معركة شرق دجلة (تاج المعارك ) /(11 - 18 آذار 1985)
مقدمة
تعقيبا على المقالة المنشورة تحت عنوان (تاج المعارك) التي كتبت من قبل الأخ اللواء فوزي البرزنجي على موقع الگاردينيا بتاريخ (26 آب 2013) وددت الكتابة عن تلك المعركة التي جرت وقائعها خلال الفترة من يوم (11 اذار ولغاية يوم 18 منه عام 1985 ) .
من هذا الموقع أود تسجيل شكري للأخ اللواء فوزي البرزنجي على ما قدمه من عرض لهذه المعركة والذي حفزني لأعادة الكتابة متوخيا اعطاء صورة دقيقة لأحداثها لكوني كنت قائد عمليات شرق دجلة خلال تلك المعركة ولوجود امور مهمة يقتضي توضيحها للقارئء الكريم من أجل الأمانة التاريخية واحتراما لذكرى من عمل أو شارك في تلك المعركة الكبيرة وأكراما وتخليدا لأرواح الشهداء اللذين ضحوا بارواحهم من أجل تربة هذا الوطن , وكما يقول المثل (اهل مكة أدرى بشعابها ) .
نظرا لكثرة أحداث تلك المعركة ومن أجل اعطاء صورة واضحة عما جرى ودار قبلها وخلالها أرتأينا تقسيم المقالة الى قسمين وكما يلي :
القسم الأول : يتضمن عرض للمرحلة التي سبقت المعركة وفيها توضيح لوضع القيادة وقاطع شرق دجلة خلال الفترة من بداية شهر (آب 1984 ولغاية 28 شباط 1985 ) خلال هذه المرحلة عملت القيادة في قاطع شرق دجلة لغاية (19 تشرين أول 1984 ) ثم تحركت الى قاطع الكوت يوم (20 تشرين أول 1984 وبقيت فيه لغاية 27 شباط 1985) ثم عادت الى قاطع شرق دجلة مرة أخرى وأستلمت مهمتها الجديدة يوم 28 شباط 1985) .
القسم الثاني : يتضمن الموقف العام وتصميم المعركة وسير المعركة خلال الفترة من (يوم 11 أذار ولغاية 18 منه ) مراعيا التركيز على اهم الأحداث دون الدخول في تفاصيل كثيرة .
القسم الاول
قاطع شرق دجلة وقاطع الكوت
التحقت لقيادة عمليات شرق دجلة بداية شهر (آب 1984) في العزير كان قاطع العمليات يمتد من القرنة جنوبا وتحديدا من جسر السويب الذي يعد حدا فاصلا مع الفيلق الثالث ويمتد شمالا الى الفيلق الرابع عند (سلف مريبي وسلف ابو حديدة) . شرق الكحلاء وشمال هور الحويزه عند (بركة السوده وبركة البيضه (ويلفظ حرف ك كما في حرف G ) وهذه البقع غير مغطاة بالبردي والقصب لعمق المياه فيها وقريبه من بدايات هور السناف (ناحية المشرح) .. هذا القاطع يضم هور الحويزة الذي يشكل أكثر من 60% منه مع شريط من اليابسة يمتد ما بين نهر دجلة وحافات الهور, تتسع المسافة بين الهور ونهر دجلة ضمن منطقة قلعة صالح والقرنة وتضيق في الوسط خصوصا ما بين العزير ودورة حريبة التي تقع شمال القرنة (لمسافة حوالي (2500 م )..
قدمت لي هيئة ركن القيادة أيجاز عن القاطع من كافة النواحي . كانت هيئة الركن مؤلفة من رئيس أركان القيادة العميد الركن نبيل عبد القادر حسين والعميد الركن مازن الشابندر ضابط الركن الأول والعقيد الركن عدنان أديب رسام ضابط الركن الثاني والمقدم الركن مخلف خلف ضابط الركن الثالث والعقيد الركن سنان عبد الجبار ضابط الركن الثاني أستخبارات والعميد يونس محمد علي مدير الأدارة والميرة والعميد زيدان قدوري آمر المدفعية والعميد وليد شاكرآمر الهندسه العسكريه .
بعد اجراء العديد من الزيارات للقطعات والأستطلاعات الدقيقة اتضح لي أن الدفاعات ضمن المنطقة المحصورة بين السويب جنوبا والبيضة شمالا والتي تمثل القاطع الأول كانت عبارة عن خط واحد على السدة مع الهور بسبب طبيعة المنطقة وقلة القطعات .أما القسم الثاني وهو الشمالي من القاطع من الكسارة وحتى الحدود الفاصلة مع الفيلق الرابع عند سلف ابو حديدة فهو يسير مع حافة الهور ولا توجد ضمنه سداد ,كان هناك العديد من القرى المسكونة ضمن هذا القاطع هي (أم سبية وأم فصيمة والزجية والحصان وسلف أبو حديدة سلف مريبي ) وتقع جميعها على حافة الهور اما قرى البيضة والصخرة فكانت متروكة وانظم سكانها الى القرى المار ذكرها .
يوجد ضمن القاطع الأول سدة بطول (12400) م تمتد تبدأ من عجيردة ثم تمتد شرقا داخل الهور بأتجاه حقل مجنون سميت لسان عجيردة , كما يوجد لسان اخر بطول (1800) م هو لسان (هويدي) وآخر هو الزرداني بطول (800) م .
تم انشاءعقد دائرية الشكل على سدة الهور منها عقد رئيسيه بقطر(400) م نصف قطرها داخل الهور والنصف الثاني ألى الخلف على اليابسة , تسع لسرية مشاه في كل من (البيضه ,الصخره , نهاية لسان العجيرده , االرشيده, الروطه, الهويدي , السويب , الزرداني ) كما أنشأ بين كل عقدتين كبيرتين عقدتين صغيرتين تقع في كل ثلث من المسافه بينهما , قطر كل منها (200) م نصف قطرها داخل الهور , تسع كل منها لفصيل مشاة , مسكت هذه السده والعقد بالقطعات (السرايا والفصائل) وعبئت ضمنها الاسلحه السانده ودفعت امامها مفارز صغيره على زوارق وطوافات للعمل كحجابات وانذار مبكر ,اما بالعمق وبمسافة بين (400 – 500) م فقد تم انفتاح مقرات الافواج والاحتياط والهاونات اما المدفعيه فأنفتح قسم منها شرق النهروالباقى غرب النهرحسب المتطلبات التعبوية . وتقع خلف السده الأماميه سده بالعمق بمسافة (800) م أعرض وأعلى منها صممت لأغراض العمق لأشغالها بمستوى الالويه ولم تشغل الا بقطعات قليله لعدم تيسرها, وخلف هذه السدة بمسافة (100) م انشئ طريق ترابي للتعاون .(بعد قدومي للقياده تم انشاء سداد متقطعه بمسافة (150- 200) م خلف السده الاماميه كعمق لها بمستوى السرايا). وهناك مخفر حدودي في جزيره (الترابه) في عمق الهور مقابل منطقة قرية (سلف ابو حديده) وبمسافة ( 10) كم مسكت بفصيل زائد.وهناك جزيرتان صغيرتان متجاورتان هما ( سلف ابوالضجر) و(سلف ابوليله) ممسوكتان بفصيل وتقعان بعمق الهوربمساغة ( 4-3) كم مقابل المنطقه بين )البيضه والكساره( .
الدفاعات ضمن هذه المناطق مهيئة على السداد كما بينت أنفا , اما المنطقة التي تبدأ من الكسارة وتمتد شمالا فلا توجد فيها سدة والدفاعات فيها عبارة عن مواضع بسيطة متداخلة مع القرى في أكثر من مكان , تعتمد في دفاعها على عدد من قواطع الجيش الشعبي . يبدو على المواضع الاهمال في أغلب الأماكن وتحتاج الى جهد كبير لأعدادها .
بعد دراستي للقاطع بشكل دقيق تكونت لدي فكرة مفادها صعوبة اقدام العدو على القيام بعمل واسع الا اذا مهد له باستحضارات كبيرة واجراءات مسبقة مع المباغتة وهذه أمور متوقعة في الحرب . أما ما حصل عليه العدو في المعركة السابقة (عام 1984) فكان بسبب عدم وجود قطعا ت كافية وضعف تدابير المراقبة اضافة الى وجود الأدلاء معهم من المتعاونين مع العدو من أهالي المنطقة , وحتى نعطي تصور مناسب للقارئ عن هور الحويزة بأعتباره مسرح لعمليتين كبيرتين جرت وقائعها خلال عامي ( 1984 و1985) سنوجز الوصف بما يلي:
هور الحويزة هو عبارة عن مسطح مائي كبير يمتمد جنوبا من حقل مجنون (قاطع الفيلق الثالث ) وحتى الحلفاية شمالا عند اتصاله بهور السناف في (قاطع الفيلق الرابع ) وبطول كلي حوالي (70 – 80 ) كم وبعرض يتراوح بين (25 كم بين شمال مجنون حتى البيضة وألى حوالي 50 كم من الكسارة حتى الحدود الفاصلة شمالا ) , يقع ثلث الهور داخل الحدود الأيرانية . توجد على حافة الهور الغربية مباشرة سدة ترابية بعرض (8 -10) م تمتد من السويب جنوبا والى الكسارة شمالا . هناك مجريان رئيسيان يربطان الهور مع نهر دجلة هما السويب والكسارة ويعتبران صماما الأمان بالنسبة لتصريف المياه من دجلة الى الهور عند فيضان دجلة وبالعكس عند انخفاض مياه نهر دجلة في فترة الصيهود حيث يتم سحب المياه من الهور الى دجلة من خلال نواظم خاصة . اما القسم الغربي من نهر دجلة والمحصور ما بين النهر وهور الحمار فانه أيضا عبارة عن شريط ضيق يخترقه الطريق العام بين بغداد والبصرة , يبلغ عرض هذا الشريط ما بين (500 -2000) م , ضمن هذه الفسحة يوجد عدد من الأنهر التي تنهل مياهها من الهور الى نهر دجلة صيفا ومن نهر دجلة الى الهور في موسم الفيضان والأنهر هي ( البربخ- أبو عران – الجوابر – صخيريجة – السفحة – الصريفة – الهدامة – العوجة – الجري- العزير ) كما توجد عليها قرى قسما منها أخذت نفس أسم النهر وقسما أخر اخذت تسميات أخرى مثل (موزة - النخلة ) , أما في القسم الشمالي فهناك قلعة صالح والكسارة وقرى أخرى ولكنها محدودة .
ان منطقة الاهوار عالم قائم بذاته ومجتمع خاص له ظروفه وخصوصياته ويحتاج الى دراسات وافية للوصول الى واقع هذا المجتمع والتوصل الى طرق معالجة العديد من السلبيات .. فهو مجتمع بسيط في حياته حيث لا تمتلك العائلة سوى صريفة واحدة او ربما اكثر تكون طافية على الماء فوق ما يسمى بالجباشة أو على بقعة صغيرة من الأرض اليابسة أوقد تكون على حافة الهور , والعائلة كلها تأكل وتنام وتجلس وتعمل في هذه الصريفة او في فسحة الارض المحدودة امامها ...
ومن حيث نوع الاكل فانه لايتعدى الخبز والرز الذي يعمل منه الخبز في بعض الاحيان والسمك والطيور وبعض انواع الاعشاب, وللعائلة مشحوف او اكثر للتنقل بين مكان وآخر او لصيد السمك اولقص القصب الذي يعملون منه البواري او الحصران او البردي لآطعام الجاموس الذي يدور حولهم في الهور أو كطعام لهم في بعض الأحيان ..لهؤلاء الناس قدرة متميزة على معرفة الهور ومسالكه كما يعرف ابن المدينة الطرق والازقة والاشارات... وقد يقضي الاهالي يوما او اكثر في الهور سعيا وراء الصيد , الأمية متفشية بنسبة كبيرة حيث لاتوجد مدارس داخل الهور ومن يرغب بتعليم أبناءه عليه ارساله الى اقرب قرية أو مدينة قريبة , العناية الطبية تكاد تكون معدومة او مفقودة لديهم , من يمرض مرضا شديدا يتم نقله الى المدينة , اما الحالات الاقل فيتم علاجها بالوسائل الطبية الشعبية , وبسبب طبيعة الهور تنتشر انواع كثيرة من الامراض التي تتسبب بوفاة ثلثي المواليد من اطفال الهور وهذه الاحصائية هي ما خرج بها طبيب عاش في المنطقة ثلاث سنوات , وفي النهار بأمكان المرء ان يرى الذباب وهو يغطي وجوه الاطفال في الفراش حتى كأنه يأكل وجوههم , اما البعوض فأنه لايطاق في الليل الا من تعود عليه من الاهالي الذين يقومون بحرق القصب مع روث الجاومس الجاف لعمل الدخان الذي يغطي الصريفة أو جزءا منها لطرد البعوض ... وفي هذه الاجواء تتحكم بعقول الناس خرافات مع ما توارثوه من تقاليد لتصبح مسيطرة عليهم ومتحكمة في حياتهم اليومية .
المشاكل بينهم كثيرة تبدأ بمشاحنات بسيطة ثم تتطور ألى مشاجرات لتتحول الى مصادامات بالأسلحة يقع فيها قتلى وجرحى قد يتطور الموقف ليتحول ألى مستوى العشيرة . وهكذا عندها يتدخل بعض العقلاء والوجهاء ليأخذوا العطوة من المعتدى عليه وهي عبارة عن هدنة لفترة محدودة يجري خلالها حل النزاع بالفصل العشائري الذي بموجبه بتحمل المعتدي غرامات مالية حسب نوع الجريمة أو المال والنساء في أحيان أخرى أو الجلاء من المنطقة أو غيرها وهذه العقوبات تقع جميعها تحت ما يسمى بالعرف العشائري .
على هذه الصورة فان مجتمع الهور بسيط في حياته معقد في عاداته , هذا الواقع يجعلهم بعيدين عن السلطة التي لايكاد ان يكون لها أثر في هذه المنطقة فهم معزولين عن باقي المجتمع المحيط بهم ألا بقدر بعض الحاجات الأساسية مثلا شراء الملابس البسيطة جدا (دشداشة ويشماغ وعقال للرجال ودشداشة للنساء مع غطاء الرأس وعباءة عادية) وبعض المواد الغذائية مثل السكر والشاي والقهوة احيانا او الطحين , أو لبيع انتاجهم من الحصران والسمك والطيور التي يشتريها تجار يتعاملون معهم , لذلك نجد ان المواطن من سكنة الهور لا يعرف حتى أقرب مدينة عليه , وما يؤسف له ان السلطات الأدارية لم تعطي لهذا المجتمع اهتماما ورعاية فالرعاية الصحية محدودة جدا وكذلك التعليم فالمدارس محدودة جدا وفي قرى قليلة على حافة الهور لذلك نجد اغلب السكان من الأميين , اما الجانب الديني فسكان الهور لا يعطون اهتماما كبيرا للدين فالكثير منهم لا يؤدون الصلاة والقليل منهم يقرأون القران بسبب الأمية, هناك نوع من العلاقة بينهم وبين رجال الدين من اللذين يطلق عليهم السادة هؤلاء يزورونهم في بعض الأحيان خصوصا في المناسبات الدينية مثلا في عاشوراء والمناسبات الأخرى التي يستغلها رجال الدين لتكريس نفوذهم وادامة علاقتهم ولعلاج المرضى في بعض الأحيان بالأدعية أو التدخل لفض المنازعات متوخين جمع الأموال بالدرجة الأولى وأدامة ربط هذا المجتمع بتلك التقاليد , وبسبب قرب الهور من أيران وأنفتاحه امامهم فان التأثير الأيراني خصوصا الديني كبيرا عليهم ولقد أستغلت أيران هذا الواقع لأهدافها الذاتية . أن هذا الواقع يجعل صورة الوطن امام هؤلاء المواطنين ضعيفة جدا فهم معزولون وعائمون في هذا الوسط المائي القاسي , بسطاء تتحكم فيهم عادات وتقاليد وخرافات بالية , لذلك يمكن التأثير عليهم بسهولة وبسرعة بأستغلال هذه الطبيعة المركبة الحائرة ... هذه هي البيئة او الجزء الثاني المحير من وطني الذي ينبغي علي ان احول بينه وبين من يريد احتلاله , وهو ابعد غورا مما وصفته به الا انني حاولت ان ارسم صورته او مشهده العام ليمكن تخيل معنى قتال جيشين هناك في تلك البقعة وبين اولئك الناس ...
الهور هو اكثر منطقة في الجبهة مدعات للخوف والحيرة والترقب ويحتاج الى حسابات خاصة به ودقيقة جدا.
أني لأعجب من وسائل الأعلام التي تظهر الهور وكأنه جنة من الجنان التي يتمتع بها الناس بطبيعة ساحرة وهدوء وبساطة مع التمتع بالصيد والطعام الطبيعي .. وهكذا فان من يسمع ويشاهد مناظر الهور على وسائل الأعلام أو من يزور الهور زيارة عابرة في موسم الشتاء مثلا فانها تسحره شكلا ولكن الحقيقة هي غير ذلك أطلاقا فمجتمع الهور كما بينت مجتمع متخلف بائس تنقصه أبسط مستلزمات الحياة ولو عدنا بالتاريخ الف سنة او اكثر فاننا سوف لن نجد فرق بين ذلك المجتمع والمجتمع الحالي , لذلك فان هذا المجتمع بحاجة الى اعادة نظر كلية بواقعه ولابد من نقله الى العالم الحديث من ناحية السكن والرعاية الصحية والتعليم مع توفير فرص العمل التي تنسجم مع طبيعة حياتهم وغيرها حتى يصبح هؤلاء الناس مواطنين لهم حقوقهم كما هي لغيرهم .ويجب ان تكون هناك نظرة واقعية تدعوا الى تغيير حياة الأهوار تغييرا جذريا فالهور لم يعد مكانا للسكن والعيش كما هو حاله الآن لأنه لا ينسجم مع متطلبات الحياة الحديثة .
جلست مرارا مع الأهالي وتبادلنا اطراف الحديث استفسرت منهم عن وضعهم وأستمعت الى مطاليبهم ..كان وضعهم بشكل عام وضع بائس بعد تركهم قراهم وعدم قدرتهم على العمل كما في السابق بسبب الحرب .. كانوا لا يملكون غير الصرائف التي يسكنون فيها مع عدد محدود من الجاموس .القرية قذرة والسكن عشوائي , الأنطباع الأولي الذي يخرج به المرء من لقائه بهؤلاء الناس أنهم بحاجة ماسة الى العناية بهم من خلال توفير مستلزمات الحياة المناسبة لهم كمواطنين . من خلال المناقشة معهم علمت ان اهم مشكلة لديهم هي مشكلة ماء الشرب والعناية الصحية . الماء كانوا يحصلون عليه من مشروع قريتهم القديمة اما في مكانهم الجديد فلا يوجد مشروع ويشربون من ماء الهور مباشرة , اما العناية الصحية فغير متوفرة فلا يوجد مركز طبي قريب عليهم , رغم ان هذه الأمور لا تقع ضمن مسؤوليتنا ولكني وعدتهم بالمساعدة ضمن امكاناتنا لأنهم من ابناء شعبنا والجانب الأنساني يفرض علينا مساعدتهم قدرما نتمكن . طلبت من ضابط الركن الذي كان معي ان يرسلوا اليهم مفرزة طبية لمعالجتهم ,مع عجلة أسقاء (تانكر ماء) لتوزيع الماء الصالح للشرب عليهم بشكل دوري , حالما سمعوا كلامي تهللت وجوههم وغشي ملامحهم فرح عارم .
كنا قد توصلنا بعد سلسلة من الاستطلاعات والدراسات الى وضع تصميم للدفاعات خصوصا في المنطقة الكائنة بين الكسارة شمالا والسويب جنوبا حيث توجد السداد على حافة الهور أستكمالا لما تم اعداده سابقا , وتتلخص الخطة بان يجري أكمال اعداد العقد دفاعية امام كل مسلك في الهور بأعتبار ان المسالك في الهور هي التي تشكل المقتربات تجاه المواضع وبنفس التصمميم المذكور أنفا مع ملاحظة أن يكون أرتفاع العقد (1,5 – 2) م عن مستوى سطح الهور , اما بقية المناطق فان كثافة القصب والبردي تعيق تقدم الزوارق والمشاحيف مع ذلك يجري مسكها بقطعات خفيفة , يجري بعد ذلك تهيئة العقدة للدفاع بحفر خنادق قتال حول محيطها تربط بخندق مواصلات مع بناء مواضع للرشاشات بحيث تكون مسيطرة على المسالك المائية التي امامها أما القسم الخلفي فيحكم بنفس الطريقة وبذلك تكون العقدة بمثابة منعة كبيرة قادرة على الدفاع الى جميع الجهات مع احاطتها بالأسلاك الشائكة والمعرقلات الشوكية داخل الماء , هذه العقد تشكل الخط الدفاعي الأول , تشغل العقدة الصغيرة من قبل فصيل مشاة والكبيرة من قبل سرية مشاة , وحتى نضمن وجود عمق للدفاعات أحتوى التصميم على سداد متقطعة تنشا خلف السدة الأمامية بمسافة (150-200) متر . بعد اكمال هذا الموضع يجري اعداد موضع العمق على خط (800) م لأفواج العمق , اما الخط الثاني لقطعات العمق فيكون للخلف بمسافة (2) كم . طبعا كانت الأسبقية لأكمال الموضع الأول ثم يليه الثاني وهكذا . كانت العقد الدفاعية تتطلب اعمال ترابية كبيرة خصوصا عند دفن الهور أمامها ومع ذلك فلم يكن بالأمكان عمل تصميم أفضل منه في تلك الظروف ,كما جرى أعداد تصميم للمواضع الدفاعية وخنادق القتال لمختلف الأسلحة مع عمل نماذج خاصة لها , أظافة لذلك كان هناك تصمميم لأعداد مسرح العمليات في العمق خصوصا للمنطقة الكائنة بين هور الحمار ونهر دجلة ولكننا اجلنا العمل فيه لحين أكمال المواضع الأمامية وتيسر الجهد الهندسي .
من اجل المباشرة في التنفيذ اوعزنا الى ممثل الهندسة العسكرية للعمل على جمع المعدات الهندسية والمباشرة بعمل العقد الدفاعية بدءا بالكسارة ثم بقية العقد الى الجنوب مع جهد الدولة الهندسي الذي خصص لنا .
القطعات التي كانت موجود للدفاع عن القاطع هي :
قيادة الدفاع عن البصرة وهي قيادة أقل من مستوى قيادة فرقة واكبر من مقر لواء وبامرتها لواء مشاة ( 703) , وحدة مغاوير (24) , وحدة مغاوير العروبة , فوج مغاوير (10) للفيلق الأول وكانت مسؤولة عن الدفاع من سدة السويب الى عجيردة خارج . وقيادة الفرقة (35) حدود وبامرتها لواء مشاة (429) يدافع من عجيردة وحتى البيضية داخل , وأمرية خفر السواحل (كان مكانها شط العرب سابقا ) ومجموعة الأهوار (هي تشكيلات مهنية أساسا وضعت في هذا القاطع لسد جزء من الفراغ ) , وخمس قواطع جيش شعبي كانت مسؤولة عن الدفاع من الكسارة خارج وحتى الحدود الفاصلة مع الفيلق الرابع .
خلال هذه الفترة كانت الأعمال تسير بشكل جيد في أعداد مسرح العمليات الذي كان يشغل كل تفكيرنا واهتمامنا واهم ما كنا نطمح أليه هو انجاز السداد الموازية للهور والعقد الدفاعية لستر المقتربات المهمة , كان العمل الهندسي في السداد والعقد قد أنجز اعتبارمن مخفر الزرداني جنوبا وحتى الكسارة شمالا , وحال أكمال السداد والعقد جرى حفر خنادق القتال وتحكيمها كما قمنا بنصب خطوط الأسلاك الشائكة امامها وحولها ونصب المعرقلات الشوكية الكبيرة التي تسد المسالك المائية والمتوسطة والصغيرة التي تنصب قرب الحافات الأمامية , كما بوشر ببناء خنادق القتال بالبلوك وكذلك الملاجيء وأصبح لدينا نقاط دفاعية وعقد دفاعية قوية جدا و كما تم انشاء المراصد المناسبة على طول الجبهة , كما بوشر بانشاء مواضع العمق وهي عبارة عن سداد متقطعة خلف السداد الأمامية بمسافة (100-150) م صممت لتكون بمثابة موضع عمق لكل موضع سرية تشغل بقوة فصيل وهو فصيل العمق للسرية التي تدافع بفصيلين في الأمام وفصيل في الخلف , تم انجاز اكثر من (50%) منها . كما تم اعداد المقرات بمستوى الوحدات والفرق بحيث تصبح عقد دفاعية أيضا قادرة على القتال الى جميع الجهات أذا ما تعرضت ألى هجمات معادية أو حصل خرق للجبهة وتسسلل العدو أليها .
خلال هذه الفترة حصل تحول كبير على المواضع الدفاعية. ولكن لاتزال هناك معضلات عديدة تواجه قاطعنا منها ضرورة أكمال سدة الهور الشمالية ( من الكسارة وحتى سلف ابوحديده - مريبي الحدود الفاصلة مع الفيلق الرابع) والتي تعد ضرورية لأكمال الموضع الدفاعي , كما ان بقاء القرى على حافة الهور سواء القديمة منها او تلك التي يقطنها المهجرون فيه الكثير من المحاذير الأمنية على موضعنا الدفاعي لأن الأهالي يدخلون الى الهور للصيد أو قص القصب والبردي ومن المحتمل أستغلال هذا الوضع من قبل العدو للتسلل أو جمع المعلومات كما ان وجودهم وتداخلهم مع القطعات المدافعة فيه خطر كبير عليهم أيضا لأن أي مواجهة مع العدو ستجعلهم يقعوا بين نارين وسنضطر الى اخلاهم ألى الخلف في ظروف غير مواتية (قمنا بكتابة تقرير عن حالة هذه القرى وخطورة بقائها مع ضرورة ايجاد حل لها بترحيلها وأيجاد مكان مناسب لها , رفع التقرير الى رئاسة اركان الجيش ) .
المعضلة الأخرى هي وجود القصب والبردي امام المواضع الأمامية والذي يحجب الرؤيا حتى الحافات الأمامية وكنا نفرض على القطعات القيام بقصه لمسافة تتراوح بين (50 -100) م وبعد مدة قصيرة يعود للنمو مرة أخرى لقد أجرينا عدة تجارب لازالة البردي والقصب امام السداد منها الحش بالطريقه اليدويه بالمناجل والقامات والمقصات أو الحرق لكنها غير مجديه لانها تتطلب جهدا كبيرا ووقتا اضافة لسرعة نمو القصب .
كما ظهرت الحاجه بصوره جليه لاستخدام الموانع داخل الهور لمنع الزوارق والمشاة الذين يتم انزالهم امام المواضع الاماميه وكذلك سد السبل المائيه التي يستخدمها العدو للتقرب لاغراض عمليات الاستطلاع والدوريات او للاعمال التعرضيه لذا تم التفكير باسلوب مبتكر وهو استخدام المعرقلات الشوكيه وهي عبارة عن كرات شوكيه شيش التسليح باقطار مختلفه تتناسب مع عمق الماء توضع امام القطعات بحيث تكون غير ظاهره تماما وتزرع بشكل خطوط كما في الاسلاك الشائكه (القطر بين (1-2) م ,
اماالمسالك المائيه فابتكرت لها صهوات من حديد الزاويه معزز ومقوى بشيش التسليح والاسلاك الشائكه وكانت الصهوات بعرض (2 - 5) م وبارتفاع (1.5-2 ) م , كانت توضع داخل المسلك المائي بصوره مركبه عرض وعمق المسلك. تم تصنيع نماذج منها في البداية وبعد التأكد من صلاحيتها قمنا بأنتاجها من قبل معاملنا وتم أنتاج مجموعة منها وأستخدامها لكن حركة قيادتنا الى قاطع الكوت حالت دون أكمال ذلك العمل. وقد تم استخدام الموانع الشوكيه في قاطعنا الجديد في الكوت لتعزيز الموانع السلكيه وغلق الوديان لمنع التسلل والتقرب منها .
كان لابد لنا من وضع نقاط مراقبة امامية مثل الحجابات امام الموضع الدفاعي وكنا نستخدم الزوارق لهذا الغرض رغم صعوبة مثل هذا الأجراء وكنا نفكر بتصنيع طوافة مناسبة لهذا الغرض,المعضلة الأخرى التي أشغلت فكرنا هي وجود ما سمي بلسان (عجيردة) وهو عبارة عن سدة ترابية تبدأ من سدة الهور وتمتد داخل الهور باتجاه حقل مجنون ولمسافة (12400) م كان الغرض منها هو ربط البر في قاطع شرق دجلة مع حقل مجنون , كان التصميم الذي وضع لها هو ان ترتبط هذه السدة مع سداد جانبية حتى تؤمن لها العمق ومن الطبيعي ان يحتاج هذا التصميم الى جهد هندسي كبير مع وقت ليس بالقليل وكلا المطلبين لم يكونا متوفرين لدينا في ذلك الوقت لذلك فرض علينا هذا الواقع عبئا وأصبح مصدر قلق كبير فمن ناحية لا نستطيع تركه لأنه سيكون تحت سيطرة العدو ومن ناحية اخرى فأن عملية الدفاع عنه صعبة جدا .
كانت هناك ضرورة تقضي بوجود طريق تعاون أضافي يمتد من الكسارة وحتى الحدود الفاصلة مع الفيلق الرابع ليكون بمثابة طريق تعاون يربط بين جنوب القاطع وشماله , كما كانت هناك حاجة ماسة لأيجاد طريق بديل للطريق العام ما بين العمارة والقرنة لكون هور الحمار يقترب من الطريق في كثير من الأحيان والى حدود (500- 2000 ) متر, لذا فأن اي عملية اندفاع معادية تؤدي الى قطع الطريق لعام , وهناك مشكلة أخرى وهي ضعف مقرات الفرق المكلفة بالدفاع والتي كانت تحتاج ألى ضباط ركن ماهرين وبالأخص فرقة الحدود (35) التي كان يقودها ضابط ذا خبرة محدودة , اما قيادة الدفاع عن البصرة فأنها قيادة حديثة وهي ليست قيادة فرقة بل هي قيادة قوات مقرها محدود الأمكانية ملاكها أقل من مقر فرقة نظامية . أضافة الى ذلك فان القسم الشمالي من القاطع (من الكسارة حتى الحدود الفاصلة مع الفيلق الرابع ) كان يعتمد في دفاعه على أمرية خفر السواحل ومحموعة الأهوار وقواطع الجيش الشعبي . المشكلة الأخرى كانت مشكلة المخافر (أبو ذكروابوليله والترابة) في عمق الهورالتي تبعد عن الحافة الأمامية لقطعاتنا بحدود اربعة كيلومترات (لأبوذكر) وعشر كيلومترات (للترابه) والوصول أليهما يستغرق (20) دقيقة بالزورق للأولى و(60) دقيقه (للترابه) , كانت فكرة ادامتهما مصدر قلق بالغ للقيادة وكان موضوع بقائهما مرتبط بنوايا العدو فهما بمثابة نقاط مراقبة متقدمة تفيدنا في مجال الحصول على المعلومات وكأنذار مبكر أضافة ألى انهما يعتبران مراكز حدودية .
ومن أجل الأعداد والتهيؤ فقد اجرينا العديد من التمارين على ادارة المعركة الدفاعية على مستوى الألوية وقيادات الفرق أضافة الى الممارسات النهارية والليلية .
الحركة الى قاطع الكوت
بشكل مفاجيء وصلنا صباح يوم (20 تشرين الأول) أمرا بالتهيؤ للحركة ألى قاطع الكوت بسبب وصول معلومات تفيد بوجود نوايا تعرضية على ذلك القاطع .
يوم (25 تشرين اول) تحرك مقرنا ألى قاطع الكوت بعد ان سلمنا قاطعنا ألى الفيلقين الثالث والرابع .
هكذا بدا عمل جديد في قاطع جديد لأعداده دفاعيا لمواجهة أحتمال تعرضه لهجوم , أستمر عملنا في هذا القاطع من يوم (25 تشرين اول 1984 ولغاية 27 شباط 1985) كان فترة عملنا حافلة بالعديد من الفعاليات والأنجازات , أمكن خلالها تطوير الدفاعات وتدريب القطعات وأنجاز نسبة غير قليلة من أعداد مسرح العمليات وتنفيذ عدد من الفعاليات التعرضية مع التدريب المستمر للقطعات وغيرها من فعاليات عديدة لا يتسع المجال لذكرها .
العودة الى قاطع شرق دجلة - معركة تاج المعارك
تكامل وصول مقر قيادتنا الى قاطعها السابق (شرق دجلة) يوم (28) شباط (1995) ولم نكن نحتاج الى جهد كبير في اعادة ترتيب المقر لأن كل واحد رجع الى مكانه السابق . بعد تركنا القاطع وزعت مسؤوليته بين الفيلق الثالث والرابع ولم تبقى من القطعات غير الفرقة (35) حدود وعدد من قواطع الجيش الشعبي .
كان موقف القطعات المدافعة عن القاطع بعد أستلامنا المسؤولية مؤلفا من :
قيادة الدفاع عن البصرة التي وصلت القاطع يوم (25 شباط 1985) وبأمرتها لواء المشاة (703) ولوائي المشاة (93 و94) اللذان تمت المناورة بهما يوم (24 شباط 1985). كانت مسؤوليتها من السويب جنوبا وحتى عجيردة خارج شمالا .
قيادة الفرقة (35) حدود وبأمرتها لواء المشاة (429) وامرية خفر السواحل ومجموعة الاهوار زائد خمس قواطع جيش شعبي .كانت مسؤوليتها من عجيردة داخل وحتى الحدود الفاصلة مع الفيلق الرابع (سلف مريبي) . راجع المخطط الرقم (1)
قمنا فورا بأجراء أستطلاعات مكثفة ودراسة للقاطع لمعرفة ما حصل عليه من متغيرات , وجدنا بأن الكثير من الأعمال التي خططنا لها سابقا لم تنفذ وحصل ما يشبه الأهمال على هذا القاطع ,لكونه قاطع ثانوني بالنسبة للفيلقين الثالث والرابع , ولتدني أحتمالات تهديده مرة أخرى .
خلاصة الموقف والوضع قبل المعركة
بالنسبة للعدو لوحظ عليه تزايد في نشاطاته قبالة القاطع واهمها زيادة النشاطات الهندسية ومنها اعمال السداد والمراصد أضافة الى رصد اعمال هندسية بالعمق كل هذه الأمور دفعت القيادة العامة الى التحسب مرة اخرى من احتمال حصول عمل معادي (لوجود معلومات استخباريه بان التعرض المعادي المقبل هو على القاطع) لذلك جرت المناورة بمقر القيادة وبعض القطعات كأجراء احترازي , كانت المؤشرات السابقة تشير ألى أحتمالات قيام العدو بالتعرض على قاطع شط العرب أو الفيلق الثالث والسبب في ذلك هو ان القطعات في هذا القاطع يمكن أن تستخدم في أكثر من اتجاه لقرب المسافات ويمكن أعتبار القواطع الثلاث منطقة عمليات واحدة لذا فان فرص المباغتة قد تكون ممكنة بحسابات الخطط المعادية . كان هناك احساس بان للعدو نوايا تعرضية باتجاه القاطع ولكن متى يحدث التعرض هذا ما لم يكن واضحا امامنا ونحن نستعرض أجراءات العدو .
أصدرنا العديد من التوجيهات منها ما له علاقة بخطة الأستخبارات والتي يجب ان تنفذ بأسرع وقت على وفق المتيسرات واعطاء اهتمام خاص لعمليات المراقبة والرصد وخصوصا الأستطلاع الجوي بالسمتيات (تم طلب اجهزة الرازيت الواصله حديثا لاجل المراقبه) كما قمنا بتقليص مسؤولية الفرقة ( 35) أضافة ألى أعادة العمل بأعداد مسرح العمليات وبأسبقية أولى اعداد مصاطب الدبابات على حافات سداد الهور ووضع خطة نارية جديدة لمعالجة الأعمال الهندسية المعادية والمباشرة بأعمال التحكيمات للمواضع الدفاعية التي قمنا باعدادها سابقا وضرورة أكمال نواقصها وتوجيه التشكيلات التي وصلت للقاطع بطريقة أشغالها, كذلك اعطاء اهتمام خاص لمواضع العمق لسدة الهور(سدة 150- 200) م المتقطعه التي تمثل الحافات الأمامية للموضع وكذلك الخط الدفاعي الثاني (خط سدة العمق 800 م) وضرورة تهيئته واكماله وأشغاله عند تيسر القطعات , كما أكدنا على أهمية أجراء الممارسات وخطة أدارة المعركة الدفاعية على المستويات كافة مع التركيز على أدارة المعركة ليلا لأن هجمات العدو كثيرا ما تحدث ليلا , أضافة الى اكمال النواقص من أعتدة وتجهيزات وغيرها .
كان العمل المطلوب منا عملا شاقا من أجل اعادة الأمور الى ما كانت عليه أولا ثم اكمال العمل كما خططنا له سابقا .
من خلال دراسة موقف الفرقة لاحظت أن القاطع يحتاج الى ما لايقل عن مقري فرقتين وما لايقل عن ستة ألوية مشاة لمسك الموضع الدفاعي وما تحتاجه التشكيلات من أسناد ناري حسب طبيعة القياسات المقررة , كما يفترض أن يتوفرلدى القيادة لواء مشاة ألي أو لواء مدرع كأحتياط وجميع هذه الأفكار وضعت بدراسة ورفعت الى رئاسة أركان الجيش لاحقا . خلال هذه الفترة تم أنجاز العديد من الأعمال حيث تم فتح دورات للضباط والمراتب على أساليب العمل في الأهوار لأختلاف طبيعتها وظروفها عن باقي المناطق والقتال فيها يتطلب تدابير واجراءات خاصة , راعينا في ذلك ان تكون الدورات قصيرة تستغرق مدة ثلاثة أيام لكل حالة لأننا كنا في سباق مع الوقت , كنا تريد ان نرتب وضعنا بأسرع ما يمكن خشية من حدوث فعاليات كبيرة . كما تم ردم الحفر الكثيرة في المنطقة والمواضع الغير مشغولة في القاطع ,كما تم تأمين مقر هندسي للأشراف على هذه الأعمال كما تمت المباشرة بانشاء مصاطب الدبابات الأضافية خلف السداد الأمامية خاصة على الأتجاهات المهمة من اجل الأستفادة منها بالرمي المباشر بالدبابات أذا ما دعت الضرورة , كما جرى تدقيق خطة انفتاح وحدات مقاومة الطائرات وأصدار أمر بتشكيل قوة طواريء مهمتها معالجة الحالات الطارئة وبشكل فوري . كما تم توزيع رشاشات مقاومة الطائرات الثقيلة على الخط الدفاعي الأمامي لزيادة الكثافة النارية ومديات التأثير خصوصا على المسالك المائية , كما تم أصدار العديد من التوجيهات لحماية مناطق المدفعية وأسلوب الدفاع عن الجسور بوضع قوة خاصة لحماية كل جسر والمقتربات وكذلك نصب الجسور البديلة وحماية المقرات ومراكز المواصلات وتهيئة مقرات ميدانية بديلة للمقرات الحالية وتأشير الطرق ووضع أشارات الدلالة , كما جرى فحص الخطط النارية مع التأكيد على رمي النفلاق الجوي للمدفعية والممارسة عليه والتعاون مع السمتيات لأغراض أسناد القطعات ,كما تم التوجيه باعداد طرق الهجوم المقابل باتجاه الأهداف المحتملة الرئيسية والثانوية وكذلك وصايا مقاومة الهابطين , كما جرى التأكيد على أكمال نصب الموانع أمام العقد والألسن من أسلاك شائكة ومعرقلات كبيرة مع اعطاء أهمية للمسالك المائية الرئيسية التي تؤدي مباشرة الى المواضع الأمامية وتهيئة مواضع للدبابات في العمق وتهيئة قاطع جيش شعبي لحماية المنطقة الخلفية ضمن قاطع الفرقة (35) , كما جرى فتح جهاز رازيت في عقدة الرشيدة لرصد حركة العدو , كما فتح جهاز اخر في الكساره كما جرى التنسيق مع الفيلق الثالث لمعالجة مراصد العدو على سداد حقل مجنون والأيعاز الى كتيبة الدبابات /48 وهي كتيبة القيادة وفوج مغاوير دجلة لأجراء أستطلاع لعموم القاطع للتعرف عليه بشكل دقيق . كما تم وضع دوريات من المفارز الخاصة لأستطلاع أعمال العدو الهندسية وكذلك وضع دوريات أستطلاع من قطعاتنا . كما جرى تهيئة قوة منتخبة للقيام بتنفيذ فعاليات تعرضية بأتجاه نقاط المراقبة المعادية وأماكن عمل العدو أضافة الى تأمين حماية المسالك المائية , كما تمت المباشرة بتهيئة طريق خلف مواضع الخط الثاني لتسهيل حركة القطعات وربطه مع طريق التعاون خلفه ,كما تمت المباشرة بأعداد خط أخر خلف الخط الثاني بمسافة كيلومتر لزيادة عمق الموضع الدفاعي لأن فسحة الأرض كانت ضيقة ما بين السدة الأمامية ونهر دجلة لذا فان العمق أصبح ضروريا جدا لأمتصاص زخم الهجوم المعادي . كما جرى تنفيذ مظاهرة خاصة لأسلوب حماية الجسور حتى تعرف القطعات المكلفة بهذه المهمة واجباتها بشكل دقيق . من الطبيعي أن كل هذه التوجيهات تتطلب وقت وجهد كبير لأنجازها والمهم في كل ذلك هو الوقت الذي كنا في حاجة ماسة له خصوصا بعد فترة الأنقطاع الطويلة التي تركنا فيها القاطع وما يؤسف له أن كل ما خططنا له سابقا لم يجري تنفيذه بل أهماله كما سبق وبينت لذا فان أعادة العمل مجددا يتطلب جهودا كبيرة ولو أستمر العمبما خططننا له خلال الفترة الماضية لأصبح القاطع بوضع جيد .مع ذلك علينا ان العمل نستأنف بهمة عالية جدا .
المخطط الرقم (1) بالقسم الاول
الگاردينيا: يسعدنا ويشرفنا أن يكون بيننا أحد أبطال الجيش العراقي الباسل/ الفريق الركن الدكتور ـ محمد عبدالقادر ـ نرحب به وحدائقنا أجمل بوجوده..
740 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع