" القبولات(المجالس) والنوادي الاجتماعية مرآة عكست واجهة المجتمع البغدادي الحضارية"
لا غني للبشر عن بعضهم البعض في هذه الحياة، فلا يستطيع الإنسان العيش حياته وحيدا، ولا بد من مشاركة الغير في الأمور الحياتية، ولهذا فان حب العلاقات الاجتماعية والتطلع نحو حياة منفتحة عند اهل بغداد موروث فيهم عبر التأريخ ولشدة التباين فيما مر بهم من احداث بين مجد رفيع وحسن عيش واقتتال وغزو وفيضان، كل ذلك لم يمنع مشاعرهم الاجتماعية الجياشة نحو تحولات الحياة وتشعباتها التي تشهد تطوراً مع الزمن، كما لم يكن المجتمع الأهلي في العراق يوماً بعيداً عن التوجه الثقافي والاجتماعي، فقد حمل المثقفون منه راية العلم والتنوير،حيث يدفعهم انتماؤهم على العمل الدؤوب من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، ونشر الوعي على اختلاف أنواعه ومشاربه، ليكون وطنهم دائماً في مصاف الأمم والشعوب، فمع التحولات الاجتماعية العديدة التي جرت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ومع تكوين الدولة العراقية، الفترة ما بين دخول الانكليز وانشاء اول نادي اجتماعي كانت قصيرة، فالنوادي هي ثقافة انكليزية بالمعنى الاجتماعي، حيث ان الانكليز كانوا يعلمون بأن هناك طبقة اجتماعية مثقفة وعسكرية درست في اسطنبول، تجمعهم أهداف ومبادئ لتحقيق نهضة ثقافية تارة، وتجمع اجتماعي تارة اخرى، وكثيرون استطاعوا أن يجمعوا بين الاثنين معا، ففكرة المنتديات الأجتماعية إذاً موجودة ، كان مجيئ الانكليز للعراق مخططاً للبقاء والاستقرار مثلما حصل للهند، ارادوا تعميم الحياة الانكليزية، لكن ذلك لم يحصل، فبداية المنتديات الاجتماعية كانت انكليزية، سرعان ما تطورت القبولات والنوادي واصبحت ظاهرة اساسية للمجتمع، ثم بعد ذلك اخذت بالتعمق لقطاع واسع من الجمهور العراقي،القبولات والنوادي والجمعيات والمنظمات والتجمعات الثقافية والفنية والاجتماعية والنقابية في العراق اغلبها كانت تطوعية لايبتغي اعضاؤها الربح، وكانت تقدم خدمات لمن يستحقها من الناس، وكل ما كانت تهدف اليه ان تكون مكملة لمستلزمات الدولة المدنية العصرية، ان النوادي الاجتماعية هي ذات صبغة تخصصية وجدت من أجلها أصلا لألتقاء منتسبي تلك النقابات والاتحادات والجمعيات على صعيد الأفراد أو العوائل والاحتفاء بمناسباتهم الخاصة المهنية والعائلية.
تعد القبولات "المجالس" والنوادي الثقافية والاجتماعية، من أبرز الوسائل التي تساهم في تنمية المجتمع وتعريف أطيافه بما يدور حوله، وفي توجيه وتنمية الحياة الادبية والمعرفية الثقافية والعلمية والاجتماعية لدى المجتمع، وكذلك توعية المواطن بمسئولياته الاجتماعية والثقافية والسياسية والإعلامية والفنية داخل المجتمع، بالإضافة إلى دعم المواطنة وتحقيق الترابط الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد، فظهرت هيئات وتشكيلات اجتماعية وتنظيمية جديدة وذلك في المجال الاجتماعي الاهلي، فالنوادي الاجتماعية دور بارز حيث يهدف إلى تعزيز عملية التنشئة الاجتماعية التي تكفل تعايشهم مع المجتمع وذلك من خلال الفهم السليم للمجتمع وقيمه بما يترك أثرا على اهتماماتهم وسلوكهم ويجعلهم يتقبلون ذاتهم ومجتمعهم ويتوافقون مع عاداته وتقاليده، فتقاليد العراقيين في القديم والحديث توجب أن تكون سهراتهم في البيوت، وسهرات البيوت في العراق القديم وجدت خلفاً سعيداً هو سهرات الأندية في العراق الحديث، قد كانت العوائل البغدادية في العقود الماضية، تحاول أن تجد لها أماكن لهو وسهرات وأمتاع للنفوس في حين كانت العاصمة آنئذٍ تقدم للبغادة خيارات كثيرة وأماكن متعددة يستطيع الفرد أن يختار بسهولة من بينها ما يناسبه في السهر أو اللهو وكانت ساعات السهر في هذه المدينة تمتد احياناً حتى الفجر، فالبغداديون توارثوا حضارة العلاقات الاجتماعية منذ القدم، اما بالنسبة لذكرهم جميعاً، وحتى ان كان ممكناً، فهي تحتاج الى اكثر من مقالة، ولهذا رأينا ان نهتم خاصة بالبارزين منهما.
نوادي القبول"المجالس":
وهو يوم من أيام الأسبوع ينتظر فيه الرجل زائريه في الصباح أو في المساء، إذ تعد حفلات القبول"المجالس" مدارس لها تأثير في توجيه الحياة ألادبية والفكرية والسياسية والاجتماعية، اي بمعنى لم تكن الاحاديث تقتصر على مطارحة الشعر ومناقشة امور الادب والدين واللغة بل تتناول المستجدات السياسية وصفات العراقيين وسجاياهم وتقالديهم وعاداتهم، فهي مدارس عالية أشبه بجامعة يتخرج منها ذو العقول النيرة، ويلتقي في هذه المجالس رواد العلم والثقافة ورجال الدولة والسياسة والتجار وأصحاب الحرف والمهن المختلفة، ومعظم هذه المجالس لها يوم خاص ، وبعضها مفتوح مساء كل يوم بعد صلاة المغرب، والبعض الآخر صباح يوم الجمعة حتى صلاة الظهر، وقسم آخر عصراً.
- مجلس أسرة السويدي برئاسة ناجي السويدي في محلة خضر الياس، استمر حتى وفاته 1943.
- مجلس طه الهاشمي في محلة البقچه في الميدان.
- مجلس الشاعر معروف الرصافي مجلس متميز بين مجالس الادب والشعر والقريض، أقامه في مناطق متعددة من بغداد في مقهى الشط في محلة المصبغة وفي مقهى عارف آغا في محلة الحيدر خانة بشارع الرشيد وفي مقهى امين الواقعة عند مدخل شارع حسان بن ثابت، وفي فصل الصيف في مقهى الرشيد الواقعة على نهر دجلة بالباب الشرقي وفي الاعظمية وفي محلة السفينة، وكان رواده لا يخرجون منه إلا والنشوة تغمرهم بما يتخلله من نكات وظرائف استمر حتى وفاته 1945.
- مجلس آل المتولي في بغداد وسلمان باك وبعقوبة.
- مجلس المفتي الجعفري المرحوم الشيخ شكر وهو من اعلام الكرخ وتولى ادارة المدرسة الجعفرية في العبخانه عند تأسيسها بداية القرن العشرين.
- مجلس الدكتور ناجي الاصيل كان يستقبل فيه الباحثين والآثاريين والعلماء والادباء من العراق والبلدان العربية والاسلامية والمستشرقين والمختصين بالآثار القديمة.
- مجلس رئيس الوزراء حكمت سليمان.
- مجلس آل الشبيبي بزعامة جواد الشبيبي ونجليه من بعده محمد رضا الشبيبي ومحمد باقر الشبيبي اشتهر مجلسهم بالاهتمام بالادب والفقه والحديث والتفسير والشعر يحضره الوزراء والعلماء والادباء والشعراء في دارهم الواقعة بالكرادة الشرقية على شاطىء دجلة.
- مجلس قاسم محمد الرجب في مكتبته.
- مجلس آل الدفتري الذي قام به المحامي محمود صبحي الدفتري، أسبوعيا عرف بصالون الجمعة يعقده عصرا في داره الواقعة في محلة الحيدرخانة لبحث القضايا التاريخية واللغوية والاقتصادية والسياسية تتخللها الظرائف والمداعبات والنكات فتزيد المجلس لطافة وظرافة.
- مجلس عباس العزاوي المحامي في مكتبه القريب من جامع الخفافين يتردد عليه المهتمون بالانساب والقبائل العربية.
- مجلس الأسرة الكيلانية الذي يعقد في الديواخانه قرب مرقد الشيخ عبدالقادر الكيلاني.
- مجلس آل الصدر برئاسة السيد محمد الصدر في داره الواقعة في الكاظمية.
- مجلس الدكتور عبد المجيد القصاب في داره الكائنة في محلة كرادة مريم ، يعقده مساء كل يوم جمعة يختلف اليه المفكرون والادباء والاطباء .
- مجلس آل الخضيري الذي كان يديره التاجر ياسين چلبي الخضيري يحضره التجار والادباء والعلماء ويتردد عليه الفقراء ويختلف اليه الظرفاء فيزيدونه متعة وحيوية
- مجلس آل بابان وكان ابرز من ترأسه جمـال بابان وجـلال بابـان.
- مجلس الجوربجي في رأس القرية.
- مجلس عبد الرحمن الزبير.
- مجلـس كاظـم الدجيلـي.
- مجلـس السيـد حازم المفتي.
- مجلس محمد القبانجي عميد المقام العراقي.
- مجلس توفيق الفكيكي.
- مجلس آل جميل.
- مجلس فهمي المدرس.
مجلس آل الشيخلي.
-مجلس رشيد العبيدي في سفينة الاعظمية.
- مجلس الخطاط هاشم محمد البغدادي يعقده في يوم الجمعة يختلف اليه هواة الخط.
- مجلس الشاعر محمد صدقي الزهاوي، وكان مجلسه يحفل بأهل العلم والأدب، وأحد مجالسه في مقهى الشط وله مجلس آخر يقيمه عصر كل يوم في قهوة رشيد حميد في الباب الشرقي من بغداد.
- مجلس محمد بهجت الاثري يحضره العلماء والادباء والشعراء .
- مجلس الدكتور احمد سوسة يحضره المؤرخون والباحثون والاثاريون والمهندسون والمفكرون والادباء.
- مجلس طه الراوي في الاعظمية.
- مجلس آل الربيعي كان يديره امير اللواء حسيب الربيعي في محلة العاقولية في جانب الرصافة.
- مجلس الدكتور مصطفى جواد.
- مجلس بيت الباچه چي ومنهم حمدي الباچه چي ومزاحم الباچه چي.
- مجلس السيد هبة الدين الحسيني.
- مجلس الحاج حسين الشعرباف في الكرادة الشرقية كان ملتقى للادباء والشعراء يحضره الوزراء والاطباء والمدرسون واساتذة الكليات وطلاب العلم والتجار والموظفون ورجال الدين لما امتاز به صاحب المجلس من ادب رفيع وخلق حسن ونشاط اجتماعي.
- مجلس العلامة محمود شكري الالوسي في الاعظمية، كان ملتقى للعلماء ورجال الفكر والثقافة.
- مجلس آل شاكر. في الكرخ
- مجلس الملا عبود الكرخي في داره ويجتمع فيه الصحفيون والادباء، وتشيع فيه النكتة والظرافة .
- مجلس الصحفي روفائيل بطي مساء يوم الاحد من كل اسبوع في مقر جريدته البلاد .
- مجلس الاب انستاس ماري الكرملي كان يعرف بمجلس الجمعة في دير الاباء الكرمليين في محلة سوق الغزل يحضره العلماء والادباء والمؤرخون والوزراء من عرب ومستشرقين .
- مجلس يعقوب سركيس في داره في محلة المربعة على نهر دجلة يتردد عليه جمع كثير من العلماء والادباء والصحفيين والكتاب والباحثين والمهتمين بشؤون التأليف والتصنيف .
- مجلس آل عواد ترأسه الشقيقان كوركيس عواد وميخائيل في دارهما الكائنة في كرادة مريم.
- مجلس آل غنيمة برئاسة يوسف رزق الله غنيمة، ومجلس الـ عيسائي، ومجلس الـ مسكوني، ومجلس آل اصطيفان، ومجلس آل جرجي، ومجلس آل نازو، ومجلس آل الشيخ.
- مجلس مناحيم دانيال في محلة رأس القرية على نهر دجلة استمر حتى وفاته عام 1940 خلفه في إدراة المجلس ولده عزره مناحيم دانيل.
- مجلس مير بصري.
- مجلس الشيخ قاسم القيسي مفتي بغداد في داره على شاطئ دجلة في الاعظمية يحضره كثير من الأعيان والعلماء والكبراء ورجال الفكر والثقافة.
- مجلس بيت سند في الاعظمية.
- مجلس السيد أحمد خطيب الاعظمي .
- مجلس بيت متولي الاعظمية.
- مجلس الدكتور كمال السامرائي في الاعظمية.
- مجلس الشيخ نعمان الاعظمي، ومجلس السيد أمين الاعظمي، ومجلس حمدي الاعظمي، ومجلس الشيخ محمد القزلجي.
- مجلس الشيخ نجم الدين الواعظ.
- مجلس الشيخ عبد القادر الخطيب، ومجلس حمدي الاعظمي، ومجلس الدكتور سليم النعيمي.
- مجلس الدكتور خالد القصاب في كرادة مريم.
إضافة إلى الصالونات النسوية من اشهرها صالون سليمة مراد وصالون الفنانة عفيفة اسكندر الذي كان يقع في الكرادة / داخل ويحضر فعالياته واماسيه وجلساته الرجال وكان من روادهما الدكتور مصطفى جواد والدكتور علي الوردي وسالم الالوسي وفؤاد عباس والموسيقار سالم حسين الامير وغيرهم من رجالات الفكر والادب.
وبجانب حفلات القبول تقام سهرات الصحفيين في دور الجرائد والمجلات، وهي سهرات ليلية جميلة إلى أبعد الحدود، في جريدة (العراق) وجريدة (البلاد) وجريدة (الهدف) وجريدة (بغداد).
نادي العلوية:
قام الميجر ولسن المعمار البريطاني والذي كان يشغل مدير الاشغال الحكومية في العراق، بتصميم نادي العلوية في عام 1921 بطلي من المس غروترود بيل،وهو نادي اجتماعي ثقافي رياضي تأسس عام1924 على بقعة جميلة على ضفاف دجلة من رصافة بغداد، ضم العوائل الانكليزية والاجانب من الهيئات الدبلوماسية وصفوة من العوائل البغدادية ثقافياً وسياسياً ومجتمعياً، يعتبر من اقدم هذه النوادي الحديثة واكثرها شهرة حيث اقترن بتأسيس العراق المعاصر، اصبح صرح ثقافي واجتماعي كبير لا ينفصم عن تاريخ بغداد واهل بغداد، ضم النادي موقف سيارات مظلل وساحة كبيرة مخصصة لوقوف سيارات الأعضاء ومبنى الإدارة يضم مكاتب الإداريين ومكتب الإشتراكات وقاعة الأعراس والمناسبات وهي قاعة كبيرة تضم مسرحا كذلك مطعم وبار وتقام فيه عدة نشاطات ثقافية كالفرق الموسيقية وفرق الجالغي البغدادي و(القاعة الشمسية) وهي مكان للجلوس والإسترخاء تحت اشعة الشمس و(المكتبة) و(الحدائق الواسعة) و(10 ملاعب التنس) مع مدربين لتعليم التنس اما القسم الأكثر إقبالا عليه فهو قسم (المسابح) كما يضم " مرقصا " وملاعب لكرة الطاولة إضافة لساحة تضم ألعاب الأطفال التي تقع خلف النادي، كانت الكاتبة العالمية اغاثا كريستي تكتب رواياتها تحت شجرة ومن اشجار النادي، وكانت النساء تلعب البريدج في بعض من اركان النادي، والرجال يلعبون البليارد، كان ملتقى حفلات الشاي والمشوي ولا يمكن ان تقعد في السهرات الا وان يكون الكريم جاب حاضراً،استضاف النادي العديد من الفعاليات والنشاطات الفنية والمطربين والفرق العربية والاجنبية.
الباشا نوري السعيد وعدد من مرافقيه في النادي العسكري
النادي العسكري:
يعتبر النادي مؤسسة عسكرية ثقافية - ترفيهية رائدة، بدأ العمل في تأسيسه سنة 1922 بعد تأسيس الجيش العراقي بسنة، بمقترح من عدد من ضباط الجيش العراقي الذين كانوا في الجيش العثماني او وقعوا في اسر بريطانيا واطلعوا اثناء الحرب العالمية الاولى على نوادي الضباط التي اسسها العثمانيون والانكليز، وحاولوا تأسيس نادٍ يشابه تلك النوادي، كان يقوم بتأمين حاجات الضباط وعائلاتهم ومقتضيات حياتهم الاجتماعية، ويستقبل ضيوف القيادة العامة من العرب و الأجانب و أسر الشهداء، وتقام فيه الندوات العسكرية - السياسية والإستراتيجية كما تقدم العروض والبرامج الفنية والترفيهية وحفلات الزفاف للضباط و عائلاته، واستمر النادي في مكانه مجاور القشلة باطلالة على نهر دجلة، وكان هناك في النادي زوج من (البجع الأبيض) وهو طير نادر لم يره أهل بغداد وكانوا يأتون للتفرج عليه، ثم أضيف إلى البناية بعض الغرف في الطابق الفوقاني لاستراحة كبار الضباط عند مجيئهم إلى بغداد، أما للاعمال الرسمية او لقضاء اجازة قصيرة واشتهر النادي بالأكل النظيف والخدمة الجيدة التي كان يقوم عليها بعض المراتب من الجيش،يقول الأستاذُ الدكتور زكي مبارك علم من اعلام الادب والمعرفة في العصر الحديث ، وهو مصري، درس في دار المعلمين العالية ببغداد، في مجلة الرسالة، واصفاُ النادي العسكري عند زيارته له: "هو نادي الضباط، وهو ناد له في ذهن الأستاذ الزيات تاريخ. فقد قال فيه كلمة لن ينساها البغداديون، فما هي تلك الكلمة؟ أظنه قال أنه كان يسمع فيه صوت السكون،وفي النادي العسكري سمعت نكتة عراقية: صحبني إليه رفيقان: أراد احدهما أن يدلني على الطريق، فقال الآخر: لن يحتاج الدكتور مبارك إلى دليل عند الدخول، ولكن سيحتاج إلى دليل عند الخروج!
فهل كان يعرف هذا الشقي أن نشوة الأسمار والأحاديث ستحوجني بعد السهرة إلى السؤال عن الطريق؟، في النادي العسكري يسهر جماعات من ضباط الجيش العراقي وهم رجال على جانب من العلم والأدب".
كان من رواد هذا النادي الملك فيصل الاول (رحمه الله) لكونه يتخذ من الدار الحكومية المجاورة للنادي محلا لسكناه وغالبا ما يلعب الملك التنس مع نوري باشا السعيد، كما كان من رواده ايضاً الملك غازي والملك فيصل الثاني.
انشئ ناد اخر لضباط الصف في حافظ القاضي مجاور الجسر في اطلالة على نهر دجلة ايضا، وفي التسعينات تحول النادي العسكري من مكانه في شريعة الميدان بين بناية وزارة الدفاع والقشلة واتخذ مكانا في منطقة الكسرة، وسمي بنادي القادة، تعرض للسلب والنهب و الحرق و التدمير بعد الاحتلال عام 2003 ولازال مهملا الى الآن.
النادي العراقي: وأسسه جماعة من الوزراء في الوزارة النقيبية الأولى سنة 1921 ليكون محلا للقاء الليلي وقضاء السهرات، وتم تأسيسه لاول مرة في محلة السنك وكان رواده من الباحثين عن الوظائف العليا كوظيفة وزير، وكان اعضاؤه يقضون لياليهم بلعب البوكر واحتساء المشروبات، وبعدها تبدأ المساومات والاتفاقات السياسية وتحول اسم النادي الى اسماء اخرى كنادي التقدم ونادي دجلة ونادي بغداد ونادي الزوراء، والسبب في ذلك هو ان هذه المجموعات من الناس تنقل من محل الى آخر ومن اسم الى اسم بالاهداف نفسها والغايات وينتهي كل نادٍ من هذه النوادي بسقوط الوزارة ويتجدد بتجدد الوزارة فيطلق عليه اسم جديد كما يشتهي الناس المؤيدون والناس المعارضون، فمثلا عندما كان عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء وشكل حزبا باسم التقدم كان اسم النادي التقدم ، وفي ذلك النادي تثار مشكلات متصلة بالعلوم والآداب والفنون، وتسمع فيه أغاريد ام كلثوم رغبة بالشاعر المفتون بأغاني أم كلثوم، هو السيد باقر الشبيبي.
نادي لورا خضوري: وهو نادٍ شيده السير اليعازر خضوري عام1926 على اسم زوجته، وقد كان اليهود لا يسمحون بانتماء غير اليهود لنواديهم، وهو ناد للطبقة الغنية، اما الطبقة الشعبية فكانت ترتاد المقاهي الواقعة في اماكن سكنهم، وكان محل النادي في السنك على جهة باب الشيخ واعضاء النادي من اليهود من كبار التجار والمحامين والموظفين، منهم المحامي يوسف الكبير صاحب المجلس الثقافي البغدادي المشهور ومدير عام الحسابات ابراهيم الكبير والكاتب والمؤرخ مير صبري والشاعر والمحامي والتاجر انور شاؤول ومدير الميزانية خضوري ومسؤول البريد سليم ترفي، وقد كانت هنالك ساحتان في النادي للعب التنس وقد استمر النادي حتى نهاية الاربعينيات وحصول ما حصل للعراقيين اليهود ومهاجمة الصحف للنادي بسبب يهوديته، حيث تم غلق النادي.
نادي المعارف "المعلمين لاحقاً":
أول ناد أدبي له تأثير في الحياة الثقافية في بغداد هو نادي المعارف، والمعتمد لهذا النادي هو السيد رشيد العبيدي، وهو أديب عراقي تخرج في مصر بمدرسة دار العلوم، ونادي المعارف هو نادي المعلمين، وفي النادي يلتقي المعلمون كل يوم، فيقرءون الجرائد والمجلات، ويتجاذبون أطراف الأحاديث، ويستعدون لاستقبال من يفد على بغداد من رجال العلوم والآداب والفنون ، كان النادي موصول الأواصر بأكثر البلاد العربية.
نادي النهضة النسائية: شهد العراق انفتاحا سياسيا واجتماعيا وفكريا من خلال تأسيس الاحزاب والجمعيات بعد تشكيل دولته الحديثة بزعامة الملك فيصل الاول، افتتح نادي النهضة النسائي في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1923 برئاسة السيدة أسماء الزهاوي شقيقة الشاعر جميل صدقي الزهاوي، ابنة مفتي العراق الشيخ أمجد الزهاوي ونعيمة السعيد زوجة نوري السعيد وماري عبد المسيح وفخرية العسكري زوجة جعفر العسكري، فبدأت الحركة النسوية العراقية نشاطها العلني من خلال هذه المجموعة من النساء المتعلمات المثقفات، وبدأت في نشر الافكار التي تدعو الى تحرير المرأة ومنحها حقوقها المجتمعية، والى التطور ونبذ التقاليد، ومحاولات لخلق مفاهيم حضارية جديدة للتحرير، والدعوة الى المشاركة في المؤتمر النسائي العربي، دعت اسماء الزهاوي عضوات النهضة النسائية الى الاجتماع للمداولة في موضوع المؤتمر فأنعقد اول اجتماع في دار الباشا نوري السعيد حضره الى جانب الهيئة المركزية للنادي كل من عقيلة ياسين الهاشمي وعقيلة الفريق جودة باشا العزاوي والسيدة قدرية والسيدة ربيعة والسيدة رفيعة عقيلة ناظم بك والسيدة أم صبيح الانصاري والسيدة عقيلة نوري أفندي والأنسة زهرة السيد والأنسة عائشة الداغستاني والأنسة ادوسياك ارستاكيس- الأنسة شاهبار والسيدة بهيجة بابان ومدام ديلوتي والمسز ستوت والمسز مكنزي وكان ذلك في الاسبوع الثاني من مايس 1929، ومنذ يومئذ دخلت المرأة المعترك الاجتماعي والسياسي في العراق.
نادي جمعية الشبان المسيحيين:
وهو في الاصل جمعية الشبان المسيحيين وكانت لها بناية كبيرة في شارع السعدون بجوار سينما سميرأميس، تابعة للآباء اليسوعيين وكانت مخصصة لاجتماع الشبان المسيحيين وممارستهم الالعاب الرياضية والثقافية، بما فيها المسابح الموجودة في النادي، وللشابات المسيحيات جناح خاص في هذا النادي، وكانت بداية ادارة هذا النادي بيد الانكليز حتى منتصف الخمسينيات، ويديرها بريطاني (واستن)، ومن اعضائه المستر (ادمونس) معاون مستشار الداخلية، والمستر (فيشر) مدير الاطفائية، والمستر (جستن) الجاسوس الشهير!.
يعتبر من النوادي الراقية في بغداد وكان يرتادها اضافة الى الاخوة المسيحين ضيوفهم من باقي الديانات اضافة الى السواح والاجانب العاملين في العراق كما كانت الجمعية تقيم الحفلات والإنتماء لها خاص للاخوة المسيحيين وبامكانهم اصطحاب الضيوف من غير المسيحيين وكانت الجمعية متعارف عليها اختصارا ب (واي . أم .سي .أي)، اغلقت فيما بعد واصبح مقرها وبناياتها ناديا للشرطة العراقية، وفي التسعينات ازيلت وانشيء موقعها بناية للخطوط الجوية العراقية.
نادي الأرمن الهومنتمن:
وأسس جماعة من وجهاء الأرمن من بينهم طبيب الأسنان وارطان الكسندريان، وطبيب الأسنان غازريان، والدكتور جوبنيان، وأرام غريبيان، وتوماس مريان ( وهو أول من أدخل المكوى البخاري إلى بغداد، واتخذ محله في رأس القرية بمكان ساحة الغريري) وانتمى إلى هذا النادي كثير من الأرمن.. وبسبب الخلافات العقائدية بين طائفتي الأرمن ( الطشناق والهاشناك)، انسحب الهاشناك من النادي، وظل النادي يمارس نشاطاته الثقافية الخاصة بالطائفة- الأرمنية التي تعكس التنوع الثقافي.
نادي الشرطة: تاسس عام 1932 كنادي رياضي واجتماعي لمنتسبي وضباط الشرطة، واختير لأدارته اكفأ ضباط الشرطة، نذكر منهم فهمي القيمقجي وكابان وعبد القادر زينل وىخرون غابت اسمائهم عن الذكر.
نادي القلم: تأسس نادي القلم سنة 1934 عندما اجتمع رهط من محلة الاقلام في بغداد في دار الدكتور محمد فاضل الجمالي وتباحثوا في امر انشاء ناد يجمع شتاتهم يسمى (نادي القلم) اسوة بأندية القلم المعروفة في كثير من الاقطار العربية الناهضة في العالمين القديم والجديد، اختير يومئذ الشاعر جميل صدقي الزهاوي رئيساً، ومحمد رضا الشبيبي نائباً أولاً ومحمد فاضل الجمالي نائباً ثانياً ومتي عقراوي أميناً للصندوق، وإبراهيم حلمي العمر أميناً للسر. وكان من أعضاء النادي روفائيل بطي وعباس العزاوي ومحمد باقر الشبيبي وعلي الشرقي ويعقوب سركيس وعبد الكريم الأزري ومجيد خدوري ومحمد مهدي كبة وأمين سعيد وعبد المسيح وزير وآخرون من رجال الثقافة والادب، وبعد وفاة الزهاوي في 23 شباط 1936 اختير محمد رضا الشبيبي خلفاً له، ورأسه حتى عام 1954
ومما تجدر الاشارة اليه ان هذا النادي لم يتخذ له بناية خاصة بل كان يعقد اجتماعاته على التناوب في بيوت اعضائه وفي كل اجتماع يلقي احد اعضائه محاضرة او قيصدة وبعد الانتهاء من ذلك يتناقش الاعضاء في الموضوع ثم يتناولون العشاء الذي اعد لهم صاحب الدار الذي عقد فيه الاجتماع. وقد كانت هذه الاجتماعات تضم بعض ادباء الاقطار العربية والاجنبية الذين يزورون بغداد اثناء تلك الاجتماعات، استأنف النادي نشاطهُ مجدداً بعد تجديد إجازته في الخامس من آذار عام 1956، وتولى الدكتور محمد فاضل الجمالي رئاسته وعضوية كل من توفيق وهبي وعبد الكريم الأزري ورفائيل بطي وعبد المجيد محمود والدكتور أحمد سوسة والدكتور جواد علي والدكتور عبد المجيد عباس، وقد استمر على النهج ذاته حتى الغائه عام 1959.
نادي المثنى: شهدت مرحلة الثلاثينات ظهور العديد من النوادي والجمعيات التي ضمت الشباب القومي ، وكانت جمعية الجوال ونادي النهضة من ابرزها،
ونادي المثنى هو نادي العروبة العاكس للتوجه القومي العروبي، تم تأسيسه سنة 1934 من قبل الدكتور صائب شوكت والدكتور صبري مراد وخالد الهاشمي ودرويش المقدادي، ولهذا النادي حفلات أسبوعية لاستماع المحاضرات ومجاذبة الأحاديث، ومن أعضائه السيد محمد مهدي كبة والدكتور عبد المجيد القصاب والسيد عبد المجيد محمود،والدكتور عبد الرحمن البزاز، وصديق شنشل، قد بذل النادي جهودا كبيرة في مجال تنشيط العمل القومي العربي في العراق. كما توطدت العلاقة بين أعضائه، وعدد من الضباط القوميين الذين فجروا حركتهم في نيسان- مايس 1941 القومية، لذلك سارعت وزارة الداخلية بعد فشل الحركة إلى غلقه في نيسان 1942
نادي الصيد الملكي العراقي :
أسس الامير عبد الأله نادي الصيد الملكي في الحارثية سنة 1943 ووصلت كلاب الصيد من بريطانيا بالباخرة وشُيد لها وجار قرب قصر الزهور، كانت تكاليف الاعتناء بها وأطعامها من مخصصات الجيش العراقي
وكان الامير عبد الأله وضباط الحرس الملكي وضباط القوات البريطانية في العراق يمارسون رياضة الصيد ومطاردة الثعالب وابن آوى.
نادي المشرق: تأسس نادي المشرق العائلي سنة 1944 في منطقة كمب سارة، بواسطة مجموعة من المسيحيين ورواده من شرائح وانتماءات متعددة.
نادي الهندية: (اسم الندي مشتق من منطقة عرصات الهندية في الكرادة، تأسس سنة 1949، ناد اجتماعي عريق يضم الطبقات المسيحية من المثقفين والتجار، ومن اصدقاءي النشطين في هيئاته الادارية غسان حيقاري ومهند نجيب ناصر، قضينا سهرات وجلسات جميلة، كان مشهوراً بتقديم أكلة الپاچة والتشريب كل يوم ثلاثاء (وما أطيبها مع صوت ابو زيدون “الأستاذ مؤيد البدري” اثناء تقديمه برنامج الرياضة في أسبوع.
النادي الاولمبي:
تأسس في بداية الخمسينات، وكانت تؤمه العائلات وتقضي فيه اوقاتا ممتعة مساء كل يوم اضافة للعديد من الشخصيات العامة والمسؤولين الكبار من الوزراء ورءساء الوزارات والمدراء العامين وكبار رجال الدولة وعوائلهم من هواة النشاطات الرياضية المختلفة التي لم تكن متوفرة في بداية الخمسينات الا في نادي العلوية، من النوادي التي يمكن للعائلات والنساء بشكل عام ارتيادها بحرية، التي توفرت للنادي الالمبي إذ كان نشاطها يقتصر على الفعاليات الاجتماعية وبعض الماكولات واقامة الحفلات الغنائية او الموسيقية وعرض الافلام، فقد كان النادي الوحيد المتوفر فيه كل المتطلبات التي تنشدها العوائل ، ولم يقدم فيه أي مشروب كحولي.
نادي المنصور: نادي أجتماعي ثقافي في شارع الاميرات، انشىء عام 1952 بأيعاز مباشر من الوصي عبد اله ورئيس الوزراء نوري السعيد،كان الهدف هو مضاهات نادي العلوية الذي اسسه الانكليز، له حديقة واطلالة جميلة لميدان سباق الخيل "الريسز" يحتوى نادي المنصور على ملاعب للتنس، مسبح، وشقق سكنية معدودة للسكن، قاعة سينما، مطعم، بار، سينما صيفية، وصالة للمطالعة، وقاعة صغيرة للعب البريدج، وكان هنالك ملعب للغولف في وسط ميدان السباق،وقد رأس النادي لسنوات عديدة الاستاذ علي حيدر الركابي، وامين السر الاستاذ الشاعر بلندر الحيدري، وخير من وصف النادي وفعالياته هو العزيز المهندس والموسوعي الاستاذ سيف الدين الآلوسي في مقالته الجميلة التي نشرتها مجلة الكاردينيا بعنوان" نوادي بغداد بعض الاضافات!" نقتبس منها: كان المسبح يضم مناضد لكرة الطاولة، وحانوت، وكان نادي المنصور يضم بار جميل جدا إنكليزي مطل على الحديقة ، وقاعات ومطعم جميل مطل على الحديقة وساحة السباق ، ومكتبة ، وغرفة للعب البريدج،وكذلك بار صيفي في السينما الصيفية وكان يقدم الكص والكباب في السينما الصيفية !!
يضم نادي المنصور عدة بيوت على جانبه الأيسر مطلة على حدائق الأطفال، كانت مؤجرة من قبل بعض الأعضاء القدماء ومن اهمهم عائلة الحيدري والمربية الكبيرة المرحومة صوفي مبارك، والمربية المرحومة رابعة علي الالوسي، والمرحومة ماجدة ، ودار كان يسكنهم أصدقاء مع والدتهم هم سرمد وزيد، وكان الجميع يشعرون بالراحة والامان والسعادة في تلك البيوت، وكذلك كان هنالك مسكّن واسع لمدير النادي المرحوم ابو طارق ومسكن اصغر لأبو ياس خضير، كان نادي المنصور يطبع منهجا لفعالياته كل شهر مدونا فيها اسماء الأفلام التي ستعرض وأيام الحفلات والمناسبات"، اسدل الستار عن هذا النادي الجميل بعد الاحتلال عام 2003 واستولى عليه احد الاحزاب الدينية.
نادي الصيد:
هو نادي ثقافي ترفيهي واجتماعي ورياضي يقع في جانب الكرخ في منطقة
المنصور حي الاميرات، تأسس عام 1969، في البدأ كان نادي لهواة صيد الطيور، مالبث ان توسع واصبح يحتوي على مسابح خارجية وداخلية وساحات للتنس وكرة السلة بالاضافة الى مطاعم وبار وقاعات لعقد الندوات والمؤتمرات، وحدائق جميلة تطل على ميدان سباق الخيل، ويعتبر النادي من اشهر نوادي بغداد، انتميت الى النادي سنة 1976 وكان يترأسه الاستاذ سعدون شاكر، استضاف الكثير من الحفلات والفنانين المشاهير من العراق والدول العربية وبعض من دول العالم، قضينا اجمل السهرات واللقاءات في هذا النادي العريق ولنا فيه ذكريات لا تنسى.
نادي صلاح الدين ونادي سيروان:
قامت نخبة من الاكراد مثقفين وعسكر وتجار، في بداية الستينات بانشاء ناديين لهما في الكرادة عرصات الهندية، نادي سيروان كان اغلبه من التجار، اما نادي صلاح الدين فكان اغلبه من المثقفين من محامين وادباء واطباء وعسكر، وفي بداية الثمانينات، اهدت الدولة قطعة الرض كبيرة في حي العامل طريق المطار الدولي ، فأنشىء نادي صلاح الدين هناك وترأس الهيئة الادارية المحامي والمؤرخ جمال بابان، كما ان اخي فلاح اصبح نائب الرئيس منذ التسعينات الى الاحتلال، النادي جميل وبه قاعات ومطعم وبار، ويقدم افضل الخدمات، وكانت اكلة الباجا والتشريب والكباب من ابرز واطيب اكلاته، كما كان يوم الاربعاء يوم غناء الجالغي.
نادي الاخاء التركماني:
اقدمت نخبة من المثقفين التركمان بينهم اطباء وعسكريون متقاعدون ومحامون وتجار واساتذة جامعات وطلاب، عام 1960،بانشاء منتدىً تركمانياً تحت مسمَى "نادي الإخاء التركماني، والذي كان يفترض أن يسمَى "بيت الإخاء التركماني"، انتخبت اول هيئة ادارية لها مؤلفة من تسعة اعضاء بما فيهم رئيس الهيئة الدكتور مردان علي،وكان المبنى في العيواضية لدار مستأجرة واسعة وحديقة غناء كبيرة وجميلة،وكان بعض من الأثرياء التركمان يغدقون بسخاء لتسيير أمور ناديهم الشهرية واليومية، فضلاً عن أن العديد من كبار الموظفين وصغارهم كانوا يساهمون ب 10% من رواتبهم شهرياً، كما كانوا يتبرعون لأجلها في أية مناسبة تفتح إدارتها باب التبرع لأي طارئ أو خلال المناسبات والإحتفاءات والحفلات السنوية، كان النادي يقدم اشهى الاكلات ومنها كباب كركوك الشهير.
نادي الخارجية: اطلالة بهية على نهر دجلة في عرصات الكرادة، انشيء نادي وزارة الخارجية عام 1981، ابهة تتماشى مع مكانة الخارجية العراقية، يقضي موظفي ودبلوماسي الوزارة وعوائلهم امسياتهم، كما كان يدعى دبلوماسي الدول المعتمدة بعض من امسياتهم هناك، وهناك تلاحظ الاتكيت وجمال البروتوكول في الخدمة من الاستقبال والتقديم والتوديع، وهذا ما لاحظته في اجازاتي السنوية عندما كنت اعود من فيينا، وبدعوة من قبل الاصدقاء في الوزارة هناك، لا اعلم ماذا حل به وقد طالته ايادي التخريب والسرقة.
نادي الادباء: دار جميلة ليست بعيدة عن نادي العلوية وهي على شكل سرادق عل الطريقة الانكليزية وهي خليط من البناء المعماري لنادي ارستقراطي، فيه صالة كبيرة وشرفة تطل على حديقة واسعة وبار بطراز انكليزي، كان الادباء وضيوفهم يسهرون فيه ويبدعون في كتاباتهم واشعارهم عندما تصل نشوة المشروب الى الذروة ووميض ضياء السكائرا ويتذكر البعض احدى قصائد الشاعر حسب الشيخ جعفر:
دخّن ودخّن
ليس غير الدخان
واسأل بقايا الكأس في كل حان
كيف مضى الماضي وفات الآوان
وكانت الأجهزة الأمنية قد أغلقت النوادي الترفيهية والبارات حتى النادي الترفيهي لاتحاد الأدباء والكتاب،وتجدر الإشارة إلى أن حملة إغلاق النوادي الليلية ومحلات بيع الخمور في العاصمة بغداد ليست بالجديدة، فقد سبقتها حملاتأخرى كانت الأولى في شهر كانون الأول من عام 2009 والثانية في شهر تشرين الثاني من عام 2010، وقد لاقت هذه الحملات معارضة شعبية ومدنية واسعة، فاغلاق الاندية والبارات هي عملية لا يمكن تفسيرها امام العالم المتحضر، غير العودة الى عصر الجهل والظلام، وارتفاع اسهم السوق السوداء ليس للمشروبات فقط وانما وفيها ستزدهر تجارة المخدرات ايضا.
كما وان هناك نوادي اخرى، فيها كان التجمع العائلي والثقافي مبتغاُ للكثير من شرائح المجتمع البغدادي للتسلية ولتمتين العلاقات فيما بينهم مثل ،نادي التعارف لأبناء الصابئة المندائيين، والجمعية البغدادية، إضافة إلى نواد خاصة بالعاملين بمهن معينة عندما كانت تزداد فيه اعداد موظفي ومهني وعمال الدولة في الوزارات والدوائر التابعة لها، مثل نوادي: التشكيليين والأطباء والمهن الطبية، وجمعية المهندسين ونقابة المهندسين والصيادلة والاقتصاديين والحقوقيين والجيولوجيين والمهندسين الزراعيين والسكك والاعلام والمالية والكمارك والعمال، كما تمّ تأسيس العديد من الأندية الخاصة كنوادي وزارة النفط والضباط الكائن في اليرموك ومدينة الضباط في زيونة والشرطة والعدلية الخاص بالمحامين والقضاة وموظفي وزارة العدل، و"نادي الدورة" لموظفي وزارة النفط، و"نادي الجباة" في باب المعظم، وهو مخصص للجباة والسائقين والعاملين في الشركة العامة للنقل العام ، اذاً كل وظيفة كان لها ناديها الذي يقدم الشراب والطعام والتسلية وقضاء الوقت، وهكذا..
ففى السبعينات وما تلاها من سنين، كان الذهاب إلى النادى شبه يومى لسكان بغداد، فالمجالس والنوادي في بغداد طبيعة خاصة او طبائع مختلفة فى الواقع، فبعضها أسبق فى التأسيس من النوادى الرياضية الشهيرة مثل الجيش والزوراء والقوة الجوية والشرطة والامانة وغيرها، وستجد بين مناطق بغداد مجلساً او ناديا لكل فئة ستجد نوادى للمتخرجين من مدارس بعينها، ونوادى للعاملين فى هيئة محددة ونوادى تأسست لغرض ما، ثم أصبحت تخص غرضا آخر مع مرور السنين!، في هذه الأيام خسرت بغداد الكثير من ممجالسها الأدبية والثقافية، ونواديها التي ابتعد عنها روادها بسبب ما حصل للعراق منذ الاحتلال الى يومنا هذا، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود
525 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع