن إيران يصرون على منعها لما يعرفون من انها دولة إرهابية لديها ذيول في المنطقة ينفذون اجنداتها بغباء أيديولوجي طائفي لا ينظرون لعرب الاحواز- وكيف ان الفرس يسرقون خيراتهم ثم يضطهدونهم رغم ان اغلبهم من نفس الطائفة – فيتعظون!.
2-رغم أن أمريكا والكيان الصهيوني قد بتروا ذيول إيران المؤثرة وهي تجهز على ما تبقى من قوة الحوثيين والحشد المحشي الذين سلحتهم ايران من أموال العراق، وكما نرى فلا نية صادقة لإيران من القضاء على الصهاينة ولا الانتصار على أمريكا لذلك هي تقاتل بقطيع اتباعها وتتخلص منهم الواحد تلو الاخر لأن هدفها هو كسب الوقت حتى تتمكن من انتاج قنبلة نووية. ولو كان غير ذلك لأمرت عبيدها بالهجوم المنسق الشامل بنفس الوقت .
3-التأثير السياسي الذي صنعه ترامب ومؤيديه من المحافظين الراغبين بتطويع ايران لإرادتهم كما فعلوا مع أوكرانيا قد تدفع أمريكا لشن حرب مدمرة على ايران ان رفضت هذا الانصياع..
ثانيا -هناك إذا عوامل معاكسة تقلل من احتمال قيام الحرب وهي::
ردود الفعل الدولية فرغم ان أمريكا جمدت رد فعل روسيا الا ان الصين وكوريا الشمالية لا تزالان ترفضان فكرة شن هجوم مدمر على إيران. وابدت تركيا عدم الراحة لكني أتوقع أن لا يورطوا انفسهم في حرب عالمية نووية من أجل عيون الشيرازيات.!.
2- هناك تكاليف باهظة ماديا وبشريا قد تدخل أمريكا في صراع طويل الأمد كما يحصل مع روسيا لذلك فهي ربما تفضل خيارات بديلة مثل الابقاء على العقوبات الاقتصادية وبما أن ترامب يرفع شعار تحسين الاقتصاد الأمريكي فانه رغم تهديداته والعاب القوى التي يمارسها من ارسال حاملات طائرات واسلحة قريبة للمنطقة الا أن ايران قد ترضخ في النهاية مقابل الإبقاء على صناعتها النووية كما تعتقد في انتظار طريقة للتحايل وانتظار المفاجأة الدولية التي قد تحدث فتتمكن من إعادة ترتيباتها لا سيما وانها اكتسبت الخبرة اللازمة لكنها ستواجه مخاوف من أن يقوم الكيان الصهيوني بتدمير ما ستبقيه أمريكا من مشات ذرية حيث صرح النتن من أمريكا بضرورة ان يتم تدمير كل منشات ايران النووية وانها لن تسمح لها بامتلاك سلاح نووي لذلك فهذا التصريح بالتأكيد سيكون أحد بنود المفاوضات المباشرة بين أمريكا وايران في سلطنة عمان.وربما سيتم تفكيك صناعتها النووية كما تم مع ليبيا حيث اخذت ما فككته!
كلنا نأمل أن تفشل المفاوضات!، لسنا من محبي الفوضى او إراقة الدماء لكن هي النفس المكلومة التي تأمل ان يجبر الله بخاطرها وان ترى ما فعلته إيران من جرائم قتل في العراق وتدمير يعود عليها بالمثل. وألا تذهب الأرواح التي تم تعذيبها وقتلها دون حساب لقاتليها.
في النهاية، مزاجي اليوم هو مزيج من الامتنان والتأمل والتشاؤم. لكنني أشعر بأنني على استعداد لتقبل ما يأتي، سواء كان فرحًا أو تحديًا. لأن الحياة، في النهاية، هي فن التوازن بين ما نعرفه وما نجهله وهي مدرسة نأخذ منها العبر ..
1066 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع