"اليشماغ والعقال والجراوية ارث عراقي عريق يجب المحافظة عليه في ظل العصرنة والعولمة"

  

"اليشماغ والعقال والجراوية ارث عراقي عريق يجب المحافظة عليه في ظل العصرنة والعولمة"

        

 

                     بقلم/ سرور ميرزا محمود

     

يمكن القول أنه لا توجد بقعة على وجه الأرض إلا ولها طبيعتها الجغرافية ومناخها وطقسها الذي  يحتم طريقة ونمط حياة ساكنيها ودلالة زيي ملبسهم، ولهذا أن كثير من السلوكيات التي نمارسها، والطقوس والمعتقدات التي نؤمن بها، والأزياء التي نرتديها، والرقصات التي نؤديها، تحمل في أحشائها بذوراً من الماضي القديم، وعندما نتبحر ونغطس في مسارات التاريخ، نرى أن الماضي ما زال حياً في امواج انفسنا ومسارات نمط سلوكياتنا وكأننا نعود الى جذورنا، من دون أن نعي ذلك.
لقد شكلت الازياء التقليدية موروثاً وتراثاً وعادات تختلف في تفاصليها وألوانها وطريقة خياطتها وحياكتها وأسلوب لباسها من دولة إلى أخرى، ومن شعب إلى آخر، ومسألة التمسك بها عبر الأجيال المختلفة، تتحكم فيها عوامل كثيرة منها، الطبيعة الجغرافية ومناخها، والثقافة العامة، ومسيرة تطور المجتمع، والتكيف مع تحديات العصرنة والتجديد، وكيفية مجابهة مسارات زمن العولمة الذي نعيشه الآن والتكيف معه، فلا يوجد ما يمنع من مواكبة حاضر يومنا وما يليه من الايام القادمة شريطة الحفاظ على تراث الماضي العريق، حتى لا يزول او يندثر.
كان الإنسان العراقي أقدم من عرف الملابس والأزياء وتفنن في صنعها، وتدلنا النقوش السومرية والتماثيل البابلية والآشورية، على مدى الخيال الثري لهذا الانسان، في إيجاد النماذج والتنوع لقطع الملابس التي كان يرتديها
ترجع أصول الألبسة المنسوجة، إلى الحضارات الزراعية المتاخمة لأحواض الأنهار الدافئة، كبلاد الرافدين، ونهر النيل والسند والغانج وغيرها، تلك الحضارات التي عرف سكانها زراعة النباتات الليفية ونسجها، إذ زينوه بما يمثل شبكة صيد والتي كانت تعتبر مصدر رزقهم كونهم كانوا يعيشون على إصطياد الأسماك، ومنهم إنتقل إلى الأقوام المجاورة في جنوب غرب عيلام إيران حالياً وإلى الجزيرة العربية، ازدهرتْ صناعة النسيج خلال العهد السومري واستخدم فيها خيوط الصوف والكتان، وكان الكهنة خلال فصل الربيع يرتدون الملابس البيضاء بشكل يغطيهم من الرأس حتى القدمين وان بعض هؤلاء الكهنة يضعون على رؤوسهم وفوق القماش الابيض شبكة سوداء مصنوعة من صوف الاغنام كشبكة صيد السمك لترمز الى موسم الخير والتكاثر والبعض يعللها لطرد الارواح الشريرة، فإنها مع مرور الزمن صارت ملاصقة لليشماغ والعقال و...

                         

يعود تاريخ لبس الشماغ"اليشماغ"  كما يطلق عليه في شمال الجزيرة العربية والأردن والعراق إلى حضارات ما بين النهرين في العراق قديماً، حيث وردت كلمة شماغ في اللغة السومرية، وهي تتكون من مقطعين “اش ماخ” بمعنى غطاء الرأس، واكثر تفصيلاً تعني غطاء رأس الكاهن ليميزه عن باقي الناس، واستحدث السومريون نقشة الشماغ بشكل يجسد شبكة صيد الاسماك، وكانت أنماط توزيع الألوان على الشماغ تحاكي شباك الصيد أو سنابل القمح كما يعتقد الباحثون في الملابس التقليدية، وتمكن الشماغ من الصمود منذ تلك الفترة إلى وقتنا الحالي لمزاياه الوظيفية كالحماية من أشعة الشمس والبرد القارس ليلاً في البيئات الصحراوية وحماية الوجه من الغبار عند وضعه كلثام، وبقي أيضاً لمزاياه الجمالية ليكون علامة مميزة في ثياب العرب.
ارتداه الملك كوديا عام 2146 ق.م، ويظهر من التماثيل العديدة للحاكم السومري كوديا 2146-2122 ق.م والمحفوظة في متحف اللوفر وكوبنهاجن انه أول حاكم ارتدى اليشماغ قطعة واحدة وتتفق معظم المصادر على اختلاف مشاربها بوصف كوديا الذي اكتفى بمنصب حاكم باتشي بأنه عادل ومتدين ويحب السلام ويسعى لإسعاد شعبه ويحب مدينته الأمر الذي يجعلنا نعتقد بأنه جاء إلى الحكم ليضع حداً لتسلط بعض الكهنة وتجاوزهم لحدود صلاحياتهم فاستطاع السيطرة على جميع إيرادات المعابر خدمة للمصلحة العامة، ومهما اختلف علماء الآثار وفلاسفة الفن حول أسباب تصويره مرة حليق الرأس وأخرى يلبس اليشماغ فإن لبس اليشماغ كان له شأن عظيم في ذلك الزمان حيث جمع لابسه بين السلطة الدينية والدنيوية وخضع له الجميع وصار لباساً للأمراء وكبار الكهنة في العصر الذهبي السومري 2122-214 ق.م، كما وجدت مخطوطة لحديث بين عشتار وتموز عندما كانو يتحدثون فطلبت عشتار من تموز ان يرتدي الشماغ ليقيه الشمس.
وهكذا وبعد اجيال، انتقل لبس اليشماغ تدريجياً من لباس النخبة الحاكمة والمقدسة إلى اللبس الشعبي الأكثر رواجاً في أرض الرافدين وما حوله، وتعددت أوضاعه على الرأس منهم من لبس فوقه العقال ومنهم من لفه على الرأس بأشكال مختلفة لا تختلف كثيراً عن لفة الحاكم السومري كوديا.

                  

يلبس سكان الاهوار في الوقت الحاضر اليشماغ ذا الخطوط السوداء والتي تشبه عيون شباك الصيد، والموشح بخطوط عريضة في جوانبه وهي متموجة تشبه أمواج مياه الاهوار، وفي حافته خطوط ورسوم سوداء تمثل زعانف الأسماك تيمناً بما كان يعتقده السومريون، ولكن السادة العلويين في الاهوار يلبسون اليشماغ الأخضر بعد صبغه بمادة خضراء ليميزهم عن باقي الناس، أما الصابئة المندائيون والمنتشرون في الاهوار فكانوا يلبسون اليشماغ بخطوطه الحمراء وهم مميزون بلباسهم هذا.                                               
يصنع الشماغ من القطن أو من الكتان أو يكون مخلوطاً بالقطن والكتان معاً، ويكون خشناً وبألوان منها الأسود والأحمر والأخضر والأزرق والبُني، فالتي يغلب عليها اللون الأحمر وفيها خطوط بيض يسمونها شماغاً، والتي لونها أبيض من القماش الخفيف تسمى غترة. اما الكوفية فانها تصنع من القطن او الكتان وبألوان كثيرة اشهرها الحمراء المقلمة بالبيض، او البيضاء المقلمة بالاسود والابيض، ويرجع أصلها إلى أنها عربية مقتبسة في الأصل من اللغة اللاتينية، والرأي الثاني، وهو الأرجح أنّ الاسم كوفية جاء نسبة إلى مدينة الكوفة في العراق، ويذكر أن أحسن من كان يصنعها هم أهل الكوفة أيام الخلافة العباسية،

        

اصبحت الكوفية رمز من رموز النضال الفلسطيني عبر الاجيال، مثلت الثورة الفلسطينية وجسدت الانتفاضات، ووقفت شامخةً في المحافل الدولية وعلى منابر الامم المتحدة،  لتصبح رمزا للحق الفلسطيني المغتصب ونضاله المشروع. يا محلا هذه الكوفية وما ترمز اليه!
اهل الاردن يعتمرون الشماغ مع البدلة وربطة العنق، للحصول على مظهر متألق، في حين أن أهل الخليج والسعودية لا يرتدونه الا مع الثوب"الدشداشه".

                   

يتكون الزي التقليدي للرجال في بعض من مناطق العراق  من العقال وغطاء الرأس "الشماغ" أو الكوفية، والدشداشة، والصاية وهناك من يطلق عليها اسم "الزبون" ثم العباءة. لكن لم يحظ أي جزء من أجزاء الزي التقليدي العراقي بما يحظى به العقال من احترام وتقدير، فكان ملبوسا رئيسيا لحقبة من الزمن، لبسه جزءا كبيرا من فئات الريف والمدينة على حد سواء.

      
العقال(العكال): هو ما يلبس على رأس الرجل فوق اليشماغ او الغترة او الكوفية و مصنوع من صوف الماعز ولونه غالباً اسود، وهو جزء من اللباس الشعبي العربي التقليدي، وقد عرفه وارتداه منذ القدم أهل الجزيرة العربية والعراق وسوريا والاردن ولبنان وفلسطين وسيناء والاهواز، الذي ما زالت تحافظ عليه بعض منهم، فاللعقال دلالات و معاني كثيرة عن الرجال العرب فهو ليس جزء من الزي العربي فقط بل هو رمز للرجولة و الاصالة، كما يعطي  للرجل هيبة وشموخ واعتزاز بالنفس، وهو تاج وفخر للأنسان العربي الاصيل، يوجد العقال بانواع و الوان كثيرة، الأسود يصنع من صوف الماعز، الأبيض، الوبر يصنع من وبر الجمال ويكون لونه بني فاتح أو أبيض، المقصب لا يرتديه عامة الناس وانما يرتديه في الغالب الملوك والامراء والشيوخ والأعيان وكبار الشخصيات، وسمي بالمقصب لانه يقصب بخيوط ذهبية أو فضية، وقد ارتداه في العراق الملك فيصل الاول، وعقال (اللف) ويكون أما على شكل طبقة أو طبقتين وأشتهر في لبسه جزء من أعيان الحلة والنجف، لكن الدارج منها في الثقافة العربية و المتعارف عليها هو اللون الاسود، فمنه الرفيع الذي صار سمة لأهل الشمال وغرب العراق أما السميك أو الغليظ فهو لباس الوسط والجنوب ويتباين سمكه على ذوق لابسه فمنهم من يبالغ في ذك ومنهم من يعتدل,

         

يصنع العقال من صوف الماعز، ويكون لونه أسود له شراشيب تتدلى على ظهر الرجل ويشبه العقال الحبل المجدول ويختلف سمكه حسب عمر الرجل، وكلما زاد عمر الرجل زاد سماكة عقاله، بحسب المنطقة نرى مثلا العقال النجفي الذي يكون اكبر حجما من بقية المناطق، اما العقال في منطقة بغداد فيغزل ايضا من شعر الماعز لكنه اصغر واملس، فيما يفضل سكان الوسط العقال الذي ينتهي بخيوط طويلة تتدلى من الخلف الى نهاية الظهر، وسكان الناصرية يرتدون عقالا يكون قطره أكثر اتساعا يسمى النص، وسكان العمارة يرتدون عقالا أكثر سمكا، أما سكان الزبير فيرتدون عقالا رفيعا جدا، والدليم وسكان المناطق الغربية من العراق يرتدون عقالا رفيعا.
فأصل العقال كما ترويه المصادر الموثوقة بأيحاز: فهو الحبل الذي تقيد أو تعقل به الناقة، حتى لا تبتعد عن المراعي؛ فكان رعاة الجمال يحرصون دائماً على أخذ حبل يلف على هامة الرأس، يبقى ملفوفاً على رأسه إلى حين يحتاجها، ومع مرور الوقت تحول إلى جزء رئيس من قيافة الرجل وهندامه، والبعض يشير إلى أنه السوط الذي يضربون به الدواب لحثها على المسير، وعند انتهاء الحاجة منه، يحتفظون به على رؤوسهم لمعاودة استخدامه فيما بعد، ويقال ايضاً إن لونه كان أبيض، ثم تحول إلى اللون الأسود القاتم أواخر العصر الأندلسي الأليم، تعبيراً على حزن المسلمين على سقوط الأندلس، وتذكيراً بالعار الذي لحق بهم، كان ذلك عندما وصل إلى بلاد الشام خبر سقوط الأندلس في يد الأسبان صعق الناس وزلزلوا زلزالا شديدا وعم الحزن، وملأ الغضب النفوس لتخاذل الرجال عن نصره إخوانهم، فقام النساء بقص جدائلهن ورمينها في وجوه الرجال الذين ربطوها على رؤوسهم فوق الغترة أو الكوفية تعبيرا عن حزنهم وندمهم، كما أنهم ربطوا بعضها على شكل لجام للخيل لأن الخيل التي لم تهب لنصرة الدين خيل ذليلة ومهانة، ومع الأيام تطورت العصابة فصارت تصنع من شعر الماعز ثم من الخيوط المغزولة والمصبوغة بالأسود رمزا للحزن على أندلسنا وتنبيها لحفظ أمتنا وعدم التكاسل.
تطور العقال عبر الزمن من كونه مجرد حبل تعقل به الناقة، أي تربط به، كي لا تتحرك من مكانها، الى رمز يفخر به سكان مناطق واسعة من العراق والخليج وبلاد الشام، فتعددت أنواعه واختلفت أشكاله عبر السنين لكنه لايزال يمثل قيما خاصة عند المهتمين به كالكبرياء والكرامة، فسقوط العقال حسب الأعراف العشائرية يعني سقوطا لتلك القيم، كما ان رمي العقال في بعض المناسبات على بعض الشخصيات يعتبرا عند القبائل  تعبير عن الحب والاحترام او على الانتخاء بهم لما لهم من مكانة المهمة، وهو جزء من الكرامة وفي حال أنزل العقال عن رأس الرجل تحدث مشكلة كبيرة، كانوا يستخدمون العقال للضرب والتأديب والتخويف والتهويش، فالأب في المنزل يستطيع ان يخوف ابناءه بمجرد ان يلوح بالعقال او يرفعه، ولم يكن يضرب أولاده بالعصي لتأديبهم إذا ما أخطأوا، فالعصي للحيوان، بل احياناً يضربهم بالعقال لتأديبهم وعدم إذلالهم في الوقت نفسه، ومما يدل على ذلك كثرة القصائد الشعرية التي نظمت فيه والتي تشير لمدلولات العقال سابقا ومدى أهميته، قيلت في حقه أشعار عدة، كما تغنى به أهل العراق حيث قال أحدهم:
"متغاوي وعگالك مرعز وحزامك فضة مطرز"
وغنت سميرة توفبق:
اسمراني وعقاله مرعز

وقصيدة الشاعرة الرائعة نوف العتيبي:
إذا المراجل لبسة شماغ وعــــــــقـــال*** قل للعذارى يلبسن العمـــــــــــــــايم
ماعاد يفرق زول حرمه ورجـــــــــال *** دام الفعايل تشبه البعض دايــــــــــم
المرجله ماهيب كلـــــــمه وتنقــــــــال *** وتروح ما راحت هبوب النســـــايم
وإلاخشونة صوت او رفع الاثقـــــــال*** او رزة صدور وفعل الـــــــــزلايم  
المرجله شيمه عن القيل والـــــــقــــال *** رفيع نفسن حر بالجو حـــــــــــايم
المرجله عقل وزن وزنة جـــــــبــــال*** ودون العقل وش فرقنا والبــــهـايم
يا مسندي لو مايل الوقت بي مـــــــال***ياولد ابويه ياعظيم العـــــــــــزايم
انحسر استعمال العقال على المدن المتحضرة في الشام والعراق إلى الارياف، والتزم به أهل الجزيرة العربية حتى صار عنصراً من زيهم الوطني الحديث، وانتقل من كونه حاجة وهدفا إلى زينة ورمز يتميز به سادة الرجال، وبارك الله فيهم. 

      

"الجراوية" لبس بغدادي قديم: وهي يشماغ ابيض مخطط بالاسود ويلف ويبرم على نفسه حول العرقجين، لها خصوصية مناطقية وقومية ولونها في كردستان يختلف عنه في بغداد والجنوب، يذكر الدكتور والعلامة اللغوي مصطفى جواد بأن ( الجراوية ) كلمة محرفة عن الكروية نسبة إلى الكرة نتيجة دورانها حول الرأس، وهي تمثل ذاكرة شعبية وموروثا خالصا، ويذكر المؤرخ الحسني قصة تتعلق بالجراوية ويقول: كان رجل كركوكي يسكن محلة المصرف في بغداد اسمه "عارف" وكان مشهورا بالشجاعة والدعابة وقد مر ذات يوم على سبيل ماء (سبيل خانة) يقول لأصحابه جرعوا اي (كرعوا) قال لهم جروا، لأنه لم يكن يحسن العربية فاخذ عليه اصحابه هذه الكلمة والصقوها به ولما كان يلف يشماغه بهيئة خاصة به اخذ اصحابه تلك الهيئة وسموها "لغة الجراوية" وهي المعروفة في محلة باب الشيخ ببغداد، اما الاستاذ عبد الكريم العلاف فيقول: سميت جراوية نسبة الى جرو العبد وهذا الرجل من محلة الحيدر خانة، بالإضافة إلى روايات أخرى كلها تؤكد على إن هذا الزي الشعبي كان منطلقه من المناطق الشمالية والمتمثلة بمدينتي طوز خورماتو وكركوك إلى بغداد، بأن للتركمان دور كبير في إنتشار هذا الزي الشعبي في باقي المدن والمحافظات العراقية،

            

ويضيف بأن الجراوية هي إحدى الألبسة التي تميزت بها الشخصية التركمانية في بغداد وكركوك وأربيل وطوز خورماتو وغدت من الأماكن والحواري الرئيسية لهذا، وهناك من يدعي بأن الاكراد هم من اتبعوا لبسه منذ القدم ولهذا فاللفة شبيهة بما كان يرتديه الملك كوديا، تنوعت مصادر هذا الزي الجميل ولكن الأهم فان منبعه واصله العراق، وللجراوية عدة أنواع من اللفات وهي:
اللفة العصفورية : تتألف من طيتين تركب احداهما على الاخرى وقد سميت بهذا الاسم نسبة الى رجل يدعى قدوري ابن عصفور من محلة الفضل في بغداد.
لفة ابو جاسم : هو من اشقياء بغداد ممن خرجوا عن طاعة الحكم العثماني. ولفته تميل قليلا الى الخلف لتظهر جبين حاجبها واضحا.
وهناك اللفة الشبلاوية، وتتألف من ثلاث طيات بشكل اسطواني وسميت بهذا الاسم نسبة الى محلة البوشبل القريبة من ساحة السباع.
واللفة المهداوية وتتألف من ثلاث طيات وهي خاصة باهل محلة المهدية التي تقع قريبا من ساحة زبيدة

                            
اللفة الكردية، فالأكراد الرجال يضعون العرقجين المزخرف فوق الرأس ويلف فوق لفة كبيرة من الشماغ، وشكل أو طريقة ترتيب هذا الشماغ تختلف من مدينة كردية إلى أخرى، بل من عشيرة إلى عشيرة ثانية.

                    

هذه الأنواع من الجراوية تسمى(مشكي) يعتمرها عشائر الجاف ومناطق في جنوب مدينة السليمانية

كثير من هذه اللفات قد إندثرت بفعل العصرنة، هذا الزي الذي لطالما كان عنوان العراقيين  وإندراجه على لائحة النسيان، ما عدا ما هو موجود في اروقة المتحف البغدادي.
وفي حقبة الحكم العثماني كانت الفينة من البسة الرأس العراقية في المدن، ويعتمرها الجميع سواءً كانوا من الافندية والتجار او من رجال الدين الذين يلفون حولها قماش ابيض او اخضر لتكوين العمامة والتي تعرف ب "الكشيدة" وكانت الفينة  تعتبر الزي الرسمي لموظفي الدولة العثمانية في ولايات العراق الثلاث (بغـداد، البصرة، الموصل)  تصنع الكشيدة  من الحرير المقصب وجميع أشكال هذه العم تلف فوق "الفينة" يعني الطربوش نسبة إلى مدينة فينا عاصمة النمسا لأنها تصنع هناك، لم تكن السدارة معروفة في العراق، وبعد نشوء الدولة العراقية ولتعزيز مفهوم الهوية الوطنية،

     

وبدأ الملك فيصل الاول يفكر بتبديل الفينة والكليتة بلباس رأس وطني، وحينها سعى الملك فيصل الأول الى خلق مبادرة جامعة داخل كابينة حكومته من خلال لبس السدارة بدلاً من الفينة، وسماها العراقيون ب"الفيصلية" وهي مصنوعة من القطن او الصوف، اعتبرت جزءا لا يتجزء من الاناقة البغدادية الرسمية وغير الرسمية وخاصة لمنتسبي الجيش والشرطة٬ وتم وضع الالوان لكل فئة حيث كانت باللون الخاكي للعسكرين، وتم تسميتها بالسدارة الفيصلية لان اول من ارتداها وابتدعها، كان الملك فيصل الاول احبها اهالي بغداد بحيث كتب عنها الشعراء وغنى عنها الكثير من مطربي بغداد وخاصة الفنان الكبير محمد القبنجي والفنان يوسف عمر، وارتداها الشعراء كمعروف الرصافي، وبعض رؤساء الدول ومنهم جواهر النهرو والرئيس الافغاني مجيب الرحمن والرئيس الباكستاني محمدعلي جناح وملك المغرب الحسن الثاني والرئيس اليمني عبد الله السلال، كتبنا عنها مقالة نشرت في الكاردينيا بعنوان:"ذكريات جامعة للعراقيين.. إنها السدارة الفيصلية حنين لإحدى رموز اللبس العراقي وأصالته يتوجب الحفاظ عليها والأستمرار بإعتمارها".
تعد الأزياء التقليدية سجلا يحفظ بين طياته عادات الأمة وتراثها، ويســتدل بها على كثير مــن المؤشــرات الاجتماعيــة والاقتصاديــة والثقافية، والمنزلــة الاجتماعية، وعلى عمل لابسها وجنســه وعمره، والأزياء أهم وسيلة للكشف عن تراث الشعوب بمختلف الأزمان وإن اختلفت أشــكالها وألوانهــا، فهي تعبـر عـن مراحـل تاريخية مهمة، وأســاليب الحياة المختلفـة، مــا يجعل منها هوية ثقافية وتاريخية وتعبيراً اجتماعياً يرصد ارتباط الإنســان بأرضه، ومع تبدل معالم الدنيا في ظل التمدن والعصرنة والعولمة والانفتاح الثقافي، مودعة ذاكرتها في المتحف البغدادي، فلباس الرأس "الشماغ والجراوية والعقال" بدأ ينقــرض، حتى في الأرياف، إلا أنــه لا يــزال اللباس المفضل للبعض وخاصة عند العشائر، متمسكين به كلبــاس تقليدي، باعتبــاره مدعاة رجولــة ومفاخرة، بجانب كونه زياً تراثياً ّ فيه عبق الماضي وخصوصية المكان وقيمته، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود

 


  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1273 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع