عراقيون في الخارج

د.ضرغام الدباغ / برلين

عراقيون في الخارج

قرأت أن شاباً عراقيا يعالج أثر مرض في دولة عربية، فأحتاج لمبلغ من المال لم يكن بحوزته، فطلب من موظف المستشفى أن يخرج للشارع ويطلب المال من أي عراقي يصادفه، وفعلاً تمكن الموظف بسهولة أن يجد شابان عراقيان يمران بالصدفة، تعرف عليهما من لكنتهما العراقية، وقال لهما أن عراقيا يرقد في المستشفى وبحاجة للمساعدة، فخف الشابان للمستشفى، وتعانقا مع العراقي، وكانا قد جلبا معهما فواكه، وقدما المال اللازم لإدارة المستشفى وكان نحو 150 دولار، وجلسا يتحادثان ويمزحان مع الشاب العراقي، وعندما نهضا ليغادرا، وضعا تحت وسادته بصمت أكثر من 1000 دولار. هذا التصرف أذهل موظفي المستشفى بهذه المساعدة والكرم الأخوي.
قرأت هذا بالأمس وأعترف أنها هزتني بشدة ... وتذكرت أننا في وزارة الخارجية، كنا نقدم العون في مثل هذه الحالات الطارئة، ونقدم المساعدة المالية، وتسترد حين يعود العراقي للوطن. ويطلق على المعاملة (مساعدة معوز) وفد قمت بها أكثر من مرة خلال خدمتي الدبلوماسية.
أذكر أني بعد خمسة سنوات من الاحتلال الذي لم يحتل نفوسنا وابقانا عراقيين بحمد لله، كنت أسير في أحدى شوارع مدينة عمان الرئيسية، (الجاردن) شاهدت شابا يركض ويعبر الشارع العريض ويتجه نحوي، ووقف أمامي وقال " أنت عراقي مو ....؟. فأجبته نعم .. فقال " انطيني 15 دينار محتاجهم " فمددت يدي وأعطيته المبلغ، فنظر إلي دون انكسار في عينيه وقال " هذا حقي عليك .. مو منية منك .. آني عراقي .." فأجبته بود " لا مو منية أنت أخي ... وتدلل ...". والله فرحت من كل قلبي لأن هذا العراقي طلبها مني وليس من غيري ..
ومرة قبل سنوات كنت أسير في ساحة الكسندر بلاتس Alexanderplatz ببرلين، تقدم نحوي رجل ربما في الأربعينيات من العمر، تبدو البساطة في مظهره، وقال لي بثقة " أنت عراقي ..؟ قلت له نعم تفضل ... قال أعطيني 20 يورو لأتغدى بها .. وبدون تردد أعطيته المبلغ وقال يصعب علي أن آخذها من شخص غيرك، أشكرك ..
تذكرت صديقي الشاعر المرحوم شريف الربيعي الذي كتب في قصيدة له يصف وجعه العراقي متوجعاً متألماً ..... " فأنت أينما حللت في دمي .... " .
نعم ... أنت أينما حللت في دمي يا عراق ... إلى آخر يوم في العمر في عناق أبدي ..

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

676 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع