أثار مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري، الذي تقدم به وزير العدل حسن الشمري، جدلًا واسعًا وسخطًا من منظمات المجتمع المدني التي اعتبرته انتهاكًا خطيرًا لحقوق الطفولة، لأنه يجيز تزويج الطفلة تحت سن تسعة أعوام.
أ.ف.ب/بغداد: أحال مجلس الوزراء العراقي مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري المؤلف من 253 مادة الى مجلس النواب للمصادقة عليه، على أن يتم تشكيل لجنة علماء للنظر به، ويأتي ذلك قبيل اجراء الانتخابات العامة. ويحدد مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري قواعد الميراث والزواج والطلاق والنفقة، ويرى المدافعون عن القانون أنه لا يفعل سوى تنظيم الممارسات اليومية لاتباع المذهب الجعفري.
خطوة إلى الوراء
لكنّ معارضيه الذين يمثلون تيارات مدنية يعتبرون المشروع خطوة الى الوراء وانتهاكًا لحقوق المرأة في العراق ويشعرون بالقلق من أن يزيد الاحتقان الطائفي. واستبعد المحلل السياسي احسان الشمري حصول المشروع على تأييد في مجلس النواب وسط رفض واضح من المرجعية الدينية في النجف.
وقال الشمري: "في ظل رفض المرجعية لهذا المشروع، فإن تمريره في البرلمان يعد حلمًا لمن تبناه". وأثارت المسودة غضب منظمات المجتمع المدني التي اعتبرته انتهاكاً صارخاً لحقوق الطفولة. وقالت هناء ادورد رئيسة منظمة "الأمل" إن "مشروع القانون هو جريمة انسانية، وانتهاك لحقوق الطفلة لمحاولة وضع سن البلوغ حتى بعمر أقل من ثماني سنوات، وهذا انتهاك للطفولة والحياة الآمنة للطفلة".
انتهاك حقوق المرأة
وتسمح مسودة القانون لولي الامر بتزويج بنته حتى قبل بلوغها تسع سنوات، وتحرمها من النفقة في ذات الوقت. وقالت ادورد إن "المشروع ألغى حق المرأة في النفقة الا اذا سمحت له (الرجل) أن يستمتع بها جنسيًا".
وأضافت أن "المشروع حوّل المرأة الى أداة استمتاع جنسي بحت، حينما يصف أنه يستمتع بها وقت ما شاء، ويمنعها من الخروج الى العمل والى خارج البيت إلا بإذن الزوج، والقضية متعلقة بشهوة الرجل".
وانتقادات ادورد ترددت اصداؤها لدى عدد كبير من المعارضين ابتداء من المنظمات المدنية المحلية، وصولاً الى منظمة هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، وحتى مبعوث الامم المتحدة في العراق قال إن المسودة تسهم في تفتيت الهوية الوطنية".
وقال نيكولاي ملادينوف في بيان إن "مشروع القانون يقوض المكاسب التي تحققت لحماية وتعزيز حقوق النساء والفتيات، والتي يحميها الدستور". وتفيد دراسة اجراها مكتب السكان المرجعي ومقره واشنطن في 2013، أن ربع النساء في العراق يتزوجن قبل سن الثامنة عشرة.
عنصرية!
واغضب القانون الطائفة المسيحية في العراق، والتي اعتبرته تجاوزاً على الديانة وتكريسًا للعنصرية. وتنص احدى مواد القانون على أنه لا يصح زواج المسلم من غير المسلمة. وواجه المشروع معارضة من كبار المراجع في النجف حيث اعتبر المرجع الكبير بشير النجفي أن المشروع "ينطوي على شطحات في الصياغات الفقهية والقانونية لا يوافق عليها فقيه".
وركزت بعض الانتقادات حول بعض فقراته التي تسمح للطفلة بالطلاق بعمر تسع سنوات، الامر الذي يعني أن الطفلة تستطيع الزواج قبل هذا العمر اصلاً، وتلك التي تتطلب من المرأة ممارسة الجنس مع زوجها في الوقت الذي يطلبه.
ومن الفقرات الأخرى التي سخر منها ناشطون، كيفية تقسيم الرجل لوقته مع زوجاته الاربع، وكيف يمكنه أن يقضي يوماً اضافيًا مع أخرى. ويقول المدافعون عن المشروع إن المشروع لا يلغي قانون الاحوال المدنية الساري انما سيكون رديفاً لمن يختار الاحتكام اليه.
وقال النائب عمار طعمة عن حزب الفضيلة الذي شرع القانون "نحن نؤيد مشروع القانون ومبرراتنا أنه يستند للمادة 41 في الدستور، والمادة 19 في الدستور التي تكفل الخصوصية للافراد بما لا يتعدى على حقوق الآخرين.
واضاف أن "القانون الوضعي رقم 59 (قانون الاحوال المدنية الجاري) فيه مخالفات للشريعة الاسلامية، سجله المرجع محسن الحكيم".
واضاف أن "الفكرة من القانون هو أن كل مذهب يحتكم وينظم احواله الشخصية وفق ما يعتقد به"، لكنه اكد أن المهم في القانون أنه "لا يلغي القانون النافذ لذلك فكل طائفة تنظم احوالها وفق ما تعتقد به، لذا لا حاجة الى هذا الضجيح حوله".
بدوره، قال وزير العدل حسن الشمري في تصريح صحافي إن "المعترضين على مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري لم يطلعوا على مواد وفقرات القانون الذي يصب بالتأكيد في مصلحة المرأة ويعد الضمانة الاساسية لحفظ كرامتها وحقوقها".
ليس بديلاً
وقال مصدر حكومي إن مجلس الوزراء وافق على القانون على أن يكون فقرة داخل قانون الاحوال المدنية الساري، وليس بديلاً عنه. ولا يزال القانون في ادراج مجلس النواب الذي يواجه منذ اشهر مشاكل في انعقاده إثر الاختلاف حول قانون الموازنة العامة التي لم تمرر حتى الآن.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي احسان الشمري "أن هناك بعدًا سياسيًا في قضية فرض المشروع على الرغم من رفض المرجعية له". واضاف "اعتقد أنه طرحه في الوقت الحالي يأتي لدواعٍ انتخابية ذات ابعاد سياسية".
1596 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع