ابراهيم فاضل الناصري
الإلياذة الناصرية (ضوع المجامر في وصف تغريبة البو ناصر)
هكذا قد تكلم هوميروس تكريت، مجيزا لمخيلته التي تحرزها طوايا راسه المكتنز بعلوم الأوائل، لان تضوع بشيء من الهذيان الذي يثني وتر الوجدان، ويُطلِق سهمًا عبر قوس المعان. فكان أول من يترجم وصف أوديسيوس، المعتكف في اخر ردهات الأوان. بلى وتالله هكذا قد تكلم هوميروس العجوز، وكان فؤاده الذي بين أضلعه ينبض زاجلا بما صار يقوله لسانه إذ إنه حينما ألَّف الالياذة لم يَرْوِ جميع حوادث حياة أوديسيوس، فكانت ثمة مروية لم يصدح بها بعد:
فلقد استأنف مرويته التالدة بالقول: ان (البوناصر) هو اسم عشائري يوحي للبعض عنوانا للغلظة والكبرياء والجموح والسطوة، ويوحي للبعض عنوانا لشدة المراس والصلابة والانفة والثورة وعدم الانقياد، بيد انه في قرارة أمره هو اسم لسربة عشائرية عراقية عربية سنية، قاعدة تركزها وبلدتها الام تكريت، عشيرة ليست مجهولة الاصل ولا مطعونة الفصل، بل هي دوحة تتحدر من ارومة عدنانية كما ثبت عنها من تقارير فحص الحمض النووي وكما جاء عنها في عدد من مشجرات ووثائق النسب. عشيرة اسم جدها الجامع في كتب الاحساب هو مير ميران ناصر او كما جاء عنه الأمير احمد ناصر الدين الصيادي الرفاعي، وليد البصرة الفيحاء في سنة 885هجرية، ونزيل حلب الشهباء في سنة 919 هجرية، ونزيل تكريت ام الاولياء بعد عام 945 هجرية، ثم دفين احدى تربها الطاهرة في سنة 960هجرية. الفارس الذي جاء عنه كونه صاحب البطولات والمآثر الجحجاح ناصر. عشيرة ليست خاملة الذكر، وانما اسمها قد تكرر في طوامير المآثر والوقائع والفخر للقبائل والسرب والعمائر. عشيرة ليست قلقة او سيئة الصيت بل ان صيتها مشهودا له من قبل الغرباء قبل الاقرباء ومن قبل الاعداء قبل الأصدقاء، ولعل ما جاء عنها في اخر اعداد سالنامات بغداد والموصل الرسمية وفي السالنامة العلمية للدولة العلية العثمانية لهو يكفي لبيان صيتها الممدوح. عشيرة ليست دخيلة على تكريت او حديثة التوطن فيها وانما عرفتها رحاب تكريت منذ عام 1534م /945هـ من عهد جدها الجامع الأمير ناصر.
هي عنوان سيادي، برزت وتشيخت وحكمت في الشام وفي العراق غير مرة. فمنها انسل رؤساء البلديات في كرخ بغداد ورؤساء بلدية تكريت واليها ينتسب جلبية الموصل وافندية البصرة وشاهبندرية دمشق وبيكات كركوك واعيان في العهد الملكي وسعادات العهد الجمهوري.
وهي رحم طاهر لنجب غرر مفاخر منهم القامة العلية السيد احمد حمدي أفندي نقيب اشراف الخمس بلدات في سجف الدولة العثمانية والسكماني ذا الصيت المدوي الطوبجي حسين العليوي
وهي عنوان ارومي النسل لم يعرف الاستكانة ولا الراحة ولا الكسل، منذ تكونها كأسرة حتى تشكلها كعشيرة ثم صيرورتها كسربة كبيرة، انما كانت على مر مراحل نموها عترة مقدامة تلاوي الرزايا وتتحدى المنايا وتقهر عجف البلايا. وهي عنوان لمكون قرائبي اعتاد على التعرض للظلم من المتسلطين وعلى المطاردة والاجلاء من المحتلين. ذلك لان افرادها طالما كانوا مجبولون على رفض الذل والخنوع، اصحاب قضية، لا ينامون على ضيم، لا يقبلون بالمهانة، العزة تقطر من انوفهم والكبرياء يتلبسهم وشده المراس دائما هي مظهرهم، وصيت (الرجولة) هو عنوان سربتهم
فقد عاصرت في دورة حياتها كعصبة قرائبية جملة من الاحتلالات والغزوات ولكنها ما كانت تبعا او ذيلا او اداة عمالة لاحدا منهم. بلب بالعكس فهي كثرما وطالما قد كانت شوكة في عيونهم وقلقا موجعا لهم. يخشى منها ويحسب لها الف حساب .ولعل وقوف جدها الجامع الامير ناصر في وجه هجمة الصفويين على البصرة في عام 1508م ثم مشاركته في فتح بغداد تحت راية السلطان الفاتح سليمان القانوني في عام 1534م لهي خير مثال على لك كما ولعل تصدي ثلة من اجدادها الابرار (الامراء الاشقاء عمر و شبيب وفياض ولطيف وعلي ) لاحتلال بغداد من قبل اسماعيل الصفوي في العام 1638م كذلك تحديها كعشيرة بقيادة ابنها البار المير عمر بيك الأوسط لغزو نادر شاه لتكريت في العام 1745م وافشال نواياه ثم دفاعها بقيادة ابنها البار الشيخ الصنديد رجب العبد الحميد عن حياض تكريت من غزو محلي قد بات يخيم على ابوابها في الحكم العثماني غير المباشر فضلا على ثورتها في عام 1908 م كلحمة قرائبية على حكام الاتراك في تكريت (دقة البيجات) بقيادة ابنها البار الشيخ مسلط العمر بيك يؤازره ابن اخوه الفارس احمد الخطاب مقدمة بذلك عدة شهداء ومعرضة جمعها للحيف والظلم والاجلاء القسري عن ديارها عدة سنين. ايضا مقارعتها للغزو البريطاني للعراق عام 1914م بقيادة ابنها عضو مجلس الاعيان وعضو مجلس المبعوثان عبد الرزاق منير ومن ثم كفاحها ضد وجوده بقيادة ابنيها الفارسين الشيخ احمد الخطاب والشيخ ندا الحسين، وتعرض ثلة من رجالها للنفي الى جزيرتي سيلان وهنجام واستشهاد بعضا منهم على يد الإنكليز لهو خير امثلة على ثوريتها وعلى عدم خنوعها للظالمين.
انها عشيرة لم تنصف من القريب قبل الغريب ولقد ظلمت كثيرا، اذ قد اخذ البعض عليها مآخذ هي ليست عليها وألصقوا فيها تهم هي بريئة منها هذا لأنهم اخذوا عليها بالشبهات فتقصدها البعض حقدا والبعض الثاني حسدا والبعض الثالث جهلا متناسين ان منها توفيق العبد الغفور الغيور ومنها عبد الكميت الذي صينيته بالصيت ومنها محمد القرة احمد صاحب الحنكة المتفرد
لقد باتت سبة عليها انها اخرجت من صلب رحمها رئيسين لدولة العراق، هما الرئيس احمد حسن البكر والرئيس صدام حسين، سليلي أحد أعمدتها الخمسة وهو الامير شبيب بن حسن لا بل انها قد اخرجت اربعة رؤساء إذا ما علمنا ان رئيس سوريا الاسبق الرئيس امين الحافظ هو من حفدة السيد قاطع ابن الامير شبيب المذكور كما وإذا ما اخذنا بالمثل الشعبي القائل (ثلثين الولد عالخال) ثم علمنا ان الرئيس عبد السلام محمد عارف والدته انما تتحدر من هذه العشيرة.
ولقد اتهمها بعض من ظلمها في انها منبعا للإرهاب، علما ان الارهاب ليس له اهل معينين ولا هو محددا بقبيلة معينة او بدولة معينة او بمدينة معينة، وإذا ما كان افرادا معدودين منها قد انخرطوا فيه، فلقد كان لمن اتهمها حضورا بائنا وثقلا خطيرا فيه لكنها الكراهية والترصد.
ولقد جار على هذه السربة الأبعدين وسكت عن نصرتها الاقربون وتشفى فيها الحاسدون وتنكر لها من كان يتباهى بقرابته منها وتنصل عن انتسابه لها من كان محسوبا عليها، علما انها قد كانت نافعة لهم وطيبة معهم مفضال عليهم. وبخل عليها كثر علما ان خيرها عليهم سابق وعندما اقول خيرها وفضلها عليهم فلأنها في عهد تمكنها انما كانت اناء فوار مدرار خيرها لغيرها.
وبعد هذا وذاك، قد جهل القوم الحاقدين على هذه العشيرة والحاسدين لها والمتربصين فيها، انها: (رحم ولود، قد انجبت واخرجت من له فضل وخير عليهم او من له عطاء بينهم من شيوخ وذوات ومفكرين، علماء واعلام واخصائيين ومحترفين، كتاب وشعراء ورسامين، ادباء وصحفيين ورجال اعلام وفنانين، ضباط جيش وشرطة وطيارين. اطباء وصيادلة ومهندسين، قضاة ومحامين، خبراء وصناع ومهرة ومخترعين. قادة وتجار ومحاربين، دبلوماسيين ورجال دولة وسياسيين. اساتذة ومدرسين ومعلمين، رجال اقتصاد وعلماء اجتماع ورجال دين. وزراء وسفراء وقناصل دول ومدراء مفوضين. واخيرا فحسب هذه العشيرة اليعربية هو قول الشاعر العروبي المفلق:
أولئك ابائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
874 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع