العرب/بغداد - ينغصّ تمرّد ميليشيا حركة النجباء المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وبرفضها الانصياع لقرار حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني بحماية المصالح والقوات الأميركية في العراق، على قادة القوى الشيعية ومن ضمنهم زعماء ميليشيات مماثلة للنجباء، تقمّص دور رجال الدولة باعتبارهم جزءا من الإطار التنسيقي الذي قام بتشكيل حكومة السوداني إثر الانتخابات النيابية الماضية، وبات معنيا بالحفاظ على تماسكها وتجنيبها حرج الدخول في خلاف مع الولايات المتّحدة بسبب ما تتعرض له سفارتها وقواتها الموجودة على الأراضي العراقية من هجمات.
وتصنّف حكومة السوداني استهداف البعثات الدبلوماسية والقواعد العسكرية التي تستضيف قوات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتّحدة كأعمال إرهابية. وقد أعلنت مؤخّرا القبض على مجموعة من مستهدفي السفارة الأميركية في بغداد.
وجدّد مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي الذي ينتمي إلى ميليشيا بدر بقيادة هادي العامري، في اتصال مع مساعد الأمين العام للعمليات بمقر حلف الناتو في بروكسل، على التزام الحكومة العراقية بحماية البعثات الدبلوماسية والمستشارين العسكريين الدوليين.
وردّ أكرم الكعبي الأمين العام لميليشيا النجباء المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني بشدّة على ذلك معتبرا أنّه بمثابة “قبّة سياسية” لحماية القوات الأميركية.
وأصبحت شخصيات مثل العامري والأعرجي وقيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، في حرج شديد، كونهم يتزعمون فصائل تدّعي الانتماء للمقاومة وتناهض وجود القوات الأميركية في العراق، وسبق لها أن أصدرت سنة 2020 قرارا برلمانيا بإخراجها من البلاد، ولكنّهم في نفس الوقت قادة بارزون في الإطار التنسيقي ومرغمون على التماهي مع سياسة الحكومة وقراراتها بما فيها تلك التي تتعلّق بحماية البعثات الدبلوماسية والقوات الأجنبية الموجودة في العراق استنادا إلى اتفاقات سابقة.
وأصبح العديد من قادة الميليشيات العراقية في مرحلة ما بعد تنظيم داعش التي شاركت تلك الفصائل بفاعلية في محاربته، منغمسة بشكل متزايد في العمل السياسي، ويبدو أن لعبة السلطة قد استهوتها بعد أن أصبحت قابضة عليها بالكامل من خلال الحكومة التابعة لها، وقد سعت عبر مشاركتها في الانتخابات المحلية الأخيرة في مزيد تركيز نفوذها بالسيطرة على مجالس المحافظات بما تمتلكه تلك المجالس من سلطات واسعة وما يوضع بين أيديها من ميزانيات ضخمة.
وهاجم الكعبي الموقف الحكومي من وجود القوات الأميركية في العراق، وقال في بيان “كلما اقتربت المقاومة من النصر وإذلال الاحتلال ارتفع صراخ البعض حتى كدنا لا نميز هل الاحتلال هو من لا يريد الرحيل، أم هؤلاء البعض”، مضيفا “صاروا يحمونه بقبة سياسية سرادقها الخضوع وأعمدتها تزييف الحقاق والتضليل”.
وورد أيضا في البيان قول زعيم النجباء “وصل بنا الحال أننا لا نريد موقفهم مع المقاومة الإسلامية العراقية، بل أقلها ألاّ يكونوا مع صف عدو العراق وعدوكم وعدونا”.
كما توعّد بالتمادي في تحدي حكومة السوداني بالقول “لن تنطلي علينا حيل المحتل وألاعيبه ولن تتوقف المقاومة العسكرية حتى إعلان النصر، فلا توقف ولا مهادنة ولا تراجع”.
وأحيا اندلاع الحرب بين حركة حماس الفلسطينية وإسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي مطالبة قوى شيعية عراقية بإخراج القوات الأميركية من البلاد ردا على الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل.
واستند ذلك إلى قرار سابق وقفت القوى ذاتها وراء إصداره قبل نحو ثلاث سنوات تحت قبة مجلس النواب إثر مقتل قاسم سليماني زعيم الحرس الثوري الإيراني ومعاونه العراقي أبومهدي المهندس بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي. ويقضي القرار بإجبار الحكومة على إخراج القوات الأجنبية المتواجدة على الأراضي العراقية.
إلاّ أنّ جدية تلك القوى في مسعاها لطرد القوات الأميركية اختلفت كثيرا بين الفصائل المسلّحة الأكثر ارتباطا بالحرس الثوري الإيراني مثل حركة النجباء وحزب الله العراق، ومثيلاتها الأميل إلى الانخراط في لعبة الحكم مثل عصائب أهل الحق.
ودار مؤخّرا سجال معبّر عن ذلك الاختلاف بين زعيم العصائب قيس الخزعلي وزعيم كتائب حزب الله العراق أبوحسين الحميداوي الذي نفى بشكل قاطع أن تكون العصائب ضمن الفصائل المشاركة في استهداف القوات الأميركية.
وبحسب أرقام أميركية فقد وصل عدد الهجمات على مواقع تمركز الجيش الأميركي في العراق وسوريا منذ التاريخ المذكور إلى سبعة وتسعين هجوما، بينما أدت المرات القليلة التي ردّت فيها القوات الأميركية إلى مقتل ما لا يقل عن خمسة عشر عنصرا من عناصر الميليشيات.
1706 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع