بعد علاقة حب جمعت بين (سرى) و (محمد)، وكلاهما طالب في الجامعة، اقنع محمد حبيبته بضرورة ايجاد طريقة للزواج دون علم الاهل والمجتمع، وبعد فترة قلق وتفكير، استسلمت سرى لصوت العواطف والرغبة ووافقت شرط ان يكون الزواج على يد رجل دين في احد الجوامع ، حيث يتم الحصول على ورقة تؤكد حصول الزواج ثم يصدق في المحكمة بعد ذلك حينما يكونان مستعدان للزواج بعد التخرج، لكن ذلك لم يرق للشاب الذي خشي الارتباط، فاقنعها باسلوب آخر، دفعت الفتاة مستقبلها ثمنا له..
المتعة .. الزواج السريع
اقنع محمد سرى بالموافقة على زواج متعة لمدة معينة يتم عقده على يد سيد على ان يتم تحويله الى زواج حقيقي بعد فترة ، فهذا النوع من الزواج معفي من الكثير من الالتزامات. تحكي سرى قصتها متألمة "وافقت بسبب حبي الشديد له، ولا اعرف كيف غاب عقلي عني. كنا نلتقي في مكتب صديق له ونقضي وقتا معا بعد دوام الجامعة او اثناء الدوام حيث نتخلف عن حضور المحاضرات مما اثر على مستوى دراستي فاهملتها وتعلقت به اكثر واكثر ، وشعرت بأنه زوجي فقد منحته ثقتي الكاملة خصوصا وانه شاب متدين رفض ان يستغلني واصر على ان يجمعنا رباط شرعي. لكن الحقيقة كانت شيئا آخر، فقد كان يستغلني تحت غطاء الشرع. فهذا النوع من الزواج مؤقت وبلا ضمان ، ويخلو اية حقوق اساسية كالزواج الشرعي المعتاد"، وتكمل سرى "لقد بدأ يتملص من التزاماته بعد سنة من علاقتنا، إذ شارف هو على التخرج بينما كنت انا ما ازال في الصف الثاني ورسبت في صفي. ثم جاء ليخبرني بأن عائلته تفرض عليه الزواج من ابنة عمته كونهم لا يتزوجون الغرباء، وهم عائلة ملتزمة دينيا واخلاقيا. والحال أنه في كلامه اشار ضمنا الى أنني لا استحقه وانني افتقر الى الاخلاق والسمعة والسلوك كوني قبلت بهكذا زواج".
كانت هذه بمثابة الضربة القاضية لسرى التي عزفت عن الذهاب الى الجامعة واصيبت بصدمة خصوصا وانها لم تعرف كيف تجد حلا لمشكلتها.
ويعرف ان زواج المتعة انتشر بشكل كبير في السنوات الاخيرة وخصوصا في المحافظات المقدسة التي يرتادها العديد من الزوار العرب والايرانيين والذين يرغبون بالزواج لفترة محدودة ليتركوا بعدها العروس ويعودوا الى ديارهم.
تأثير بعض رجال الدين
تذكر (فاطمة. م) بانها تعرضت لاغراء رجل دين خلال سفرة جمعتهما ووقعت ضحية زواج متعة لم تكن تفهم معناه، تقول فاطمة "كنا في وفد اقامته احدى الجمعيات الدينية الى طهران، وكان المشرف على الوفد رجل دين، اعجب بي واهتم بي اكثر من بقية الفتيات وكان جذابا في اسلوبه وافكاره ومنفتحا، حتى اني تعلقت به كثيرا، فعرض علي زواج المتعة كونه متزوج وله اولاد مبينا لي ان الشرع حلل هكذا زواج وان من حقي الزواج طالما انه امام الله، وكوني ارملة حيث قتل زوجي قبل سنتين لم ابد اعتراضا بل شعرت برغبة في الزواج منه، ولم اكن اعلم ان مدة هذا الزواج ستكون اسبوعين فقط هي كل ما تبقى من فترة الايفاد، والى حين عودتنا الى ديارنا. فيما بعد عندما طالبته بحقوقي قال انه زواج مؤقت للمتعة واني لا امتلك حقوقا ولم اكن مجبرة على الموافقة. كل ماجنيته هو تلوث سمعتي امام الزملاء والزميلات اللواتي رافقوني في البعثة ، وقد علمت ان هذا الشخص يكرر فعلته في كل مرة مع امرأة ، وانا كنت الخامسة في سلسلة زواجات المتعة".
العنوسة سببا
السيدة(سمر)/ موظفة عاشت تجربة مماثلة ، تقول "بعد اكمالي الجامعة تقدم لخطبتي اكثر من شاب، وكوني من عائلة ميسورة واجهت رفض اهلي لهم بوضعهم شروط تعجيزية لا يقوى هؤلاء عليها.حققت نجاحا في حياتي العملية..وتجاوزت الثلاثين ولم يعد يطرق بابي احد..وقبل سنتين تعرفت الى رجل يكبرني سنا ووجدت عنده الحب والحنان..واغراني بالزواج منه ..فوافقت على الزواج برغم علمي أنه متزوج وله اولاد شباب.. وأنا كأية فتاة اخرى تحلم بالزواج والأطفال وبيت الزوجية. فوجئت به يشترط بقاء زواجنا سرا حفاظا على وضعه الإجتماعي .ترددت في البداية ،لكني وافقت بعد ذلك على امل اقناعه باعلان الزواج، لكني علمت ان الزواج السري الذي يقصده هو زواج مؤقت، نهاري ، اي انه يكون في فترات النهار فقط لأنه متزوج ، ولا يمكنه المبيت خارج الدار. لم اكن اعرف بوجود زواج كهذا، لكن زوجي كان محاميا ويعرف تفاصيل الامور القانونية والشرعية، وبعد تردد وافقت لأني تعلقت به وشعرت بالحاجة الى رجل".
كنت ازوره يوميا في بيت خصصه لي بعد الإنتهاء من العمل.. وبعد ستة اشهر من الزواج بدأ اهلي يلاحظون كثرة غيابي عن البيت وزاد تذمرهم ، ثم اكتشفوا الامر بعد مراقبتي فتعرضت للكثير من الإهانات والأذى من اخوتي بعد اخبارهم عن موضوع زواجي، فكان ذلك الخبر بمثابة الضربة القاضية التي اوقعت والدتي طريحة الفراش. واجهه اخوتي مطالبين اياه بتصحيح وضع الزواج فرفض مصرا على انه لم يجبرني ، وأن الزواج هو من النوع المؤقت للمتعة وقضاء الوقت فقط ، فكان موقفي صعبا جدا امام اهلي واجبروني على ترك الوظيفة، واشعر بندم كبير كوني تسببت في تدمير عائلتي وسمعتها".
حق شرعي
حالات كثيرة تزوجت فيها بعض النساء من الارامل والمطلقات زواجات سرية وزواج متعة ومسيار وغيرها من الاسماء التي تضع طوقا حول عنق المرأة لتحولها الى زوجة مؤقتة دون حقوق او واجبات، وقد تدفع العواطف او الحاجة المرأ ة لقبول مثل هذا النوع من الزواج، ولكن ما الذي يدفع الرجل اليه؟
السيد(سلمان مظفر) تزوج زميلته في العمل بعد علاقة حب طويلة، اما سبب بقاء زواجه سرا فهو كما قال "كنت متزوجا من ابنة عمي ولي ثلاثة اطفال، وكان زواجي تقليديا، فبعد اشهر من الزواج ذابت زوجتي في اعمال البيت ثم الأطفال وتربيتهم، ولم استطع مقاومة عواطفي التي جرفتني نحو زميلتي. لم اخدعها، شرحت لها وضعي ووافقت على الزواج بي سرا، لأن اعلان الزواج كان سيسبب مشاكل عائلية وعشائرية، وبصراحة كان الإنقياد الى العواطف سببا في خلق العديد من المشاكل التي لم نحسب لها حسابا . كان الدافع هوالحب الذي عشته لأول مرة والذي جعلني أشعر بحقي في الحياة لكني اكتشفت فيما بعد اننا لسنا مخيرين وان كل تصرف يجب ان نحسب له دون ان ننقاد الى اغراء المشاعر، فهذا الحق الشرعي الذي وهب لنا تترتب عليه التزامات.. ومهما اخفي الامر فانه لابد ان ينكشف".
شروط ..
انواع الزواج السري التي انتشرت في كلا الطائفتين في الفترة الاخيرة ليست جديدة كما يقول رجل الدين (حسين الانصاري) مبينا "الإشهار كما هو معروف احد شروط الزواج، وفي الحقيقة حتى حضور الشهود ليس ضروريا في الزواج وانما يشترط حضورهم في الطلاق..فمن الناحية الفقهية للزوجة كافة الحقوق دون السؤال فيما اذا كان الزواج سرا او علنا ، ولكن هنالك بعض الأشياء المقبولة شرعا ولكنها مرفوضة كعرف اجتماعي. فالفقه الإسلامي يعتبر الزواج من اهم المشاريع في الحياة، وكثيرا ما دعا رسول الله (ص)الى تشجيع الزواج كقوله (ص) (تزاوجوا كي اباهي بكم الأمم) . لكن هذا لا يعني بقاء هذا الموضوع سرا فيصبح بذلك بغيضا وانما يستحب اخراجه الى العلن كي يكون مباركا صحيحا، وكي لايترك آثارا سلبية على الأطفال، وقد يكون سببا في ضياعهم وتفكيك الروابط الأسرية التي هي عماد بناء المجتمع. اما فيما يخص زواج المتعة فان له مدة اقلها ساعتين واطولها 99 سنة ، ويتم بالاتفاق بين الطرفين وللرجل ان ينفق على المرأة لكن ليس عليه التزامات الزواج العادي، وحتى في حالة ولادة اطفال من هذا الزواج فلا يسجلون باسمه الا بموافقته، كذلك الحال بالنسبة لزواج المسيار الذي يعتبر مؤقتا وبموافقة واختيار الطرفين على قضاء فترة محددة او مفتوحة ، وما يسمى ايضا بالزواج النهاري المؤقت الذي يكون في فترات النهار فقط لارتباط الرجل ببيت وزوجه وعائلة، اي ان كل هذه الانواع من الزواجات هي في الحقيقة مؤقتة وهدفهها التمتع بما انعم الله على الرجل والمرأة من رغبات، اي ان الله يحلل للمرأة والرجل التمتع وتلبية رغبة الجسد ولكن بشكل شرعي يخلو من الالتزامات. بعض هذه الزواجات تطورت واستقر اصحابها وصارت زواجات متكاملة الاركان بعد فترة من الزمن ،فالامر يتبع نوع العلاقة وطبيعة الاتفاق ايضا".
القانون يحذر..
وللوقوف على الجانب القانوني لهذه الظاهرة التقينا المحامية (كوثر المشكور)التي قالت:يكون الزواج قانونيا طالما تم تصديقه في المحاكم . مرت علينا الكثير من الدعاوي والقضايا التي ينتهي دائما فيها الزواج السري على انواعه بخلاف بين الطرفين وتتقدم على اثره المرأة لإثبات حقوقها التي تكون مضمونة طالما ان الزواج واقعة مادية وموثقا. لكن المشكلة عندما يكون الزواج يحمل مسميات اخرى كالمتعة والمسيار وغيرها حيث تواجه الفتاة مشاكل كثيرة، فالمرأة دائما هي الجانب المخطئ في نظر المجتمع ،ومجتمعنا يغفر للرجل ولا يغفر للمرأة . الرسول (ص)يقول: (اعلنوا الزواج بقرع الطبول). واخفاء اي زواج هو ظاهرة سلبية،ولا اجد له مبررا طالما ان الطرفين متفقين وجاء برغبتهما معا الا اذا كانا يريدان قضاء وقت والتمتع فعلا دون حساب النتائج. على المرأة التريث ،ومجرد طلب الرجل من المرأة ان يكون الزواج سرا ،هوسبب كاف للتوقف والتفكير بسوء نوايا هذا الرجل وعدم احساسه بالمسؤولية وجريه خلف ملذاته الشخصية. إن الأطفال في حالة وجودهم سيكونون الضحية لأن هكذا زواجات محكومة بالفشل وبالنتيجة ستجد المرأة نفسها تعيش مع اطفال دون اب ما يؤثر على تربيتهم ووضعهم النفسي وربما سيخلق الكثير من المشاكل التي تتعلق بالإرث وغيره بين اولاد زوجها من زوجته الأولى وبينهم. حتى في حالة وجود ضمان قانوني لن يكون تعويضا كافيا عن المشكلة او الجرح الذي تسببه هذه التجربة للفتاة، فكيف بالحال عندما لا يكون هنالك ضمان قانوني للزواجات المؤقتة؟
بدورها حذرت (فاتن سعدي)/ مكتب الاستشارات القانونية لمنظمة حقوق المرأة والطفل قائلة "تصلنا احصائيات متزايدة حول انتشار ظاهرة الزواجات السرية والمؤقتة بين الشباب خصوصا طلبة الجامعات، وتسببت في الكثر من المشاكل وفي القتل غسلا للعار في بعض المحافظات، فمعظم العوائل العراقية لا تتقبل فكرة الزواج المؤقت او السري للفتاة وتعتبره انحرافا اخلاقيا"، وتعزو سعدي هذه الظاهرة الى "التأثر بالمد الجديد من العلاقات العاطفية الذي رافق الانفتاح على عالم المسلسلات والاغاني الجديدة الهابطة والاباحية على مواقع الانترنت"، داعية الاهل الى "مراقبة ابنائهم وتوجيههم ولاسيما الفتيات".
1249 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع