ريهام مازن
كما عودني دائما قرائي الأعزاء على التواصل بردود أفعالهم حول المقالات، فقد كان لمقال (الحلال والحرام) في الأسبوع الماضي صدى واسعا، وردود أفعال كثيرة انصبت معظمها حول مسألة الزواج، وأبدى القراء استعدادهم في طرح قضايا لمناقشتها في الخطاب الديني، ليقوم أئمة المساجد بالتحدث فيها ومحاولة الوقوف عند حلها.
الزواج ومشاكله كان له نصيب الأسد في التعليقات التي وردتني، إذ تحدث المعلقين، أحمد يوسف، نجلاء البدري، رانيا الصناديلي، عمر الترك، محمد محمود، حازم محمد، أيمن عثمان، معتز أحمد، ومصطفى محمد ومهند أشرف... عن تجاهل معظم أئمة المساجد لمشكلة الزواج في خطب الجمعة، والتي باتت تهدد الأسرة المصرية، وأكد كثيرين أن معظم الأئمة يتناولون قضايا إما سياسية أو تنأى عن الحياة التي نعيشها بما فيها من مشاكل كثيرة.
الزواج في مصر أصبح "كارثي"، ولا أبالغ في استخدام هذا التعبير، فإذا بني الزواج فقط على أمور مادية بحتة، يتم بعدها الزواج، ويفشل وتنهار المؤسسة المبنية من "قش"، والمصيبة إذا كان هناك بذرة أو بذرات لهذا الزواج، فيدفع الأبناء الثمن، ويخرجوا بعقد ومشاكل لا حصر لها جراء هذه الزيجة الفاشلة، وبالتالي يفشل مفهوم الأسرة.. الطلاق ليس نهاية العالم، ولكن للضرورة القصوى، أو عندما تستحيل الحياة.. لكن نهاية العالم، تبدأ عندما تكون البداية خاطئة وفاشلة، فتنهار سريعا مع أتفه مشكلة تهد الأسرة ومفهومها.. فالزواج مودة وتراحم فيما بيننا، وعلى الحلوة والمرة.. والأهم الشعور بالمسئولية أمام الآخر.
أحد القراء الدائمين، الذي أصبح بمثابة صديق، مثل كثيرين، بعث إلى بفكرة من الولايات المتحدة، وهو يعيش فيها منذ أكثر من 30 عاما، يقول: "لدينا خطبة أسبوعية، ننتظرها بفارغ الصبر من جمعة إلى أخرى لنناقش فيها أهم المشاكل المتعلقة بالدين، لنحاول حلها، وقال أننا نجمع من بعضنا أوراقا فيها أسئلة نطرحها للنقاش، وإذا كان هناك إجماع على مسألة بعينها، يوليها خطيب المسجد الأهمية الكبرى، بعدها يقوم بعرض الأسئلة الأخرى في الجلسة أو حلقة نقاش على مدى ساعتين، ثم تنتهي خطبة الجمعة.
بصراحة أعجبتني الفكرة، وتساءلت، لماذا لا نتبنى هذه الفكرة ولكن بطريقة أخرى.. فالمساجد لدينا متوفرة في كل منطقة وكل حي سكني وعند التجمعات العمرانية، فلماذا لا يبادر أحد سكان الحي أو المنطقة أو حتى العمارة السكنية (مثل رئيس مجلس العمارة) بجمع أراء أو مقترحات من سكان البناية مرة كل شهر ويقوم بطرحها على إدارة المسجد ليتم مناقشتها في خطب الجمعة، وتكون قضايا فعلا تهم المواطنين.
الدين الإسلامي دين يسر، ولابد أن نواجه خلط المفاهيم التي اختلطت بينه وبين العرف وتقليد، و"نبّطل" نفصل الدين في الأشياء الحيوية التي يبنى عليها المجتمع ويخدم فعلا قضاياه إذا كنا حقا نريد الصلاح لمجتمعنا!
تحدث الرئيس السيسي عن أهمية تغيير الخطاب الديني، وتحدث إعلاميون كثيرون في هذا الشأن، وكلنا مدرك أهمية تغيير الخطاب الديني.. لكن الأهم من كل ذلك، أن نعرف كيف!
من قلبي: ربما نحتاج التغيير في أشياء كثيرة في حياتنا، لكن الأهم أن نضع مخطط لذلك التغيير، أما إذا ظللنا نتحدث ونتحدث ونتحدث، دون خطط لنا ولأولادنا، فلن نستفيد ولن يتغير شيء على أرض الواقع.. فبدون (كيف؟) لن نستطيع التغيير أو التقدم أو التطور أو التحرك قيد أنملة.. والله المستعان!
683 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع