" مهنة الحلاقة ودور الحلاقين في المجتمع العراقي قديماً والى يومنا الحاضر "
طوال تجربتي في هذه الحياة، لم اتبحر في الكتابة بدون موسيقى، فهي روح مفردات الحياة والعالم، وانا جالس في الشرفة، طقس شتائي جميل وهواء عذب، إذ تعود بي إلى ذكريات «من الزمن الجميل» وانا من محبيه، بعيداً عن حياة الحاضر ومكملاتها المعاصرة، مع الموسيقار الايطالي روسيني وموسيقى "حلاق اشبيلية"، كانت ولا تزال تجذب المرء لكونها قصةَ حب يذلل جميع الصعوبات والعقبات القائمة أمامه، فمهنة الحلاقة وشخصيات الحلاقين تسربت منذ قرون إلى الأدب ومنه إلى الموسيقى، غير أن الأوبرا التي لحنها الموسيقار الإيطالي الشهير روسيني كانت رائدة، ومن اشهر الحان هذه الأوبرا هي افتتاحيتها الموسيقية الرائعة ذائعة الصيت عالميا بمزاجها المرح والحزن والتهكم ومن التفكير والتأمل..، فاشتهرت منذ ذلك اليوم باسم حلاق اشبيلية الذي أصبح بفضل هذه الأوبرا اشهر حلاق في تاريخ الأدب والموسيقى، واحدة من الاعمال التي لا تقف معطيات الزمن أمام تألقها،
https://www.youtube.com/watch?v=VIDTdaup-OM
واغلب الشعب العراقي كان يستمع الى مقدمتها كل ثلاثاء في برنامج الرياضة في اسبوع الذي يقدمه المبدع المحبوب مؤيد البدري طيلة عقود ثلاث من القرن الماضي، وبدأ القلم بالكتابة عن عالم الحلاقين العالم الجميل، فلكل إنسان له معه ذكريات جميلة.
ظهر الحلاق عندما بدا الإنسان الاهتمام بشعر رأسه، ففكرة التخلص من شعر الزائد لها جذور إلى ما قبل التاريخ ربما كان لدافع الارتقاء والتميز وعدم التشبه بالحيوانات التي يصطادها انسان الكهف في ذلك العصر، ففي رسوم وجدت على الكهوف يرجع تاريخها إلى عام 30000 قبل الميلاد وجد رسوم لأدوات حادة وعنيفة أستخدمها الإنسان القديم في الحلاقة مثل أصداف البحر أو احجار الصوان المسنونة، وبين العام 30000 و 6000 قبل الميلاد تطورت شفرات الحلاقة من الأصداف وأحجار الصوان والزجاج البركاني الأسود إلى شفرات دائرية من البرونز، و السكاكين، و التي تعتبر اول الأدوات الجراحية، كانت تستخدم لقص الشعر، و حلاقة اللحية، وإجراء عمليات جراحية بسيطة، اكتشفها علماء الآثار في مقابر المصريين القدماء المعروف عنهم حلق الرؤوس والوجوه وذلك لاعتبارهم الشعر شيء حيواني وغير حضاري، و تطور هذا الاهتمام في المجتمعات البدائية القديمة بمعتقدات خرافية، كان الحلاق أقرب ما يكون إلى الكاهن، فبعض قبائل آسيا الوسطى كانت مهنة الحلاقة عندهم: هي طرد الشر من النفس عبر قص الشعر، ومنذ ذلك الحين فقد صنع الحلاق مكانته في التاريخ.
عرفت مهنة الحلاقة في العراق القديم ومدى اهميتها بالنسبة للحياة الاجتماعية، من خلال نصوص عديدة ولا سيما قانون حمورابي، فقد تطرقت الى الحلاق والى وظائفه والى مكانته في المجتمع وعلاقاته مع مختلف الطبقات الاجتماعية، ومن خلال النصوص اصبح من الواضح ان الحلاق كان يمارس وظائف عديدة لا تتحدد بمهنة الحلاقة فقط، فقد اكدت بعض النصوص ان الحلاق كان يضع الوشم للعبيد او يزيله، ان ورود الحلاق في اكثر من مادة قانونية من قانون حمورابي تدل بما لا يدع مجالاً للشك ان للحلاق مكانة معينة في المجتمع في العراق القديم
وكما هو معروف يزاول الحلاق مهنته ويقوم بحلاقة الملوك والشخصيات في القصر الملكي ويحلق العبيد. وكشفت النصوص التي عثر عليها النقاب عن ان الحلاق كان يحلق العبيد بطريقة معينة لكي يتم تمييزهم عن غيرهم. فقد اعتاد الحلاق عمل تسريحة خاصة جداً بالعبيد ليتم تشخيصهم من خلال تلك التسريحة.
عكست الرسوم عدة خاصة للحلاقة منها المشط والمقص والموس او الشفرة التي كان يستعملها الحلاق، وينبغي القول ان هذه التفاصيل وغيرها وردت في النصوص التي عثر عليها في عدة مواقع اثرية في بلاد وادي الرافدين، ولابد من ان نذكر ايضاً ظاهرة جديرة بالاهتمام هي استعمال الالوان او صبغ الشعر وقد اكدت بعض النصوص على استعمال صبغ للشعر سواءً بالنسبة للرجال ام للنساء على حد سواء، أن أول صالون حلاقة في التاريخ اكتشف الى الان هو صالون حلاقة نسائي، وجد في منطقة سوبار في الالف الثاني قبل الميلاد الموجودة آثارها في منتصف الطريق باتجاه مدينة بابل التي تبعد 90 كيلومترا عن بغداد تم العثور على قبو دائري فيه مرآة وفي الجانب الاخر أحواض لغسل الرأس متعددة ووجد اسفل المرآة مساحيق تستخدم لصبغ الشعر أو إزالته كما وجدت أوان في داخلها أدوات لقص الشعر وكذلك عثر على بعض الشعر المتفحم، تم الاستدلال إلى أن هذا المكان كان صالون حلاقة نسائيا عاما وليس خاصا بين بيوت عامة الناس. تؤكد الآثار الفرعونية أن المصريين القدماء كانوا يحلقون شعر رأسهم وذقونهم وكانت حلاقة شعر الفرعون جزءاً أساسياً من مراسيم التنصيب، وكان كبير الكهنة يتولى هذه المهمة.
وفي اليونان القديمة ظهرت محال الحلاقة الثابتة وازدهرت في القرن الخامس قبل الميلاد، فقد اعتنى حكماء أثينا وشيوخها بمظهر ذقونهم ولحاهم.
وظلت روما تجهل الحلاَّقين حتى العام 296 ق. م حين أتاها تيسينيوس مينا من صقلية وعرَّف المدينة على فن الحلاقة. وأضاف الرومان آنذاك إلى الحلاقة أعمال أخرى مثل التصفيف والتدليك، وتقليم الأظافر.
كانت ألف ليلة وليلة أكبر منجم سردي للحكايات في العالم فإن حكاية حلاق بغداد تـعـد من أجمـل ما في ألف ليلـة من حكايات، عكسها فلم اسماعيل ياسين حلاق بغداد، بغداد التي بهرت العالم في ذلك الزمان.
وتذكر الروايات التاريخية أنه عرض على الحجاج شاب متلبس في حالة سكر شديد فسأله الحجاج من أنت فأجابه شعراً
أنا ابن من دانت الرقاب له ما بين مخزومها وهاشمها
تأتيه بالرغم وهي صاغرة يأخذ من مالها ومن دمها
فأمسك عنه، واعتقد بأنه من أقارب أمير المؤمنين، وطلب من الحرس السؤال عنه، فقيل له: إنه ابن حجام فتعجب من ذكائه، وقال لجلسائه علموا أولادكم الأدب، فو الله لولا أدبه لضربت عنقه، وعفا عنه
في العهد العثماني كانت ثمة انجازات ترتبط بأسماء الحكام، فالوالي جغالة زاده سنان باشا ارتبط اسمه بانجازات كثيرة، فقد افتتح أول محل حلاقة ببغداد، حين أمر الحلاق أن يمارس عمله في محل خاص به ويستقبل فيه زبائنه لحلاقة شعرهم وذقونهم، بدلاً من حمل مستلزمات الحلاقة والتجوال في الأزقة، أو ممارسة المهنة على قارعة الطريق.
اما الحلاق الأشهر بين الحلاقين السينمائيين هو "شارلي شابلن" في فلم " الدكتاتور.
https://www.youtube.com/watch?v=td_1Dyqs7Kg
ومن الاعمال الدرامية والكوميدية المميزة التي طبعت بصماتها على صفحات التاريخ الفني العراقي، وحفرت حضورها وتأثيرها العميق في اهتمامات الناس، يبرز واحد من المسلسلات الذي نجح في الجمع بين الدراما والكوميديا والنقد الاجتماعي محققا اوسع مساحة من المشاهدة الجماهيرية، هو مسلسل "تحت موس الحلاق"، فقد جمع ذلك المسلسل بين قمتين فنيتين مميزتين هما الفنان سليم البصري مؤلفا ومجسدا لدور البطولة، وعمانوئيل رسام مخرجا الى جانب قمم اخرى واسماء وكفاءات فنية لامعة.
كانت مهنة الحلاقين او <<المزينين>> في قديم الزمان مهنة ذات قيمة ومكانة بين الناس، امتازت صفاتهم بالهدوء، رغم أن مؤرخي الزمان شهدوا لهم ببراعتهم وحذقهم ورشاقتهم في مهنتهم، وارتفع قدرهم العاملين اجتماعيا لدرجة تقارب مكانة الطبيب في زماننا، ولم يكن دور الحلاق ينفصل عن الطبيب الذي يعمل إلى جانب تجميل شعور الناس ووجوههم إلى تطبيبهم من أمراض مختلفة، ومنها معالجة الجروح مستخدما الطب العربي والأعشاب الطبيعية، وختان الصبية، وقلع الاسنان والحجامة، وعلاج داء الثعلبة، وغيرها، مهنة الحلاقة في الأصل هي حرفة تقليدية يدوية تقلدت عبر الأجيال اب عن جد وتعد الحلاقة من الحرف النبيلة، أما الآن فقد تغير الزمان وتغيرت وظيفة وأدوات الحلاق وازدات مكانته بين الناس.
في العراق كما في باقي الدول العربية، فقد كانت مهنة الحلاقة قديما تتمثل في شخص واحد كان يُطلق عليه لقب (المزيّن)، وكان يقضي يومه كله في مزاولة عمله، متنقلا بين المناطق والمنازل، وبعض الحلاقين كانوا يتجولون مشياً على الاقدام، فليس للحلاق سابقا محل يقصده الزبائن، لم يقتصر دوره على قص الشعر والتزيين فقط، بل أن بعضهم كان يمارس “التطبيب” معها، كقلع الأسنان، وختان الأطفال والحجامة وتضميد الجروح، حتى أن البعض كان يطبب حتى المواشي والخيول.
كان الحلاقون قديماً يطوفون الأزقة والحارات والدروب يحملون حقيبة جلدية سوداء أو صندوقا خشبيا به بعض الأدوات البسيطة مثل، " كرسي او تنكة، قطعة قماش بيضاء، مقص، مشط أو أكثر، موس يطوى، سير جلد لشحذ الموس، كاسة صغيرة، قطن، فرشة حلاق، صابونة، بوتره بيضاء، احياناً سبيرتو" يجوبون الشوارع، ويحلقون لطوائف العامة مقابل أجر معلوم، يقصدون أماكن تجمع الرجال مثل أماكن العمل المكتظة والأسواق والبيوت والمساجد والحمامات في علاوي الحلة والميدان وباب الشيخ والميدان والفضل وقنبر علي وقرب ابو حنيفة والكاظمية والجعيفر ورأس الجسر
بعض الحلاقين كانوا يذهبون إلى القرى وأرياف المدينة كل شهر أو شهرين بعد اتفاق مسبق مع أهلها راكبين الحمير يحملون حقائبهم السوداء المحملة بعدة الشغل، إلى القرية أو الريف حتى ينادي من أبناء تلك القرية بأعلى صوته (أجه المزين ...أجه المزين)، فيتلقفه الكبار والصغار بلهفة وشوق، فيهرع الفلاحون والكسبة الى قص شعرهم مقابل عينات من الحنطة والشعير او الفواكه او التمر او مبلغ صغير، واندثرت هذه المهنة الطريفة في العقود الأخيرة مع افتتاح محلات الحلاقة مع تطور المجتمع.
البدوي في الصحراء يعرف حلاقة الشعر بالموس أو تقصيره بالمقص فقط وهذه المهمة يؤديها البعض للبعض الآخر فممكن أن تقوم الأم أو الأب بحلاقة شعر الأبناء الصغار كما يقوم بها الأخ لأخيه أو الصديق لصديقه أما حلاقة الذقن والشارب فمهمة سهلة ويسيرة يقوم بها كل رجل بنفسه
تطورت هذه المهنة مع تطور الزمن، اصبحت دكاكين الحلاقة تغطي المحلات البارزة في المدن، تحوَّلت بسرعة إلى أماكن تناقل الأخبار مقام الصحيفة أو وكالة أنباء مصغرة، ومحور الحياة الاجتماعية في بغداد والمدن الاخرى، ونعم الحلاقون بوضع مادي مريح جداً، ومحال الحلاقة لها ما لها من اهمية لدى كثير منا، فالحلاقة مهنة جميلة، تقوم على عمل يبدأ بسماع التحية من الزبون الذي سيسلِّم رأسه للمقص أو عنقه للموس ينتهي بعبارة (نعيماً) من الحلاَّق، وجواب الزبون: (الله ينعم عليك)، وعرف الكثير منهم بخفة الدم، فيحاول بكل رحابة صدر إسعاد الزبائن بالاستقبال الحسن والابتسامة الدائمة، والحديث المفيد والمثمر، عنده أسرار الحارة، وهو مصدر ثقة لدى من يسأل عنده للمصاهرة، يحضر الأعراس والمآتم والسهرات والمناسبات، فالاماكن القديمة دائما لها طعم الدهشة ونكهة الحنين.
في بداية فتح محلات الحلاقة كان كرسي الحلاقة غالبا من خشب الخيزران اوالخشب العادي ولا يعرف تقنية الميكانيك في الحركة يمنة أو يسرة علواً أو هبوطاً و كان الحلاق يضع مخدة على مقعد كرسي الحلاقة فيرتفع عندها الزبون في جلوسه ويتمكن الحلاق من عمله،اغلب محلات الحلاقة لها صناع، حيث كان الصانع يلازم معلمه ويتتبع عمليات الحلاقة التي تجري تحت أنظاره، وكان أثناء فترات تعلمه يتولى القيام بعملية كنس أرضية المحل من الشعر المقصوص كما يتولى عملية تنظيف لباس الزبون " الجاكيت او الصاية اوو الصاية او السدارة" من الشعر، وتقديم الشاي او القهوة، من متطلبات محل الحلاقة مروحة يدوية يقوم الصبي بفتح المروحة لتوفير هواء لمن تتم حلاقته او يحمل مروحة يدوية ( مهفة) من خوص النخيل، وماكنة تفطية صغيرة لتسخين الماء المستخدم بالحلاقة، يسارع الصبي بمساعدة الزبون في لبس الجاكيت او الصاية أو السدارة او الحراوية وغالباً ما كان يسبقه بتنظيفهما بالفرشاة. وجزاء لهذا التكريم المميز ينقد الزبون الصبي بعضا من النقود يسمونها بلغة اهلنا " بخشيش"
يسمح له بالتدرب على الحلق في رؤوس الأطفال ولكن ليس كل الأطفال، بعدها يقوم بحلاقة الذقون ليصل الى مرحلة الحلاقة للزبناء العابرين، ينتظر سنين عديدة وتجارب للحلاقة، ليصعد تباعا بمراقبة استاذه ليكون حلاقاً.
بعد نشوء الدولة في العهد الملكي، وبدأت مرحلة النمو الحضاري والبناء، نشطت عجلة الحياة وظهرت علامات التمدن، وازدادت رقعة التوسع في تشييد الدور، وظهرت تبليط الشوارع، وانشأت الفنادق ودور السينما والملاهي والمقاهي والمحلات والمطاعم، ففي شارع الرشيد، انشأت عشرات الفنادق والملاهي والدكاكين الحديثة للحلاقين، كانت للحلاقه انواع وموديلات: المجيدي، الصولجري، ابو كعكولة، بكلة، موديل جيمس دين والفيس برسلي ورشدي اباضة، صفري" زيان عرب "، البروص، الخنافس في نهاية الستينات، والتواليت، والكثير يتذكر اغنية:
واگف على الكنتور بيدة جريدة..يمشط تواليت حسبالة اريده
كان من أشهر الحلاقين في الميدان صالون عزت وصالون ياس، وكان معظم رجالات الدولة من وزراء وعسكريين وموظفين كبار ورجال العشائر يحلقون رؤوسهم ولحاهم عندها،
وحكمت الحلي في شارع الرشيد وسمي بحلاق الملوك، حلق لآخر ملوك العراق فيصل الثاني، والعاهل الاردني الملك حسين ، والشعراء والكتاب والفنانين، وجواد الي حلق للباشا نوري السعيد، ننقل طرفة منقولة للباشا" كان نوري سعيد يحلق عند حلاق اسمه جواد ....وكان عندما ينتهي من الحلاقة يجلب ابن الحلاق المنشفة لكي يمسح بها الباشا ....وكان الباشا يُكرم ابن الحلاق بعانة (اربع فلوس) وكبر ابن الحلاق الى أن تخرج من الخامس ثانوي،
جاء الباشا ليحلق كعادته....فقال له الحلاق: ابشرك باشا ابني تخرج من الثانوية ....فهنئه الباشا نوري سعيد ....وعندها قال له الحلاق: اريد منك ياباشا ان تساعده في الدخول الى الكلية العسكرية ؟ فأطرق الباشا صامتا" وقال له:
استطيع اساعده في الدخول الى كل الكليات باستثناء الكلية العسكرية !!!
فقال له الحلاق : لماذا باشا؟
فرد الباشا بلهجه عراقيه:أنا لا استطيع التدخل في قبول ضابط كان يمسك لي الخاولي ويأخذ مني الأكرامية قبل دخوله للكلية العسكرية !!!لانه ببساطة سيأخذ رشوة وسيبيع البلد بأبخس الاثمان "
، وكان الحلاق عبد الرحمن وهو من اهالي مندلي يحلق للزعيم عبد الكريم قاسم، لم يسعفنا معرفة حلاقي الرئيس عبد السلام وعبد الرحمان عارف واحمد حسن البكر، ورؤساء الوزراء في العهد الملكي وناجي طالب وطاهر يحي، وكان سيروب في الاعظمية حلاق رئيس الوزراء عبد الرحمن البزاز، وكان الحلاق مهدي"مادو" يحلق للرئيس صدام حسين عندما كان نائباً، ولكي نزيد من تراث حلاقي بغداد يتوجب تدوين اسماء من كان يحلق للسياسيين البارزين واعيان البلد من علماء وعسكريين وفنانين وشعراء وادباء و..
انتشرت صالونات الحلاقة في مناطق بغداد، ففي الأعظمية سيروب واولاده وكمال وقيس سوزك واسيا وبابكين وعدنان الزبيدي واخوه هادي وعزت وانيس وحميد وقدوري وصفاء ملا شكر وكامل نوري وسعد ابراهيم وانور صباح وعبد اللطيف، وفي الكاظمية سعيد والحاج عودة السلامي والحاج عبد الغني عطره وسلمان صادق الأسود الخفاجي والحاج أمين وتقي والحاج عباس غزالة ونجم وعباس الهندي وجعفر وعدنان وزكي وناجي وأخيه حامد ورزاق وحسون تفاحة، وفي الكرخ رشيد ناصر الجكامه وفائز عبد الله ومحمد الملقب عنتر وحسين الفتحي وحسين العيشه وعبد الرزاق وصالح وصادق وشريف، وفي الحيدرخانة كريم وعباس، وفي القرغول جرمط وحوكي، وفي كم الارمن انكيدو وادور وتاتوس وجونسن، وفي الباب الشرقي وشارع السعدون الفلاح، وفي الكرادة انترانيك وصباح وجان....
اذا كانت ملابس العيد و العيدية من العادات المرتبطة بفرحة العيد وبهجته فإن" حلاقة العيد" أيضا من تلك العادات التي ارتبطنا بها في طفولتنا ومازالت بعض العائلات تحافظ عليها، فصالونات الحلاقه في ليلة العيد أيام زمان وقد امتلأت بالزبائن كبارا وصغارا، كما لابد لكل عريس ان يذهب قبل ليلة الزفة الى الحلاق لحلاقة الرأس واللحية والظهور بالوسامة والابهة.
منذ القدم اي بعد نشوء الحضارات اعتنت النساء بزينتهم ليظهروا انوثتهم بالشكل الجميل ومنها الاعتناء بالبشرة والشعر، وفي بلاد الرافدين كما بينت الاكتشافات وجود امكنة لحلاقة النساء والاعتناء بزينتهم، وبعد التدهور اثر احتلال هولاكو لبغداد وبدا عصور من التخلف، ومع ذلك ظلت النساء يمارسون التجميل والحلاقة والاعتناء بالبشرة عن طريق الحفافات الجوالات او عن طريق الاهل والاقرباء في البيت، وبعد نشوء الدولة المدنية الملكية
تم فتح صالونات للحلاقة أول الأمر في”منطقة السنك”حيث كانت تقوم اهم الفنادق في حينه مثل:" زيا وسمير اميس وريجنت بالاس" وغيرها، ومع مرور الزمن، افتتحت الكثير من الصالونات منها توكالون والجابي وكارو والمينا واسيا.. اصبحت الحلاقة مرتبطة بالتجميل خاصة عند النساء وهكذا لم يعد من الممكن اقتصار الحلاقة على مهارة الحلاقة فحسب بل إنها أصبحت مطالبة باكتساب مهارة التجميل، بأدوات الحلاقة الحديثة الكهربائية مثل مجفف الشعر وأدوات تنظيف بشرة الوجه ونزع الشعر عنها، وتقليم الأظافر "البيتيكور والمينيكور "هذا إلى جانب كثرة المساحيق وتعددها واختلاف استعمالاتها، أصبح الإقبال على صالونات الحلاقة تميزا وفخرا، بل وتمظهرا بين مختلف الفئات الإجتماعية، على الخصوص في الأعراس وعديد المناسبات، السبب هو تطور صناعة الجمال في العالم، اصبحت الحلاقة من الفنون التي تشهد التجديد بشكل كثيف يكاد يكون يوميا، وبما أننا نعيش في عالم يوصف أنه موحد بفضل تقنيات الاتصال الحديثة، فالأكيد أن الجديد الذي يعرفه عالم الحلاقة يكاد يكون بصفة يومية، فهنالك الجديد في صبغات الشعر وأنواع القصات وحتى موضة "اللوك".
عطلة الحلاقين هي يوم (الاثنين) من كل اسبوع وهو عباره عن تقليد من دول أوروبا حيث يكون نظام العطلات هو يومى "السبت" و"الاحد" من كل اسبوع، فتم اختيار "الاثنين" من قبل جمعية الحلاقين حتى لا يتم خساره الزبائن في عطلات الاسبوع يومى السبت والاحد وجرت العادة ان يكون"الاثنين" هو يوم العطله للحلاقين لصعوبه وجود من يريد الحلاقة في بدايه الاسبوع.
تطورت الحلاقة مع الزمن بعد ان كان الحلاق يتجول مع الحقيبة ويجلس في اي مكان يلاقي فيه زبونا على الارض، ويحلق بالموس، ويقص اللحية، فأستأجر دكانا وصار زبائنه يجلسون على الكرسي وليس على الارض، والمروحة التي كانت تدار باليد، اصبحت تدار باجهزة التكييف، وتطور الحلاق (المزين) حتى اخذ يتفنن كما يريد الزبون، وكانت مهنة صاحبها ايضا الحجامة والختان وخلع الضرس ومعالجة داء الثعلبة، اما اليوم اصبحت ﺍﻟﺤﻼﻗﻪ بفضل تطور مباهج الحياة والابتكارات المتسارعة ركنا مهما للرجال المهتمين بالمظاهر الانيقة، فاليوم الحلاقة بأدوات حديثة ماكنة كهربائية مثل ماكنة القص ومجفف الشعر وأدوات تنظيف البشرة ﻭﺍﻟﺸﻔﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻌﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺎﺕ، "القص ﻭﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻭﺻﺒﻎ ﺍﻟﺸﻌﺮ وتقليم الحواجب والسشوار واستخدام السبريه وغسيل الشعر وازالة الشعر من الوجه والاذن والانف والتدليك وتنظيف البشرة والتجميل والزينة في التلفزيون والقنوات الفضائية وغيرها"، كما ان واجهات اليوم لصالونات الحلاقة في خارج الصالون او داخله تجتذب الزبائن من خلال وضع بوسترات لاشهر نجوم السينما والغناء والرياضة تبرز الجديد في عالم التصفيف، وتعد الزبائن بتحويلهم من خلال قصة الشعر فقط الى نجوم كأصحاب البوسترات،، فمهنة الحلاق لا تندثر ولا تقل أهميتها ما دام للإنسان شعر في الرأس والوجه، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود
1221 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع