سوق هرج في بغداد.. مقتنيات ثمينة تعود إلى تاريخ العراق القديم
حيثُما نمُرّ في شوارعهِ نتنفسُ عطراً بغدادياً قديماً، لِنستذكر عراقة هذهِ المدينة وتاريخها الذي يمتدُ إلى العصور العباسية حيثُ يعودُ ذلك السوق.
سوقُ الميدان أو ما يُسمى بسوق (هرج) والذي يقعُ في بداية شارع الرشيد بجانب منطقة السراي القديمة مركز الحكومة في العهد العثماني على الضفة الشرقية من نهر دجلة، اليوم تشهدُ تلك المنطقة وذلك السوق إهمالاً لا مثيل لهُ، فبالرغم من وجود جميع المقومات التي تجعل هذا السوق منطقةً سياحية كبيرة (حيثُ إنها تعود إلى تاريخ كبير، كما إن محالها التجارية تُعرض كل ما هو أثري ومقتنى من الـ(أنتيكات) التي تعود إلى عشرات السنين، والتي بعضها يخص الملوك والزعماء العراقيين في الأزمان السابقة)، وفي جولةٍ لـ”عمان”، داخل شوارع السوق ومحالها رصدنا الكثير مما هو مثير لكنه مهمل.
زهير عبد الحسن وهو أحد أصحاب المحال، يقول إن “سوق هرج يحتوي على مُقتنيات غير موجودة في العالم بأكملهِ تعود إلى تاريخ قديم جدا”، مؤكداً أن “أغلب من يزور السوق هم أغنياء البلد لأنهم قادرون على دفع مبالغ طائلة في سبيل تجميع هذه المقتنيات”. ويضيف أن “جميع المقتنيات القديمة تصل أسعارها إلى ما يقارب ألف دولار وما فوق ذلك” مبيناً أن “هناك بعض المقتنيات المستوردة والتي تكون مشابهة للمقتنيات القديمة إلا إنها مصنعة حديثاً وهذه تكون بأسعار منخفضة باعتبارها لا تمتلك تاريخا وعمرا زمنيا عريقا”.
إلى ذلك، يؤكد أبو محمد صاحب محل مختص ببيع أجهزة المذياع والمسجلات والبيانو والأسطوانات القديمة أن “أجهزة المسجلات ما عادت تستخدم بعد التطور الكبير والأجهزة الحديثة التي غزت العراق، غير أن بعض الأشخاص الذين لا يمتلكون أجهزه حديثة ما زالوا يستخدمون أجهزة التسجيل القديمة”. ويبين “أننا نعمل على تصليح وصيانة هذه الأجهزة وبيعها، إلا إنها لا تشهد إقبالاً كبيراً إلا في بعض المناسبات مثل شهر محرم الحرام”. بدوره قال حمزة قاسم أحد أصحاب المحال المختصة ببيع السبح والأحجار الكريمة والمحابس إن “السوق يشهد إهمالاً كبيراً، وقد أثر الوضع الاقتصادي السيئ الذي تمرّ بهِ البلاد تأثيراً كبيراً على نسبة المبيعات في هذا السوق”. ويضيف أن “السوق يخلو من السياح، بالسابق كان السوق يكتظ بالسياح من مختلف أنحاء العالم والوطن العربي، لأنه يمتلك مقتنياتٍ ثمينة غير متوفرة في أسواق أُخرى”، مستدركاً بالقول “لا أحد من الأشخاص والأفراد ذوي الدخول العادية يستطيع زيارة السوق واقتناء البضائع، فمن يزر السوق فهو من العوائل الغنية أو المسؤولين في العراق”.
الحاج أبو محمد صاحب أكبر محل للتُحف القديمة في السوق بيد أنه “منذ ما يقارب العشر سنوات لم يشهد السوق سائحين حقيقيين، أعمالنا متوقفة إلا أننا نحب العمل في هذا المجال لما فيه من تاريخ كبير”. ويشير إلى أن “السوق يحتوي على الكثير من المقتنيات التي تعود إلى الزعماء والملوك القدامى أمثال عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف والملوك في العهد الملكي، وهناك أدلة وإثباتات على أن هذه المقتنيات تعود إلى تلك الشخصيات الكبيرة”.
رئيس لجنة السياحة والآثار في البرلمان العراقي علي محمد شريف المالكي قال “إننا عملنا مع وزير السياحة عادل شرشاب على خطةٍ مستقبلية لاستثمار هذه الأسواق باعتبارها ثروة سياحية كبيرة في البلاد”. ويؤكد “سنطلق خطة العمل خلال الأيام القليلة القادمة، ولنا محاولات لجمعِ جميع الأسواق السياحية والتي لها صدى تاريخي داخل شارع واحد لتكون منطقة سياحية يجوبها السياح من جميع أنحاء العالم”. وفي حديثٍ لهُ فيما يخص المقتنيات الخاصة بالزعماء والملوك أشار شريف إلى أن “هذه المقتنيات تعتبر ملكا عاماً، ونحن نعمل مع قسم الاسترداد في وزارة السياحة على مراقبة كل من يملك مثل هذه المقتنيات واستعادتها، وهذا ما حصل حين افتتحنا متحفاً خاصاً بالزعيم عبد الكريم قاسم، وهذا ما سيتم التأكيد عليه مستقبلياً لاسترجاع كل ما خسره العراق من تاريخه خلال السنوات السابقة”.
وما زالت السياحة العراقية تبحثُ عن مشروعٍ يتبناها، لتقف الأسواق السياحية مثل سوق هرج والصفافير وشارع المتنبي مهملةً منسية دون عناية إلا عناية شخصية من بعض المواطنين.
المصدر:نبراس الذاكرة
الكاتب:جبار الربيعي
1119 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع