فدوى طوقان شاعرة فلسطين
فدوى طوقان(1917 - 2003) أهم شاعرات فلسطين في القرن العشرين من مدينة نابلس وهي من إحدى أعرق عائلات فلسطين، ولقبت بشاعرة فلسطين، حيث مثّل شعرها أساسًا قويًا للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على المجتمع
السيرة الشخصية
ولدت فدوى طوقان في مدينة نابلس عام 1917 ، وتلقت تعليمها حتى المرحلة الإبتدائية، حيث اعتبرت عائلتها مشاركة المرأة في الحياة العامة أمرًا غير مقبول، فتركت مقاعد الدراسة واستمرت في تثقيف نفسها بنفسها، ثم درست على يد أخيها شاعر فلسطين الكبير إبراهيم طوقان، الذي نمى مواهبها ووجهها نحو كتابة الشعر، كما شجعها على نشره في العديد من الصحف العربية، وأسماها ( أم تمّام) ثم أسماها محمود درويش لاحقاً أم الشعر الفلسطيني
إبراهيم طوقان
ومع أنها وقّعت قصائدها الأولى باسم ( دنانير) ، وهو اسم جارية، إلا أن أحب أسمائها المستعارة إلى قلبها كان ( المطوّقة) لأنه يتضمن إشارة مزدوجة، بل تورية فصيحة إلى حال الشاعرة بالتحديد.
فالمطوقة تعني انتسابها إلى عائلة طوقان المعروفة، وترمز، في الوقت نفسه، إلى أحوالها في مجتمع تقليدي غير رحيم
وقد توالت النكبات في حياة فدوى طوقان بعدما توفي والدها ثم أخوها ومعلمها إبراهيم، وأعقب ذلك إحتلال فلسطين إبان نكبة 1948، وقد تركت تلك المآسي المتلاحقة أثرها الواضح في نفسية فدوى طوقان كما يتبين من شعرها في ديوانها الأول وحدي مع الأيام
وفي الوقت نفسه فان ذلك دفع فدوى طوقان إلى المشاركة في الحياة السياسية خلال الخمسينيات من القرن الماضي
سافرت فدوى طوقان إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي، وأقامت هناك سنتين، وفتحت لها هذه الإقامة آفاقًا معرفية وإنسانية حيث جعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة الحديثة
وبعد نكسة حزيران 1967، خرجت من قوقعتها لتشارك في الحياة العامة في نابلس، فبدأت بحضور المؤتمرات واللقاءات والندوات التي كان يعقدها الشعراء الفلسطينيون البارزون من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وسالم جبران وإميل حبيبي وغيرهم
وفي مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003 ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عامًا قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين، وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة
كفاني أموت عليها وأدفن فيها
وتحت ثراها أذوب وأفنى
وأبعث عشبًا على أرضها
وأبعث زهرة إليها
تعبث بها كف طفل نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
ترابًا، وعشبًا، وزهرة. ...
ولعلَّ فرادة فدوى طوقان إنها كانت الأكثر جرأة على الذات، والأكثر إندفاعًا في البوح والإعتراف، ويكاد لا يجاريها في هذا المضمار إلا الأديبة السورية غادة السمان
وقد اقتحمت فدوى هذا الحقل المزروع بالألغام بجرأة مدهشة في مجتمع ذكوري محافظ ولم تتورع عن كتابة سيرة حياتها الخلابة في جزءين: رحلة جبلية رحلة صعبة والرحلة الأصعب
ولعلَّ هذه السيرة تُعد من أجمل كتب البوح والإعتراف التي نُشرت في العقدين الأخيرين، ولا ينافسها في ذلك إلا الخبز الحافي لمحمد شكري وخارج المكان لإدوارد سعيد
الناقد المصري أنور المعداوي
ولعلَّ جرأتها تكمن هنا بالتحديد، أي في مصادمتها ذكورية المجتمع النابلسي من خلال اعترافاتها التي كشفت فيها حياتها الغرامية على الرغم من انها أخفت الكثير من الجوانب المهمة والحيوية في رحلتها الصعبة، فقد وثق الناقد الناقد المصري رجاء النقاش في كتاب ظهر في أواسط السبعينات قصة حب قال أنها جمعت بين فدوى طوقان والناقد المصري أنور المعداوي ولكن عن طريق الرسائل فقط، ما يعيد إلى الذاكرة قصة مي زيادة وحبها لجبران خليل جبران
الآثار والمؤلفات النثرية والشعرية
صدرت للشاعرة عدة مجموعات شعرية نذكر منها
وحدي مع الأيام، دار النشر للجامعيين، القاهرة ،1952 م
وجدتها، دار الآداب،بيروت، 1957م
أمام الباب المغلق
الليل والفرسان، دار الآداب، بيروت، 1969م
على قمة الدنيا وحيدا ً
تموز والشئ الآخر
اللحن الأخير، دار الشروق، عمان، 2000م
ومن آثارها النثرية أيضا
أخي إبراهيم، المكتبة العصرية، يافا، 1946م
رحلة جبلية رحلة صعبة (سيرة ذاتية) دار الشروق، 1985م
الرحلة الأصعب (سيرة ذاتية) دار الشروق، عمان، (1993) ترجم إلى الفرنسية
حزنها على فقدها لأخيها إبراهيم طوقان
فقد كان إبراهيم معلمها الأول الذي أخرجها بتدريسه إياها مما كانت تعانيه من انعدام تقدير المجتمع لإبداعاتها ومواهبها، ويظهر أثر موت أخوها إبراهيم جليا عندما نراها تهدي أغلب دواوينها إلى " روح أخي إبراهيم " ويظهر أيضا من خلال كتابها " أخي إبراهيم " والذي صدر سنة 1946 إضافة إلى القصائد العديدة التي رثته فيها خاصة في ديوانها الأول " وحدي مع الأيام "
قضية فلسطين
فقد تأثرت فدوى طوقان باحتلال فلسطين بعد نكبة 1948 وزاد تأثرها بعد احتلال مدينتها نابلس خلال حرب 1967 فذاقت طعم الاحتلال وطعم الظلم والقهر وانعدام الحرية. يقول عنها عبد الحكيم الوائلي : " كانت قضية فلسطين تصبغ شعرها بلون أحمر قان ففلسطين كانت دائما وجدانا داميا في أعماق شاعرتنا فيأتي لذلك شعرها الوطني صادقا متماسكا أصيلا لا مكان فيه للتعسف والافتعال "
تجربتها الأنثوية
لقد مثلت فدوى طوقان في قصائدها الفتاة التي تعيش في مجتمع تحكمه التقاليد والعادات الظالمة، فقد منعت من إكمال تعليمها ومن إبراز مواهبها الأدبية ومن المشاركة في الحياة العامة للشعراء والمثقفين ومنعت من الزواج، كل ذلك ترك أثره الواضح في شعر فدوى طوقان بلا شك وجعلها تدعو في كثير من قصائدها إلى تحرر المرأة وإعطائها حقوقها واحترام مواهبها وإبداعاتها، مما جعلها محط احترام وتقدير غيرها من الأديبات اللاتي شاركنها نفس الفكر، فتقول عنها وداد السكاكيني: " لقد حملت فدوى طوقان رسالة الشعر النسوي في جيلنا المعاصر يمكنها من ذلك تضلعها في الفصحى وتمرسها بالبيان وهي لا تردد شعرا مصنوعا تفوح منه رائحة الترجمة والاقتباس وإن لها لأمداً بعيداً هي منطلقة نحوه وقد انشق أمامها الطريق "
الجوائز
كرست فدوى طوقان حياتها للشعر والأدب حيث أصدرت العديد من الدواوين والمؤلفات وشغلت عدة مناصب جامعية بل وكانت محور الكثير من الدراسات الأدبية العربية إضافة إلى ذلك فقد حصلت فدوى طوقان على العديد من الأوسمة والجوائز منها:
جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر الأبيض المتوسط، باليرمو، إيطاليا 1978م
جائزة سلطان العويس، الإمارات العربية المتحدة، 1989م
وسام القدس، منظمة التحرير الفلسطينية، 1990
جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، ساليرنو، إيطاليا
جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، إيطاليا 1992
وسام الاستحقاق الثقافي، تونس، 1996م
وسام أفضل شاعرة للعالم العربي، الخليل
رحم الله شاعرتنا العربية الفلسطينية الكبيرة فدوى طوقان ، ولعل العزاء يكمن في قصائدها الخالدة
المصدر - الموسوعة الحرة
1355 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع