قال لـ («الشرق الأوسط») إن قناعة الكتل السياسية ألا تكون هناك ولاية ثالثة
بغداد: حمزة مصطفى:قال أحمد الجلبي، رئيس المؤتمر الوطني العراقي وأحد أبرز الأسماء المتداولة لخلافة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، إنه «لا يهمه أن يكون رئيسا للوزراء أم لا بقدر ما يهمه تشكيل حكومة قوية ببرنامج واضح المعالم للسنوات الأربع المقبلة التي يمكن أن تكون الأخطر في تاريخ العراق».
وأضاف الجلبي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المحكمة الاتحادية كانت قد ألغت المادة الخاصة بتحديد ولاية رئيس الوزراء لدورتين أسوة برئاسة الجمهورية»، مشيرا إلى أنه «أصبحت هناك قناعة لدى جميع القوى والكتل السياسية بأنه من غير الممكن أن تكون هناك ولاية ثالثة، وقد أعلن الجميع ذلك بوضوح». ويرى الجلبي أن «الانتخابات الحالية تختلف عن الانتخابات التي جرت عام 2010، وذلك لجهة ما بات يهم المواطن العراقي اليوم هو كيفية تحقيق البرنامج الذي تتعهد الحكومة التي تتولى إدارة البلاد بتنفيذه، وهذه بالطبع مسؤولية أصعب على من يتصدى لذلك لأن الناس بدأوا يتجهون إلى التفكير الواقعي والابتعاد عن المشاعر العاطفية التي أدت في الوقت نفسه إلى انحسار الطائفية بين أبناء الشعب العراقي، وهو عامل سيكون مساعدا لجهة معرفة البرامج القابلة للتطبيق على أرض الواقع».
وحول رؤيته لشكل وطبيعة الحكومة التي ستفرزها الانتخابات، قال الجلبي إن «الحكومة لا يمكن أن تتشكل من طرف واحد، ومن ثم لا بد أن تكون حكومة ائتلافية بأكثرية سياسية مع تكوين معارضة قوية داخل البرلمان لكي تتمكن من محاسبة الحكومة وليس مثلما حصل خلال الدورة الحالية التي جرى فيها التصويت على هذه الحكومة التي انتهت ولايتها من دون أن تقدم برنامجا، بينما الأصل في الحكومات أن تقدم برنامجا يجري اختيارها في ضوئه وتكون ملزمة بتطبيقه خلال المدة المقررة».
وبشأن ما إذا كان لائتلاف «المواطن» الذي يتزعمه عمار الحكيم وينتمي إليه الجلبي برنامج متكامل لإدارة الدولة، قال الجلبي: «نعم، لدينا برنامج متكامل سنعمل على تطبيقه في حال كان لنا دور في تشكيل الحكومة»، مبينا أن «نظام (سانت ليغو) يمكن أن يكون عاملا سلبيا عند تشكيل الحكومة، وقد يتكرر سيناريو مجالس المحافظات عندما تمكن متفرقون من التجمع لتشكيل بعض الحكومات المحلية، بينما فشلت كتل حصلت على مقاعد أكثر من تشكيلها، وهو ما يعني أن هذا النظام بقدر ما يفيد الكتل والكيانات الصغيرة في الحصول على مقاعد بالبرلمان، فإنه يمكن أن يعرقل تشكيل الحكومة، لكنه لن يعيق مبدأ التداول السلمي للسلطة الذي لم يعد ممكنا الالتفاف عليه، رغم أن الأحزاب الإسلامية تحاول أن تحكم طبقا للنظرة الشمولية التي حكمت بموجبها الأحزاب الثورية والآيديولوجية، بما في ذلك قوى العسكر بالعالم العربي التي تهيأت لها فرص الوصول إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية في سوريا ومصر والعراق وبلدان عربية أخرى».
وأضاف الجلبي أن «الكثير من القوى والأحزاب الحالية لم يكن لها دور كبير في قيادة المعارضة العراقية باستثناء ثلاث شخصيات كان لها الدور الأكبر وهم كل من: محمد باقر الحكيم وجلال طالباني وأحمد الجلبي». وكشف عن أن مهدي الحكيم، الشقيق الأكبر لباقر الحكيم، قال له إن «علي أن أحرق نفسي من أجل تحرير العراق وها أنا عملت بهذه الفتوى إلى الحد الذي استفاد بالقفز إلى السلطة والمواقع من كان ينتقدني ويتهمني بأنني من جاء بالاحتلال الأميركي، بينما لم يكن هدفي الحصول على مكاسب أو مواقع». وانتقد الجلبي القيادات الإسلامية والسياسية العراقية بعد حصول الانتفاضة الشيعية عام 1991 ومؤتمر بيروت الذي تلاها، «حيث كانت هناك فرصة حقيقية لإسقاط نظام صدام حسين، لكن تلك القيادات كانت تفتقر إلى عامل مهم وهو الطاقة الكاملة لإثارة الناس ودفعهم إلى الثورة الشاملة. وبعد أن اتضح هذا الفشل فكرنا في الدعم الخارجي وبالذات الأميركي وصولا إلى ما حصل فيما بعد حتى عام 2003».
وبشأن ما يثار عن الفساد في العراق وما إذا كان هذا الكلام حقيقيا أم مبالغا فيه، قال الجلبي إن «الفساد في العراق حقيقي وليس مبالغا فيه، بل أستطيع القول إنه الأكبر والأضخم، ليس في تاريخ العراق فقط وإنما لم يحصل مثله في العالم كله»، مشيرا إلى أن «هذا الفساد ناجم عن إدارة حكم فاشلة تهدد فقط بالكشف عن الفساد والفاسدين، كما أنه ناجم أيضا عن عدم محاسبة المسؤولين الكبار». وأوضح الجلبي أن «مجموع ما دخل العراق من أموال من مبيعات النفط من عام 2006 إلى عام 2013 كان 467 مليار دولار، تمثل مبيعات البنك المركزي 56 في المائة من هذا المبلغ، وإذا افترضنا نصف هذا المبلغ وليس كله فإن نحو 60 مليار دولار حولت على أساس استيراد في عام 2013. وهو ما يعني أن نحو 170 مليار دولار هي التي حولت عبر شركات صرافة، وهو ما يعني أن هناك أكبر عملية غسل أموال تحصل في العراق وهي بحدود 22 مليار دولار سنويا لا نعرف أين تذهب وكيف». وتابع الجلبي قائلا: «قمنا في البرلمان بتشكيل لجنة لمعاينة الإنفاق الحكومي من خلال السحوبات المالية، لكننا فشلنا في الحصول على كشف حساب من الحكومة في صندوق تنمية العراق، حيث لم تتعاون معنا في هذا الأمر على أهميته وخطورته».
وحول رؤيته لمستقبل العراق بعد الانتخابات، قال الجلبي إن «العراق يعيش اليوم مجموعة أزمات وهي أزمة أمنية وأزمة مالية وأزمة اقتصادية وأزمة سياسية وأزمة دبلوماسية وأزمة في حقوق الإنسان، وفي حال بقيت إدارة الحكم على الوتيرة التي تجري عليها الآن فإننا لا نتوقع حصول أي تقدم في العراق، ناهيك بأننا سوف نواجه أزمة إفلاس في الخزينة خلال السنتين المقبلتين. أما في حال انخفضت أسعار النفط فإن الأزمة ستتضاعف بشكل خطير جدا»، لافتا إلى أن «العجز في الموازنة المالية يبلغ 60 مليار دولار (...)، وهناك 6000 آلاف مشروع لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع وتبلغ قيمتها 228 تريليون دينار عراقي (220 مليار دولار أميركي)».
1130 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع