استغرب العراقيون من تصريحات أطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي الجمعة قال فيها إنه سيقلب الدنيا بما لديه من حقائق إن ذهب إلى البرلمان، مهددًا بكشف ملفات مجموعة من الوزراء والنواب المتورّطين في الإرهاب.
إيلاف/بغداد: أكد عراقيون في تصريحات لـ"إيلاف" أن رئيس الوزراء المالكي قد وضع نفسه بتصريحاته التي أطلقها مؤخرًا تحت طائلة القانون وأعربوا عن ذعرهم من كونها تصدر عن المسؤول الأول في الدولة عن أرواح الناس وأملاكهم، فيما رأى آخرون أنه لا يريد تفجير مزيد من الأزمات وسفك للدماء.
وقال الخبير القانوني طارق العادلي إن هناك ملفات أرسلها رئيس الوزراء إلى رئيس مجلس النواب في السابق، لكنه ضمها في أدراج مكتبه، وربما هناك ملفات أخرى تؤكد تستره عليها. وأشار إلى أنّ، هذه التصريحات في هذا المجال ليست جديدة.
وقال العادلي: "اعتقد أن الامر ربما يتعلق بقضيتين، الاولى أنه لو كان المالكي يقصد الـ (13) ملفًا التي سبق له أن ارسلها إلى رئيس مجلس النواب وظلت في ادراج مكتبه وهي من صلاحيته حصرًا، فهو يعني أنه سيكشف مجلس النواب بهذا، وانا اعتقد أن هذا هو ما ينشده رئيس الوزراء بتصريحه الاخير حيث سيكشف امام الرأي العام هذه الملفات التي لا يعرفها سوى رئيس مجلس النواب، وسيكشف للشعب أن ملفات الاتهامات هذه ضد نواب بالعمل مع الجماعات المسلحة أو تنظيم القاعدة، وقد أرسل بياناتها كاملة إلى رئيس المجلس ولكنه لم يظهرها من أجل إحالتهم إلى المحاكم، وبهذا يعمل رئيس الوزراء على تجييش الشارع العراقي ضد رئيس مجلس النواب تحديدًا وسيطالبه بالاجابة عن سبب عدم اتخاذه اجراءات احالة الملفات إلى اللجنة القانونية".
وأضاف "اما اذا كانت الملفات التي يقصدها المالكي في تصريحاته جديدة ومخفية عن مجلس النواب، فهنا تبدأ عملية حسابات اخرى، وسوف يقال له: لماذا لم تعلن عنها، أو أنّ هناك ملفات قديمة ولم يعرضها وتحتوي على اتهامات ضد بعض العناصر تتعلق بالتوازن السياسي أو الوظيفي على مبدأ التستر".
وتابع: "المتستر في بعض العقوبات يأخذ نفس اجراءات الفاعل والمحرض، والذي يأوي، والذي يقدم معلومات، كلهم يعاملون نفس المعاملة ويتلقون نفس العقوبة أو اقل منها حسب قناعة اللجنة التحقيقية أو القاضي، وإن كان رئيس الوزراء يقصد أن لديه غير تلك الملفات فيكون قد تستر عليها لأسباب سياسية ربما أو نفعية".
تصريحات المالكي توجب عزله
أما الكاتب والاعلامي اياد الزاملي رئيس تحرير صحيفة "كتابات" الالكترونية فقد عبر عن استغرابه من هذه التصريحات، وأشار إلى أنّ المالكي يقول، مبررًا رفض استجوابه وذهابه إلى البرلمان، إنه يمتلك ملفات خطيرة ضد اقطاب العملية السياسية، إن كشفها للشعب العراقي ستطيح بالعملية السياسية برمتها مشبهًا هذه العملية بـ "الاسلام عندما حافظ عليه الأئمة المعصومون عندما صبروا ولم يكشفوا إلى العامة حين ذاك امراء الفساد في الدولة الأموية والعباسية".
وخاطب الزاملي المالكي قائلاً: "كيف تقول إنك تملك ملفات تطيح برؤوس كبيرة، متورطة بالقتل وقصدت ضمنًا بذلك المنطقة الغربية، فكلهم قتلة ومجرمون أما ابناء المناطق الأخرى فكلهم ابرياء يحبون وطنهم بحسب زعمك".
وتساءل قائلاً: "هل يعلم المالكي أن من يتستر على مجرمين يعتبر شريكًا معهم حتى وإن لم يكن مثلهم"؟ إنه قالها بلسانه وكررها اكثر من مرة وفي مناسبات مختلفة أن هناك مجرمين في البرلمان وأنه يتستر عليهم، لذا يمكن القول إنه مثلهم، وعلينا مقاضاته وعزله، فهو رجل غير مؤتمن على ارواح العراقيين كما أنه غير مؤتمن على ثروات البلاد".
ومن جانبه عبر امير حسن، موظف حكومي، عن اسفه لما سمعه من كلام للمالكي، مشيرًا إلى أنّه مسؤول امام الله عن ارواح واعراض الناس، وقال: "انا شعرت بالصدمة مما سمعته من كلام للسيد المالكي، فهو شيء يشعرنا بالخوف، فلماذا يهدد بهذه الملفات كلما حدثت ازمة؟ انا والكثير من الناس صدمتنا تهديداته واعتقد أنه يتحمل المسؤولية كاملة ولا شيء يبرر السكوت.
وقال عبد الرحيم علي، طالب جامعي: "لا اعتقد أن المالكي يتستر على الجرائم بقدر ما يتصرف بحكمة لأنه يعرف أن الارهاب سيستغل الثغرات والمشاكل، ونحن رأينا كيف اصبح الوضع عندما تم اتهام الهاشمي ومن ثم العيساوي، وفعلاً أنه يريد أن يحقن الدماء خاصة وهو يعلم أن عدوه غاشم واجرامي".
كشف الاسماء لا يكفي
من جهته، أعرب الكاتب والاكاديمي حميد الكفائي عن قلقه من هذه التصريحات واعتبرها تقصيرًا في الواجب، وقال: "ما أعلنه السيد نوري المالكي حول وجود ملفات تتعلق بالإرهاب ومرتبطة بسياسيين أو برلمانيين هو أمر مقلق حقاً لكل عراقي خصوصًا مع تدهور الوضع الأمني في العراق خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة. وإن كان المالكي مقتنعًا بأن هناك تجاوزات ومخالفات أو جرائم تتعلق بالأمن ارتكبها رجال سياسة فإن واجبه يحتم عليه التعجيل بكشف الأسماء وإحالة المتورطين إلى القضاء، فمجرد التلويح بكشف الأسماء لا يكفي بل يعتبر تقصيرًا في الواجب إن كان لدى السيد المالكي معلومات دقيقة وأكيدة حول تورط هؤلاء في تدهور الأمن. صحيح أن الوضع السياسي المتأزم قد يتطلب التجاوز عن بعض الأخطاء من يتجاوز على الأمن يتجاوز على الشعب العراقي كله لذلك يجب محاسبة كل من أخل بالأمن أو تسبب في ذلك".
إلى ذلك أكد المحلل السياسي فلاح المشعل أن المالكي ورط نفسه فعلاً باعلانه هذا، وقال: "المالكي لم يضع نفسه تحت طائلة القانون وحسب، انما ارتكب انتهاكات متعددة، أولها يتمثل في أنه يقصد عرقلة عمل البرلمان في واحدة من أخطر الملفات، ألا وهو الملف الأمني الذي استدعاه البرلمان للحوار والمناقشة عن أسباب انهياره المتكرر لكنه يهمل الدعوة وللمرة الثالثة وهو إعلان صريح باسقاط سلطة البرلمان".
وأضاف: "الشيء الآخر المهم الذي ورط نفسه به المالكي، هو اعلانه وجود ملفات ارهاب وفساد كبيرة لكنه يتستر عليها، وهذا بالعرف القانوني مشاركة بالجرم، الشيء الآخر ايضًا هو أن تأتي التصريحات عشية الأنتخابات (التصويت الخاص) وفي وسائل اعلام الدولة، وهذا يعني استفراد بسلطة الإعلام وانهاء استقلاليته، بل وتوظيفه لاغراض تزرع الفرقة الوطنية وتجذر لسلوك الإستبداد والتهديد، وشحن الأجواء بالتوتر وعدم احترام الشركاء السياسيين من خلال اتهامهم بالأرهاب والفساد".
لم يوّرط نفسه!
أما المحلل السياسي عبد الأمير المجر فرأى أن المالكي لم يورط نفسه كون المرحلة لا تسمح بفتح المزيد من الملفات، وقال: "المرحلة لا تسمح بفتح المزيد وهذه من تكتيكات السياسة التي يتحملها واقعنا العراقي للاسف.. القانون لدينا لم ينضج على مستوى التعاطي بمفرداته كاملة مع واقع سياسي مربك نعرف تفاصيله وفي العموم علينا أن ندرك أن لا شيء مثالي في العراق قبل أن تتشكل حكومة اغلبية سياسية وليست طائفية وبعده يكون الحديث مختلفاً.. لعل ذلك في الدورة القادمة..نأمل ذلك.. اما على المستوى المبدئي فلنا مع الامر موقف مختلف على المستوى الشخصي طبعًا"!
الكاتب محمد بديوي الشمري أكد أن القانون يعتبر المتستر على الجريمة شريكًا فيها، وقال: من أغرب التصريحات التي سمعتها؛ تصريح رئيس الوزراء نوري المالكي هذا الذي يقول فيه "أنا أقبل أن أذهب إلى البرلمان، لكن إن ذهبت سأجعل الدنيا تنقلب" ثم يوضح المالكي أن ما يمنعه من كشف هذه الملفات الآن هو رد الفعل الخطير، الذي سيصيب العراق، مفضلًا التريث حقنًا للدماء، وملمّحًا إلى أن من بين المتورّطين نواباً من التحالف الوطني وبقية الكتل، من خلال استخدام نفوذهم وبطاقات تنقل عناصر حماياتهم.
وأضاف: هذا الحديث يعني أن السيد المالكي وضع نفسه تحت طائلة القانون باعتباره "متسترًا على الجريمة" والقانون يعد المتستر على الجريمة شريكًا بها بغض النظر عن الاسباب والمسوغات. والامر هنا يتعلق بدماء الناس التي سالت وما زالت تسيل في الشوارع.. انا لست قانونيًا ولا اريد أن افتي بما يوجبه القانون في مثل هذه الحالة لكنني احفظ قوله تعإلى "ولا تكتموا الشهادة، من يكتمها فانه آثم قلبه، والله بما تعلمون عليم".
641 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع