(السومرية نيوز) البصرة - أبدى العشرات من سكان ناحية أم قصر الساحلية في محافظة البصرة، الأربعاء، قلقهم وامتعاضهم جراء مطالبتهم بالاستعداد لإخلاء بيوتهم التي كانت ضمن الأراضي العراقية قبل أن تزحف عليها الحدود الكويتية.
وقال المواطن يعقوب إسماعيل في حديث لـ "السومرية نيوز"، إن "قوات حرس الحدود العراقية طلبت قبل أيام قليلة من بعض سكان منطقة نواب الضباط الواقعة في الطرف الغربي لمركز ناحية أم قصر الاستعداد لإخلاء بيوتهم التي يسكنونها منذ الثمانينات والسبعينيات من أجل هدمها وضمها إلى الأراضي الكويتية"، مبيناً أن "القوة دعتنا إلى البحث عن سكن بديل من دون أن تحدد موعداً لتهجيرنا، إلا أنها لوحت بشكل مسبق باستخدام القوة لإبعادنا عن المنطقة".
ولفت إسماعيل إلى أن "أهالي المنطقة حاولوا يوم، أمس الثلاثاء، تنظيم اعتصام سلمي في المنطقة احتجاجا على محاولة تهجيرهم منها بلا تعويضات لكن الحكومة العراقية أوفدت ضابطاً من قوات الحدود برتبة لواء اقتحم مع القوة المرافقة له خيمة الاعتصام وهدد بحرقها واعتقال من فيها في حال عدم فض الاعتصام"، مضيفاً أن "المنطقة كانت بعيدة كثيراً عن الأراضي الكويتية، إلا أن الحدود الكويتية آخذة بالتمدد منذ مطلع التسعينيات بفضل التنازلات السخية للحكومات العراقية المتعاقبة، حتى أصبحنا نسكن في بيوت تبعد بضعة أمتار فقط عن الخندق الحدودي الفاصل".
بدوره، قال أحد وجهاء المنطقة الحدودية، ويدعى مطشر شنيخ الخفاجي، في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "بعض سكان المنطقة يرفضون التعويضات المالية حتى إذا قدمت لهم، لأنهم يمتنعون عن إخلاء بيوتهم التي ولدوا وترعرعوا فيها"، معتبراً أن "الحكومة العراقية يجب أن تكف عن التفريط بمزيد من الأراضي العراقية".
وأشار الخفاجي إلى أن "دولة الكويت هي جارة شقيقة، والكثير من البصريين تربطهم صلة قرابة وصداقة بمواطنين كويتيين، إلا أن أرض الآباء والأجداد لن نساوم عليها، وحتى لو سلبت منا بالقوة فالأجيال المقبلة سوف تستعيدها"، مضيفاً أن "سكان المنطقة اتفقوا على عدم التعامل مع كل من يحاول استجداء أصواتهم من مرشحي الأحزاب المشاركة في الحكومة لأن المنطقة لم يزرها أي مسؤول حكومي منذ الانتخابات السابقة".
من جانبه، قال مدير ناحية أم قصر صالح عبد المهدي حبيب في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "التهديد بتهجير سكان منطقة نواب الضباط يتعلق بسعي العراق للخروج من طائلة الفصل السابع، وحتى يحقق العراق ذلك يتوجب عليه تثبيت ترسيم الحدود مع الكويت"، موضحاً أن عملية الترسيم الأولية التي نفذت خلال التسعينيات تضمنت وضع دعامات حدودية كونكريتية، وفي الآونة الأخيرة سمحت الحكومة العراقية لنظيرتها الكويتية بإكمال مشروع يقضي بمد أنبوب معدني أمني يربط بين الدعامات الكونكريتية على امتداد الحدود".
وأكد حبيب أن "ما لايقل عن ثلاثة بيوت محصورة بين الدعامة رقم 104 والدعامة رقم 105 تقع ضمن مسار الأنبوب الذي تعتزم الكويت وضعه، وبما العراق ملزم بإنشاء طريق حدودي للدوريات الأمنية بعرض 50 متراً، فإن هذا يعني أن منطقة نواب الضباط بأكملها ستهدم ويهجر سكانها"، مضيفاً أن "الحكومة العراقية تعهدت قبل أعوام قليلة ببناء مجمع سكني للعوائل المتضررة من إكمال عملية ترسيم الحدود، وقد سارعت إدارة الناحية إلى تخصيص مساحة من الأرض لبناء المجمع، إلا أن الحكومة لم تصرف الأموال لتنفيذ المشروع".
واعتبر مدير الناحية أن "سكان المنطقة يعيشون في قلق دائم منذ أن علموا بعزم الكويت استئناف العمل بمشروع مد الأنبوب الحدودي، بينما لم تلتفت الحكومة العراقية إلى معاناتهم"، مبيناً أن "أفضل إجراء يمكن أن أفعله عندما تباشر الكويت بمد مقطع الأنبوب الواصل بين الدعامتين هو الاتصال بلجنة الهلال الأحمر وطلب الاستغاثة على أمل أن تبادر بنصب خيام في العراء لإيواء المواطنين الذين سيهجرون من بيوتهم".
يذكر أن مجلس الأمن الدولي أصدر عام 1993 القرار رقم 833 الذي يقضي بترسيم الحدود بين الكويت والعراق، والممتدة بطول نحو 216 كم، وأدى تطبيق القرار بشكل جزئي في عهد النظام السابق إلى استقطاع مساحات واسعة من الأراضي العراقية وضمها إلى الأراضي الكويتية، بحيث زحفت الحدود الكويتية على عشرات البيوت والمزارع العراقية في ناحية سفوان، كما أن منطقة سكنية كانت تقع في ناحية أم قصر أصبحت منذ منتصف التسعينات تقع بأكملها ضمن حدود دولة الكويت، والتي قامت حكومتها بتدمير المنطقة بشكل كامل لإفساح المجال لقوات الحدود للممارسة عملها بلا معوقات، وطالت عمليات الهدم عشرات البيوت ومدرسة ابتدائية ومسجدا وسوقا شعبية.
وقد أعترض الكثير من المسؤولين العراقيين عقب سقوط النظام السابق في عام 2003 على استكمال إجراءات ترسيم الحدود البرية بين البلدين وفق القرار رقم 833، باعتبار أن القرار فرض على العراق تحت الضغط الدولي وفي ظروف غير اعتيادية. وفي عام 2005 تعرضت الحكومة العراقية إلى إحراج شديد عندما هاجم العشرات من أهالي ناحيتي سفوان وأم قصر شركة أجنبية كانت تتولى مد أنبوب لترسيم الحدود البرية، وقد أدت تلك الاحتجاجات وما صاحبها من قصف ليلي بقذائف الهاون إلى إيقاف العمل في المشروع قبل إنجازه.
755 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع