المدى-بغداد/ تميم الحسن:قبل اسابيع قليلة بدأت اولى ترتيبات الحوار بين بغداد وواشنطن بشأن اخراج قوات التحالف، لكن على الاغلب لن يتم ذلك الا بعد انتهاء ولاية حكومة محمد السوداني الحالية بعدة سنوات.
ويؤشر مراقبون على ان انسحاب القوات الامريكية للمرة الثالثة من البلاد- الخروج الثاني كان نهاية 2021 حسب بيان حكومي- قد يهدد العراق بالعزلة والتعرض لهجمات "داعش".
واعلن السوداني في عطلة نهاية الاسبوع، ان موقف حكومته "ثابت ومبدئي" من اخراج قوات التحالف الدولي بعد انتهاء مبررات وجوده في العراق. وجاء هذا الموقف بعد ساعات من إعلان واشنطن مساعدة العراق لتحديد اماكن تواجد ما اسمتهم "وكلاء ايران" في العراق، في اشارة الى الفصائل، فيما نفت بغداد ذلك.
وكانت واشنطن قبل ذلك بيوم واحد قد اكدت مقتل قيادي في احد الفصائل المسلحة التي تتهمها بقصف عسكريين امريكيين في العراق، بغارة وسط بغداد.
وبحسب مسؤول قريب من الاطار التنسيقي تحدث لـ(المدى) ان التحالف الشيعي "فوض محمد السوداني قبل اكثر من شهر للتباحث مع واشنطن من اجل اخراج تلك القوات من البلاد".
ويوجد في العراق نحو 2500 جندي أميركي، يعملون في اطار ما تبذله واشنطن من مساعي لمنع عودة تنظيم داعش الذي سيطر على قرابة نصف مساحة العراق في عام 2014.
ويؤكد المسؤول الذي طلب عدم الاشارة الى اسمه انه "منذ مطلع الشهر الماضي ، بدأت فعليا اولى التحضيرات للمفاوضات بين الطرفين، لكن على الاغلب إجراء اجلاء القوات سيكون بين 3 الى 5 سنوات، ما يعني بعد انتهاء ولاية السوداني بعدة سنوات (تنتهي ولاية الحكومة الحالية العام المقبل)". ويوم الجمعة قال رئيس الحكومة: "نؤكد موقفنا الثابتَ والمبدئيَّ في إنهاءِ وجودِ التحالفِ الدولي بعد أن انتهت مبرراتِ وجوده". واضاف في حفل تأبيني اقامه الحشد بذكرى حادثة المطار، إنه بصددِ تحديدِ موعد "بدء الحوار من خلالِ اللجنةِ الثنائيةِ التي شُكلت لتحديدِ ترتيباتِ انتهاءِ هذا الوجود، وهو التزامٌ لن تتراجع عنهُ الحكومةُ".
وبدا كلام السوداني كانه رد فعل على ما صرحت به وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) في ان بغداد تتعاون لتحديد أماكن وجود الفصائل المتهمة بقصف القوات الامريكية، ومقتل "ابو تقوى السعيدي" في اول حادث اغتيال لقيادي في الفصائل بعد حادث المطار.
ونفذت الفصائل منذ منتصف تشرين الاول الماضي، بعد ايام من اندلاع حرب غزة، اكثر من 100 هجوم على قواعد امريكية في الداخل والخارج. وقال السكرتير الصحفي في "البنتاغون" بات رايدر، يوم الجمعة، ان واشنطن اتخذت الإجراءات اللازمة والمتناسبة ضد "مشتاق جواد كاظم الجواري، المعروف أيضا باسم أبو التقوى، والذي كان زعيما لحركة النجباء".
واكد رايدر ان "باو تقوى شارك بشكل نشط في تخطيط وتنفيذ هجمات ضد أفراد أمريكيين"، مبينا ان الغارة أدت الغارة إلى مقتل عضو آخر في حركة النجباء.
واضاف "نحن نعلم أن قوات الأمن العراقية واصلت المساعدة في تحديد بعض الحالات التي نفذ فيها هؤلاء الوكلاء الإيرانيون هجمات ضد القوات الأمريكية، ونحن نقدر هذا الدعم بشدة، وسنستمر في الاعتماد على هذه العلاقة". بالمقابل ردت خلية الاعلام الامني، المرتبطة بالحكومة العراقية، بالنفي على تلك المعلومات التي احرجت بغداد. وقالت في بيان "ننفي بشدة وجود مثل هذا التعاون"، مؤكدة في الوقت ذاته على أن حادث مقتل السعيدي، تم تنفيذها بشكل مباشر "من دون علم أي جهة عسكرية أو أمنية عراقية كما هو حال الاعتداءات الأخيرة التي طالت مواقع أمنية". وهذا هو الهجوم السابع الذي تنفذه واشنطن داخل العراق، منذ احداث غزة، حيث ارتفع عدد الضحايا من الفصائل الى نحو 20 بين قتيل وجريح.وكانت بغداد قد اعلنت في وقت سابق، اعتقال منفذي تلك الهجمات على القوات الامريكية، وقالت انهم مرتبطين بالقوات الامنية، دون اعطاء تفاصيل اخرى.
الى ذلك يقول احسان الشمري الأكاديمي ورئيس مركز التفكير السياسي لـ(المدى) ان "الدعوة الى جدولة الانسحاب الامريكي هي رد فعل على مقتل آمر لواء 12 في الحشد الشعبي (ابو تقوى السعيدي)، وهي جزء من السياسة الاسترضائية التي يقوم بها السوداني تجاه الإطار التنسيقي والتي بدأت تتهم الحكومة بشأن التورط في قضية ضرب الفصائل".
وبين الشمري ان المحاولات الجديدة لإخراج قوات التحالف لا تختلف عن تلك التي قامت بها حكومة مصطفى الكاظمي السابقة، والتي كانت أيضا من ضمن تعهدات رئيس الوزراء آنذاك للفصائل من اجل تهدئة الاوضاع السياسية.
وفي نهاية 2021، اعلنت بغداد نهاية الدور القتالي لقوات التحالف الدولية، والانتقال إلى مهمة جديدة تتمثل بتقديم المشورة والمساعدة والتمكين للقوات العراقية، فيما شكك الاطار التنسيقي بعد ذلك بصدق الاجراءات.
وكانت القوات الامريكية قد عادت الى بغداد، بطلب من الحكومة في 2014 على خلفية دخول "داعش"، بعد ان خرجت لاول مرة نهاية 2011.
وعن آثار الانسحاب أشار الشمري وهو استاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، الى ان "هذا الاجراء سوف يستفز واشنطن، وستعرف انها راهنت رهاننا خاطئا على السوداني الذي كانت تتوقع انه سينفذ سياسة الشراكة بين الطرفين".
وبين الشمري ان الاجراء سيمهد الى "بداية جفاء امريكي واستدارة امريكية عن العراق، بالتالي سيؤدي الى تخفيض التمثيل الدبلوماسي ويعقبه إجراء مماثل من باقي الدولي مما يضع العراق في عزلة دولية". كذلك اكد استاذ السياسات العامة الى ان القوات الامريكية "مازالت تقدم المشورة العسكرية، والدعم اللوجستي، والتسليح والضربات الجوية، وتقديم تحديث للعقلية العسكرية بشكل دائم وهو ما تحتاجه كل الجيوش في العالم". ومازال العراق حتى الان، بحسب تصريحات رسمية، يفتقر الى منظومة دفاع جوية متطورة، فيما "داعش" يشن بين حين واخر هجمات في بعض القرى البعيدة.
وعن البديل يقول الشمري ان "الحكومة لم تطرح بديلا عن القوات الامريكية، لكن بحسب وجهة نظر حلفاء الحكومة ان ايران ستكون هي البديل".
1546 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع